رائد صلاح: رمضان شهر عبادة ودعوة وتواصل أسري

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رائد صلاح: رمضان شهر عبادة ودعوة وتواصل أسري
16-10-2005

حوار: سمير سعيد

- أساعد أهلي في إعداد سلطة الخضار في رمضان

- بدأت أصوم الشهر بالكامل منذ كنت في الصف الثالث الابتدائي

- تأثرت بكتابات مصطفى محمود وبأفكار حسن البنا وسيد قطب

كثيرًا ما تتصدر صور الشيخ رائد رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين 48 أغلفة المجلات والصحف العبرية، خاصةً اليمينية والمتشددة، ووصل الأمر إلى حد أن حملت إحدى أغلفة المجلات اليهودية العالمية عنوان "لو يتوقف نبض هذا الرجل"؛ كأملٍ لليهود؛ لأن ذلك يعني لهم أن الطريق لهدم الأقصى وإقامة الهيكل أصبح ممهدًا.

والآن ونحن في شهر رمضان المبارك وبعد شهور قليلة من خروجه من المعتقل الصهيوني نعاود اللقاء بشيخ الأقصى لنفتح معه حوارًا من نوع جديد وخاص.. حوار إنساني, حوار الذكريات مع رمضان، وما يمثله رمضان في حياة الشيخ رائد.. حوار الذكريات أثناء المعتقل وحوار الشَّجَن بعد منعه من دخول القدس والأقصى, وقصة الشعر مع الشيخ رائد, فإلى نص الحوار:

  • ما برنامج فضيلة الشيخ رائد صلاح في رمضان؟ وكيف تقضون يومكم الرمضاني؟
بدايةً نقدم تهنئتنا لكل أمتنا الإسلامية وعالمنا العربي بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، أما عن برنامجي في هذا الشهر فنجتهد دائمًا أن نُحييَه على الصعيد الشخصي بالعبادة بكل جوانبها الإيمانية المباركة بين صيام وذكر وصلاة وقراءة للقرآن، ثم نجتهد أن ننظم دروسًا وعظيةً في مساجدنا على صعيد مدينتنا أم الفحم بعد صلاة الفجر، ثم ننظم أيضًا لقاءاتٍ إيمانيةً في بقية قرى ومدن أهلنا في الجليل وفي المثلث وفي النقب وفي المدن الساحلية (حيفا، عكا، يافا، اللد والرملة).
بالإضافة إلى ذلك نعقد لقاءاتٍ منزليةً على صعيد عام نلتقي خلالها مع نُخب من أهلنا لدعوتهم لمؤازرة مشاريع الحركة الإسلامية، مثل مشروع المجتمع العصامي، ومشروع إعمار وإحياء المسجد الاقصى المبارك، ومشروع صندوق الألف الخيري، ومشروع إحياء الوقف الإسلامي، ومشروع إحياء الوصية، ومشاريع أخرى تتعلق بالمؤسسات، خاصةً في مجتمعنا.. مثل مؤسسة مسلمات من أجل الأقصى، ومشروع صندوق طفل الأقصى، وهذه من مهماتنا الأساسية في هذا الشهر الفضيل.
  • هل يتعاون فضيلة الشيخ في بعض الأحيان مع أهل بيته في إعداد مائدة الإفطار أو السحور؟
نعم قبل السجن كنت أجتهد أن أقوم بمهمة إعداد سلطة الخضار التي كنا نقدمها في وجبة الإفطار، والآن بعد أن خرجت من السجن خرجت بمهارات رائعة جدًّا في فن الطعام والطهو، وأستطيع أن أعمل أكلات طيبة جدًّا.. بالإضافة إلى ذلك أبادر بأن أوقظ الأهل لإعداد السحور.
  • ما أهم العادات الأسرية للشيخ في هذا الشهر؟
طبعًا المحافظة أولاً على تناول الإفطار والسحور مع الأسرة بما ذلك الوالدة؛ لأن هذه فرصة بالنسبة لي لا تفوت، وهي فرصة نادرة جدًّا من دون أشهر بقية السنة حتى ألتقي مع الأسرة، ثم من العادات المعروفة لدينا تكثيف زيارات أولي الرحم في هذا الشهر الفضيل، ونجتهد أن نتفقد قطاعات خاصة من مجتمعنا مثل كبار السن والمرضى، ونحث الناس على إصلاح ذات البين، وتقوية مشروع إحياء الزكاة وإحياء صدقة الفطر الذي بدأنا به منذ أكثر من ثلاثين عامًا تقريبًا، ولا زلنا نتقدم به نحو الأمام بنجاح طيب وإن كنا نطمع أن يكون التقدم أقوى إن شاء الله تعالى.
  • هل لفضيلتكم أن تحدثونا عن ذكريات طفولتكم وشبابكم في رمضان وكيف كنتم تقضون رمضان أثناء هذه الفترة؟
أحمد الله أن منّ عليّ بالحفاظ على صيام رمضان بدون إفطار أي يوم تعمدًا منذ كنت في الصف الثالث ابتدائي، وحقيقةً الوالد- رحمة الله عليه- كان له دور في ذلك، حيث كان يشجع أبناء البيت عندنا وكان يخصص مقابل كل يوم نصومه مبلغ مالي كتشجيع وجائزة للصائم منا، وطبعًا هذا كان محفزًا بالنسبة لي كطفل أن يحافظ على الصيام، وهذا ما بنى في داخلي حب الصيام والمواظبة عليه.
وما زلت أذكر منذ عهد الطفولة أن الوالد والوالدة حرصا دائمًا أن يعطيا جميع أفراد الأسرة طابعًا خاصًا لحياة رمضان في البيت من حيث إعداد الطعام، والسحور والاهتمام الخاص بذلك، وهذا ما كان يُشعرنا بمحبة رمضان وبالشوق لاستقباله من عام لآخر بل أذكر في طفولتي أنني اجتهدت أن أصوم بعض السنن المعروفة، مثل صوم عرفة؛ مما قوَّى عندي الحفاظ على الصيام وأن الله تعالى منَّ عليَّ بإقامة الصلاة على صعيدي الشخصي منذ أن كنت في الثانوي حتى الآن.
  • لكن متى بدأ فهمك للإسلام كدين شامل؟
أذكر بأن بداية إقبالي على فهم الإسلام كدين يحمل العقيدة ويحمل الشريعة ويحمل الخلق ومهمة الدعوة كانت مع كتابات الدكتورمصطفى محمود- جزاه الله خيرًا- حيث كنت في المرحلة الثانية، وكان قد وقع بين يدي بدايات الكتب التي كتبها، لا زلت أذكر منها كتاب "حوار مع صديقي الملحد" وكتب" لغز الحياة" و"
لغز الموت" و"القرآن محاولة لفهم عصري"، وحقيقة لا زلت أذكر كتابًا استفدت منه كثيرًا، كان ذلك الكتاب بعنوان "نظرية داوود بين مؤيديها ومعارضيها" لكاتب عراقي أظن اسمه "قيس قرطاس"، وحقيقةً قرأت هذا الكتاب وأنا في المرحلة الثانوية؛ حيث عمَّق في داخلي الإيمان بالله وضرورة أن أقوِّي هذا الإيمان من خلال الدراسة وفهم أصول هذا الإيمان من مصادره الإسلامية؛ ولذلك عندما أنهيت المدرسة الثانوية كانت هذه التربية قد توفرت في حياتي، وهو ما ساعدني أن أكمل دراسة الشريعة الإسلامية في كلية الشريعة في مدينة الخليل لمدة أربع سنوات بعد المرحلة الثانوية.
وكنت في البداية قد قررت أن أكمل دراسة اللغة العربية لحبي لها، وكنت متعصبًا للغة العربية وأخاصم الطلاب إذا تحدثوا واستعملوا بعض المصطلحات العبرية، وهذا ما دفعني إلى أن أسجِّل في كلية الشريعة لدراسة اللغة العربية، ولكن بعد أسابيع اكتشفت أن مادة اللغة العربية هي مادة واحدة بجانب كتب العقيدة وأصول الفقه والعبادات والتاريخ الإسلامي، لكني قررت أن أكمل.
وهناك في كلية الشريعة التحقت أنا ومجموعة من الإخوة الذين تعلمنا في صف واحد منذ فترة الطفولة حتى الثانوية، وحقيقةً وجدنا رعايةً رائعةً جدًّا من أهل الخليل الذين أحبُّونا جدًّا، واحتضنونا وأكرمونا في بيوتهم، وحرصوا على متابعة رعايتنا من خلال استضافتنا، من خلال اصطحابنا إلى مساجد مدينة الخليل، ومن خلال تشجيعنا على قراءة الكتاب الإسلامي، وحضور مجالس العلم التي كانت في مدينة الخليل.
الامام الشهيد حسن البنا
لا شك أن هذه المرحلة كانت هي المرحلة التي كانت بدايةً مباركةً جدًّا لمسيرة عملنا الإسلامي، في هذه المرحلة تبلورت لدينا قضية الإسلام في كل أبعاده، وتبلورت لدينا قضية حاضر العالم الإسلامي ومعاناة حاضر العالم الإسلامي، ورويدًا رويدًا بدأت تبلورت لدينا قضية حاضر شعبنا الفلسطيني في كل أبعاد قضيته وفي كل أبعادها المكانية والزمانية، ثم شيئا فشيئا بدأنا ندخل في تفصيلات هذه القضايا، وبدأنا نتعرف على قيادات الصحوة الإسلامية من خلال كتبهم طبعًا وبدأنا نحرص على قراءة كتبهم، بدايةً من الإمام حسن البنا- رحمة الله عليه- ثم الأستاذ سيد قطب والأستاذ محمد قطب، والأستاذ يوسف القرضاوي، والأستاذ محمد الغزالي، والأستاذ مصطفى مشهور، والمستشار علي جريشة، وأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي والأستاذ يوسف العظم والأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي، وسعيد حوى وفتحي يكن وعلماء :العراق على اختلاف أسمائهم، وعلماء السعودية وعلماء الخليج بشكل عام.
في تلك الفترة أيضًا بدأنا نتعرف على قيادات الدراسات الإسلامية القديمة، وبدأنا نحرص أيضًا على اقتناء كتبهم ومطالعتها مثل الإمام ابن تيمية، والإمام ابن القيم وابن كثير وابن الجوزي والسيوطي، وبقية العلماء المعروفين، وكان ذلك في حياتنا فتحًا مباركًا، لدرجة أنني أنا لا أبالغ إذا قلت أشعر أنني وُلدت من جديد وأدركت مَن أنا وما هي هويتي، أدركت ما هو ارتباطي بتاريخي وحضارتي العربية، وانتمائي إلى أمةٍ إسلامية وعالمٍ عربي وشعب فلسطيني، وأدركت ما هي المهمة الملقاة على عاتقي كواجب، كفريضة شرعية في هذا الحاضر الذي نعيشه الآن.
  • حاليًا أنت ممنوع من دخول القدس بشكل عام والأقصى بشكل خاص فكيف تتعاملون مع هذا الأمر الآن وما هو موقع الأقصى في برنامج فضيلتكم الرمضاني؟
على صعيد برنامج الحركة الإسلامية، لا شك أن لها برنامجًا خاصًا فيما يتعلق بشهر رمضان الكريم، يختلف عن بقية الأشهر الهجرية، ففي هذا الشهر هناك إعداد وجبات إفطار الصائمين في كل يوم من أيام رمضان الكريم، وهناك إعداد وجبات الإفطار بشكل خاص في ليلة القدر، وهناك ترتيب دروس في قضايا إسلامية مختلفة بعد صلاة الظهر كل يوم، وهناك إعداد برنامج خاص في ليلة القدر، برنامج يبقى إلى ما شاء الله حتى يُختم بسحور يقدم لكل المرابطين في هذه الليلة في المسجد الأقصى المبارك.
وبطبيعة الحال هناك تكثيف لمسيرة البيارق إلى المسجد الأقصى المبارك من كافة قرانا ومدننا وهذا يحتاج منا أن نوفر كل يوم عشرات الحافلات، قسم نوفره بعد صلاة الفجر، وقسم نوفره قبل العصر وقسم نوفره قبيل صلاة الفجر بساعات، هناك عدة سفريات لكل سفرية لها أهدافها الطيبة خلال شهر رمضان الكريم، ولا شك أننا نوفر مئات الحافلات تحديدًا خلال ليلة القدر، هذه الجهود بحمد لله رب العالمين نحرص عليها خاصة في شهر رمضان الكريم.
أما أنا بشكل خاص فكما هو معلوم مع شديد الأسف فقد مُنعت بعد خروجي من السجن من دخول مدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك لمدة أربعة أشهر، فأنا ممنوع من دخول القدس والأقصى حتى تاريخ 17/11/2005، ولكن قلتها وما زلت أقول إنني إذا وجدت ضرورة شرعية لزيارة المسجد الأقصى المبارك فسأزوره فورًا ولن أتردد بالقيام بهذه الزيارة إطلاقًا، قبل تاريخ 17/11/2005 بشهر أو أكثر.
الشيخ رائد صلاح مع رهائن العسكرية
  • كيف قضيتم رمضان في السجن؟
لا شك أن لرمضان مذاقًا خاصًا في السجن؛ حيث كنا نجتهد أن نستثمر أكبر عدد ساعات من كل يوم في طاعات لله تعالى، ودعني أقول بالتفصيل: كنا نستيقظ قبل موعد السحور، نقوم الليل ثم نتناول السحور ثم نصلي الفجر ثم نقرأ المأثورات، ثم قراءة في كتابٍ غالبًا ما يكون روحانيًّا، وبعد ذلك نأخذ قسطًا من النوم ثم نتوضأ ونصلي الظهر ثم نبدأ بإعداد الإفطار، وأثناء ذلك كنا نصلي العصر ونكمل إعداد الإفطار حتى أذان المغرب فنتناول حبات من التمر وقليلاً من الماء، وبعد الصلاة كنا نتناول طعام الإفطار ثم نصلي العشاء والتراويح، وخلالها كنا نقرأ الماثورات أو ما تيسر في أي كتاب إسلامي، ثم نشاهد نشرات الأخبار عبر إحدى القنوات الموجودة في داخل السجن، وبعد ذلك نأخذ قسطًا من النوم، ثم نستيقظ إلى برنامج اليوم الثاني، وهكذا كنا طوال شهر رمضان الكريم، وكانت فرصةً لدينا اجتهدنا من خلالها، ووفقنا الله تعالى أن نختم القرآن خلال صلاة التراويح، وأن يختم كل واحد منا قراءة القرآن لمرات كقراءة عادية خلال النهار، وأن نختم القرآن كذلك على صعيد كل واحد منا خلال قيام الليل ما قبل تناول وجبة السحور.
  • من المعروف عن الشيخ رائد صلاح أنه يكتب الشعر، ما هي قصتك مع الشعر، وما موقع الأقصى منه؟
حقيقة قضية كتابة الشعر كنت أجتهد أن أكتب بداياتٍ لقصائد شعرية منذ كنت في المرحلة الثانوية، وبدأَت تقوَى هذه البدايات عندما انتقلت إلى الدراسة في مدينة الخليل، ولكنها أيضًا كانت بدايات أُولى لم تتبلور بشكل قوي وواضح، لكن تبلورت بعد أن أنهيت دراستي في كلية الشريعة؛ حيث بدأت أكتب متأثرًا بشكل خاص بكتابات شعراء الدعوة الإسلامية المعاصرة، خاصةً الأستاذ سيد قطب وقصيدته المشهورة "أخي أنت حر وراء السدود"، وقصائد هاشم الرفاعي، ولا زلت متأثرًا بقصيدته المشهورة وهي بعنوان "وصية لاجئ"، وكذلك كتابات الأستاذ يوسف القرضاوي، ومحمد إقبال وشعراء كثيرون على صعيد الحاضر الفلسطيني.
وهذا ما شجعني أن أواصل كتابة الشعر على أساليب شتى، الأناشيد الشعبية بالأسلوب الشعبي البسيط؛ حيث كنت أكتبها لفرق النشيد الإسلامي عندنا في الداخل، وكنت أيضًا أكتب الأناشيد ولكن بأسلوب شعري موزون ومضبوط، لكنَّ معظمها يتناول قضية المسجد الأقصى والقدس الشريف والانتفاضة.
وواصلت الكتابة بأسلوب ثالث، وهو كتابة القصائد الطويلة والتي اجتهدت من خلالها أن أخصص القسط الوافر فيها لقضية القدس الشريف والأقصى المبارك، ولا أبالغ إذا قلت إن 50% مما كتبت تناول هاتين القضيتين، حتى في القصائد الأخرى التي كتبتها عن مواضيع أخرى لم يغِب الحديث ولو ببيت أو بيتين عن موضوع :القدس الشريف والأقصى المبارك.
من مأسى الشعب الفلسطينى
ومن ضمن الأمور التي كانت تدفعني للكتابة بغزارة هي المآسي التي عايشتها والتي أصابت حاضرنا الإسلامي والعربي، بالإضافة إلى مآسي شعبنا الفلسطيني، على سبيل المثال كتبت كثيرًا عن مأساة الشعب المسلم في البوسنة، وكتبت أيضًا كثيرًا عن مأساة العراق بشكل خاص، وكتبت عن محنة أفغانستان، وكنت أتناول بعض القصائد التي تلم بجراح الأمة وأتعمد أن أفصل مواقع هذا الجراح كأني أقرأ خارطةً جغرافية، فكنت أجتهد أن لا أنسى موقع مأساة على صعيد كشمير وعلى صعيد الشيشان وعلى صعيد البوسنة وعلى صعيد أفغانستان وعلى كل الأصعدة، كنت أذكر الأسماء وكنت أجتهد أن أخصص لكل موقع بيتين أو أكثر، ولعل من القصائد التي كتبتها وتناولت فيها كل هذه الجراح قصيدة سميتها بعنوان "لمن سأعود" كتبتها على لسان عيد الأضحى المبارك؛ حيث تصورت أن عيد الأضحى قد جلس أمام نشرة إخبارية في التلفاز وتعرف على جراح الأمة الإسلامية، فأخذ يتساءل لمن سأعود؟ وتحت هذا السؤال بدأ يذكر كل جراح الأمة الإسلامية.. طبعًا هذا ما كتبته في هذه القصيدة، وعلى فكرة هذه تحديدًا كتبتها في داخل السجن وتم نشرها في صحيفة "صوت الحق والحرية"، وأذكر أن هذه القصيدة كانت على البحر البسيط.
بالإضافة إلى كل ذلك اجتهدت أن أكتب حول مشاعر روحانية كنت أعيشها خارج السجن، وقويت هذه المشاعر وأنا في داخل السجن؛ لذلك وجدت نفسي وقد كتبت وأنا في داخل السجن عشرات القصائد الروحانية التي تحمل طابع الدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى.
أما الآن تحديدًا فأعد لإصدار ديوان خاص فقط بالقصائد التي كتبتها في داخل السجن، وكنت قد أصدرت تجربةً متواضعةً وهي عبارة عن أناشيد سميتها "أناشيد طفل الأقصى" كان هذا الإصدار قبل السجن، وكنت قد بدأت وأنا في مرحلة قبل السجن بتجميع كل ما كتبت لإصداره، ولكن طبعًا تم اقتحام مكتبي ومصادرة أوراقي، وحقيقةً أنا الآن في حاجة للبحث المتعب عن كل القصائد التي كتبتها قبل مرحلة السجن ولا أدري أين هي الآن؟!
  • اتهمت بعض الأوساط الصهيونية- وحتى التيارات السياسية الفلسطينية داخل منطقة الـ48- الشيخ رائد صلاح وحركته بأسلمة المجتمع الفلسطيني في الداخل الفلسطيني.. فكيف تسنَّى لكم ذلك؟
أحد شباب الصحوة الإسلامية
نحن نعترف بهذه التهمة، ونؤكد أنها ليست تهمة، بل هذه مفخرة لنا، وهذه غاية لنا كحركة إسلامية، نعتقد أنها واجب علينا كمنتمين إلى الإسلام وكمنتمين إلى ركب الصحوة الإسلامية المعاصرة، وهذا لا نخبِّئه أبدًا ولا نتلعثم فيه، ولا نخفيه بل نفتخر به كما قلت، ونسعى إلى إنجاح هذا المشروع وهو أسلمة مجتمعنا الفلسطيني من خلال عشرات المشاريع التي تبنيناها ونحرص على متابعة تنفيذها بعد أن خرجنا من السجن، كما كنا نحرص على تنفيذها قبل السجن، رفعنا مشروعًا أسميناه مشروع إحياء الدين، وكذلك في نفس الوقت رفعنا مشروعًا أسميناه مشروع "أبناؤنا في خطر"، ورفعنا مشروعًا أسميناه أسبوع الدعوة الدائم في كل عام، ورفعنا مشروع على سبيل المثال أسميناه الحجاب، وما زلنا نرفع لافتاتٍ كثيرةً لمشاريع دعوية كبيرة؛ بهدف أسلمة حياة وقيم وسلوكيات مجتمعنا.
وفي نفس الوقت دعمنا هذه المشاريع بإقامة مؤسسات تصب في نفس الغاية، على سبيل المثال أقمنا مؤسسة "حراء" التي تهدف إلى رعاية أطفالنا لحفظ القرآن الكريم غيبًا، وتربيتهم التربية الإسلامية، وهي مؤسسة ناجحة بفضل الله تعالى، بالإضافة إلى ذلك أقمنا مؤسسة "سند" لرعاية الأمومة والطفولة، ولها ما لها من نشاطات، بالإضافة إلى ذلك أقمنا جمعيةً أسميناها جمعية التكافل، وهي تعمل على رعاية الأئمة والدعاة وتثبيت دورهم، سيما وأن العشرات منهم قد تعرضوا إلى التضييق على أرزاقهم من قبل المؤسسة الرسمية الصهيونية، والحمد لله آزرناهم لكي يتحرروا من مثل هذا التضييق، وكي يأخذوا دورهم بكل اطمئنان واستقرار.
وفي نفس الوقت أقمنا مشاريع تهدف الى مواصلة طباعات مختلفة أيضًا للمساهمة في هذا المشوار، فهناك مجلة "إشراقة" للأسرة المميزة، وهي مجلة نسائية، ولدينا نشرة دائمة اسمها "آباء وأبناء" تتناول واقع البيت، وما يطلب من البيت على صعيد الأب والأم والأبناء، ولدينا أيضًا نشرات أخرى في مواضيع مختلفة توزع بشكل دائم، بالإضافة إلى ذلك باتت لدينا فعاليات في المساجد وفعاليات سنوية موسمية ثابتة، إن كان ذلك على صعيد دروس في المساجد، أو إن كان ذلك على صعيد المهرجانات الضخمة التي نقيمها مثل مهرجان ذكرى المولد الذي يقام عادةً في ملعب كرة القدم في قرية كفر كنا ويحضره عشرات الآلاف، بالإضافة إلى مهرجان الأقصى في خطر السنوي أيضًا الذي يحضره عشرات الآلاف.
بالإضافة إلى كل ذلك فقد أقمنا مجلسًا أسميناه "المجلس الإسلامي للإفتاء"، وجمعنا في هذا المجلس مجموعةً من ذوي التخصصات المختلفة بالشريعة الإسلامية؛ حيث يحملون كلهم درجاتٍ جامعيةً عليا، ما بين دكتوراة وماجستير في موضوعات مختلفة؛ بهدف تبصير الناس بشئون دينهم، وتبيان أحكام الحلال والحرام في حياة الناس، وإعانة الناس على فهم شئون حياتهم وفق الرؤية الإسلامية .
  • قمتم مؤخرًا بزيارات للقرى والمدن العربية في إطار مشروع المجتمع العصامي.. هلا حدثتنا عن ذلك؟ وما هو برنامجكم في رمضان في هذا الخصوص؟!
بعد أن خرجت من السجن بدأت بزيارة كل قرانا ومدننا دون استثناء حتى لو كانت القرية قريةً صغيرةً، وبدأت بهذه الزيارات، وكان هناك برنامج خلال كل زيارة كنا نلتقي فيه بالأهل في كل قرية ومدينة، ونقدم لهم أولاً شكرنا على مؤازرتهم لنا خلال اعتقالنا، ثم كنا نتحدث لهم عن تجربتنا التي عشناها في السجن، ونغتنم الفرصة لنتحدث لهم عن معالم لهذا المشروع "المجتمع العصامي" وكان لهذه اللقاءات الفائدة الطيبة جدًّا والالتحام المباشر والقوي مع جماهيرنا، وكما قلت في جواب سابق نستثمر رمضان من أجل عقد لقاءات في البيوت مع قطاعات من مجتمعنا لتعميق الحديث عن مشروع "المجتمع العصامي" ومقوماته، وإن شاء الله تعالى سنحرص أن يكون هذا نشاطًا متواصلاً في رمضان بشكل خاص وما بعد رمضان.
ومرةً أخرى أقول ما نلمسه من الأهل هو بوادر طيبة ومشجعة، ودعني أعطي مثالاً: في مهرجان الأقصى في خطر العاشر دعونا الأهل لنتعاون سويًّا على إقامة مشروع سميناه "صندوق الألف الخيري"، شرحنا للأهل عبر منصة المهرجان عن فكرة هذا الصندوق بحيث نجمع ألف اسم من أهلنا ليكونوا أعضاءً ثابتين في هذا الصندوق، على أن يلتزم كل واحد منهم بتقديم ما قيمته ألف دولار في كل عام لهذا الصندوق، وهذا يعني أننا سنبدأ برأس مال سنوي قيمته مليون دولار، ستنفق على مشروع إعمار وإحياء المسجد الأقصى المبارك، وستنفق على دعم مسيرة مشروع المجتمع العصامي بكل أبعاده، سينفق من ضمن هذا المشروع على مشاريع دعم لمؤسسات أهلية مثل المدارس الأهلية والمستشفيات الأهلية، وتفريغ الدعاة والقضايا الاجتماعية وما إلى ذلك من عناوين يطول الحديث عنها.
حقيقةً عندما شرحنا عن هذا الموضوع بهذه الكيفية وجدنا تجاوبًا طيبًا مشجعًا جدًا، فلا زلنا نتلقى أسماء من يرغبون بالانتساب إلى هذا الصندوق، ولقد سجلنا حتى الآن الأسماء الكثيرة، ولدينا طموح ان يكون هذا الصندوق ليس صندوق الألف الخيري فقط، بل يتجاوز رقم الألف الى ألفين والى ثلاثة آلاف وإلى أكثر من ذلك بإذن الله رب العالمين.

المصدر