الحادى عشر من سبتمبر و نظرية الصدمة ( 1- 2 )

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحادى عشر من سبتمبر و نظرية الصدمة ( 1- 2 )


بقلم: د/ ممدوح المنير

أحداث الحادى عشر من سبتمبر


لم تكن تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر بالأمر الهين فى التاريخ الأمريكى أو حتى تاريخ العالم ، فقد كانت هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها ضرب أمريكا فى عقر دارها و بشكل لم يسبق له مثيل ، فلم يكن سهلا على الدولة العظمى أن ينكسر كبريائها ، و تفقد هيبتها التى تفرضها بالحديد و النار على باقى دول العالم .


فى هذا المقال نحاول الإجابة عن سؤالين حيويين ، بعد مرور ثمانى سنوات على الحادثة ، كيف تعاملت واشنطن مع الحادث ؟ و هل نجحت فى التعامل مع الحادثة ؟ .


يخطأ من يظن أن الولايات المتحدة تعاملت مع الموقف بسياسة رد الفعل العفوى ، فالدول المتقدمة تحركها مؤسسات لا أفراد كما هو غالب فى عالمنا العربى الذى يخضع لأنظمة شموليه يحكمها الفرد لا المؤسسة .


حين أفاقت الولايات المتحدة من الصدمة أو هكذا أريد لنا أن نفهم ، تعاملت الولايات المتحدة مع الحادثة بمفهوم نظرية ( الصدمة ) و تقوم هذه النظرية على فكرة ( أن الأزمات تجعل ما هو مستحيل حدوثه سياسياً ، أمراً لا مفرّ منه أو قابل للتحقيق فى ظل أزمة عاصفة ) و صاحب هذه النظرية هو البروفسور ميلتون فريدمان أو Uncle Miltie، فرضت الولايات المتحدة سياسات الصدمة عقب الحادثة ، فتحت تأثير الصدمة يمكنك فعل كل شىء .


لم يكن بطبيعة الحال الهدف استعادة الهيبة و الإنتقام و إن حرصت الإدارة الأمريكية على أن يبدو الأمر كذلك ، إنما كان الهدف الإستراتيجى هو فرض واقع جديد على الساحة الدولية ، و التحكم فى عدد من الملفات لم تكن الإدارة الأمريكية تسيطر عليها بشكل كافى / كيف ؟


أولا : لم تكن حرب واشنطن على أفغانستان حرب على تنظيم القاعدة بقدر ما كانت حرب على نفط بحر قزوين ، فكما يقول الكاتب الأمريكى بولكروغمان فى كتابه ( الحرب الأمريكية على أفغانستان والعالم الإسلامي ) وهو أحد الكتاب الاميركيين المشهورين ( أن الحرب المقبلة هي حرب على المواردالطبيعية التي تفوق في أهميتها أي ربح آخر لأن النفط هو أولوية وطنية لدى الإدارة الأمريكية ) كان لا بد إذا من السيطرة على نفط بحر قزوين الذى ظلت الإدارة الأمريكية محرومة منه لفترات طويلة و خاصة و أن وزارةالطاقة الأميركية تتحدث عن أن الإحتياطات النفطية المحتملة القابلة للاستخراج من بحر قزوين تصل إلى 200 مليار برميل وهو رقم يقترب كثيرا مما لدى المملكة العربية السعودية من احتياطيات نفطية مثبتة والبالغة 269 مليار برميل لذا كانت ( صدمة ) الحادى عشر من سبتمبر الظرف المثالى لتنفيذ سياسات الصدمة تحت ستارالحرب على القاعدة .


ثانيا : خاضت الولايات المتحدة حربين فى أفغانستان و العراق ، فى أفغانستان للسيطرة على نفط بحر قزوين و فى العراق للسيطرة على نفط الخليج كلية ، حيث كانت حادثة الحادى عشر من سبتمبر الظرف المثالى لتنفيذ خطة رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكى الأسبق التى أعدها بعد تسلمه العمل فى الوزارة و هى إعداد خطة لإحتلال العراق لكنه لم يكن يجدد المبرر الذى يقنع به العالم لتنفيذ خطته .


ثالثا : وفرت الحادى عشر من سبتمبر فرصة مثالية للقضاء على عدوين لدودين لإسرائيل - العراق و إيران - التى تعد جزءا لا يتجزء من الأمن القومى الأمريكى بل حتى الأوربى ، استطاعت الإدارة الأمريكية بالفعل احتلال العراق و القضاء على صدام حسين و استطاعت كذلك جعل إيران داخل مرمى النيران الأمريكية مباشرة بعد أن أحكمت حصارها سياسيا و اقتصاديا و عسكريا ( القوات الأمريكية فى أفغانستان من جهة و فى العراق من جهة أخرى ) .


رابعا : استغلت الولايات المتحدة الحادثة فى محاولة تقليم أظافر الحركات الإسلامية بكافة أطيافها و التى تمثل مصدر خطر محتمل بالنسبة لها و قامت بالتضييق على كافة المؤسسات الإسلامية العاملة فى المجال الإغاثى و تقديم بعض منتسبيها للمحاكمة بتهمة تمويل الإرهاب .


خامسا : عملت الولايات المتحدة تحت تأثير الصدمة على ترويض بعض الأنظمة العربية ( المشاغبة ) و كان أبرز مثال لذلك ، النظام الليبى الذى ما انفكّ يقدم فروض الطاعة و الولاء للولايات المتحدة و خاصة بعد الإخراج الهوليودى لعملية إعدام صدام حسين .


سادسا : فى المجال الإستخباراتى ، انفتح أمام الإدارة الأمريكية منجم ذهب من المعلومات حين عملت كافة دول العالم و خاصة فى الوطن العربى على توفير الدعم المعلوماتى بلا حدود للإدارة الأمريكية بل أصبح مشهد لقاء مدراء الاستخبارت العربية مع كوندليزا رايس مشهدا مألوفا نشاهده على شاشة التلفاز كخبر من الأخبار !! .


سابعا : بدعوى الحرب على الإرهاب و تأثير الصدمة استغلت الولايات المتحدة الفرصة فأعادت تشكيل المناهج الدراسية فى العالمين العربى و الإسلامى و محو كل ما له علاقة بالجهاد الإسلامى من المناهج و محو كل أشكال و رموز المقاومة من كتب التاريخ و إحلال عوضا عنها ثقافة السلام ( الاستسلام ) بين الأجيال الناشئة .


ثامنا : حاولت أمريكا تحويل مفهوم المقاومة المسلحة ضد الإحتلال و الذى يعد فعلا مشروعا قانونيا و أخلاقيا إلى ( إرهاب ) يجب محاربته و كان تحويل حركة حماس من حركة مقاومة إلى حركة إرهابية أبرز مثال على ذلك رغم حالة الشد و الجذب الشديدين الذى صاحب ذلك .


هذه بعض من تأثيرات نظرية الصدمة الأمريكية و لكن هل نجحت هذه السياسات بالفعل فى تحقيق غايتها ، هذا ما نحاول الإجابه عليه فى المقال القادم بإذن الله .


موضوعات ذات صلة

الحادى عشر من سبتمبر و نظرية الصدمة ( 2- 2 )


المصدر : نافذة مصر