زكريا سليمان بيومي
مقدمة
بعض الناس يولدون ويحلون في صمت ولا يعرف قدرهم الجميع إلا من خلال تراثهم الذي تركوه خلفهم، وهو ما ينطبق على الدكتور زكريا سليمان بيومي الذي غمط حقه وضاع ذكره، لكنه عاش مؤمنا بقضية أهمية البحث العلمي حتى ولو تعرض من أجلها لبعض العنت والاضطهاد.
حياته
ولد في محافظة المنوفية مركز أشمون يوم 12 أكتوبر 1945، حيث حرص والده على إلحاقه بالتعليم رغم بساطة الحال حتى تخرج في كلية الآداب جامعة عين شمس.
صعوبات على طريق العلم
كافح من أجل العلم والبحث العلمي في وقت كانت المعلومات شحيحة والمصادر قليلة، حتى أنه في السبعينيات اختار موضوع دخل به عش الدبابير الأمنية وهو موضوع عن جماعة الإخوان المسلمين التي لم يكن النظام المصري قد قبل رجوعها بصورة رسمية.
صارع حتى وافقت الجامعة على موضوعه وكان بعنوان "الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية فى الحياة السياسية المصرية من سنة 1928م إلى سنة 1948م" والتي جاءت منصفة إلى حد كبير لجماعة الإخوان المسلمين وتاريخهم (رغم أن الرجل ليس له أي انتماء حزبي، كما لم يكن من قبل منتمي إلى أي جماعة، بل ولد وتربى في وقت كانت جماعة الإخوان المسلمين تواجه صراع شديد مع نظام عبدالناصر الذي غيبها ما يقرب من 20 عاما خلف السجون)
وهو ما لفت نظر أمن الدولة له، فاضطهده لكن يبدو أن الرجل كان قد آمن بمنهجية بحثه وبالفعل انتهى من رسالته وناقشها في نوفمبر 1978م وحصل عليها مع مرتبة الشرف الأولى. ورغم دفاعه عن الإخوان المسلمين ودفعه الثمن الفادح جراء ذلك، لم يكن عضوًا في جماعتهم.
رحلته للخارج
كن كانت تنتظره عواصف عاتية من قبل نظام السادات حتى منع من التعيين واضطهد بل هدد بالاعتقال، حتى نزل على نصيحة أحدهم بأن يغادر مصر وإلا سيتم اعتقاله. لم يتيسر له العمل بدرجته العلمية بمصر تعنتًا، فسافر لبلاد الحرمين فعمل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعاش فيها سنين طوالا.
وحينما استقرت الأمور وتغيير النظام المصري ونسيه أمن الدولة هيأ الله له فرصة فعين مدرسا للتاريخ بكلية التربية بجامعة المنصورة، وظل بوظيفته حتى بلغ درجة الأستاذية، وترأس قسم التاريخ الحديث والمعاصر بالكلية.
محنته
يقول الدكتور مصطفى رجب:
- امتحنه الله تعالى بمرض زوجته واحتياجها للعلاج في بريطانيا فلم يجد بديلا للاستقالة ليتوفر له من مكافأة نهاية الخدمة ما يعالج به زوجته، وينفق على إقامته معها في أوروبا حتى شفاها الله وعاد معها. وأعيد تعيينه في كليته ندبا بنظام المكافأة، وطوال سنوات حياته.
- بقي في بيته حبيس مكتبته وهو في الثامنة والخمسين من عمره حتى وفاته ليدفع ثمن دفاعه عن الإخوان المسلمين "وهو ليس عضوا في جماعتهم" وليؤكد بمأساته كيف يمكن للمؤرخ الموضوعي المحايد المدقق أن يكون ضحية متجددة (في كل العصور!!) للظلم الذي عاش يحاربه بقلمه.
وقد تعرفت عليه بمعهد بناء لإعداد العلماء بزهراء المعادي الذي أسسه الأستاذ الدكتور الأسير صلاح سلطان فك الله بالعز أسره؛ حيث كان يدرس لطلبة المعهد فلسفة التاريخ وكنت المشرف العلمي بالمعهد، وكان قامة في التاريخ وفلسفته، وكان من مؤيدي ثورة يناير 2011م بمصر.
صفاته
يقول حسين القاضي:
- كان مؤدباً ليناً، سهلاً رقيقاً، ذا كرم متأصل، وأريحية اجتماعية ملموسة، أحب من حوله، وتبنى طلبة العلم، وفوق ذلك كان فكهاً لطيفاً مبتسماً، تجرى النكتة على لسانه، ويستخرج من جليسه الضحكات من خلال ما يذكره من مواقف متعددة، وهو نسَّاب، يعرف الناس وبلادهم وأنسابهم ومواقفهم.
مؤلفاته
اعتبر الدكتور مصطفى رجب أن كتبه فريدة في بابها، ولا نظير لها في المكتبة التاريخية العربية، والتي منها:
- الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية 1928م - 1948م.
- مصر الحديثة بين الانتماء العقائدي والقومي.
- الصوفية ولعبة السياسة في مصر الحديثة والمعاصرة دراسة تاريخية وثائقية.
- الإخوان المسلمون بين عبد الناصر والسادات من المنشية إلى المنصة 1952 – 1981.
- التيارات السياسية والاجتماعية بين المجددين والمحافظين دراسة تاريخية في فكر الشيخ محمد عبده.
- العرب بين القومية والإسلام قراءة إسلامية في التاريخ الحديث والمعاصر.
- العرب بين النفوذ الإيراني والمخطط الأمريكي الصهيوني.
- قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين التحالف الصليبي الماسوني الاستعماري وضرب الاتجاه الإسلامي.
- قراءة إسلامية في تاريخ الدولة العثمانية التحالف الاستعماري اليهودي وتمزيق الدولة الإسلامية.
- الاتجاه الإسلامي في الثورة المصرية سنة 1919م.
- قضايا الفلاح في البرلمان المصري 1924-1936م
- العرب بين القومية والإسلام : قراءة إسلامية في التاريخ الحديث والمعاصر.
- الحزب الوطني ودوره في السياسة المصرية 1907-1953
- الفكرة الإسلامية والفكرة القومية في مصر الحديثة
بعض كتاباته
كان الدكتور سليمان بيومي غزير الكتابة متدفق الكلمات فكان أن كتب تأييدا لثورة 25 يناير مناصرا لها فكتب تحت عنوان "مستقبل الديمقراطية في مصر بين الثوار والتجار" في موقع إخوان اون لاين
ما يلي:
- أصبح ميدان التحرير في مصر رمزًا من رموز التحرر الوطني، ورمزًا لشهداء الحرية، ورمزًا لانتصار إرادة شعب، وناقوسًا ينبه من تسول له نفسه الاجتراء على الحقوق والحريات لهذا الشعب.
- واحتضن ميدان التحرير في كل جمعة جحافل الثوار الداعين إلى الكرامة والحرية وإلى محاسبة المتجاوزين، ورقيبًا على قدر التزام القائمين على أمر البلاد بتنفيذ مطالب الثائرين، والسعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وإعادة النظر في القوانين المعادية لها، واستبدالها بقوانين داعمة.
- وضربت القوات المسلحة في مصر نموذجًا رائدًا ورائعًا فاق نموذج سوار الذهب، فدعمت الثوار وحمتهم، وأيدت مطالبهم، وضمنت مكاسبهم، والأكثر من هذا، وهو ما يدعو للإعجاب والغرابة، أن العسكريين لم يسلكوا الدور المألوف للمؤسسات العسكرية في السعي للاستئثار بالسلطة وإحكام قبضتهم على البلاد، بل كانوا فقط حافظين لنهج الديمقراطية، وكانوا أكثر حرصًا على تطبيق الديمقراطية من بعض أدعيائها ممن يسمون بالليبراليين، الذين سقطوا في "كي جي ون" ورفضوا الاعتراف بإرادة الأغلبية التي أفرزها استفتاء شهدت الدنيا بنزاهته.
- ولا يجد المتابع لمسيرة هؤلاء وما يثيرونه من ضجيج، وسفسطة سوى أنهم يريدون ديمقراطية تفصيل، وليست ديمقراطية تعكس إرادة شعب، فلم يرضَ هؤلاء التجار حسم الأغلبية لطلب مؤسسات شعبية أولاًّ، ثم دستور من خلالها، ثم رئيس دولة، بل عادت هذه الأقلية لمطلب الدستور أولاًّ، فمع ما قد يكون لرأيهم من وجاهة لكن إرادة الشعب أوجه.
- ولا شك أن مثل هذا البعد ينفي صفة الديمقراطية عن هذه الأقلية، وكذلك يشكك في مدى فهمهم لليبرالية التي تفرض ضرورة القبول برأي الأغلبية، وليس الالتفاف أو التمرد عليها.
- فدعوة هؤلاء لجمعة الغضب واحتماؤهم بمجموعة من الثوار يعد انتكاسة للديمقراطية، وخروجهم في برامج تليفزيونية ليعلنوا رفضهم إرادة الأغلبية، وفرضهم رأيهم يعد نموذجًا للاستبداد وعدم الوعي، فإلقاؤهم التهم على التيار الإسلامي برمته يعد استبدادًا بالرأي، وعدم قبول رأي الغير، وادعائهم باحتكار الوطنية والثورية دون غيرهم، بل ونفيها عن الآخرين يعد خروجًا على أبسط قواعد الحوار الحر.
- فقد عبر أحد هؤلاء التجار عن رفضه التيار الإسلامي وكرهه له، وكأنما يقدم بهذا قربانًا للسادة الكارهين لهذا التيار، وعلق على الاستفتاء الشعبي النزيه بقوله: "إحنا عديناها كده" كأنه وحده المتحدث باسم مصر، ثم عاد في نفس اللحظة ليناقض نفسه بمطالبة التيار الإسلامي بكرم الأخلاق، الذي يجب مراعاته في الانتخابات القادمة؛
- ليسمح بوضع بعض هؤلاء في قوائمه، فأي سبيل عندهم جائز طالما يحقق مصالحهم حتى ولو كان اللعب على وتر الأخلاق في دنيا السياسة. كما أن هذا لا يعبر عن قبولهم بصندوق الانتخاب الحر الذي يحسم رأي الأغلبية، فهذه أول مسلمات الديمقراطية.
- وزامن ذلك أحاديث لبعض كتاب السيناريو والقصص والروايات وصناع الأفلام الهابطة في محتواها ووسائل عرضها، والذين امتطوا الركب الثوري لمجرد تفسير ملتوٍ لموقف أو زيارة في سهرة لميدان التحرير تحاط بقصص من خيالهم السينمائي أو الروائي المخادع، والذين قد لا يفهمون من الليبرالية سوى فتح أزرار القمصان إلى أسفل البطن ونكش الشعر، وضخموا من عدد الذين حضروا جمعة الغضب بعد أن ضموا لهم وفق الخدع السينمائية بائعي البطاطا والبيبسي والكشري والترمس و"عربيات الكبدة"، التي أسس لها فيلم "اللمبي".
- وزينوا موقفهم بحضور مجموعة من الثوار الذين حضروا هذا اليوم، وعبروا عن رأيهم بحرية ونقاء وبأسلوب شفاف عرفوا به. واستعاد هؤلاء زمن التحدث باسم مصر، الذي كانوا ينفردون به مع المنتفعين أيام الاستبداد والعهر السياسي.
- على أن بعض هؤلاء التجار قد امتدت بهم البجاحة إلى حد تبرير رأي الأغلبية في الاستفتاء السابق والخشية من الانتخابات القادمة بأنه ينم عن وجود أمية سياسية، محتكرين الفهم والوعي السياسي وحدهم دون أغلب الشعب، وإذا سألناهم عن سبب هذه الأمية يرجعونها للنظام السابق دون أن يرجعوها لتفسيرها الحقيقي في فشل التيار الليبرالي
- ودعاة التنوير منذ عصر محمد علي وحتى أحداث 1952، ثم فشل التيار اليساري، ورغم انفراد كل منهم بالساحة الثقافية وتغييبهم لغيرهم، في إحداث أي دور في محو الأمية السياسية، لو سلمنا جدلاً بوجودها وفقًا لافتراضهم المسيئ لشعب مصر.
- والحقيقة أن هذا الشعب العظيم على قدر كبير من الوعي السياسي والثقافي، ويعرف الخبيث من الطيب، ولا تخيل عليه وسائل وأساليب كتاب السيناريو والروايات المترجمة إلا من باب التسلية، وسيرد عليهم بما يؤكد وعيه ونضجه. كما لن تخيل عليه لعبة الأمريكيين والصهاينة في إرسال مجموعة من الباحثين المصريين الذين كانوا يعملون في مراكز بحثية في أمريكا ثم تركوها فجأة، وعادوا إلى مصر في محاولة للعب دور مؤثر في الساحة السياسية المصرية على غرار ما حدث في العراق.
"الذي لا بد أن يعيه هؤلاء التجار أن التيار الإسلامي في مصر يستند إلى ظهير شعبي كبير، أو هو في الحقيقة هذا الظهير الشعبي، وشعب مصر يدرك ويؤمن بأن الزبد سيذهب جفاء وأن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض وإن غدًا لناظره قريب.
وكتب أيضا تحت عنوان "بين الشعب والجيش" قال فيه:
- تعالت الكثير من الصيحات منذ قامت ثورة يناير تنادي: "الجيش والشعب.. إيد واحدة"، مثلما تعالت نفس الصيحات: "مسلم ومسيحي.. إيد واحدة"، وإذا كان هناك فارق في بعض جوانب الاعتقاد بين المسلمين والمسيحيين فإنهم متوافقون في أمور كثيرة جدًّا حتى في الاعتقاد بإله واحد وحساب وآخرة
- والسعي لترسيخ القيم العليا من العدل والمساواة، والانتماء لأب واحد؛ هو آدم عليه السلام ولأرض واحدة هي مصر، إلا أن هذا الفارق ليس موجودًا على الإطلاق بين الشعب والجيش، فالجيش مكوَّن من أبناء الشعب، وهو بالتالي ابن هذا الشعب بدون أي تمييز أو تفريق، ويخضع فيه الجميع لنظام واحد وقانون واحد وهدف واحد.
- ويبدو أننا ما زلنا نتأثر بما ورثناه عن العهود السابقة في أنه لم يكن هناك من أبناء مصر جيش نظامي منذ العصر الفرعوني حتى تاريخنا الحديث، وبشكل جعل الجيش من أناس غير أبناء الشعب، بل إن محمد علي باشا ظل يخشى تجنيد المصريين لفترة حتى لا ينقلبوا عليه، ثم سمح لهم بالتدريج وفي أمور أغلبها خدمية، وكونوا نواة جيش في ظل الاحتلال.
- لكنَّ الجيش في مصر منذ عام 1952م هو جيش مصري من أبناء شعب مصر، ولهذا فإنه حين يقال الشعب يكون الأمر لكل أبنائه وروافده ومؤسساته من جيش وشرطة وغير ذلك. وقبل أن نتناول طبيعة التفاعل بين الأم وأبنائها في مصر فقد يدعونا الأمر لطرح تساؤل مهم: هل الثورات العربية في سوريا وليبيا واليمن يمكن اعتبارها ثورات كاملة إذا احتاجت المساعدة الخارجية ولو من أعداء الوطن أم أن لها مسمى آخر؟
- الثورة في تونس ومصر جاءت نتيجة تفاعل الشعب بكل أبنائه بنفس العوامل التي دعته للتغيير، والثورة في مصر لم تكتسب صفة الثورة بكل معانيها إلا حينما استشعر الشعب بكل فئاته وأبنائه أن التغيير أصبح ضرورة، ولهذا يكاد يكون المشهد واحدًا في مصر وتونس حين يتبادل الناس مع الجيش قبلات الانتصار.
- وفي مصر شارك بعض العسكريين الثوار في الهتافات والمطالب لأنهم شركاء في المعاناة والضيق، أما القول بأن الشعب قد ساند الجيش في 1952م وأن الجيش قد رد الجميل في ثورة 2011م ففيه "فزلكة" ضعيفة المعنى.
- وقد ساءني ما قرأته لأحد الذين ينوون الترشح لرئاسة مصر؛ حيث ذكر بأن المجلس العسكري بتباطئه يؤكد حمايته للنظام السابق، وأنه لم يتشبع بعدُ بروح الثورة، وأتساءل: من الذي كان يحول بين الجيش وبين إعلانه مساعدة وحماية النظام أمام الثورة؟ وما الذي يحول الآن دون هذه المحاولة أو دون استئثاره أو استيلائه على السلطة؟ أهي القوى العظمى التي يحجُّ إليها أصحاب المصالح أو أصحاب لعبة الكراسي الموسيقية في الفضائيات المملوكة للرأسماليين؟
- تصوَّروا للحظة أن الرئيس مبارك عاد إلى السلطة فسيكفيه شهر أو ربما أقل لقمع البلاد وإعادتها إلى الصمت مهما كانت النتيجة، الفارق بين هذا التصور الشبيه بالكابوس وبين ما نحن فيه الآن هو جيشنا.. الجيش الذي رفض أوامر الصدام مع الثوار؛ لأنهم يعبرون عنه.. الجيش الذي أصرَّ على إجراء استفتاء حر ونزيه ليعرف ماذا يريد الشعب ثم يعلن كابن بار سمعًا وطاعة.. الجيش الذي اختار نموذج سوار الذهب وأعلن منذ اللحظة الأولى أنه لا يريد السلطة.
- ولو أننا نظرنا إلى النموذج اليمني أو السوري أو الليبي لأدركنا أنه بدون الجيش كابن للشعب تصبح ثورة غير مكتملة، فالثورة التي تحتاج إلى حلف الناتو ليصل بها إلى الحكم كما كان في النموذج العراقي لا تقنع الثوار العرب، فالجيش وليد الشعب واكتمال مقومات الثورة لا بد أن تشمل الشعب كله، وإلا فإنها إذا احتاجت دعمًا خارجيًّا فهي لم تنضج، وعليها الانتظار بدلاً من الاستعانة بعدو.
- إن هناك العديد من الجوانب التي تتحكم في كيفية إصدار القرارات، لا يعرفها ولا ينبغي أن يعرفها سوى المجلس العسكري؛ بحيث تدعوه إلى تأجيل جانب أو رفض جانب دون توضيح الأسباب، فإذا كان على المجلس العسكري حماية تراب الوطن فهل أحد من الثوار يعرف مصادره للسلاح المتطور من قطع غيار للطائرات
- أو أجهزة حديثة للرادار أو أساليب مستحدثة في وسائل التدمير؟ وهل نعي أن أكبر عدو لنا هو الكيان الصهيوني التي تساندها أمريكا على طول الخط؟ وزيادة على ذلك فالجيش مطالب بتوفير السلع الغذائية وتوفير موازنات لتغطية مطالب الثوار والمعتصمين في المصانع والمدارس وغير ذلك.
- لقد تحمَّل الجيش مواجهة الفتنة الطائفية واجتازها بنجاح، وحقَّق- ويحقق- نجاحًا في القبض على البلطجية، ويحاكمهم في محاكم عسكريةً عاجلةً، وفقًا لمطالب الثوار الذين عادوا وأكدوا أن من مطالبهم عدم محاكمة مدني في محاكم عسكرية، ونجح في اكتشاف بعض الجواسيس الذي كانوا يخططون لإغراق البلاد في فوضى، ونجح في محاصرة عمليات تهريب الأسلحة يراد منها تحويل البلاد إلى ميدان لحرب أهلية
- ونجح - وما زال - في امتصاص تطاول بعض النخبة الثقافية الموجهة التي تسابق الزمن لامتطاء الركب الثوري، وأن تجد لها مكانًا في سفينة الثورة حتى ولو بصورة تذكارية تؤكد طوافها بميدان التحرير، ونجح في رفض بعض الضغوط الخارجية حول الأزمة المفتعلة الدستور أم الانتخابات؟! وأصرَّ على أنه ابن بار سيطيع أمر والديه، وهو شعب مصر.
- إذا كان لنا أن نلمَّ بدور شعب مصر فليس من المعقول أن نسمع رأي البعض من الذين يهدفون إلى تحويلنا إلى قطط شرسة تقتل أبناءها خوفًا عليهم، فالجيش هو ابن الشعب البار الوفي، ويسير بما تمليه عليه مسئوليته تجاه والديه.
- دعونا من هذه السفسطة والجدل العقيم الذي تنقله لنا فضائيات رجال الأعمال، ودعونا نلتحم كأسرة هي شعب مصر ونؤكد الثقة في بعضنا، بعيدًا عن عادات التخوين، وعلينا أن ندعم أبناء مصر؛ من جيش وأمن، ونترك فرصةً لهم للالتفات دومًا لأمن مصر فيما نعرفه وفيما لا نعرفه، وأن نتمهَّل حتى تنتقل السلطة لمن يختاره الشعب، فيصيغ دستوره ويختار رئيسه، بإرادة حرة، دون تأثير من مرشحي الفضائيات وأيديولوجياتهم.
وفاته
ظل الدكتور زكريا يستقبل كل من طرق بابه ولو لأول مرة وكأنه يعرفه من سنوات كثيرة، وقد ظلم كثيرا فلم يوف حقه في حياته، وربما كان الأمر متعمدا أو غير ذلك، وظل مقيم في بيته بالمقطم حتى توفي يوم الجمعة 14 رجب 1442هـ الموافق 26 فبراير 2021م.