المسلمون السنّة هم ضمانة وحدة لبنان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المسلمون السنّة هم ضمانة وحدة لبنان


بقلم : فادي شامية

ثمة الكثير من اللغط حول مواقف "الجماعة الإسلامية" في لبنان، بالأصل ليس سهلاً أن يحافظ أي فصيل شعبي على موقف محايد في ظل هذا التجاذب الرهيب الذي يضغط على الواقع اللبناني، فكيف إذا كان ثمة من يريد اجتذاب "الجماعة" إلى صفه بالترهيب حيناً وبالترغيب أحياناً، و"بالتسريب" للأنباء من وقت لآخر.

قيل الكثير غداة انتخاب الدكتور علي الشيخ عمار مسؤولاً للدائرة السياسية للجماعة الإسلامية، بديلاً عن النائب السابق أسعد هرموش، بعض "أصحاب النيات السيئة" ربطوا الأمر بصراع داخلي بين فريقي 8 آذار و14 آذار، ثمة تحليلات صحفية تحدثت عن ذلك مستفيدة من موقف "الجماعة" المبدئي المؤيد للمقاومة، ومن بعض "الأصوات الإسلامية" التي انتقدت المسؤول السياسي السابق أسعد هرموش على مشاركته في تشييع الوزير بيار الجميل وإلقائه كلمة بالمناسبة، لكن الدكتور علي عمار، يؤكد أن لا صحة لشيء من هذا، وأن الأمر لا يعدو كونه "تداولاً على المواقع التنظيمية ضمن استحقاقات تنظيمية تجري وفق النظام الداخلي"، مع تأكيد على الاستمرار خيارات نفسها، "لأن المؤسسات الشورية في الجماعة هي من يصنع القرار وليس الأفراد".

يعترف الدكتور علي عمار بصعوبة الحيادية في هذه المرحلة، لكنه يؤكد بأن "الجماعة" لا يمكن إلا أن تكون كذلك لأنها "حركة إسلامية لها رؤيتها الخاصة المرتبطة بالوضع اللبناني الداخلي وعلاقة لبنان بالخارج"، وعما تدعو إليه "الجماعة" في هذه المرحلة، يقول عمار: "نحن ندعو إلى أن تكون المؤسسات الدستورية هي المكان الذي يتم فيه الحوار حول القضايا الوطنية وصولاً إلى تفاهم يخرج البلد من أزمته السياسية التي هي في الحقيقة، سبب جميع المشكلات التي يعاني منها اللبنانيون، فالجماعة ليست مع التراشق عن بعد، وهي لا تقبل أن يستخدم لبنان كورقة في ميادين الدول المتصارعة، أو أن يكون خارج دائرة الصراع مع العدو الصهيوني، أو أن يبقى في حالة فوضى واضطراب دائمين كما يهوى البعض، نحن لسنا مع الفرقة، لسنا مع تعطيل المؤسسات، لسنا مع التغطية على الجرائم المتنقلة التي حصدت إلى الآن العشرات من رجالات لبنان، كما أننا ضد إثارة الغرائز ونشر الشائعات وإشاعة العداوة بين أبناء البلد الواحد"، وعن تأثير الواقع الشعبي الخاص بالسنّة في لبنان على مواقف الجماعة، يبادر إلى القول: "ما يهم الجماعة هو استقرار المجتمع اللبناني بكامله وهي تستثمر القدرات التي يختزنها المسلمون في هذا البلد وتضعها في خدمة المجتمع دونما تفريق بين طائفة وأخرى أو بين لبناني وآخر، والمسلمون السنة هم ضمانة وحدة لبنان وأحد عوامل إستقراره وحمايته من أي اختراق يسيء إلى طابعه الخاص أو إلى حلم غالبية أبنائه الذين يريدونه بلداً تسوده العدالة والحرية والمساواة".

بالانتقال إلى المبادرة التي طرحتها الجماعة يوضح عمار: " لقد دعونا إلى حوار مسؤول تشارك فيه جميع التيارات السياسية من دون استثناء بهدف تحقيق الأمور الآتية:

- الانسحاب من الشارع وإزالة فتائل التفجير والمحافظة على وحدة اللبنانيين وتفعيل المؤسسات الدستورية.
- إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي في المجلس النيابي بعد الإتفاق على صيغتها النهائية في لجنة الإدارة والعدل النيابية.
- توسعة الحكومة الحالية وفق المبادرة العربية (19+1+10).
- انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بثقة الجميع.
- صياغة قانون جديد للانتخابات النيابية.
- وضع خطة دفاعية شاملة يشارك فيها جميع اللبنانيين، وتكون قادرة على حماية لبنان من أي عدوان صهيوني محتمل.

هذه هي عناوين المبادرة التي تقدمت بها الجماعة وهي تصلح لأن تكون الساحة المشتركة التي يلتقي عندها الجميع: قوى 14 آذار و 8 آذار والتيار الإسلامي واليسار اللبناني المستقل". ويضيف قائلاً: "لقد طرحت الجماعة، على لسان أمينها العام، أفكاراً حول ما يمكن أن يعتمد من خطط بهدف حماية لبنان من الأخطار التي يمثلها العدو الصهيوني، والمحافظة على دور المقاومة التي أثبتت جداراتها في مواجهة الاحتلال"، لكنه يستدرك قائلاً: "يجب أن يشارك جميع اللبنانيين، إضافة إلى الجيش في مهمة الدفاع عن لبنان، وهذا هو منتهى الحرص على استقلال لبنان ودوره الريادي في الميادين كافة، وعلى المقاومة، التي ينبغي أن تصبح حالة وطنية عامة يتشرف اللبنانيون بالإنتماء إليها وحمايتها من أية هواجس أو تساؤلات لدى هذا الفريق أو ذاك، أعتقد أن التوافق على خطة دفاعية شاملة، يرضى جميع الأطراف، بخاصة أن هذه المسألة قد أثيرت على طاولة الحوار، قبل حرب تموز وبعده. ونحن من جهتنا، نبذل جهوداً في هذا المجال من أجل تبني هذه الوجهة التي هي في النهاية، ما يريده اللبنانيون وما يطمحون إلى إنجازه".

لا يخفي الدكتور عمار قلقه من الوضع الحالي، ولدى الحديث عن أحداث الثلاثاء والخميس الأسودين، والاعتصام القائم وسط بيروت، والتهديد بالعصيان المدني يرد عمار: " أكثر ما تخشاه الجماعة هو أن يتحول الشارع ساحة صراع دموي كما حصل يومي الثلاثاء والخميس بتاريخ 23 و 25 كانون الثاني الماضي. هناك من يسعى إلى تخريب السلم الأهلي، هذه رغبة من لا يتحمل معافاة لبنان وخروجه من مأزقه. هناك مخاوف حقيقية عند جميع الأطراف والكل مطالب بمساعٍ للتهدئة، فالحريصون على السلم الأهلي لا يجدر بهم أن يستثيروا الشباب ويدفعوهم إلى ارتكاب الأخطاء القاتلة ويزجوا بهم في متاهات تتسبب بالكثير من الآلام. نحن لسنا مع استمرار الاعتصام أمام القصر الحكومي لأنه بلا جدوى، ولا يمثل بديلاً صالحاً عن الحوار حول الوسائل المؤدية إلى المصلحة الوطنية، إضافة إلى السلبيات الكثيرة التي خلّفها على الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية.

إن الغاية المعلنة من اعتصام المعارضة هي اسقاط الحكومة، والحكومة لن تسقط، لأنها تستند إلى أكثرية نيابية تعطيها المناعة الكافية والمقدرة على الصمود في وجه مثل هذه المحاولات، فضلاً عن أن استقالة هذه الحكومة مغامرة غير محسوبة قد تتسبب بمشكلات دستورية، لبنان بغنى عنها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه. الجماعة دعت إلى الخروج من الشارع والاحتكام إلى الدستور وإعادة الحياة إلى المجلس النيابي والرئاسة الأولى، وهي تعتبر أن التلويح من قبل المعارضة بالدعوة إلى العصيان المدني من شأنه أن يدفع قوى 14 آذار إلى التشدد والتشبث بخياراتها المرتبطة بالمحكمة ذات الطابع الدولي والحكومة، ونحن من جهتنا سنعمل جهدنا من أجل أن لا يحصل ما يسيء إلى مشاعر الناس في أيٍ من المناطق اللبنانية، وإننا على تواصل مع جميع الأطراف ونعتقد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح".

المصدر