المصالحة المتأخرة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المصالحة المتأخرة
علم فلسطين.jpg


بقلم : مصطفى إبراهيم

في إسرائيل لم يفهموا بعد، أو هم غير مستوعبين ما يجري حولهم، أولم تصل إليهم بعد أصداء الثورات العربية خاصة التحولات التي تجري في مصر، وتأثيرها ليس مجمل الدول العربية و العالم بأسره، بل على القضية الفلسطينية وعلى إسرائيل نفسها، وفي إسرائيل حتى الآن لم يخطوا خطوات حقيقية من اجل الفهم والاستيعاب من أن المصالحة الفلسطينية التي تأخرت كثيراً سوف تنجح وتستمر.

صحيح أن المصالحة المتأخرة، هي نتاج التحولات المصرية وعودة مصر إلى الأصول بعد إنزياح نظام مبارك الذي رضي أن يكون دور مصر العظيمة مجرد وكيل امني للولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة العربية، و عراب لتلك السياسات الهزيلة والمتعجرفة تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والذي لم يكن مستوعبا قوميا ووطنيا وأخلاقياً على سبيل المثال حصار قطاع غزة.

وصحيح أن المصالحة هي نتاج ما يجري في سورية من تحركات شعبية ضد النظام منذ ستة أسابيع، وانشغالها في همها الداخلي، وما يجري يهدد نظام البعث الذي لعب كثيرا في الساحة الفلسطينية بشكل يخدم مصالح النظام وأهدافه، وعزز من الانقسام.

المصالحة المتأخرة هي إنجاز للفلسطينيين الذين عانوا ودفعوا ثمن استمرار الانقسام، قبل أن يكون إنجاز لأي طرف عربي مهما كانت مبرراته أو أهدافه.

المهم أن المصالحة ستكون جدية و حقيقية، لان الفلسطينيين لم يعد لديهم متسع من الوقت للتأخير أكثر من ذلك، والوقت يسبقهم، وسيدفعون ثمن اكبر إذا لم يكونوا جديين في تحقيق المصالحة وإنهاء معاناتهم، وان يكون قرارهم مستقل، ولا يستسلموا للأجندات الدولية والإقليمية والحسابات الحزبية الضيقة، والتمسك برؤى سياسية لا تخدم القضية الفلسطينية.

كل ذلك سيكون خطوة أولى على طريق إنهاء الاحتلال وإقامة دولتهم من اجل الحرية و الاستقلال، القرار المستقل الذي عانى الفلسطينيون كثيرا من اجل الحفاظ عليه ولم يستطيعوا التمسك به جراء تحالفاتهم وثقتهم بوعود دولية وإقليمية مزيفة، ورهنوا أنفسهم بأنظمة باعت شعوبها من اجل مصلحة حكامها وأجنداتهم الشخصية، وارتباطهم بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي.

الفلسطينيون هم الخاسرون من الانقسام، وكان ومازال لإسرائيل مصلحة كبيرة في استمراره والذي عملت جاهدة على تعزيزه واستثماره من اجل خدمة مصالحها وتنفيذ سياساتها العدوانية وفرض وقائع جديدة إضافية على الأرض، لذا فالرد الإسرائيلي لم يكن مفاجئاً، إسرائيل عبرت بعنجهية ووقاحة كبيرة وبغضب شديد سواء كان على لسان نتنياهو أو غيره من المسؤولين الإسرائيليين الذين تسابقوا في إطلاق التهديد والوعيد للسلطة والفلسطينيين، ودعوا السلطة الى الاختيار بين السلام مع إسرائيل أو مع حماس.

ومع ذلك الحفاظ على المصالحة والمضي قدما في انجازها ليست سهلة، وهي بحاجة الى إرادة قوية من أجل إزالة جميع العقبات وتوافق الكل الوطني، ليس فقط بين حماس وفتح، المطلوب منهما العمل مع الكل الفلسطيني لبناء استرايجية نضالية جديدة وجدية يتم الاتفاق على الحد الأدنى من خلالها، لمواجهة العقبات الداخلية التي ستجابه الفلسطينيين، قبل العقبات الخارجية المتمثلة بالتهديد والابتزاز الإسرائيلي للفلسطينيين، والضغط الأمريكي وتخاذل وجبن الموقف الأوروبي، بالرغم من بعض التصريحات الايجابية التي صدرت من بعض أطرافه.

فإسرائيل ستقوم بكل ما تستطيع فعله من مؤامرات وشن حملات إعلامية دعائية، وبدأت فيها بالفعل لتشويه صورة الفلسطينيين لإفشال المصالحة، لان من مصلحتها استمرار الانقسام التي استفادة منه كثيرًا.

وعلى حركتي فتح و حماس أن تكونا أكثر حذرا وصدقا وتمتلكا الإرادة الحقيقية والصادقة، وعدم خذلان الناس الذين فقدوا الأمل، وأصبحوا أكثر حذرا في التعبير عن فرحتهم، و غير مصدقين ما تم خلال اليومين الماضيين من مصالحة متأخرة، وعليهما اتخاذ خطوات حقيقية لبدء المصالحة الحقيقية المبنية على الحقيقة والمصالحة والمكاشفة، والعمل على تهيئة الأجواء من خلال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من حماس وفتح،

وتسليم منزل الرئيس الراحل ياسر عرفات لشخصيات وطنية وكذلك منزل الرئيس محمود عباس ، وإعادة المقرات والمؤسسات المغلقة بفعل الانقسام، ووقف حملات التحريض الإعلامية المخجلة بحق قضيتنا والاهم حفظ كرامة المواطنين وصيانتها من خلال احترام حقوق الإنسان الفلسطيني.


المصدر