تنمية الشخصية والقدرات
بقلم:عبد الحميد جاسم البلالي
الوالدان هما المؤثران الرئيسان في تنمية شخصية الأطفال، واكتشاف قدراتهم وإذا لم ينتبها إلى بعض الأمور المهمة في هذه التنمية، فإنهما يعرِّضان أطفالهما للفشل في هذه الحياة، وطمس شخصيتهم، ومن أهم الأمور التي يجب الانتباه لها:
عدم المقاطعة عند الحديث
الطفل بطبيعته يكسب الكثير بل معظم السلوك من المحضن التربوي الأول الذي يحتك به، وهما الوالدان فعندما يلاحظ إصغاء الوالدين له عندما يتحدث يترك ذلك في نفسه الكثير من الأمور:
أولها: زيادة الثقة بالنفس.
ثانيها: القدرة على التعبير عن الذات.
ثالثها: اكتساب خلق السماع للرأي الآخر، وأدب الحديث.
رابعها: القدرة على النقاش مع الآخرين.
خامسها: زيادة الاحترام للوالدين؛ فالإنسان جبل على احترام من يحترمه.
عدم حرمانه من حق اللعب
يؤكد الباحثون والمختصون في تربية الأطفال والمهتمون بصحته النفسية بأن اللعب يعد من أهم الوسائل التي تساعد على تطور الطفل ونموه السليم، وتكوين شخصيته المتميزة، والحرمان من اللعب يؤثر تأثيراً سلبياً على نموه الطبيعي.
فلعب الأطفال يحقق الكثير من النتائج الإيجابية منها:
المهارات الحركية التي تقوّي أجسامهم.
مهارات استكشافية.
إعطاؤهم إشباعاً لغريزة الحركة.
تساعدهم في تخزين مجموعة من المعارف والمصطلحات اللغوية.
اكتشاف العالم الذي يحيط بهم.
وقد أكد عالم النفس الألماني "كارل بيولر" أهمية اللعب في النمو العقلي للطفل، كما أكد العالم الروسي "ماكارينكو" أثر اللعب في تكوين شخصية الطفل.
وقد ورد أن الرسول كان يحث الأطفال على الرمي، وكان لا يمنع عائشة عندما تزوجها وهي صغيرة عن اللعب، تقول عائشة رضي الله عنها كنت ألعب بالبنات عند رسول الله [ في بيته، وكان لي صواحب يلعبن معي، وكان رسول الله إذا دخل يتقمعن منه (يستخفين هَيْبة منه) فيسربهن إلي فيلعبن معي(1).
وكان عمر بن الخطاب يقول علموا أولادكم السباحة والرماية ومروهم فليثبوا على ظهور الخيل وثباً(2).
عدم التهرب من الأسئلة
عندما يسألك طفلك أسئلة محرجة فيما يختص بالخالق، أو القضايا الجنسية فإياك والكذب، وعليك أن تقول (لا أعرف) أو (سأبحثها وأخبرك فيما بعد) لأنك عندما تكذب سيكتشف ذلك عندما ينمو، فيترسخ في عقله الباطن أنك كذاب، وأن الكذب طريقة من طرق التربية، والإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة المحرجة بما يتناسب مع عمره تحقق له توازناً نفسياً، وتزيد من قدرته على التفكير، وفهم الآخرين.
يقول الدكتور عادل فهمي اختصاصي الأطفال في (مركز السلامة الطبي في الرياض) العلماء بينوا أن لتنمية التفكير سبعة مستويات للإجابة عن أسئلة الطفل:
- المستوى الأول رفض السؤال
كأن تكون الإجابة قول الوالدين توقف عن هذه الأسئلة، لا تكن كثير التساؤل، لا تزعجني بأسئلتك. وهنا تصل إلى الطفل رسالة تحمل له أمراَ بالصمت، فالأسئلة مصدر إزعاج، وبتكرار هذه الإجابة يتعلم الطفل عدم توجيه أسئلة أي "يتعلم ألا يتعلم".
- المستوى الثاني إعادة صياغة السؤال "التهرب"
في هذا المستوى لا يقدم المجيب إجابة حقيقية، فعلى سؤال لماذا لا نرى الله، قد يجيب الله ربنا ونحن لا نرى ربنا.
- المستوى الثالث إعطاء إجابة مباشرة أو الاعتراف بالجهل
وهنا تتاح للطفل معرفة شيء جديد، أو قد يتبين أن والديه أو معلمه لا يعرف كل شيء، وكلاهما إجابة معقولة ومقبولة. والوضع الأمثل أن يشترك المربي والطفل في البحث حتى يتوصلا إلى بدائل متعددة للإجابة عن السؤال، وأفضل الإجابات.
- المستوى الرابع تشجيع الطفل على البحث عن الإجابة من مصادر موثوق بها
كأن تكون الإجابة سوف أبحث عن إجابة سؤالك في كتاب التفسير، أو كتاب العقيدة.
- المستوى الخامس اقتراح تفسيرات
كأن يقوم المربي بالإجابة المباشرة عن موضوع السؤال.
- المستوى السادس تفسير أو إجابة السؤال، وتقييم الإجابة
وهنا لا يكتفي المجيب بتشجيع الطفل على التوصل لبدائل متنوعة، ولكن يناقش معه طرق تقييم مصداقية كل بديل. المستوى السابع التوصل لتفسير وتقييم التفسير ومتابعة التقييم.
هنا يسعى لتشجيع الطفل على القيام بالتجربة المتمثلة بالإجابة من الكتب والمصادر، وبذلك يتعلم الطفل التفكير والبحث بنفسه عن الإجابة(3).
الهوامش (1) رواه البخاري في كتاب الأدب. (2) القرطبي 4/36 . (3) موقع مجمل الأمل للصحة النفسية.