المكسب والخسارة في المحاكمات العسكرية للإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المكسب والخسارة في المحاكمات العسكرية للإخوان


16-07-2007

بقلم: أ.د. محمد مرسي

قد يتصور البعض أن محاكمة الإخوان المسلمين أمام المحاكم العسكرية- وهو أمرٌ غير قانوني ومرفوض شعبيًّا- يصيب الإخوان بالأذى، ويُمثِّل نوعًا من الضغط عليهم ليعيدوا حساباتهم في حركتهم ويراجعوا مواقفهم تجاه قضايا الأمة، وربما يتراجعون عن بعض وسائل منهجهم الإصلاحي القائم على الإسلام، ويُخطئ مَن يتصور ذلك لأن الإخوان المسلمين يمارسون أعمالهم الإصلاحية، ويتحركون في المجتمع لإيجادِ الأمة الواعية التي تحرص على تحكيم شرع الله في كل شئونها، وقد فعلوا ذلك وصبروا على تبعاته وتضحياته واستمروا- بفضل الله- على طول الطريق ثابتين على الحق لم يضرهم مَن خالفهم ولم يفت في عضدهم مَن وقف ضدهم وبغى عليهم وظلمهم فقتل منهم من قتل وحبس منهم من حبس ولسنوات طويلة وصلت إلى العشرين عامًا مع الكثيرين منهم، ومع كل هذه الأفعال ما غيروا وما بدلوا وما لانت لهم قناة؛ لأن ذلك كله عندهم في سبيل الله.

ولذلك فإننا عندما نرى تكرار القرارات المجحفة التي لا تستند إلى شرعٍ أو دستور أو قانون بإحالة الإخوان إلى المحكمة العسكرية نعرف أن القصد والهدف من ذلك ضمان صدور أحكامٍ بحبسهم وسجنهم؛ الأمر الذى يستحيل تحقيقه إذا ما كان مثول الإخوان أمام قاضيهم الطبيعي، ولم يحدث أن حكمت محكمة مدنية قط على أحدٍ من الإخوان بحكم إدانة وتجريم لقول أو لفعل وينسى أو يتناسى مَن يفعل ذلك- ظلمًا وزورًا- أن التجارب السابقة لم تزد الإخوان إلا عزمًا وإصرارًا، وما زادت البيوت إلا خيرًا واستقرارًا وما زادت الصف الإخوان إلا ثباتًا واستمرارًا.. وكأنَّ هذه المحن التي يأثم بفعلها مرتكبوها تعود بالخير الجزيل على الإخوان في دنياهم وبالرحمة والمغفرة- إن شاء الله- في أخراهم.. فهي في الحقيقة مكسبًا وليست خسارةً.

من أجل هذا نقول لإخواننا المحالين إلى المحاكمة العسكرية..

إن الله إذا أحبَّ عبدًا ابتلاه.. وإذا ابتلاه اجتباه.. وإذا اجتباه اصطفاه.. فصبرًا صبرًا.. ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)﴾ (الشرح).. واعلموا أنكم لكل إخوانكم قدوة، ولكل المسلمين نموذجٌ ومثلٌ، ذلك ليعلم الناس أن للحق رجالاً، وأن الخير في أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- لا ينقطع، وثقوا بأن الله معكم ولن يتركم أعمالكم، وأن الفرج قريب.. وأنتم الآن تدافعون عن الحقِّ ودعوة الحق، فادفعوا وأنتم أهل لذلك، وإني والله لعلى يقينٍ بأن ساجنكم وظالمكم ينظر إليكم نظرة إكبار وإعجاب، ولكنه لا يملك من أمرِ نفسه شيئًا، فهو يسير وراء نزواته وشهواته ويأتمر بأمر أعدائه ولا حول ولا قوةَ إلا بالله، ولذلك فأنتم الفائزون وهم الخاسرون.

وللأسر والأبناء نقول:

- أنتم حرث آبائكم وإخوانكم، وفيكم الخير والأمل والناس يغبطونكم وينظرون إليكم نظرة إعجابٍ وتقدير والله من فوق سبع سموات يسمع دعاءكم ونجواكم.. فاثبتوا وأنتم خير خلف للآباء والأزواج، وكم تبدو كلمات الإمام علي- رضي الله عنه- معبرةً بما فيها من حكمةٍ وما تعني من علو منزلة لمَن يُضحي ويثبت ويصبر..

::::فإن تسأليني كيف أنت فإنني

صبورٌ على ريَّب الزمان صليب

يعز عليَّ أن تُرى بي كآبة
فيشمت عاد أو يُساء حبيبُ


وللإخوان جميعًا نقول:

- هذا طريقنا وهذه دعوتنا إلى الإسلام، ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فبخٍ بخٍ وربح البيع إن شاء الله فخلف إخوانكم سيروا.. ولطريقهم تحسسوا، ومن مواقفهم وثباتهم تعلموا وادعوا واهتفوا:

إنا إلى الله ندعو قدر طاقتنا

عذرًا إلى الله ضاع الجهد أو نفع

وهو بحول الله وقوته نافع نافع نافع

وإلى الظالم نقول:

- حنانيك، نحن نشفق عليك من ظلمك، ولا يغرنك حلم الله عليك أن تتمادى في غيك.. إن حلم الله على الظالمين يرفع درجات المظلومين، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.. فهل لك فيما مضى معتبر؟ الأيام دول، ودولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.. ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ (إبراهيم: من الآية42) والله يزن بميزان الذر ولا يضيع عنده شيء.. والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون.

المصدر