بيان من الإخوان المسلمين بخصوص المرحلة الخطيرة التي تمر بها مصر الثورة
إن الثورة المصرية العظيمة هي نعمة جليلة من الله تعالى، وآية يجب على الجميع أن يتوقفوا عند دروسها وعبرها حتى لا تتكرر الأسباب المؤسفة التي أدت لانفجارها.
وهي حصيلة تضحيات جسيمة قدمها الشعب المصري العظيم شهداء من أبنائه ومصابين بالآلاف وجهود ضخمة من أجل استعادة حريته وكرامته وعزته، وأن يكون السيد في وطنه، ومن ثم لن يفرِّط في هذه الثمار الغالية تحت ضغط تهديد، أو باستخدام مكر أو خديعة.
نقول هذا في وجه محاولات دءوبة ومتكررة لم تتوقف، وإن كانت في كل مرة ترتدي زيًّا جديدًا وترفع شعارًا مغايرًا، ابتداء من محاولات وضع الدستور ثم محاولات وضع مشروع الدستور، ثم مشروع الدستور أولاً قبل الانتخابات ثم المواد الحاكمة للدستور، ثم المواد فوق الدستورية، ثم المبادئ الأساسية للدولة المصرية الحديثة، وذلك كله بالمخالفة للإرادة الشعبية التي تجلت في استفتاء مارس 2011م والتي صيغت في الإعلان الدستوري، وللأسف شارك في هذه الالتفافات المستمرة نائب سابق لمجلس الوزراء، ونائب حالي لمجلس الوزراء، إضافة لمجموعة من القانونيين الذين لا يحترمون الشعب.
ويضعون خبرتهم في خدمة من يريد، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى محاولة فرض تشكيل معين للجنة التأسيسية المنوط بها، وضع مشروع الدستور قبل استفتاء الشعب عليه، وذلك بدلاً من انتخاب مجلس الشعب والشورى لها كما نص على ذلك الإعلان الدستوري، وكل هذا يُعد افتئاتًا على الشعب وعدم احترام له، والأدهى من ذلك كله أن هذه المحاولات تجري تحت دعوى رغبة المجلس العسكري في ذلك.
وهناك تسريبات وتلميحات بأن هناك من يحاول تأجيل الانتخابات البرلمانية، وبالتالي وضع الدستور وانتخاب الرئيس المقبل، واستمرار الفترة الانتقالية لإبقاء المجلس العسكري في الحكم.
والإخوان المسلمون يعتبرون ذلك كله مخالفًا لمبادئ ومكاسب الثورة، ومحاولة إنتاج النظام السابق في صورة جديدة، وإهدارًا لدماء الشهداء، وهذا ما نعتقد أن الشعب الذي ذاق طعم الحرية بكلِّ طوائفه لن يسمح به.
إن الشعب هو السيد، وقد قال كلمته واتخذ عن قراره في الاستفتاء وعلى الجميع أن ينصت وأن يمتثل، وهو الذي يمنح نفسه دستوره عن طريق اللجنة التي ينتخبها مجلسا الشعب والشورى اللذان ينتخبهما الشعب بإرادته الحرة، وهو الذي يوافق عليه في استفتاء حرٍّ نزيه، وهو الذي يحميه من الغلو والشطط ويحميه من الانحراف والعدوان.
إن الثورة لا بد أن تمضي إلى غايتها: تطهير البلاد من النظام الفاسد وأذنابه، والوصول إلى حالة الاستقرار بإقامة المؤسسات الدستورية والدستور وتقوية مؤسسات الدولة، ثم الانطلاق إلى مرحلة البناء والنهضة، وكل من يعوق هذه المسيرة لأغراض شخصية أو فئوية أو حزبية أو خارجية فإنما يهدر مصلحة الوطن والشعب، ويعرض البلاد لمخاطر جسيمة.
والإخوان المسلمون يتوجهون بالرسائل التالية: أولاً: إلى المجلس العسكري: إن الشعب ليقدر لكم موقفكم من الثورة والشعب، وينتظر منكم الوفاء بالوعود المتكررة التي سمعها منكم، والالتزام بخريطة الطريق التي حددها الإعلان الدستوري، ويذكركم بموقف (الفريق عبد الرحمن سوار الذهب) الذي وعد وعدًا والتزم به، ولا تزال الدنيا كلها تذكره بالإجلال والإكبار والاحترام.
ثانيًا: إلى السياسيين والقانونيين: إن أول مبادئ الديمقراطية هو احترام إرادة الشعب وتحقيق مطالبه والنزول على اختياره ولو كان ضد المصلحة الخاصة، ونحن نطالبكم كما نلزم أنفسنا بذلك، فذلك مقتضى الإخلاص للوطن وحب الشعب.
ثالثًا: إلى الشعب المصري العظيم: لقد بذلت وضحيت كثيرًا من أجل التخلص من الاستبداد والفساد، ونحن نعلم أنك كنت ولا تزال على استعداد لمزيد من التضحيات من أجل ألا يعود الاستبداد والفساد في أية صورة جديدة، ولذلك ندعوك للتيقظ والانتباه إلى محاولات الالتفاف على إرادتك ومحاولات خداعك والمكر بك، لذلك عليك أن تحدد موقفك حاسمًا وتلفظ تمامًا كل أولئك المخادعين، وأن تتمسك بكامل حقوقك وحرياتك، وأن تتتبَّع كل الفاسدين والمفسدين والمجرمين الذين تعرفهم بالاسم وتقديم البلاغات القانونية ضدهم.
رابعًا: إلى مجلس الوزراء: إنكم في مناصبكم مؤقتون، والأمانة تقتضي أن تؤدوها بمنتهى الشفافية، وأن مشروعية وجودكم إنما هي من الشعب، فعليكم أن تكونوا في خدمته وتحقيق إرادته، وأن تعزلوا من بينكم من يخرج على ذلك، وألا تستجيبوا لضغط من هنا أو من هناك.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)) (التوبة).