الانتفاض من أجل الأقصى.. ضرورة حتمية
بقلم: أ.علاء ممدوح أبو بكر
مقدمة
لاحت نذر الخطر المحدقة ب الأقصى منذ أمد بعيد يربو على الأربعين عاما وكلما تقاعس أبناء الأمة عن التصدي لهذا الخطر كلما زاد العدو الصهيوني من كثافة أعمال تهويد المدينة المقدسة ولعله من المناسب أن نقدم بين يدي حديثنا نبذة سريعة عن بعض هذه الأخطار ليقف القارئ الكريم على حجم هذه المأساة الحقيقي ..
أولا يجب أن نعرف أن المقصود ب المسجد الأقصي هو المساحة المستورة الواقعة داخل أسوار القدس في زاويتها الشرقية الجنوبية، فسوره الشرقي متحد مع سور القدس.. والجنوبي أكثر من نصفه من الجهة الشرقية متحد كذلك، والباقي من الجهة الجنوبية الغربية والغربية بكاملها والشمالية بكاملها فهو سور خاص داخل المدينة المسوّرة..و شكل المسجد مضلّع، ذو أضلاع أربعة غير منتظمة (صورة لحدوده موجودة بلمف الصور)..
وهذا يعني أن المسجد ليس هو البنية فقط ولكنه كل تلك المساحة التي يجب صيانتها ومعرفة محاولات اليهود لتزوير الحقائق حولها ..
إن هذه المساحة حفظها الله تعالى فلم يُنتقص منها أبدا في أي عصر من العصور وقد رسخ الأيوبيون و المماليك تحديدا هذه الحدود فأقاموا حولها الأسوار.. التي توارثتها الأجيال فيما بعد من أجل ذلك يقوم الإحتلال الصهيوني مذ وطئت أقدامه فلسطين بمحاولات العبث والقضم من هذه المساحة في إطار خطة عمل لجمعيات ومنظمات صهيونية متعددة وهي إن اختلفت أسماؤها فإنّ َأهدافها واحدة وهي تغييرمعالم المسجد وصولاً إلى هدمه..
أبرز جرائم الصهاينة
وقد قام الصهياينة جراء ذلك بالعديد من الإعتداءات المسلسلة التي تدل على خطط متوالية نعرض لأبرزها تاريخيا:
بدأت عام 1948 بإغارةالمستوطنين اليهود على الحرم القدسي، وإسقاط حوالي ستين قنبلة بالطائرات على أرض الحرم ، أصابت إحداها مسجد قبة الصخرة، وأخرى أصابت المسجد الأقصي..
وفي عام 1967 رفعت قوات الاحتلال الصهيوني علم الاحتلال فوق قبة الصخرة المشرفة، وصودر وقتها حائط البراق ..
في عام 1969 قام صهيوني أسترالي بحرق منبر صلاح الدين..
وفي عام 1980 تم العثور على مخزن للمتفجرات بالقرب من المسجدالأقصي كان قد أعده الحاخام مائير كاهانا، وفيه أكثر من طن من مادة تي. أن. تي بهدف نسف المسجد الشريف ..
وفي عام 1990 نفذ جيش الاحتلال مجزرة في داخل الحرم القدسي الشريف أسفرت عن استشهاد 20 فلسطينياً، وجرح 115 آخرين .
وفي عام : 1996 أقام اليهود نفقاً تحت السور الغربي للمسجد الأقصي ..
وفي عام 2000: قام أرييل شارون بتدنيس المسجد الأقصي من خلال دخوله إلى ساحة الحرم برفقة الشرطة الصهيونية، مما أدى إلى اندلاع ما يُعرف بانتفاضة الأقصي..
ثم حدث تحول خطير في 2006 حيث أعلنت بلدية القدس أن ساحات المسجد الأقصي هي ساحات عامة وذلك في بداية لكسر خصوصية حدوده ..
وفي عام 2008 أعلنت جمعية "إيش هاتوراة" عن افتتاح متحف للتاريخ اليهودي في الحي اليهودي قبالة حائط البراق، يضمّ أكبر مجسّم متحرّك للهيكل في العالم..
وعلى جانب آخر واصلت السلطات الصهيونية حفرياتها تحت المسجد الأقصي منذ عام 1967، وعلى نسق متسارع مخطَّط له .. وما هذا كله إلا عملية سطو صريحة وسرقة للآثار التاريخية في مدينة القدس، وبتخطيط مسبق بهدف الوصول إلى أساسات الحرم القدسي الشريف..
و فيما يخص مدينة القدس عموما فإن أكبر خطر يتهددها هوما يسمى بالاستيطان في المدينة إذ أن الهدف النهائيّ هو جعل القدس عاصمةً يهوديّة تقطنها غالبيةٌ ساحقة من اليهود مع أقليّة فلسطينيّة معزولة يُمكن السيطرة عليها.. وقد قام الاحتلال في إطار ذلك المخطط بالاستيلاء على الأحياء الكبيرة التي لم يستطع التخلص منها بالجدارالعازل لكونها في قلب المدينة ..
وكان آخر هذه الأعمال العدوانية ماتم في مارس الماضي من التصديق على بناء ألف وستمائة وحدة سكنية استيطانية(مغتصبة) في القدس والضفة الغربية..
2011 عام حاسم
بعد هذا العرض السابق يظهر للجميع أن الخطر الذي يهدد المسجد الأقصي أصبح في تزايد زمني وبلغ مدى أكبر من ذي قبل حين أعلنت جماعات يهودية أن العام القادم لن يحل على الأمة بوجود المسجد الأقصي حيث سيستبدل بالهيكل.. تزامن هذا مع افتتاح ما يسمى بكنيس الخراب والذي يعد من أهم أهداف إقامته محاولة إخفاء معالم المسجد الأقصي المبارك خاصة منظر قبة الصخرة ، بصفته المعلم الأوضح والأبرز في القدس حيث تم بناء الكنيس مقببا عاليا وكبيرا ، ونُشرت له صور تبين أنه المعلم الأبرز في المدينة ليختفي بذلك مشهد الأقصي مرحليا تمهيدا لما يخططون له من إقامة ما يسمّى بالهيكل الثالث المزعوم..
موقف الإدارت الأمريكية المتكرر
إن المتابع لخطوات الإدارات الأمريكية المتعاقبة يلمس بوضوح خطورة ما يحدث بالقدس الآن..فقد عبرت كثير من هذه الإدارات عبر السنوات الماضية عن اعترافها واعتبارها للقدس عاصمة أبدية لليهود ..ومن كان خطابه أقل مباشرة في هذه الإدارات السابقة .
وهو التيار الثاني الأمريكي قال :إن أمر القدس متروك للمفاوضات بشرط مراعاة ما سماه المنسق الأميركي السابق لعملية التسوية دينس روس "الوقائع الجديدة والتغييرات الجغرافية والعمرانية التي قامت بها الحكومات الإسرائيلية المتتالية "..والهدف من ذلك التصريح أن يكون الأمر الواقع إقرار الإستيطان ليكون اليهود هم الغالبية وذلك تمهيدا لأن تكون لهم السيطرة على المدينة و لأعطاء المبرر لليهود أمام الرأي العام الدولي وليُمرر هذا التوجه بقرارات دولية لا تكون محل خلاف بعد هذه التغيرات والاحتلال لأراضي مدينة القدس وإخراج أهلها منها..فأمريكا إذن هي الجسر الذي يعبر عليه هذا القرار كما يخططون ..
حماس الأمل والدعوة الصحيحة
لم تغب عن بال المجاهدين هذه الخطوات الصهيونية المدعومة أمريكيا والتي تتواصل بهدف تهويد مدينة القدس بحيث أصبح لا يخلو مكان في المدينة المحتلة من آثار تهويدٍ واضحةٍ، مع السير تحت الأرض بخط متوازٍ من الحفريات الصهيونية التي تتكشف يومًا بعد يوم .
فقد دعت حماس جراء شعورها بالخطورة ومن خلال مشير المصري القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى انتفاضة مليونية ..وقال مشير المصري خلال المهرجان الخطابي الكبير الذي نظمته الحركة: "نطالب الدول العربية بانتفاضة مليونية تخرج من العواصم العربية والإسلامية من أجل نصرة القدس والمسجد الأقصي المبارك الذي يتعرض للتهويد".وأضاف: "نوجه رسالة إلى سلطة فتح، سلطة دايتون - عباس، نطالبكم بإفلات يد المقاومة،وتبييض السجون من رجالها من أجل الرد على جرائم الاحتلال الصهيوني، كما نطالبكم بالسماح للفلسطينيين أن يخرجوا من كافة مدن الضفة الغربية وقراها دفاعًا عن المقدسات وعن المسجد الأقصي المبارك.
رد الفعل المطلوب من الشعوب الإسلامية
لقد كانت الشعوب الإسلامية على مستوى المسؤلية خلال الفترة القريبة الماضية بعدما اجتاح الغضب معظم العواصم والمدن العربية والإسلامية ..ولا شكّ أن هناك مؤشرات عديدة تؤكد أن انتفاضة شعبية تتحرك في وجدان ومشاعر الشعوب دفاعا عن مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولاشك أن توليد هذا الأمر بالحراك المجتمعي مع التركيز الإعلامي أمر في غاية الأهمية فاليهود يقيسون ردود الأفعال الإسلامية في فلسطين والعالم العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع، و يقومون من خلال ذلك بتوقُّع ردِّ فعل المسلمين إن هُدِم الأقصى بالفعل لاقدر الله تعالى ..ولو شعر اليهود أن الأمر سيكون خارج السيطرة ستتغير مخطاطتهم ، وإن رأوا أن ردَّ الفعل لم يكن كبيرا فإنهم سيسارعون بالعمل على هدمه .
والصهاينة يدركون أن الأقصي لدى المسلمين.. يمثل الراية والتي تُعْطَى للأبطال في الجيوش ، لذلك يعمدون لهدمه للقضاء على كل الجيش بعده ، ولذلك فإن المسلمين جميعًا مطالبون بإظهار ردِّ فعل قوي وكبير؛ حتى يرهب اليهود ..
إن مايستطيعه المسلمون كثير ومتعدد فهناك وسائل كثيرة لدحر الانتهاكات الصهيونية المتواصلة لحرمة المسجد الأقصي المبارك .. فلا عذر لأحد يصمت عما يحدث في مقدسات المسلمين، وعلى الأفراد أن يتحركوا وكذا النقابات والجمعيات وكل التجمعات ..
فليجاهد المستطيع بماله وليوصله الى إخوانه و بقلمه فيكتب دفاعاً عنهم، وليكن (الإنترنت) ساحة قتال فسلاح الإعلام اليوم فتاك بعد أن خلت الصفحات الأولى بالصحف الرسيمة من ذكر الأقصي في صورة من صور الانهزام..ولايجب الغفلة عن سلاح الدعاء يقول ربنا جل جلاله(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).
خاتمة المطالب
أردنا من هذا التحليل بيان أن أعظم خطر قد بات يهدد الإسلام اليوم ، هو ابتلاع القدس ، وتهويدها وأن توجيه الجهود لهذه القضية وتوحدها من أوجب الواجبات لتجييش الأمة للدفاع عن القدس ، لاسيما بعد هذا النشاط المتسارع في السيطرة على القدس بالمستوطنات وطرد عشرات العائلات الفلسطينية في إطار تهويد المدينة ..إنَّ هذا الزحف الإستيطاني المسعور ، لايقل خطورة عن مجازر الصهاينة في غزة بل لعله أشد وأنكى .. ولذا فالإعداد له من الأهمية بمكان و لن تعود القدس ولا الأقصي إلا على أسنة الرماح يقول مولانا سبحانه وتعالى :
(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)
وإن من الجهود التي يجب التركيز عليها تربية جيل النصر المنشود على العقيدة التي علمناها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتمسك بها أصحابه.. وبث روح الجهاد بين الناس ..
وصدق سيد قطب إذ يقول : (إن النصر لايأتى لإمة منهزمة داخلياً ربت أبناءها على تعظيم من لعنهم الله وسخط عليهم فينظرون للغرب نظرة العظمة والقوة)..
كما يجب الإشارة هنا إلى سبب من أهم أسباب تسارع الخطوات الصهيونية يتحمل وزره السائرون في طريق الاستسلام إذ ان من اكبر الكوارث التي أدت لها تلك المعاهدات الاستسلامية.. وصول الأمر بالخونة إلى التنسيق الأمني مع الصهاينة، بهدف إجهاض قدرة المقاومة على مواجهة مخططات الصهاينة ..ولذلك نرى كثيرا من رموز المقاومة في الضفة بسجون سلطة عباس الخائنة ، وما ذلك إلاَّ لحماية مشروع الإستيطان الصهيوني !
إن الحل الكبير والنهائي لهذا الوضع لا يتأتي إلا بإطلاق مشروع أمـّة مقاوم مضاد ، ينطلق من فكِّ الحصار عن غزة ، مرورا بدعم شامل لخطِّ المقاومة ، وإنهاء مهازل معاهدات الخيانة ، وانتهاءا بإنتفاضة كبرى لأبناء هذه الأمة و الله تعالى نسأل أن ينصر إخواننا المجاهدين ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. وأن ييسر لنا نصرتهم...