الجولة القادمة - استراتيجية نتانياهو في مواجهة اوباما وابو مازن والفلسطينين
بقلم : خالد كساب محاميد – الناصرة
من الاطلاع على الصحافة الاسرائيلية فإن ما يقلق الساسة الاسرائيليون والقادة اليهود في أمريكا والعالم هو نقطة التصادم القادمة بين اوباما ونتانياهو حول العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية ومطالبة اوباما الحكومة الاسرائيلية ايقاف الاستيطان والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 .
يلخص المراقبون الاسرائيليون العلاقة بين ادارة اوباما والحكومة الاسرائيلية بأنها وصلت الدرك الأسفل على صعيد تبادل الافكار وتطوير الطروحات التي من الممكن ان توصل الى اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية.
فيذكر هؤلاء بما يشبه القطيعة بين الادارة الامريكية والحكومة الاسرائيلية حتى على مستوى ذكر إسم الحكومة الاسرائيلية في خطابات المسؤولين الامريكيين حينما يتحدثون عن الشرق الأوسط.
هذا ما يصفه الصحافي الاسرائيلي الأول ناحوم بارنيع في مقالته اليوم 11-04- 2011 في جريدة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية.
يتمركز محور المعركة التي تدور بين أوباما ونتانياهو حول الاستحواذ على موقف اليهود في أمريكا. فالرئيس الأمريكي قد أعلن عن نيته بالترشح لفترة رئاسة ثانية ومن هذا الباب يدير سياسته تجاه القضية الفلسطينية وتجاه حكومة إسرائيل.
يقوم نتانياهو من جهته بالتحرك لدي اليهود في أمريكا ليضمن تأثيرهم على اوباما في مسارٍ يخدم فيه سياسته الحالية التي تعتمد على استمرار البناء في المستوطنات وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليضمن سلامة إئتلافه الحكومي واستمرار حكمه ومما يعني استمرار مصادرة اراضي الفلسطينيين وتقويض بناء الدولة الفلسطينية والاستمرار في بناء فعلي لأرض إسرائيل الكبرى الغير معلن!
مرت سنتين منذ تولي اوباما ونتانياهو الحكم كل في دولته وقد استطاع نتاناهو ان يفرض سياسته على اوباما والعالم دون أن يوجد من يسطيع ان يوقفه عن تنفيذ سياسته من بناء المستوطنات واستمرار الاحتلال وسجن السجناء الفلسطينيين والتملص من مستحقات علية السلام والتفاقيات الموقع عليها بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
لم يكن هذا النجاح الاسرائيلي محض صدفة بل هو نتاج تخطيط دقيق واستعمال اسرائيلي بنجاعة للقوى الفاعلة على الساحة الامريكية والدولية الذي يمنع من العالم ان يضغط على اسرائيل.
فلو استطعنا ان نحلل الاستراتيجية الاسرائيلية لكنا كفلسطينيين استطعنا ان نبني مقاومة لهذه الاستراتيجية الاسرائيلية.
وما دام الفلسطينيون غير قادرون على تمحيص مصادر قوة نتانياهو وحكومته في ادارة المعركة امام ادارة اوباما والشعب الامريكي والعالم فمن الصعب جدا ان نتمكن من تشكيل ضغطا يؤدي بالتالي الى تغيير سياسات الدول الغربية بالذات تجاه الموقف الاسرائيلي.
لا نسيطيع ان نتحدث عن سياسة نتانياهو الا من خلال تحليلنا للخطوات الفعلية التي اتخذها واعضاء حكومته في بناء خطابهم السياسي خلال السنتين السابقتين . فعندما طلب أوباما من نتانياهو ان يوقف البناء في المستوطنات لم يتمكن نتانياهو من الرد على الضغط الدولي من كل حكومات الدول الغربية بالذات الذي عقب الا بعد فترة من الزمن وذلك عن طريق بناء خطاب سياسي تجاه العالم معتمدا على تذكير العالم بأن اليهود هم ضحايا الهولوكوست. فالوزراء الاسرائيليون (مريدور وايالون) في سنة 2009 اكثروا من ذكر مفهوم "سياسة اليودن ريين"(نظيفة من اليهود) النازية أمام نظرائهم الغربيين ونذكر افيغدور ليبرمان منهم الذي قال في لقاء مشترك مع وزراء خارجية فرنسا واسبانيا بأن الغرب يبيع اسرائيل كما باع الغرب تشيكوسلوفاكيا لهتلر قبل الحرب العالمية الثانية , ونتانياهو نفسه استعمل هذه الاستراتيجية في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الألماني الاسبق شتاينماير في القدس عندما قال بأن سياسة ايقاف البناء بالمستوطنات هي سياسة "يودين ريين" النازية. كان رد فعل دول الغرب كافة بعد هذا التسلح الاسرائيلي بخطاب الهولوكوست عنيفا في صمته وتوقفه من المطالبة بايقاف بناء المستوطنات.
كان هذا انتصارا اسرائيليا قويا لم نجد ردا فلسطينيا على مثل هذا الخطاب الهولوكوستي الاسرائيلي.
في جولة الصراع حول ادراج القدس في المفاوضات وايقاف هدم بيوت الفلسطينين فيها استعمل نتانياهو خطاب الهولوكوست ثانية حينما طلب من ايلي فيزيل اليهودي الامريكي الحائز على جائزة نوبل للسلام لكونه ناج من الهولوكوست أن "إحكي مع اوباما".
الأمر الذي حدا بفيزيل بنشر اعلان في الصحف الامريكية الرائدة حول القدس بلغ تكلفته 5 مليون دولار مما شكل ضغطا على اوباما كون الاعلان تحدث عن الهولوكوست وبه جند فيزيل ونتانياهو كل يهود أمريكا في الضغط على اوباما الذي قال على اثر هذا الاعلان وهذه الحملة " قد حرقتم لي أصابعي في الشرق الأوسط" وعدل بعدها عن تفعيل ضغوطا على اسرائيل الأمر الذي كانت نتيجته هدم عدة بيوت فلسطينية في القدس مباشلرة بعد هذه الحملة.
الجولة القادمة من الصراع بين الرئيس أبو مازن والفلسطينيين والرئيس اوباما وحكومة نتانياهو ستشهد استعمالا مكثفا من قبل الاسرائيليين لموضوع الهولوكوست.
على الفلسطينيين من رئاسة وحكومة وقادة ومفكرين ان يطوروا استراتيجية لمواجهة استراتيجية نتانياهو باستعمالها للهولوكوست.
فيما اذا استطعنا ان نقدم نحن الفلسطينيون طرحا يقوض خطاب الاسرائيليين باستخدامهم الهولوكوست سيكون انتصارنا سهلا بنسب لم نأخذها لحتى الآن بالحسبان.
علينا ان نعطي دعما لمواقف اوباما والدول الغربية للوقوف امام الادعاء الاسرائيلي بأنه بسبب الهولوكوست يتاح للاسرائيليين بمصادرة أراضي الفلسطينيين وبناء المستوطنات.
علينا ان نعطي تفسيرا مفاده بأن الإسرائيليين يبررون بناء المستوطنات تكفيرا لآثام الغرب بسبب الهولوكوست وبهذا فالإسرائيليون فعلا ليسوا بحاجة الى هذه المستوطنات.
سهل جدا احراج الساسة الاسرائيليين وخاصة نتانياهو وليبرمان وسهل جدا هزيمتهم وتهزئتهم حينما يدرجون الهولوكوست كعامل تبني عليه دول الغرب سياساتها تجاه شعب اللاجئين الفلسطينيين.
علينا نحن الفلسطينيون ان نتهيأ للجولة القادمة بخطاب واضح حول مدى تحمل الشعب الفلسطيني ودفعه الثمن لما تمثله الهولوكوست في مجمل وعي شعوب الغرب لقوة الخطاب المعتمد عليها.
المصدر
- مقال:الجولة القادمة - استراتيجية نتانياهو في مواجهة اوباما وابو مازن والفلسطينينالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات