حوار أمريكا والعالم الإسلامي.. ضجيج بلا طحين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

حوار أمريكا والعالم الإسلامي .. ضجيج بلا طحين

أ. البدوي عبد العظيم

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أدركت الإدارة الأمريكية أنه لا فرار من فتح حوار مع العالم الإسلامي لمحاولة فهم كل طرف للآخر من جهة، ولتهدئة مخاوف العالم الإسلامي من جراء الحرب على الإرهاب التي أعلنتها أمريكا من جهة ثانية، إلا أن هذا الحوار كان- ومع الأسف- من جانب واحد، ولم يكن الهدف منه هو فتح حوار حقيقي مع العالم الإسلامي؛ بل مجرد شعارات للدعاية، ولتجميل وجه الإدارة الأمريكية الحقيقي الذي ظهر في جوانتنامو وأبو غريب وأفغانستان والسجون الطائرة والتعذيب بالوكالة.

ومؤخرًا عيّن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مبعوثًا خاصًّا له لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، وقد وجه رسالةً خلال افتتاح منتدى أمريكا والعالم الإسلامي أكد فيها أمله في تعزيز الشراكة مع العالم الإسلامي، وفي ذات المنتدى أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية أنها تعمل على تعزيز علاقاتها بالدول الإسلامية من خلال نهج جديد، يرتكز على أساس الاحترام المتبادل والمصالح والمسئولية المتبادلة، وشددت على التزام بلادها بالتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني- الصهيوني.

من الجميل أن نسمع كل تلك العبارات البروتوكولية والتي لا يخلو منها أي خطاب لدبلوماسي، ولكن ما يأمل المواطن العادي في العالم الإسلامي في تحقيقه هو الحصول على ما هو أكثر من الوعود البراقة أو العبارات الإنشائية، وأول ذلك (الاحترام الحقيقي) و(حقوق الإنسان والديمقراطية)، وهذه المطالب لا تعترف الإدارة الأمريكية- فعليًّا- بحق المواطن في العالم العربي والإسلامي في التمتع بها.

ففي الوقت الذي أعطى فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما المخدر (الوعود تلو الوعود) للعالم الإسلامي- والتي لم يُنفذ منها شيء- مرة في القاهرة وأخرى في منتدى الحوار بين أمريكا والعالم الإسلامي في الدوحة من نوع الوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع (كماء البحر المالح الذي لا يزيدك الشرب منه إلا عطشًا)، مراهنين على أن العالم الإسلامي لا يقرأ، كان أوباما في أثناء حملته الانتخابية قد أعطى وعودًا تتميز بأنها (محددة، رقمية، واضحة، متوافقة مع إستراتيجية الولايات المتحدة) أمام لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) أذكر عددًا منها كي يتعرف القارئ على أن الصدق في تنفيذ الوعود وارد في حق الإدارة الأمريكية، ولكن ليس للعالم الإسلامي بل للصهاينة فقط من تلك الوعود:-

1- يجب على مصر أن تقضي على عمليات تهريب الأسلحة إلى غزة.

2- أي اتفاقية مع الفلسطينيين يجب أن تحترم هوية "إسرائيل" كدولة يهودية وكدولة ذات حدود آمنة، سالمة، ومحصنة، والقدس ستبقى عاصمة "إسرائيل" وغير قابلة للتقسيم.

3- كلٌّ من السلطة الفلسطينية و"الإسرائيلية" قاموا بتحذيرنا في وقتها من إقامة الانتخابات الفلسطينية ولكن هذه الإدارة (إدارة بوش الابن) مضت قدمًا، وكانت النتيجة هي أن غزة أصبحت تحت سيطرة حماس والصواريخ تمطر على "إسرائيل".

4- يجب أن نستمر في حصار حماس حتى يتوقفوا عن أعمالهم الإرهابية، ويعترفوا بحق "إسرائيل" في الوجود وأن يلتزموا بالاتفاقيات السابقة، ولا يوجد مكان على طاولة المفاوضات للمنظمات الإرهابية، وهذا كان سبب رفضي للانتخابات عام 2006م عندما كانت حماس منضمة للاقتراع.

5- اتحادنا قائم على قيم ومصالح مشتركة وهؤلاء الذين يهددون "إسرائيل" يهددوننا، "إسرائيل" كانت دومًا في الخطوط الأمامية في مواجهة هذه التهديدات، وسوف أتقدم للبيت الأبيض بالتزام لا يتزعزع تجاه أمن "إسرائيل"، والذي يبدأ بضمان القدرة العسكرية "الإسرائيلية".

6- سوف أضمن أن "إسرائيل" قادرة على الدفاع عن نفسها من أي تهديد من غزة إلى طهران والدفاع المشترك بين "إسرائيل"، وأمريكا يعتبر مثالاً للنجاح ويجب أن يتم تعميقه وكرئيس سوف أتقدم بمذكرة تفاهم تنص على تقديم مبلغ 30 بليون دولار في شكل مساعدات "لإسرائيل" خلال العقد القادم كاستثمارات لأمن "إسرائيل"، والتي لن يقدم مثلها لأي دولة أخرى.

7- وكرئيس لن أقدم أي تنازلات إذا ما تعلق الأمر بأمن "إسرائيل".


التأسيس لحوار حقيقي

إن المواطن العادي في العالم الإسلامي لا يرغب إلا في أمور من تلك التي رفعتها الحضارة الغربية شعارًا لها مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبحسن نية وليس بمفهوم الفوضى الخلاقة أو الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، التأسيس لعلاقات تعتمد الاحترام المتبادل والحقيقي هي ما يصبو إليه العالم الإسلامي، الذي لا يحمل شرًّا أو ضغينة لشعب الأمريكي الذي يضم من بين مكوناته عربًا ومسلمين، ساهموا في بناء الحضارة الأمريكية وصعودها إلى القمر وما بعد القمر.

ومن ضروب هذا الاحترام المتبادل أن تتوقف تلك الإدارة عن دعم "إسرائيل" غير المشروط، وأن تفكر أنه ربما مصلحتها الحقيقية مع شعوب العالم الإسلامي وليس العكس، في إطار ندية وشراكة حقيقية، ومن ضروب هذا الاحترام أن تحترم الإدارة الأمريكية إرادة تلك الشعوب وخياراتها، وأن تتوقف عن عرقلة تحقيق تلك الإرادة ومن أخصها الانتخابات الحرة النزيهة التي تفتقدها هذه المنطقة من العالم، ومن ضروبها أن تشجب وتدين الاعتقالات وانتهاكات حقوق الإنسان في هذه البقعة من العالم بصورة متجردة من أي هوى، ولا تعتبر تلك الإدانة بمثابة سلاح ترفعه في وقت دون آخر وأمام دولة دون أخرى، ومن ضروبها أن تتوقف عن دعم الأنظمة المتسلطة بالغطاء الدولي وإمدادها بأدوات التعذيب الحديثة والمختلفة.

هذه هي المبادئ والأسس الحقيقية التي يمكن بها التأسيس لحوار حقيقي يثمر هذا الأمن والأمان والرخاء الذي تحدث عنه الرئيس أوباما..

أما خلاف ذلك فهو ضجيج بلا طحين


المصدر : إخوان أون لاين