الاخوان المسلمون وحركة فتح .. تأملات في المسار والمآل (2/2)
المقدمة
ذكرنا في الجزء الأول كيف ان حركة فتح تلك التي تأسست على يد عناصر انشقت على جماعة الإخوان المسلمين ، كيف انها اختارت ان تكون جزءاً من النظام العربى الرسمي وتحت عباءته . بينما اختار الإخوان المسلمون السير عكس التيار ، فكان منهم انكفاء حماية لمشروعهم من عداوة النظام العربى الرسمي وخاصة النظام الناصرى .
لكن مع هزيمة 1967 تغيرت كافة الموازين ، سواء فى الداخل الفلسطيني اوالمحيط العربى او في النظام العالمى .. فانطلقت جماعة الإخوان المسلمون من مكمنها تتحرك فى ساحة العمل الفلسطيني بشروطها ودون تنازلات تنال من ثوابتها ، على حين تعثرت حركة فتح ، فانتهت مسيرتها على غير ما ابتدأت به ! حيث تورطت في نزاعات عربية عربية ، نالت من مصداقيتها وشعبيتها !
نكمل في هذا الجزء الحديث عن حظوظ كل منهما (حماس وفتح) من الانتشار والنجاح ، ومآل كلتا الحركتين ومدى صوابية رؤيتهما النضالية ضد المحتل الصهيوني .
فتح وأزمة النشأة .. ابتعاد عن الاسلام
لم تكن نشأة حركة فتح كحركة تحرير في ظل النظام العربى الرسمي آنذاك بالنشأة السوية ، اذ اضطرت حركة فتح الى الابتعاد عن الإسلام بالقدر الذى يجعلها مقبولة من النظام العربى الرسمي الذى كان يعادى الإسلام فكرا مشروعا !
البراءة من الاسلام .. عنوان القبول
فلكى تدفع فتح عن نفسها صفة الاخوانية ، قدمت البراهين تلو البراهين على انها لا علاقة لهم ليس بالإخوان ، ولا بالإسلام نفسه ! ففي شهادة المفكر الفلسطيني المعروف منير شفيق قال بان صلاح خلف (أبو اياد) قال له : (لقد فعلنا كل شيء حتى يقتنع العالم اننا لسنا اخوان ! فشربنا الخمر وزنينا ! حتى يقتنع النظام العربى الرسمي والنظام الناصرى خاصة اننا لسنا اخوان !) (1)
وكان الشيخ محمد أبو طير قد ذكر في مذكراته (سيدى عمر) : ان عبد الناصر اشترط على عرفات الا يكون للإخوان المسلمين نصيب في الثورة الفلسطينية (منظمة التحرير الفلسطينية) حتى يدعمها !! (2)
حتى غلب في النهاية على منظمة التحرير الفلسطينية التوجه اليسارى والماركسى ، ولولا ان الإسلاميين بعامة والاخوان المسلمين خاصة فرضوا تواجدهم بالقوة في ساحة العمل الفلسطيني ، لغابت الراية الإسلامية تماماً في فلسطين !!
محاولة انكار الأصول الاخوانية لحركة فتح
ومن اللافت للنظر ان بعض قيادات فتح حاولت أن تنفي لاحقا خلفياتها الإخوانية (كما فعل صلاح خلف أبو إياد) ، تجنباً لحالة العداء للإخوان التي طبعت سلوك العديد من الأنظمة العربية وخصوصا النظام المصري .
وبعض اخر من تلك القيادات راعت حساسية ياسر عرفات لاى عمل مقاوم سبق ظهوره ! وهو ما أشار إليه محرر مجلة الدراسات الفلسطينية في استنتاجه لما قام خليل الوزير (أبو جهاد) بإتلاف معظم نسخ كراس "حركة فتح : البدايات" وإيقاف توزيعه
من أنه يُرجِّح أن ذلك يعود للرغبة في عدم إغضاب ياسر عرفات وصلاح خلف، لأن فترة العمل العسكري في النصف الأول من الخمسينيات لا تشير لدور لهما في ذلك ، وتمّت قبل لقائه الأول بعرفات. من ناحية ثانية، فإن أبا جهاد في كراسه الذي أعد سنة 1986 بدا أكثر حذرا في الإشارة إلى الإخوان من مقابلته التي أجراها مع سلوى العمد في 9 كانون الأول - ديسمبر 1980 ! (3)
وعلى سبيل المثال ، فإن فتحي البلعاوي لم يتطرق في أوراقه لانتخابات الدورة الثالثة لرابطة طلبة فلسطين في مصر ! ربما (كما أشار معين الطاهر الذي حرر الأوراق) لأنه في تلك السنة ترأس عبد الفتاح حمود قائمة الإخوان في مواجهة قائمة منافسة شكلها ياسر عرفات حيث فازت قائمة الإخوان بكافة المقاعد ، فلم البلعاوى ان يتحدث عنها حى لايجرح رمزية ياسر عرفات ! (4)
فتح والتنازلات المؤلمة .. ابتعاد عن القضية
أعلنت فتح منذ البداية ومن خلال قيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية ، انها مع تحرير كامل التراب الفلسطيني . لكن تحت املاءات الواقع وضغوطاته ، اضطرت حركة فتح الى تنازلات نالت من صدقيتها وشعبيتها ..
السقوط في (دوامة المفاوضات)
ففي عام 1974 اعلنت منظمة التحرير الفلسطينية تبنى ما يسمى (برنامج النقاط العشر) كخطوة على الطريق لتحرير (كامل فلسطين) ، حيث اُعتبرت تلك النقاط العشر هي الحد الأدنى ، بعدها يكون التدرج صعوداً ، لكن ما حدث انها كانت الحد الأعلى ، وبعدها كان الانحدار سفولاً !
حيث اُعتبر هذا البرنامج برنامجاً مرحلياً ، يهدف الى إقامة (سلطة وطنية مقاتلة) ! على الأراضي التي ينسحب منها الاحتلال ، كمقدمة للهدف الأكبر وهو (تحرير كامل فلسطين) .
بيد ان القواعد الشبابية لحركة فتح اعتبرت ذلك تنازلاً عن (فلسطين التاريخية) ، فيذكر فتحي البس في مذكراته التي نشرها 2020 تحت عنوان (انثيال الذاكرة) ان أطراً طلابية في الحركة لجأت في بيروت عام 1974 وأثناء ندوة دعا لها كل من نايف حواتمة وصلاح خلف (أبو إياد)
لشرح البرنامج المرحلي للمنظمة آنذاك ، والقائم على أساس (إقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها) ، إلى الدخول لقاعة المحاضرة في مظاهرة ضخمة رافعين الأحذية هاتفين "سحقاً سحقاً بالأقدام يا دعاة الاستسلام" (5)
القبول بـ (لعبة) المفاوضات السرية !
في عام 1988 أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية الانتقال إلى مشروع "الدولة المستقلة" كهدف مرحلى ، وذلك ضمن حدود القرار 242 . مما يعني ضرورة الدخول في لعبة التسوية والمفاوضات السريّة ! وهو ما جرى بعد ذلك فعلا بين وفد من فتح (محمود عباس – أحمد قريع) ووفد من حزب العمل على رأسه بيريز !
في مؤتمر السلام بمدريد في 1991 ، اعترفت منظمة التحرير الفسطينية بقرار 242 الصادر عن مجلس الأمن والذي يحمل في طياته اعترافا ضمنيا بدولة إسرائيل بعد أن ظلت لسنوات تعارضه وتعتبره تفريطا في الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني . وفي أوائل التسعينيات أصبح الطريق ممهدا أمام عقد مؤتمر دولي للسلام بين العرب وإسرائيل حضرته منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني الذي تمثل قضيته حجر الزاوية في عملية السلام هذه
الاعتراف بالدولة العبرية ..
وفي أوسلو قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بالدخول في مفاوضات مباشرة ! أعلنت خلالها الاعتراف بحق "إسرائيل" في الوجود ! مما يعنى بالضرورة الاعتراف بالدولة العبرية والقبول بحل الدولتين ! وقد استغلت إسرائيل تلك المفاوضات لتكون غطاء على عمليات الاستيطان وتهويد القدس !!
وعندما دخلت قيادة فتح والمنظمة في اتفاقيات أوسلو ، قادت حماس تحالفاً فلسطينياً من عشرة فصائل ضدّ مسار التسوية السلمية ؛ وتابعت عملها العسكري غير آبهة باتهامات قيادة المنظمة وفتح لها بالسعي لإفشال حلم إنشاء الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ؛ فكانت عمليات المقاومة التي برز فيها رموز حماس ، أمثال عماد عقل ويحيى عياش وعادل وعماد عوض الله ومحيي الدين الشريف .
فتح .. ازمة المشروع وتآكل التنظيم
منذ ان تأسست حركة فتح في عام 1965 ، وهى تشهد انشقاقات وتصدعات متتالية ، انشقاقات أدت في كثير من الأحيان الى الاقتتال الداخلى بين أبناء التنظيم الواحد ! ليعود من جديد شعار (البندقية المستأجرة) يعنى حسب (الممول) !! مما جر على اساء للقضية الفلسطينية وسمعتها ...
- فكان إنشقاق عام 1973 ، الذي قاده صبري البنا (أبو نضال) علي خلفية رفض مشاريع التسوية والإستسلام . وقد إستطاع هذا التنظيم في ظرف زمني وجيز الإمتداد داخل جسم حركة فتح ، مما جعل ياسر عرفات يصدر حكما بإعدام أبو نضال ! ليبرز شعار (البندقية المستأجرة) الذي أطلقه الخصوم علي هذا التنظيم .
- الإنشقاق الأكبر عام 1983 الذي قاده العقيد سعيد مراغة (أبو موسي) وآخريين مما أسفر عن بروز تنظيم فتح الإنتفاضة ، وجرت احداث دموية تبعا لذلك في مدينة طرابلس بشمال لبنان !!
- إنفصال عدد من قادة فتح مثل ناجي علوش الذي عاد لأصوله القومية الثورية ، ومنير شفيق الذي فضل العمل ضمن التيار الديني الإسلامي
- لتبرز إنشقاقات داخل التنظيمات المنشقة أصلا مثل تنظيم فتح الإسلام (6)
فتح وحماس .. مواجهة وصدام
في ضوء ماسبق ، كان من الطبيعى ان يحدث صدام بين فتح (ابنة النظام العربى الرسمي) وبين حماس (الاخوان المسلمين) ، ليس على خلفية إسلامية القضية فحسب ، انما على خلفية تنازلات مرفوضة من حماس ، لكنها مفروضة من النظام العربى الرسمي والدولى كذلك ..
لذلك صمم الاخوان المسلمون بقوة على ادخال (الإسلام) الى ساحة العمل الفلسطيني ، عن طريق النجاح فى انجاز كل ما أخفقت فيه فتح والمنظمة طوال اكثر من عشرين عاما ..
لماذا عارض الاخوان فتح والمنظمة ؟
- عارض الاخوان فتح في دعوتها لاقامة دولة علمانية في فلسطين بعد التحرير .
- وعارض الاخوان دعوة (م ت ف) لاقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل الاعتراف بالدولة العبرية والتنازل عن (فلسطين التاريخية)
- اعتقد الاخوان ان (م ت ف) صنيعة الأنظمة العربية الرسمية ، فلكل نظام عربى فصيله الذى يدعمه ماليا وايديولوجيا لصالحه وليس لصالح القضية الفلسطينية .
- كما عارض الاخوان احتكار فتح للعمل الفلسطيني ، وابعاد الراية الإسلامية عن العمل في الساحة .
الصدام في الجامعات الفلسطينية
وتمثل ذلك في كبرى الجامعات الفلسطينية الثلاثة ، جامعتى النجاح وبيرزيت بالضفة الغربية ، والجامعة الإسلامية بقطاع غزة !
(1) الجامعة الإسلامية بغزة:
الجامعة الإسلامية أسسها الاخوان المسلمون في قطاع غزة ، وهى الجامعة الوحيدة في القطاع ، وكانت الغلبة لطلبة الاخوان المسلمين في اتحاد الطلبة امام تحالف الجميع ضدهم ، مما اثار حنق حركة فتح على الاخوان ..
فبعد عديد من المحاولات الفاشلة للسيطرة على الجامعة ، قامت حركة فتح بالهجوم على الجامعة الإسلامية بالمولوتوف وانابيب الاوكسجين ، وقد جاء لدعم طلبة فتح بغزة طلاب من جامعة بيرزيت بالضفة الغربية ! لكن هذه المحاولة كذلك فشلت !
وبلغت ذروة الصدام بين فتح والاخوان ، عندما قامت عناصر من حركة فتح باغتيال الدكتور إسماعيل الخطيب – القائم باعمال رئيس الجامعة – في 16/11/1984 امام زوجته وأولاده التسعة !
(2) جامعة بيرزيت بالضفة :
كانت جامعة بيرزيت تحت سيطرة الطلبة النصارى والشيوعيين ، لكن مع عام 1979 وبعد دخول طلبة الاخوان في انتخابات اتحاد الطلبة ، تغير الاتجاه العام للطلبة ، حيث حصل طلاب الاخوان على نسبة 43% من أصوات الطلبة .. وكانت هذه النتيجة صادمة للجميع !
في يونيو 1983 اعتدى الطلبة النصارى والشيوعيون على مسيرة لطلاب الكتلة الإسلامية (طلاب الاخوان المسلمين) كانت منظمة ضد الاحتلال الصهيوني ، وكانت تحت شعار الكتلة الإسلامية .
(3) جامعة النجاح الوطنية:
اشتعلت الصدامات بين طلاب الاخوان المسلمين وبين طلاب فتح وبقية الفصائل عقب فوز طلاب الاخوان (الكتلة الإسلامية) بجميع مقاعد الاتحاد في الانتخابات الطلابية 81/82 ، اذ عد طلاب فتح ذلك انتقاصا من نفوذ وقيادة الحركة للشارع الفلسطيني ! (7)
وقد استطاعت حماس ان تتجاوز محاولات قاسية لتهميشها من قبل فتح وأنصارها ، سواء بمحاولات التجاهل أو التشويه الإعلامي ، او بالهجمات المنظمة على أنصارها خصوصاً في قرى الضفة الغربية ، أو في معاناة شبابها داخل سجون الاحتلال (وكانت الأقسى) ، حيث لم تتوقف محاولات تطويعهم وكسر إرادتهم ، ولم تتوقف تلك الاعتداءات إلا بعد "اتفاق الشرف" في سبتمبر 1990 . (8)
صعود حماس .. رغم فداحة الثمن
بينما كانت فتح تهوى في مستنقع التنازلات ، كان الاخوان المسلمون من خلال مشروعهم الجديد (حماس) تصعد في منحنى المقاومة ..
الانتفاضة
(ان جوهر صعود حماس الشعبي والعسكري المقاوم ، والقفزات النوعية التي حققتها ، انما تحقق عندما كانت حماس تسير عكس التيار، وعندما كانت خارج المنظومة الرسمية التي تقودها فتح ؛ وعندما كانت حماس متحررة منها ومن قيودها وضوابطها ومعاييرها . ذلك أن حماس كانت تسعى إلى تطبيق نموذجها الإسلامي ، وترفض مسار التسوية الذي بدأت منظمة التحرير وفتح بتبنِّيه ، وترفض خفض سقفها المقاوم تحت بيئات وشروط الآخرين) (9)
الانتخابات
أحدثت نتائج الانتخابات التشريعية الثانية تغييراً واضحا في موازين القوى على الساحة الفلسطينية ، ففي أول مشاركة لحركة حماس في الانتخابات التشريعية فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعى (74) بينما حصلت فتح على المركز الثانى بواقع (45) مقعد ، وحصل المستقلون وباقى القوى على (13) مقعد .
وجدت حركة فتح نفسها بعد الانتخابات التشريعية قوة ثانية على الساحة الفلسطينية بعد أن استمرت حوالي 40 عاما القوة الاولى واللافت للنظر ان مرحلة صعود حماس فى الفترة من 1987 وحتى 2005 ، مكنتها من الدخول الى منظومة العمل الفلسطيني الرسمى سنة 2006 دون ان تغير او تعدل من منظومتها او هياكلها او شروط عملها ، فكان دخولها صادماً للمنظومة السياسية الرسمية الفلسطينية !!
المقاومة
تفاوتت مواقف الحركتين من اشكال المقاومة المختلفة كالتالى :
تنفيذ عمليات تفجيرية داخل إسرائيل
لم يحظى ذلك الخيار بدعم من قيادات حركة فتح ، بالرغم من ان القيادات الميدانية لكتائب شهداء الأقصى نفذت بعض العمليات ضد مدنيين إسرائيليين ، لكن ذلك تم كردات فعل وفى اطار المنافسة بين الفصائل العسكرية الفلسطينية ! بينما لجأت حركة حماس الى ذلك النوع من العمليات في الفترة من 1994 الى 2005 . أظهرت استطلاعات الرأي (2001 – 2008) تأييد غالبية قواعد حماس لهذه العمليات بنسبة (66%) بينما بلغت تلك النسبة بين انصار حركة فتح (45%) .
اطلاق الصواريخ على المدن والبلدات (الإسرائيلية)
بلغت نسبة التأييد بين قواعد الإسلاميين (91%) بينما بلغت تلك النسبة بين قواعد حركة فتح (42%) (10) وهكذا فالقاعدة الشعبية التي كونتها حركة فتح وبقية التنظيمات الفلسطينية المنضوية تحت لواء (م ت ف) في الستينات واوائل السبعينات تبخرت في الثمانينات جرّاء المسار العسكرى الفاشل ، مما اهل بعد ذلك بانتقال تلك القاعدة الى حركة حماس .
والملاحظ على سير مقاومة فتح خلال مرحلة عرفات انها اعتمدت بشكل كبير على التمويل النفطي سواء الخليجى او العراقى او الليبى ، وانها لم تبنى نفسها بعيدا عن ذلك التمويل . (وعندما اختار عرفات الوقوف إلى جانب نظام صدّام ، وجدت أميركا وإسرائيل الفرصة سانحة كي تقطع التمويل الخليجي عنه . وحدث ذلك بعد مرحلة لبنان الذي كان عرفات مسؤولاً عن سوء إدارتها : هو كافأ الفاسدين بسبب ولائهم ، وأفسد المناضلين للسيطرة عليهم) (11)
وعلى العكس من ذلك كانت مقاومة حركة حماس بدايةً من الانتفاضة الأولى 1987 وحتى وصولها الى الذروة في عام 2021 في معركة سيف القدس ، سبباً في إعطاء الحركة مصداقية كبيرة لدى الشارع الفلسطيني والعربى والدولى على السواء .
صمود حماس امام الضغوط
تم بالرغم من تعرض قيادة حماس في الخارج لضغوط قاسية ، فاعتقل رئيس مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق على مدى عامين في الولايات المتحدة (1995-1997) ، وتعرض قائدها خالد مشعل الذي خلف أبو مرزوق لمحاولة اغتيال ، كما أغلقت مكاتب الحركة وطُردت من الأردن 1999 ..
المآلات .. بين شرطي الاحتلال والمقاومة
لينتهى الامر بحركة فتح (سلطة الحكم الذاتي) الى ان تكون شرطي يعمل لصالح إسرائيل ! بينما حماس وصلت إلى أفضل حالاتها وأَلَقها مع ذروة تضحياتها ، وهي خارج المنظومة السياسية "الرسمية" ، لتقطف انتصاراً سياسياً سنة 2006 ثمرة لجهادها لتكون بعد ذلك حجر عثرة امام "خريطة الطريق" ، التي كانت تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية .
ولتتأكد بعد كل السنوات صحة رؤية الاخوان التي صاغوها أوائل الستينات رداً على من طالبها بسلوك طريق (فتح) ، فقد فنّد الاخوان الأفكار التي وردت في مذكرة (خليل الوزير) ، في مذكرة بلغت حوالي عشرين صفحة جاء فيها :
- ان الأفكار الجديدة تفتقد للمنطقية والعملية ، فهى اقرب للتصورات العاطفية ، مما يؤدى إلى ضياع الجهد والوقت والأرواح والمال ، ومن ثم تأخير عملية التحرير ...
- وان الدول العربية لن تسمح باى عمل مسلح انطلاقا من أراضيها ، وان حدث بغير ارادتها ، سيؤدى ذلك الى صدام لامحالة مع هذه الدولة او تلك !
- إن مواجهة إسرائيل لا يمكن أن تتم بجزء صغير من أمتنا ، بل ينبغي أن تحشد للمواجهة كل قوى الأمة
البديل كما تصوره الإخوان
انتظار الظرف المناسب ، حتى لايخضع سلاح المقاومة لسقف الأنظمة العربية المرتهنة أساسا لسياسات غربية مناصرة لذلك المحتل ! فالجهاد لتحرير فلسطين انما يتأسس على واقع يحميه ويحفظ بوصلته ، متمثلا فى :
- مضاعفة الجهود في نشر و نصرة دعوة الاخوان .
- أن حركة الإخوان حين تنتصر ھي التي ستحرر فلسطين .
- ساعتها لن يكون الفلسطينيون وحدھم ، بل ستشاركهم عموم الأمة الإسلامية كلها .
المصادر
- كيف تخلت حركة فتح عن الاسلام منير شفيق
- مذكرات سيدى عمر – الشيخ محمد أبو طير
- (انظر: خليل الوزير، "حركة فتح: البدايات،" مجلة الدراسات الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 104، خريف 2015).
- (انظر : معين الطاهر "بين تأسيس رابطة طلاب فلسطين ومقاومة الإسكان والتوطين : أوراق فتحي البلعاوي" مجلة سطور، العدد 5 كانون الثاني/ يناير 2017) .
- حماس : غزة أولا و (أخيرا) جريدة الغد
- فتح الاسلام ثمرة انشقاقات حركة فتح
- حماس – د خالد أبو العمرين
- صعود حماس – محسن صالح - عربى 21 – 15/1/2021
- صعود حماس – محسن صالح - عربى 21 – 15/1/2021
- موقف حركة فتح من عملية السلام في ظل الشراكة السياسية مع حركة حماس
- سيرة مغايرة لحركة «فتح»: مسار قتل الثورة الفلسطينيّة - الاخبار - اسعد ابو خليل - 31/8/2019