حزب النور.. الابن اللقيط لـ"30 يونيو"
مقدمة
تأثر بعض المشاهدين لفيلم "الفيلم الأزرق" سواء في السينما أو على بعض الفضائيات، بالأحداث التي تناولتها الرواية من حيث العالم الآخر الذي يعمل فيه آلاف الخارجين على نبراس الإنسانية من المتصلين بالجنس المتمرد، من خلال الاطلاع على ما يسمى بعلوم "الحرف" أو "علم حساب الجمل" أو "السحر الأسود".
واستطلعت شبكة "رصد" آراء باحثين في التصوف، وأساتذة أزهريين ومعالجين بالرقية الشرعية، بغية الاطلاع على حقيقة هذه السلوكيات.
سحر ضار
يقول الدكتور أسامة حسنين أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن ما يسمى بعلم "الحروف والأرقام" هو كتابات نشأت من قبل الإسلام، وفكرتها في تنصيب الأرقام مكان الكلمات والحروف، ومن خلاله يتم تسخير الجان من أجل التمكين والترغيب والتهويل، وبواسطته تنتقل الأمور العادية إلى غير عادية سواء بالسلب أو بالايجاب، مثال :جلب الحبيب والجواز " ذلك من الأشياء الإيجابية، ولكنها في النهاية دجل وأشد ضررًا، حيث يسخر الجن ليتمكن من عقل الإنسان لتفعيل الأفعال في غير مواضعها.
وأضاف حسنين لشبكة "رصد" أن العديد من الصوفية يعتمدون على "علم الحرف" بغرض التجارة، حيث يتواصلون مع الجن ويلبون طلباته التي تغضب الله، وبذلك يكون مساعدًا لهم في الأذى أيًا كان العمل.
الغزالي وتوبته من "علم الحرف"
من ناحية أخرى قال حسنين:" كان أشهر من تعاملوا بسحر "الحروف والأرقام" هو الإمام أبو حامد الغزالي قبل مئات السنين، وألف عنه كتاب "تهافت الفلاسفة"، ولكنه أعلن توبته من "الأرقام والحروف"، وأقبل على تلاوة القرآن وحفظ الأحاديث الصحيحة".
الصوفية تتبرأ من "استخدام السحر الأسود"
في حين قال سالم شهيد باحث في علم التصوف :"أولًا رواية الفيل الأزرق خليط أشبه بالسمك لبن تمر هندي، ومنحوتة من أعمال أجنبية وخلافه فلا يعتد بيها، وعلم الحروف، أو الحرف، أو حساب الجمّل ده علم قديم جدًا، من قبل الإسلام وهو موجود، كان موجود في حضارات وثقافات سابقة للإسلام، ويسمى هو ومجموعة علوم أخرى بعلوم الحكمة العليا".
وأشار شهيد لشبكة "رصد" أن فكرة علم الحرف ببساطة، هي أنه فيه مقابل رقمي للحرف على الترتيب الآتي "أبجد هوّز حطي كلمن سعفص ثخذ ضظغ .. وعلماء مسلمون كتير كانوا بيستخدموا هذه الصيغة للتأريخ وترتيب الفصول تنظر المحكمة الإدارية العليا اليوم دعوى لحل حزب النور بسبب إنشائه على أساس ديني، وهي ليست الدعوى الأولى لحل الحزب الذي يهدّد بدعاوى عدة للحل للسبب ذاته.
يُنظر إلى حزب النور منذ تأسيسيه في أعقاب ثورة 25 يناير على أنه جزء رئيسي في تيار الإسلام السياسي، الذي واجهته التيارات الليبرالية واليسارية منذ استفتاء 19 مارس.. والملاحظ أن عددا من مؤيدي الحزب ومؤسسيه كان لهم النصيب الأكبر من الهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي في لحظات الخلاف الرئيسية بين فرقاء 25 يناير..
ورغم أن حزب النور كان يزاحم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في كتلته التصويتية في جميع الاستحقاقات الانتخابية، إلا أنه كان هناك ما يمكن اعتباره تحالفا سياسيا بين الحزبين في برلمان 2012 بحكم الانتماء لتيار واحد.
بدا ذلك في تشكيل الهيئة التأسيسية الأولى والثانية ومناقشة معايير اختيار أعضاء الجمعية، حيث تم تقسيم الجمعية إلى فريقين بنا على الأيديولوجيا أحدهما أطلق عليه إسلامي (شمل الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية والوسط) ومدني (شمل الوفد والمصريين الأحرار والديمقراطي الاجتماعي والكرامة والتحالف الشعبي وغيرهم)..
وكان واضحا كذلك في مناقشة مواد الدستور المتعلقة بالشريعة، وإصرار حزب النور وأيده الحرية والعادلة على تقييد المادة الثانية وتفسيرها في المادة 219 ولكن الحزب ووافق على المادة الثانية في دستور 2014 على النحو التالي: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" دون تحديد للمبادئ التي كان يطالب بها في 2012، وأصر -في حينها- على مادة تفسيرية هي: "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة".
إذن كان حزب النور جزءا من تيار الإسلام السياسي الذي يسيطر عليه الإخوان بحكم الأغلبية البرلمانية والظهير الشعبي، فكيف أصبح حزب النور ابنا بارا لما أطلق عليه "ثورة 30 يونيو"؟ وكيف قبلته التيارات الليبرالية واليسارية المكونة لمظاهرات 30 يونيو؟ وكيف نجح الحزب في الاستمرار داخل جبهة تلفظه من أول يوم؟
كانت البداية في حوار بث على الهواء مباشرة دون قصد من منظميه بُعيد الانقلاب العسكري عندما صب الكاتب اليساري حلمي النمنم جام غضبه على حزب النور لأنه يعيق الانسجام بين حلف 30 يونيو، ويبتز القوى السياسية بأنه سيتحول إلى رابعة العدوية بحسب تصريحاته.
ثم أعلنت حركة "تمرد" الداعية إلى مظاهرات 30 يونيو إلى أنها لا تعترف بحزب النور شريكا في "ثورة 30 يونيو"، وأنه حزب ديني مثله مثل حزب الحرية والعدالة.
وارتقت خلافات تيار 30 يونيو مع حزب النور إلى أن وصلت إلى الاجتماع الذي عقده السيي مع ممثلي الأحزاب السياسية، حيث وقعت مشادة كلامية بين أسامة الغزالي حرب رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار الليبرالي، ويونس مخيون رئيس حزب النور، إذ وجّه الغزالي حرب انتقادات لحزب النور في الاجتماع، قائلاً له: حلّ الحزب يا دكتور مخيون وتعالوا انضموا إلى المصريين الأحرار أنتم حزب على أساس ديني". ورد عليه يونس مخيون: "ده حزب مدني لا علاقة له بالدين".
ورفضت كل الكتل السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة ضم حزب النور إلى أي قائمة ائتلافية، وواجه الحزب دعوات إقصاء تبدو عقابية على عدم بذله الجهد الكافي في تأييد مسار 3 يوليو، رغم أن الحزب لم يقصر بحسب محللين في دعم دستور 2014 الذي حذف المادة التي استمات عليها الحزب قبل 30 يونيو ثم رحب بحذفها، وأيد ترشح المشير السيسي في الانتخابات وقام بدور كبير في الدعاية الانتخابية له بعد خواء اللجان الانتخابية خلال أيام الانتخابات الرئاسية، بل وأيّد دعوة السيسي لما سمي "ثورة دينية" جديدة على الموروثات.
لكن كل ذلك فيما يبدو لم يقنع تيار 30 يونيو، فلم يجد الحزب بدا من النزول بقائمة خاصة به بالإضافة إلى 60 مقعدا فرديا.
ولكن حزب النور قاتل في سبيل البقاء على المائدة، للحصول على أي قدر من تورتة "برلمان بلا إخوان" التي يستعد الجميع للقضم منها.. لذلك جاءت تعليقات عدد من قياداته تكاد تكون مستجدية كما جاء في تصريح "صلاح عبد المعبود" -عضو الهيئة العليا للحزب ردا على المحاولات الإقصائية المتكررة من جانب الأحزاب المدنية قائلاً: "لا داعى أبدًا لاستعداء التيار الإسلامي؛ لأنه سيكون موجودًا وبقوة خلال الانتخابات البرلمانية، ومحاولات إقصائه لن تكون في مصلحة البلاد"،فضلا عن فتاوى زعيمه الروحي الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، التي تثبت دعائم الانقلاب وتوطد وجوده مثل تبريره عزل مرسي قائلا: "وافقنا على عزل مرسي من أجل مصلحة المشروع الإسلامي"، مكملا: "أبناء القوات المسلحة والشعب المصري لا يحاربون الإسلام، وكانوا معترضين على إدارة الدولة في عهد مرسي وعدائه للمؤسسات، ويخشون من حرب أهلية" وفق تصريحاته.
كان وجود حزب النور مهما في مشهد الانقلاب، عندما ألقى عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقتها إعلانه الذي عزل بموجبه رئيسا ودستورا ومجلسا منتخبا، ليكون ممثلا لما يسمى الإسلام السياسي أمام العالم..
لكن هل بقي لحزب النور دور إلى الآن رغم أنه يبدو كاللابن اللقيط الذي لا يعترف به أي من مؤيدي 30 يونيو ما أعقبه من إجراءات؟، وكذلك العرب استخدموه وبعض المسلمين وهم من يعرفوا بالدجالين والمشعوذين، إذًا الآن المشعوذ أو الدجال محتاج لغطاء ديني لأفعاله".
حكم الاشتغال بعلم "الحرف"
وقال الدكتورعبدالله القناوي أستاذ علم الفقه بجامعة الأزهر في أسوان:" إن علم الحرف هو التواصل مع الجان وأول شروط التواصل هي "الشرك بالله"، لأن الجن لا ينفذ طلب دون مقابل، وتوارثه الناس غير المؤمنين بالله من اليهود والنصارى والكفار، واتبعه "المتصوفة" مع بداية ظهورهم في أولى سنوات الفتن للكشف حجاب الحس وظهور الخوارق على أيديهم".
وأكد القناوي لـ "رصد" أن ذلك النوع من العلوم لا خير فيه، ولا يجوز للمسلم أن يشتغل به أو يضيع وقته فيه، وبخصوص ما تداوله في رواية "الفيل الأزرق" هي كلمات مؤلفة لإبعاد الناس عن النهج السلفي الصالح "أهل السنة والجماعة"، وإغوائهم بأن التصوف هو الإسلام، والله ورسوله بريء منهم".
المصدر
- تقرير:حزب النور.. الابن اللقيط لـ"30 يونيو" موقع:شبكة رصد الإخباري