المسلمون في تركستان الشرقية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المسلمون في تركستان الشرقية وقانون تجريم العنف مع الحيوانات



تركسان-الشرقية.jpg

لم تمض ثلاث عقود على هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى انطلق الآذان في الصين بعد وصول بعثته التبشيرية التي جهّزها الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه بقيادة الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ولقائه بإمبراطورها، وأصبحت مدينة كانتون أول مدينة يقام فيها مسجدا - هكذا يقول التاريخ - ويقول أيضا أن الإسلام لم يدخل الصين بسيف ورمح ونبال وإنما دخلها عن طريق التواصل البشري والتجارة واحتكاك أهل الصين بالسائحين في الأرض وسماعهم عن دين الإسلام وعقائده وتصوراته وأحكامه ومعاملاته فالتف حوله الكثيرون رغم عقبات اللغة وثِقل الثقافة الصينية قبل العهد الماركسي وبعده والذي أعلن الحرب على الأفكار والمعتقدات الدينية مع قلة التواصل وانعدامه أحيانا بينهم وبين إخوانهم خارج أسوار الصين المحكمة .. ومع ذلك فقد بلغ عدد المسلمين ما يزيد عن الثمانين مليونا ضمن البحر البشري.

ويقول التاريخ أيضا أن الانفجار الذي حدث هذا الأسبوع في المقاطعة التي أسماها الحكم الماركسي بعد استلائه على أرضها عام 1949 ميلادية "شينج يانج" وأجبر الرئيس الصيني على قطع رحلته إلى إيطاليا للقاء مؤتمر الثمانية الكبار والعودة إلى بلاده .. هذه المقاطعة إسمها الأصيل تركستان الشرقية وأن سكانها كلهم مسلمون وأن الحكومة الصينية تعمل على تعديل نسبة السكان فيها بتهجير مجموعات من إثنية مختلفة حتى تصبح نسبة السكان الأصليين المسلمين أقل من غيرهم ..وهذا الغير هو الذي يحظى بالرعاية والدعم الحكوميين، إضافة إلى تعمد الحكومة التضييق على المسلمين بمنع الموظفين منهم والعاملين في مرافق الدولة من أداء بعض الشعائر كالصلاة والصيام والتعامل معهم بشكل عام بنفس الأسلوب الأمني القديم الذي يعتبرهم أقل درجة في المواطنة وأكثر استعدادا للتمرد وتلقي الأوامر من الخارج وأشد رغبة في الاستقلال واسترداد هويتهم بعيدا عن التنين الصيني الضخم الذي ألقى بثقله عليهم طوال ستين عاما.

وعودة إلى التاريخ الذي يقول - فيوجع القلوب -أن الحقبة التي جاء فيها عام 1949م قد حفلت بأحداث أحاطت بالمسلمين وحدهم وتداعى الأكلة في زمانها وحتى الآن على قصعتهم .. في هذه الحقبة تم الاستيلاء على فلسطين، وفي هذه الحقبة تم الاستيلاء على كشمير، وفي هذه الحقبة ازدادت محنة المسلمين في الفليبين وأواسط آسيا، وفي مصر والشام وضاعت بلدا مسلما بجملته مع شعبها لتصبح دولة تنزانيا في إفريقيا .. وفي أكثر من مكان في الدنيا شرقا وغربا، وأخطر من الاستيلاء على الأرض هو استلاب الهوية وحرب دين الناس ودفعهم وهم في خضم مشاكلهم وفي انشغالهم بقوافل المهاجرين من نساء وأطفال وشيوخ والبحث عن ملاجئ آمنة وجرعة ماء وقطعة خبز وحبة دواء .. دفعهم باستثارة غرائز البشر في الدفاع عن النفس إلى حمل السيف والرمح والنبال للدفاع عن كيانهم وأعراضهم وما يدينون به لتأتي النتيجة المتوقعة وهي المزيد من الضعف والمزيد من التشريد .. في مقابل المزيد من التمكين للمعتدين بما يملكونه من قوة لا تنافس والمزيد من إضفاء الشرعية الدولية - الزائفة - على سياساتهم التي يواجهون بها كما يقولون دائما فلول الإرهاب والرجعية وأيضا دعاة الظلام وأعداء التقدم والتنوير (!!) لتجري محاكم التفتيش بأيدي بني جلدتنا وبأيدي غيرهم لتضيع ممالك كما ضاعت الأندلس وأقوامنا وأولو الأمر فينا منشغلون بأبهة الملك وصولجاناته ومواكب الحراسات والتشريفات وبريقها، وكيد البعض للبعض غيرة وحسدا طلبا لتجميل الصورة وتلميعها أمام عدسات الإعلام وعدسات من يرجون رضاه والقرب منه ويتوهمون أنه هو الذي يمسك بمقاديرهم .. حتى ولو كان هذا القرب على حساب دماء شعوب أمتهم وكرامتها وحقوقها .. ودينها ..!!

لسنا في مجال النقد أو الإيضاح أو شرح ما يحدث في تركستان الشرقية المسماة شينج يانج، ولكن لابد من وقفة أممية رسمية وشعبية لدراسة أحوال الأقليات الإسلامية في كل بلاد الدنيا وتفعيل المنظمات الأممية ودور القوى الفاعلة في العالم، لا نطلب إشعال نيران الحروب ولا نستجدي عطفا يقتصر على عبوات ماء نقي وخيام وأجهزة إعداد الطعام التي يصطف أمامها المغلوبون على أمرهم من أمتنا ليتم تصويرهم وتوزيعها على الدنيا لزيادة الإذلال .. ولكن نطلب سياسة يتم اعتمادها عالميا بتقرير حقوق هذه الأقليات واحترامها والحفاظ على أرضهم وأعراضهم وعقائدهم وحقهم في تقرير مصيرهم حتى ولو بقوا في إطار الدول التي تحكم قبضتها عليهم الآن.

نعلم أن الأمر ليس سهلا ويحتاج إلى ضوابط وتحرك جماعي سريع فكل شعب مضطهد أيا كان دينه أو هويته من حقه أن يعامله أهله وأمته والعالم كله كما يتعاملون مع باقي القضايا التي تشابهه، وبالنسبة لأمتنا العربية والإسلامية التي اعتبرت فلسطين هي قضية القضايا، فنظرة الجميع لها مختلفة باليقين عن قضية كشمير أو مسلمي الفليبين وأيضا مسلمي تركستان الشرقية، والسؤال الذي يطرحه أصحابه ويطلبون الإجابة عليه من كل الدنيا هو: لماذا التفرقة؟ .. والبعض يصل به السؤال إلى القول إذا كان للشعب الفلسطيني حق المقاومة وتضافرت معه الأمة والبشرية كلها مما جعل الأضواء مستمرة على هذه القضية، فقضايانا أيضا مطلوب التعامل معها بنفس المستوى وبنفس حجم الدعم الذي تقدمه الأمة لقضيةفلسطين، ثم ما هي شرعية المقاومة وشرعية الاستسلام إذا طلب من أصحاب القضايا الأخرى ذلك؟ وإلى أي مستوى يظلون ممسكون بحقوقهم؟.

يقول التاريخ أيضا أن في هذا الأسبوع الذي قتل فيه المئات وجرح أضعافهم وتم اعتقال أضعاف أضعافهم أعلنت السلطات الصينية عن إصدار قانون يُجرم العنف مع الحيوانات .. مفارقة نضعها أمام الأمة .. فوا أمتاه..!!


المصدر: رسالة الإخوان 10 - 7 - 2009 / 17 رجب 1430 هـ العدد 601