الهدية الرشوة
بقلم : الأستاذ أحمد أحمد جاد
وهذه رشوة فى الحقيقة وإن كانت فى صورة هدية .. لأنه يعطى الحاكم أو القاضى أو العامل الموظف ليحمله على ما يريد أو على ما لا يحل فهنا الهدية تأخذ حكم الرشوة إذا كان القصد منها استغلال المرتشى لقضاء حوائج الراشى ومصالحه .. وفى الحديث (( أن النبى (ص) استعمل رجلا على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أهدى لى ، قال فهلا جلس فى بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا ؟ والذى نفس محمد بيده لا يأخذ أحد منكم شيئاً إلا جاء يوم القايمة يحمله على رقبته )) البخارى ومسلم .. فالهديه لو كانت بسبب غير الوظيفة فلا تكره وإن كانت بسببها فتجعل فى بيت المال .. والإسلام حرم الرشوة لما فيها من إعانة للظالم والوصول إلى إحقاق باطل أو إبطال حق ، وأخذ حق الغير وتفويت الحق على صاحبه وفى ذلك إشاعة للفساد .. وفى الحديث (( لعن رسول الله المرتشى فى الحكم )) الترمذى .. وقال تعالى ( أكالون للسحت ) المائدة : 42 وعن ابن مسعود : السحت الرشوة فى الدين .. وعن مسروق : القاضى إذا أكل الهدية فقد أكل السحت ، وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر .. فالراشى و المرتشى سواء فى الإثم واللعنة .. أما الراشى المضطر إلى أخذ حقه ولا يسعى لإبطال أى حق من حقوق الآخرين ولا يقصد الرشوة المحرمة فهذا يجور أن يدفع من ماله إذا اضطر لذلك وطلب منه المرتشى أن يعطيه .. ففى الحديث (( وإن أحدكم ليسألنى المسألة فأعطيها إياه فيخرج بها متأبطها وما هى لهم إلا نار .. قال عمر : يا رسول الله فلم تعطيهم ؟ قال : إنهم يأبون إلا أن يسألونى ويأبى الله لى البخل )) أحمد : 3 / 16 صحيح وما أكثر هدايا هذا الزمان وإن تنوعت أشكالها .