الحج مخيم رباني... حقائق وأبعاد وأهداف
بقلم : مأمون الهضيبي
يقول أحد المبشرين 'سيظل الإسلام صخرةً عاتيةً، تتحطم عليها سفن التبشير، مادام للمسلمين هذه الأركان، لقاء الجمعة الأسبوعي ومؤتمر الحج السنوي، ومكة والقرآن'
وليطمئن: فإن هذه الأركان باقية خالدة ما بقى الليل والنهار إن شاء الله تعالى.
إذا نظرنا على خريطة العالم، والصراعات الدولية اليوم نجد أن هناك مفتاحًا واحدًا يفسر هذا الواقع، وهو العداء للإسلام وأمته، ومحاولة القضاء عليه، وعلى قيمه الحضارية، ووجوده السياسي والثقافي في العالم.. في فلسطين مجازر وانتهاك لأبسط حقوق الإنسان، وتآمر دولي، واضطهاد للأقليات المسلمة في أكثر من مكان، حدث هذا في البوسنة والهرسك، ويحدث في كشمير والفلبين، وهناك حصار على العراق، وتجويع للسودان، ومحاولات تفكيك لباكستان، والقضاء على أفغانستان، كل الدلائل تقول أن هناك حربًا عالميةً ضد الإسلام.
أما واقع المسلمين للأسف اليوم، فإنهم يواجهون هذا العدوان، وقد تفككت أوصالهم، وتمزقت روابطهم، لا يلتقون على كلمة واحدة، لكلٍ وجهة، ولكلٍ هدف، ولكلٍ ثقافة، ولكلٍ فكر، لا أحد يشعر بآلام الآخرين، ولا أحد يعمل لإنقاذهم من الهوان والذل والضياع.
إن المسلمين اليوم أحوج ما يكونون إلى العودة المبصرة، إلى مصدر قوتهم ومنبع عزتهم وسيادتهم، وها هي رحلة الحج إلى بيت الله الحرام، إنها فرصة ذهبية لاستلهام المعاني الجامعة التي أمر بها الإسلام، المعاني القوية التي توحد كلمتهم، وتحدد وجهتهم، في دنيا السياسة وغيرها عملاً بقول الله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (الحجرات: من الآية10) نعيش كما كنا على مدار التاريخ وحدةً في المشاعر، وفي السلوك وفي الفكر، والسياسة، كما هو الشأن في المناسك والعبادات.
إن قضية توهين رابطة العقيدة، بين المسلمين وحصرها في نطاق ضيق، بدعوى باطلة مفادها أن الدين مجاله الشعائر والعبادات، وأن مواجهة الحياة لها مطالبها ونظامها، هذه الدعوى الباطلة هي التي فرقت كلمة المسلمين، وبعثرت صفوفهم، وجعلت مشاعر البعض منهم تتبلد، بل تتجمد، فلا تعيش هموم الآخرين من إخواننا في العقيدة والدين والمصير.
إن رحلة الحج جهاد، وتعويد للمسلم على مفارقة الأهل والوطن والمال في سبيل الله، وإن القعود عن هذه الفريضة هو طريق الذل والضياع، فما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا، والحج موسم جامع عظيم، يجب على المسلمين أن يتدارسوا فيه أوضاعهم التي لم تعد تخفي على أحد، ودائمًا تولد الأمم وتبعث من جديد، على وقع الأحداث الخطيرة، والمواقف الفاصلة في حياتها، وما أكثرها في هذه الأيام.
إن المطلوب اليوم من حكام المسلمين، بل ومن جميع المسلمين موقف واضح محدد، وإلا ضاعت الأمة كلها، لأن المستهدف هذه المرة هو كيانهم ذاته، ووجودهم ذاته ( وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً )(التوبة: من الآية36)
إن قوى الشر والضلال تعمل في الظلام ليل نهار، والمعركة مستمرة بين الحق والباطل – بلا هوادة – وبين الهدى والضلال، والصراع قائم بين قوى الإيمان وقوى الطغيان منذ أن خلق الله الإنسان، إن الشر جامح لا حدود لشره، والباطل مسلح مخرب مدمر، وهو يبطش غير متحرج، وما يفعله اليهود بإخواننا اليوم في الأرض المقدسة منا ببعيد، فلابد للمسلمين من قوة مادية تدفع عنهم وتحميهم من الفتن والأعاصير، وحيازة الأمة لهذه القوة فريضة لا يجوز التهاون، أو التقصير فيها، والأمة آثمة إن قصرت في هذا الواجب، قال الله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )(لأنفال: من الآية60)
وتبدأ رحلة الحج بالنية والإحرام، والتجرد لله وحده، وهي صفات بها تتحرر نفس المؤمن من التبعية والأطماع، والحرص، وتستسلم لله، ثم حركة الطواف والسعي والتلبية، وبها يتعود المسلم البعد عن طبيعة الخمول والدعة والكسل، والقعود، ثم حركة العطاء والكفاح، فلا يقصر في ركن أو واجب أو سنة من السنن، ولا يستسلم ولا يقبل المهانة والذل في حياته، ثم حركة التضحية، وبها يمتحن الله إيمانه، ويؤتيه عز الدنيا والآخرة، وما أحوج المسلمين اليوم إلى من يعملون ويجاهدون، وتصدق نياتهم، وتخلص ضمائرهم، في كل ميدان، ويكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع ( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ )(المائدة: من الآية54)
من وحى الحرم
هذه الجموع المحتشدة حول الكعبة المشرفة، ما بين قائم وراكع وساجد، وما بين تال للقرآن، ومسبح ومستغفر، وما بين متعلق بأستار الكعبة يناجى ربه، ويبثه همومه وأحزانه، ويرفع إليه شكواه، ويسأله حسنة الدنيا والآخرة، هذه الجموع الهائلة التي توحدت مشاعرها، قد أقبلت على ربها، في موقف واحد تعلن فيه ولائها لخالقها سبحانه وتعالى، هذه الجموع تقوم على عقيدة واحدة، وفي مكان واحد هو بيت الله الحرام، وهذا يؤدى بنا إلى أن للحج أبعادًا وحقائق يجب ألا تضيع أو تغيب عن الأذهان:
أولا: بعد العقيدة.. التوحيد، فهذه الفريضة تجسد عقيدة التوحيد، وتجعل المسلم المشارك في الحج، مرتبطًا بها، ومشدودًا إليها، مجددًا لها في قلبه ووعيه ونفسه، وهؤلاء الذين سبقت لهم الحسنى جعلوا همتهم كلها لله، وحرروا قصدهم من كل شائبة رياء، أو غرض مادي، كان على ابن الحسين رضي الله عنه إذا همّ بالتلبية اعتراه حال من الخوف والانقباض والاصفرار، فلما سئل عن السبب قال: 'إني أخشى أن أقول 'لبيك اللهم لبيك' فيرد على هاتف السماء، لا لبيك ولا سعديك، وكل قصدك مردود عليك'
إن تجريد القلب والنية من كل خاطر دخيل أمر حتم لإقامة الحج والعمرة لله، ولزيارة بيت الله على أصدق أسس التوحيد والعبودية لله وحده.
ثانيا: وللحج بعد ثان، وهو مصاحبة رسل الله الأبرار مصاحبة وجدانية، ففي مسيرة الحج لا يستطيع المسلم أن يخلع نفسه من أن هذه الأماكن المباركة قد شهدت إبراهيم الخليل عليه السلام وهو يودع عند البيت فلذة كبده إسماعيل وأمه، ثم يودعها ويمضى، وتسرع هاجر تناديه إلى من تتركنا في هذا المكان وليس فيها ماء ولا أحد، فلا يرد عليها، فتقول آلله أمرك بهذا فيقول نعم، فتقول في ثقة المؤمنة إذن لا يضيعنا الله ؟
وشهدت هاجر وهي تطلب الماء لرضيعها ولنفسها، وتهرول بين الصفا والمروة وقد أجهدها العطش، والإشفاق على الرضيع، وفي الشوط السابع تجد النبع يتدفق بين يدي الرضيع، وإذا هي زمزم نبع الرحمة إلى يوم القيامة.
وشهدت إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وهما يرفعان القواعد من البيت وفي ضراعة وخشوع يتجهان إلى الله، (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:127)
كما شهدت سيد الخلق ومعه حملة المنهج الإلهي، يصرعون الباطل بقوة الحق، ويبددون جهالة الشرك بنور الإسلام، ويهدون الضالين بهدى القرآن، وها هم يعودون بعد خروجهم من مكة، فتفتح لهم أبوابها، وتتهاوى أصنامها، ثم تعنوا لهم الجزيرة كلها، ثم تفتح الدنيا لهذا الدين، لقد أعزهم الله فدانت لهم قريش وسلطانها، ثم الجزيرة بكاملها، ثم ورثوا كسرى وقيصر، كما يقف الحاج في عرفة، وهناك وقف سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، يعلن حقوق الإنسان، ويقرر مبادئ السلام، وينشر الأخوة والعدالة والمساواة بين الناس، قبل أن تعرفها الدنيا بألف عام، ففي عرفات تتجلى عظمة الإسلام، دين الحرية والمساواة والعلم والحضارة، وهذا المكان من أفضل البقاع، وأشرف المواقف، جاء في الحديث 'إذا كان يوم عرفة، فإن الله يباهي بهم الملائكة، فيقول 'انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا ضاحين – بارزين للشمس – من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم، فتقول الملائكة إن فيهم مرهقًا – أي يغشى المحارم – وفلانًا، قال يقول الله عز وجل 'فقد غفرت لهم' رواه البيهقي.
ثالثا الأمة الواحدة: وهذا هو البعد الثالث: إنه شعور كل حاج بحضور الأمة الواحدة، وأحيانًا يغيب الانتساب لهذه الأمة، لكن في الحج تشاهد وحدة هذه الأمة، ويبهرك اجتماعها في تلك البقعة الطاهرة، وتشعر أنك جزء من أمة كبيرة، وتعود ابنًا للأمة الإسلامية، وهي محتشدة أمامك مجتمعة كالبنيان المرصوص تدعو جميعًا 'لبيك' دعوةً واحدةً، وتلبس لباسًا واحدًا، تتجه إلى المناسك، فتطوف حول الكعبة، وتسعى بين الصفا والمروة، وتذهب إلى منى، ومن ثمّ عرفة، ثم ترمى الجمار، وهكذا فإن فريضة الحج تجسد في جوهرها مناسكه، أمة كاملة.
رابعا: وللحج البعد السياسي: فالحج يظهر للعالم تماسك هذه الأمة وتوحدها، فهي أمة واحدة، يجب أن تكون لها كلمة بين الأمم، ويعمل لها ألف حساب، أمة تأمر فيستمع إليها، أمة قادرة على تحمل المشاق والمتاعب وهي في الحج تظهر قدرتها الدفاعية عن الإسلام، فهذا الحشد يجمع بين الوحدة والقوة، بين السكينة والتحدي، بين الدعاء والخضوع، بين الدقة والانضباط والاعتزاز بالانتماء.
خامسا: وللحج جوانب كثيرة، بعد السلام والأمان، فالكعبة منطقة الأمان والأمن، في الزمان والمكان، إنها منطقة السماحة والمران النفسي، لتصفو الروح وترتقي وتتصل بالملأ الأعلى، فطول فترة الإحرام لا يتعرض الحاج لصيد، ولا يقلم ظفرًا، ولا يزيل شعرًا، ولا يقطع شجرًا، ألا ما أحوج البشرية اليوم وغدًا، البشرية المتصارعة المتقاتلة إلى جرعة إسلامية روحية من منطقة الأمان ترد إليها وعيها وكرامتها وحقيقتها، وتصون الدماء المهدرة، والحج رحلة أخلاقية، قال تعالى ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: من الآية197) وفي الحديث 'من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه'.
سادسا: الأضحية والتضحية: في يوم العيد يمارس الحاج شعائر الحج من رمي وحلق أو تقصير، ومن بينها ذبح الأضحية، إحياء لسنة أبيهم إبراهيم الخليل عليه السلام، كونوا على ميراث من إرث أبيكم إبراهيم، والحق أن إبراهيم تعرض لهذه المحنة، فيؤمر في المنام بذبح ابنه إسماعيل، وهمّ أن ينفذ وأن يضحى بولده؛ اتباعًا لأمر الله، لم يتردد ولم يخالجه إلا شعور الطاعة، لقد قدم إبراهيم ولده مطمئنًا راضيًا، وقدم إسماعيل نفسه لأبيه، بل لربه طائعًا مستسلمًا، وتأمل قوله تعالى ( قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(الصافات: من الآية102) (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات:107)
إن الأمة المسلمة كلها اليوم في أشد الحاجة إلى التضحية في جميع مجالات الحياة، فهم يضحون يوم العيد، وهذه شعيرة يؤجرون عليها، وفرض عليهم أن يضحوا من أجل الأقصى الأسير، الذي يناديهم بل يستصرخهم، ولا مجيب، أين الذين قالوا لبيك اللهم لبيك، من هذه الدماء الطاهرة التي تسيل والأرواح البريئة التي تزهق، والأعراض التي تنتهك، وكيف يحيا العيد في وجداننا ؟
وكيف نعيش بهجته وفرحته، في ظل الحراب والرصاص، والصواريخ التي تأتى على كل شيء ؟ كيف نستسلم لمكرهم وكيدهم وإذلالهم للأمة الإسلامية، إن كل مسلم قادر على الجهاد والتضحية بما يستطيع، من أجل تنفيذ دين الله وأوامره، والنزول على شرعه، والاحتكام إلى قرآنه، إن الأمة في حاجة إلى من يوقظها من هذا النوم الطويل، لتتحرك وتعمل شيئًا قبل فوات الأوان، إنها الأمة الوسط إنها الميزان، إنها الشاهدة على الناس، كما قال الحق سبحانه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ )(البقرة: من الآية143)
إن التضحية في هذا العصر أصبحت فرضًا وواجبًا وجوبًا عينيًا لا يغنى أحد عن أحد، فهي على كل قادر، أين تضحية حكام العرب والمسلمين ؟ ماذا فعلوا بالأمانات التي تحملوها ؟ أين هي حراسة الأمة، وصيانة عقيدتها، وجمعها على الحق، ومطاردة الفساد والمفسدين، والإلحاد والملحدين؟
أين العلماء ؟ وأين دورهم ؟ في تبصير الأمة بالمستقبل الخطر الذي ينتظرها لو استمرت على هذا المنوال ؟ أين أرباب المال ؟ وأين دورهم في الإنفاق على كل محتاج ؟ خاصةً الذين وقعوا في أيدي الصهيونية حتى أصبحت شربة الماء ولقمة العيش من المستحيلات ؟
هؤلاء وغيرهم لماذا لا يضحون بعلمهم، ووقتهم ومالهم، كل يبذل جهده، ويعطى ما استطاع ويدخر ذلك عند الله.
إن العطاء الدائم والتجرد لله وحده، كان العلامة المميزة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد حققوا بالتجرد والتضحية ما غير وجه هذه الدنيا، فصارت بصدق بذلهم وجهادهم كلمة الله هي العليا، وجاءتهم الدنيا وهي راغمة، وهابتهم الأمم، وعملت لهم ألف حساب، قبل أن تفكر في الكيد لهم أو المكر بهم.
إن أصحاب النفوذ والسلطان هم الأقدر على التضحية، إنهم بجرة قلم يستطيعون أن يفعلوا الكثير، وأن ينقذوا الأمة، وأن العبء الأكبر عليهم في مسئولية النهوض بالأمة، والجميع شريك أمام الله في القيام بالواجب 'كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته'
إن ذهاب هذه الملايين للحج في كل عام، لو أحسنا تربيتهم وإعدادهم الإعداد الصحيح، لأدركوا الواقع الذي تمر به الأمة ولعلموا حقيقة الموقف في هذا المخيم الرباني، ولوجدوا من يقودهم في الطريق الصحيح، لوجدوا حقيقتهم، وعرفوا أصلهم العريق، ورسالتهم في الحياة، ولوجدوا محورهم الذي يربطهم جميعا به، فهذه القبلة التي يتوجهون إليها، ويلتقون حولها، وهذه الراية التي يفيئون إليها، راية العقيدة الواحدة، مصدر قوة التجمع والتوحد والترابط الذي يضم الملايين، الملايين التي لا يغلبها أحد، ولا يقف أمامها أي طغيان، لو حملت رايتها وعرفت دورها في الحياة، يجب أن يكون مؤتمر الحج للتناصح والتشاور، وتنسيق الخطط وتوحيد القوى، وتنظيم ذلك العالم العربي والإسلامي الواحد المتكامل مرةً كل عام، في ظل بيت الله، وفي رحابه المقدسة، وفي ظل الذكريات الغالية، وفي أطهر مكان وأنسب مكان.
وأخيرًا هذه نصيحة خالصة، لحكام العرب والمسلمين... إلى متى نستهلك طاقات الأمة في الأحقاد، وافتعال المعارك الداخلية؟ لماذا لا تتصالح سائر الأنظمة مع الرجال الأبرار في الأمة، بدل الأعمال التي لا يوجد مبرر واحد لها؟ لماذا لا نأخذ برأيهم ونستفيد من طاقاتهم في شد أزر هذه الأمة في أوقات الشدائد، يجب أن تضعوا أيديكم في أيدي أصحاب الهمم العالية، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه 'لا تصغرن هممكم، فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم'
والرجال المؤمنون بالله، هم أكبر الناس همةً، وأحرصهم على أوطانهم، افتحوا الطريق وأفسحوا المجال لأهله، قبل أن تندموا، ويكون البلاء الذي يعم الجميع (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً )(لأنفال: من الآية25) فهل يعقل في أي وضع من الأوضاع مهما كان، أن تسيطر مجموعة من اليهود، حثالات البشر الذين هم أحرص الناس على حياة، على ما يزيد عن ألف مليون مسلم، عندهم الطاقات والإمكانات المادية والبشرية، ما هو معلوم للجميع، ورضي الله عن خالد بن الوليد، حين حضرته الوفاة يقول 'لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، وها أنا أموت على فراشى كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء.
المصدر
- مقال:الحج مخيم رباني... حقائق وأبعاد وأهدافموقع:الشبكة الدعوية