حلمي أمين الدين
مقدمة
إن تناول حياة الرجال العظماء الذين رسخوا قواعد دعوة الإسلام المعاصرة، ليست مادة تطرح من أجل الاطلاع أو التسلية بل إن مراجعة تلك الحيوات والأحداث والتصرفات هي مادة للتأمل، والتعلم، والاعتزاز بوجود مثل هؤلاء الرعيل الأول، الذين آلوا على أنفسهم إلا أن يحملوا أمانة الدعوة إلى الله في وقت كانت ترزح فيه البلاد تحت نير الاستعمار ومن هؤلاء المجاهد الشيخ حلمي أمين الدين بن داتو محمد حسن.
البداية
ولد الشيخ حلمي أمين الدين بن داتو محمد حسن في جاوة الغربية بإندونيسيا، ودرس المرحلة الابتدائية في مدينة: (تشلنجون) في المنطقة الساحلية من (جاوة الغربية)، وتخرج من المرحلة المتوسطة الاقتصادية في مدينة (باندونغ) عام (1965م)، وتخرج من المرحلة الثانوية الاقتصادية عام (1968م)، والتحق بكلية الاقتصاد في مدينة: (باندونغ) في السنة نفسها، وتدرب في البنك الوطني في (باندونغ)، غير أن والده نصحه بترك هذا المجال والتوجه لدراسة العلوم الشرعية وهو ما استجاب له فدرس الشريعة بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وتخرج فيها عام 1979م.
نشاطه الدعوي
بدأ عمله الدعوي بالاتصال بالجمعيات الإسلامية وبخاصة جمعيات الشباب، حتى أنه كان عضواً باتحاد الطلبة المسلمين في جاكرتا، وتعاقد مع دار الإفتاء السعودية للقيام بالدعوة إلى الله تعالى في إندونيسيا، وفي فترة طلب منه سكرتير محافظة "باندونج" العمل في إدارة شؤون الحج فاعتذر، كما طلب منه ضابط في الجيش يشرف على معهد إسلامي في باندونج أن يعيّنه مدرساً في المعهد فاعتذر؛ لأنه كان يريد التفرغ للدعوة.
غير أن الحكومة لم ترض عن سلوكه ونشاطه الدعوي لخوفها من إيجاد صوت إسلامي يهدد كيانها العلماني فقامت الحكومة الإندونيسية عام 1981 باعتقاله بحجة أنه يحرض على إقامة دولة إسلامية في محاضرة بالجامعة الإسلامية في جاكرتا.
نشاطه السياسي
ولنشاطه في الدعوة أنشأ معهد الحكمة لإعداد الدعاة أواخر ثمانينيات القرن الماضي والذي أدى دوراً كبيراً في إعداد مجموعات من الدعاة الشباب، كان لهم دور بارز في إحياء وترشيد الصحوة الإسلامية، حيث قاموا بجهود فعالة لمواجهة محاولات رئيس الجمهورية في ذلك الوقت (سوهارتو) لتطبيق مبادئ ما يسمى "البانتشاسيلا" التي أطلقها رئيس إندونيسيا الأسبق سوكارنو، كمدونة سياسية اجتماعية ترقى إلى مرتبة الدين بديلاً عن الإسلام، وسقطت بسقوط سوهارتو سقوطاً مخزياً عام 1419هـ ـ 1998م. اهتم بالعمل الدعوى وتعرف على فكر الإخوان المسلمين وتعاون مع أعضائها في إندونيسيا حتى تم اختياره رئيساً لمجلس شورى حزب "العدالة والرفاهية".
فمع انتشار الصحوة الإسلامية في ربوع البلاد بعد سقوط سوهارتو، قام الفقيد الراحل مع إخوانه بتأسيس حزب العدالة في 20 يونيو 1998م، ثم تغير اسمه ليصبح حزب العدالة والرفاهية الإسلامي في 20 أبريل 2002م والذي مثّل الوعاء الفكري للحركة الإسلامية في البلاد، وقاد الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في إندونيسيا، وحصل في أول انتخابات برلمانية على 7 مقاعد (مليون ونصف المليون صوت) في انتخابات 1999م، ثم على 47 مقعدا (ثمانية ملايين صوت) في انتخابات عام 2004م، ثم حصل في انتخابات 9 أبريل 2009 م على 57 مقعدا من 560 مقعدا بنسبة 11.9% وأصبح ترتيبه رابعاً على مستوى الأحزاب الإندونيسية.
وقد واصل الشيخ حلمي أمين الدين بحكمته وسعة صدره وحلمه -حيث كان له من اسمه نصيب كبير - قيادة الدعوة الإسلامية وحركتها في إندونيسيا حتى أصابه عارض صحي عام 2015م أعاقه عن الاستمرار في قيادة الحركة غير أنه ظل يعمل حتى وفاته يوم 30 يونيو 2020م الموافق 9 من ذي القعدة 1441هـ في مدينة باندونج بجاوة الغربية.
عزاء واجب
نعته جماعة الإخوان المسلمين بقولها:
- تنعي جماعة "الإخوان المسلمون" الأستاذ حلمي أمين الدين، أحد أبرز مؤسسي الدعوة الإسلامية في إندونيسيا الذي توفي اليوم في مدينة باندونج جاوا الغربية – بإندونيسيا بعد مسيرة طيبة وجهود كبيرة في خدمة الدعوة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة.
كان للشيخ دور كبير في الدفاع عن القضية الفلسطينية حيث أعطاها اهتمام كبيرا في نشاطه ودعوته حتى أن حركة حماس نعته بعد وفاته بقولها:
- نعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بقلوب مؤمنة راضية بقضاء الله وقدره وفاة فضيلة الشيخ المربي حلمي أمين الدين، أحد مؤسسي حزب العدالة والرفاه في جمهورية إندونيسيا الشقيقة، الذي وافته المنية اليوم الثلاثاء 9 ذو القعدة 1441هـ، الموافق 30 يونيو 2020م. وقالت الحركة في بيان نعي إن الشيخ أمين الدين رحل بعد حياة حافلة بالعطاء الفكري والتربوي والسياسي، ومسيرة متميزة في خدمة إندونيسيا وشعبها العزيز، والتضامن مع قضايا الأمة الإسلامية وفي القلب منها فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك.
- وأضافت أن الشيخ، رحمه الله، كان حاضراً بجهده ومشاركته المستمرة في كل محطات الدفاع عن فلسطين وقضيتها العادلة والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكذلك مشاركته في البيان المشهور لعلماء الأمة ودعاتها للتضامن مع أهل العراق ورفض العدوان والغزو الأمريكي.
بل أن الدكتور محمود الزهار - رئيس كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية – وعضو حركة حماس قدم التعزية للشعب الاندونيسي الشقيق بوفاة الشيخ حلمي أمين الدين وذلك خلال برقية تعزية لرئيس كتلة حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي د. جازولي الجويني. كما نعت الأمانة العامة في هيئة علماء المسلمين في العراق وفاة المجاهد وأشادت بمواقفه الرافضة للعدوان الأمريكي على العراق.
وذكرت هيئة علماء المسلمين في النعي العمل الدعوي للشيخ (حلمي أمين الدين) رحمه الله تعالى، حيث بدأ عمله الدعوي بالاتصال بالجمعيات الإسلامية وبخاصة جمعيات الشباب، ونشط في اتحاد الطلبة المسلمين في جاكرتا حيث كان عضوًا فيه، ثم تفرغ للعمل الدعوي، ورفض استلام بعض المناصب في بعض المؤسسات الدينية في إندونيسيا وخارجها، ثم اختير رئيسًا لمجلس شورى حزب (العدالة والرفاهية).
واهتمت الهيئة بتسجيل مواقف الفقيد (رحمه الله)؛ إذ عُرف عن الشيخ مواقفه الإسلامية البارزة، التي هي امتداد لمواقف والده الذي كان من أعلام المطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية في إندونيسيا، ومن أبرز هذه المواقف: مناصرته لقضية المسجد الأقصى وفلسطين ومتابعته الدائمة لها، وكذلك مشاركته في البيان المشهور لعلماء الأمة ودعاتها للتضامن مع أهل العراق ورفض العدوان والغزو الأمريكي للعراق، الصادر في شباط 2003م.