رسالة مروان ... والخطاب الفتحاوي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة مروان ... والخطاب الفتحاوي


بقلم : طارق حميدة

ليس سرا القول بأن حماس وفتح تتقاسمان أكثر ثلثي الشارع الفلسطيني ، وهما كفرسي رهان في ميدان السباق يتقدم هذا مرة ، ويستدرك هذا فيسبقه في المرة الثانية ،وإن كانت حماس ترى أن خطها البياني في صعود، بينما يناضل الآخرون للمحافظة على مواقعهم وعدم السقوط أو النزول عنها. وفي رأيي فلا عبرة " بالمبالغة" التي تتميز بها الدعاية الانتخابية عموما، والتي يحاول كل فريق أن يظهر أن أي فوز له وكأنه فوز ساحق ماحق وينسى وجود الآخر ، فهذه طبيعة المعارك الانتخابية ، إن الجميع يرفع سعره ، " وما حدا بقول عن زيته عكر" . ولكن الإشكالية الكبيرة، هي أن تكون الدعاية الانتخابية نوعا من الحرب القذرة، التي تستخدم أخس الأساليب وتعتمد الافتراءات والأباطيل، وتعامل المنافس الانتخابي كما لو كان عدوا غاصبا محتلا . أثلجت صدور الكثيرين، الرسالة التي وجهها المرشح الأسير مروان البرغوثي من زنزانته إلى الشعب الفلسطيني عموما، وإلى " فقراء فتح ومحروميها ومناضليها" على وجه الخصوص . الخطاب في هذه الرسالة" خطاب توحيدي أخوي" حيث يستذكر في بدايتها شهداء شعبنا وقادته الكبار ومن جميع الفصائل، فهناك الرئيس عرفات، والشيخ أحمد ياسين، وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي، وأبو العباس، وهذه بعض الأسماء كنماذج فقط، كما ختمت بمخاطبة الأجنحة العسكرية لمختلف الفصائل. ثم يدعو لجعل يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري يوما لتجسيد شعار " شركاء في الدم شركاء في القرار" الذي أطلق في بداية هذه الانتفاضة ، وتكريس الشعار الجديد " شركاء في الميدان شركاء في البرلمان "، وذلك بعكس السلوك والخطاب العدواني الاستئصالي الذي تواجه به حركة حماس. بعد ذلك تتوجه الرسالة لمخاطبة القاعدة الفتحاوية " أيها المناضلون الأحرار يا فقراء فتح، أيها المحرومون في فتح، يا من نلتم شرف الانتماء وامتياز النضال في فتح ودفعتم ثمنا غاليا في هذه المسيرة وحرمتم من الامتيازات ... أيها الغاضبون وبحق ولأسباب جوهرها الحرص والغيرة والغضب من سوء الأداء للأطر القيادية أناشدكم التعالي على الجراح " ثم يعدهم بالتغيير القادم في المؤتمر السادس لفتح بعد الانتخابات التشريعية ويؤكد على ضرورة الانتصار لفتح " رغم كل الملاحظات المحقة على إدارة هذه الانتخابات من قبل قيادتكم وآلية الاختيار" . وقد تعهد البرغوثي في رسالته بإقامة حكومة إصلاح وطني " خالية من الفساد والفاسدين قادرة على محاسبة ومحاكمة المتورطين والمشبوهين في سرقة المال العام وإساءة استخدام السلطة"، وختم رسالته بالدعوة إلى وقف الفلتان والفوضى وخطف الأجانب والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم. البرغوثي في رسالته يقسم حركة فتح إلى قاعدة عريضة من الفقراء والمناضلين المحرومين من الامتيازات ، والأطر القيادية الفاسدة ذات الأداء السيئ في إدارة الانتخابات وآلية الاختيار ، وإذا كان هذا توصيف مروان البرغوثي الرقم الأول على قائمة فتح ، فلا ينبغي أن يتضايق أحد إذا صرخت أي جماعة فلسطينية بالشكوى والاحتجاج ، ودعت إلى التغيير والإصلاح. نعم، قد يختلف المرء مع البرغوثي ، خاصة في قدرة "العطار" على إصلاح ما أفسده الدهر، وبالذات عن طريق انتخاب القائمة والأشخاص الذين تحدث مروان نفسه عن انحرافهم وفسادهم ،حيث إنه حتى المناضلين الغاضبين فإن غضبهم ناشئ، كما تقول الرسالة،بسبب حرمانهم " من الامتيازات" وليس لأسباب مبدئية.. ولكن مع ذلك فإن أحدا لا يستطيع أن يعترض على اللغة التوحيدية والخطاب التجميعي الأخوي والحديث عن الشراكة ، وذلك بعكس الخطاب الذي يصدر عن العديد من أشخاص وأجهزة ومؤسسات ووسائل إعلام فتح والسلطة ، والذي يعتمد الافتراءات واللهجة الاستئصالية، وقد يكون خطاب دحلان والبيانات المزورة التي تصدرها جهات معروفة أمثلة حية لما نقول. دحلان وغيره يزعمون بأن حماس" حرمت" الانتخابات التشريعية عام 1996 ثم هم اليوم يحللونها".. مع أن بيان حماس في ذلك الوقت لم يتعرض لا للتحريم ولا للتخوين. وبلهجة استعلائية تهكمية يقرر دحلان كما نقلت عنه جريدة القدس يوم 16/ا أن " كادر فتح قد أهدى البلديات لحركة حماس وأن حركتنا تعاهد الجميع ألا تكون نتائج الانتخابات التشريعية مماثلة لنتائج الانتخابات البلدية "،وبعد هذا الحديث عن الكرم الفتحاوي والصدقة الدحلانية شدد على أن الحجم الطبيعي لفتح يعادل ثلاثة أضعاف حماس !!.. ثم يدعي دحلان بأن حماس في برنامجها الانتخابي لم تعد تطالب بفلسطين من البحر إلى النهر، ويتعامى عن النقطة الثانية من بند الثوابت في برنامج حماس الانتخابي والتي تنص على أن " فلسطين التاريخية جزء من الأرض العربية الفلسطينية وهي حق للشعب الفلسطيني لا يزول بالتقادم" .وإذا ما افترت صحيفة عبرية على أحد قادة حماس بأن الحركة ستتفاوض مع إسرائيل فسرعان ما تتلقف ذلك صحف بعينها لتضع الخبر على صدر صفحتها الأولى وبشكل مميز، وتتداوله وسائل الإعلام هنا وهناك على أنه حقيقة واقعة، ولا يفلح النفي الحمساوي في رد الفرية التي يظل المراسلون والمنافسون يلوكونها بلا ملل. مرة أخرى،فهناك فارق كبير بين هذا الخطاب، وبين خطاب مروان المعبر عن فقراء فتح ومناضليها ومحروميها، لكنه خطاب حبيس في الزنزانة وليس هو الذي يقود العربة.

المصدر