تهنئة للأستاذين .. حبيب وأبو الفتوح .... بقلم حازم سعيد
تهنئة للأستاذين .. حبيب وأبو الفتوح .... بقلم / حازم سعيد
سألني أحد معارفي من المهتمين بالشأن الإخواني سؤالاً كان نصه " هل نقص قدر الدكتور محمد حبيب والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح عند الإخوان بخروجهم من مكتب الإرشاد ؟ " .
فأجبته بما يسر الله لي من إجابة ورأيت أن أعيدها هنا في هذه المقالة بترتيب ومحاولة تجويد .. فأقول بدايةً :
أن هذا السؤال غير وارد أصلاً بالنسبة لي ولا لداخل الصف الإخواني بأي صورة من الصور ولا على سبيل حديث النفس .. وذلك أن الإخوان دائماً ما رأوا – تأسياً في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم – أن المناصب مغارم وليست مغانم ، وأنها أمانات وأحمال ثقيلة يفرح الواحد منا برفعها عن كاهله ..
وكذلك فإن الدكتور حبيب والدكتور أبوالفتوح من الرموز الذين يعدوا علامات بارزة في سجل الإخوان ، فلا تنقص هاماتهم بمنصب أو مكان هو مغرم وحمل وتكليف .. لا وجاهة وميزة وتشريف ..
ولولا كونهما من الأحياء الذين ورد النهى في السنة النبوية المطهرة بمدحهم لكتبت في هذه المقالة من صفاتهم الشخصية التي تبين غناهما عن تشريف المناصب .. إن كانت ثمة تشريف بها.
أما النهى عن المدح فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبى بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال : أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ويلك ، قطعت عنق أخيك - ثلاثا - من كان منكم مادحا لا محالة فليقل : أحسب فلانا ، والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحدا ، إن كان يعلم" .
وروى أيضاً عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة ، فقال : " أهلكتم ، أو : قطعتم ظهر الرجل ".
وروى في الأدب المفرد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " المدح ذبح " وصححه الألباني .
المناصب مغارم
ولقد تعود الإخوان وتربوا على مفهوم في غاية الأهمية ينبغي أن يكون معلوماً للعامة والخاصة وهو أن " المناصب مغارم وأمانات وأحمال وأثقال " .. فهي تكليف لا تشريف ..
فلا يستشرفها الإخوان ولا يسألوها ولا يطلبوها .. بل يفرون منها – ما وسعتهم إلى ذلك الحيلة - .. وذلك أنها أمانة سوف يسئل الأخ عنها يوم القيامة .. وأي أمانة أكبر وأثقل من التفويض الرسمي لإدارة جماعة بحجم جماعة الإخوان المسلمين بهياكلها ومستوى أفرادها الإيماني والثقافي والمعرفي وقيادة هؤلاء للوصول لأهداف الجماعة وغاياتها ورسم خطة عمل لإحياء أمة وإعادة خلافة إسلامية راشدة على منهاج النبوة ..
وفى الحديث المتفق عليه :" ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " .
والمسئولية تبدأ من نقيب الأسرة مروراً بمسئول الشعبة أو المنطقة أو المكتب الإداري أو المرشد العام نفسه وأعضاء مكتب الإرشاد .. كل واحد من هؤلاء سيوقف أمام الله سبحانه ويسئل عما قدمه لدعوة الإسلام وعن جهده وعن مقدار وفائه بالأمانة التي حملها ..
وفى الحديث الصحيح - بصيغ متفاوتة وأسانيد صحيحة – الذي رواه الدارمى وأبو يعلى والإمام أحمد فى مسنده والبيهقى – واللفظ للدارمى – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه أطلقه الحق أو أوبقه " .
فكيف بمسئول أسرة تتعرف على نطاق مسئوليته من مفهوم وظيفته في الإخوان حيث هو : " أب بالرابطة القلبية، وشيخ بالتربية الروحية وأستاذ بالإفادة العلمية، وقائد بالمعنى العام للدعوة " .
وكيف بمن هم فوقه حيث مسئوليتهم تجمع مسئولية النقيب ومسئوليات إدارة وتخطيط و ... وما بالك بمكتب إرشاد يقود ملايين من الإخوان في شتى أرجاء المعمورة .. يدخل في نطاق مسئوليتهم .. إرشاد وتربية وتوجيه وتهديف ورسم خطط وسياسات ومتابعتها و ....
إنها أمانة كبيرة .. نهنئ من خففت عنه وأزيحت عن كاهله ، ونعزى من وسدها وطوق عنقه بها ، وندعوا الله له دعاء تراحم أن يوفقه ويقوى ظهره ويعينه عليها ويجعلها له لا عليه يوم يعرض على الله العظيم يوم العرض الأكبر ويوم يوقف بين يديه للسؤال ..
وبناءاً عليه نهنئ أخوينا الكريمين وأستاذينا الفاضلين الدكتور محمد حبيب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومعهم أساتذتنا الفضلاء لاشين أبو شنب وصبري عرفة والشيخ الخطيب أن رفع الله عن كاهلهم هذا الثقل ، ونعزى إخواننا الذين اختارهم مجلس الشورى العام للجماعة .. ونسأل الله للجميع التوفيق والثبات وأن يعينهم الله على ما حملوه من أمانة ..
شركاء ناصحون ..
ثم تبقى نقطة مهمة وهى أن دعوة الإخوان المسلمين والعمل لدين الله ليس قصراً ولا حكراً على أحد من المسئولين بها دون الآخرين ..
بل إنها شراكة في المسئولية الأدبية ، والأمر يتعدى الإخوان أنفسهم .. فليست الإخوان ملك لأفرادها .. بل هي هيئة إسلامية جامعة تملكها الأمة الإسلامية قاطبة بما تملك الإخوان من حلم مشروع وأمل عظيم في خلافة راشدة على منهاج النبوة وأستاذية العالم .. بما يتضمنه هذا الأمر من خلاص من التبعية الذليلة للغرب أو الشرق ، ومن عيشة هانئة آمنة مطمئنة تحت راية الإسلام العادل ..
فليس معنى أنى لست مسئولاً – سواء مسئولية عليا أو وسيطة – أنى لن أعمل لدين الله سبحانه ولن أعمل بهذه الجماعة المباركة ، وأن ثوابي سيقل أو ينقص .. بل قد يزيد ثوابي وأنا في الصفوف المغمورة بعد تخلصي من زخم الأضواء وسلبيات الشهرة ..
وتربينا في الإخوان على أن خير الناس هم من إذا حضروا لم يعرفوا..وإذا غابوا لم يفتقدوا..آخذ بعنان فرسه:إن كان في الحراسة كان في الحراسة .. وإن كان في الساقة كان في الساقة..! فهم جنود فكرة ودعوة .. لا جنود منصب وجاه ..
وهذا هو علمي اليقيني ومعرفتي الوكيدة بأولئك الأحباب الذين خرجوا من مكتب الإرشاد .. الفكرة التى أدور حولها فى هذه النقطة أنه سواءاً كان الأخ بموطن مسئولية كلف بها أو كان فرداً عادياً بالصف فإنه شريك فى العمل والثواب ، حيث كلها مهام وأعمال وجندية للفكرة وللدعوة تصل بنا لتحقيق أهدافها الكلية وتصل بأحدنا لأن يحقق هدفه وغايته الكبرى بأن يرضى الله سبحانه عنه ..
وحسبنا في ختام هذه المقالة كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يبكى " حسبهم أن الله يعرفهم " لما سأل عن شهداء إحدى معارك المسلمين فقالوا له مات فلان وفلان وآخرين لا نعرفهم .. فبكى حينها وقال مقولته الآنفة ..
أسأل الله سبحانه أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .. وأن يرضى عنا جميعاً ويستعملنا فى طاعته ولا يستبدلنا .. آمين ..
المصدر : إخوان اون لاين