الإخوان المسلمين في البوسنة والهرسك
الإخوان المسلمين في البوسنة والهرسك
نستطيع أن نقول بأن حركة الإخوان المسلمين في هذه المنطقة نشأت على يد الرئيس السابق لدولة البوسنة والهرسك علي عزت بيغوفيتش رحمه الله وكانت بداياتها إنشاء جمعية سميت بجمعية الشبان المسلمين.
إنشاء الشبان المسلمين
تفتحت في فترة شباب علي عزت بيغوفيتش الباكرة مواهبه وتعطشه للإسلام، فأسس مع بعض زملائه ناديا مدرسيا للمناقشات الدينية أطلقوا عليه "ملادي مسلماني" أي جمعية الشبان المسلمين، وكان عمره في تلك الفترة 16عاما، ولكنه كان يمتلك طاقة فكرية كبيرة اقترنت بحيوية الشباب، لذلك تطورت الجمعية من النقاش إلى العمل، فقامت بأعمال تعليمية وخيرية، وأنشأت قسما للفتيات المسلمات، وقدمت خدمات ومساعدات أثناء الحرب العالمية الثانية للمحتاجين.
رغم حداثة إنشاء جمعية الشبان المسلمين التي ساهم بيجوفيتش في تكوينها فإنها كانت متفتحة على العصر وعلى دينها؛ فقد سعت إلى بناء شخصية مسلمة تستطيع أن تتعايش مع الواقع الأوربي. وتأثرت الجمعية بأفكار الطلاب البوسنويين الذين درسوا في الأزهر الشريف وتأثروا بأفكار جماعة الإخوان المسلمين. وخرجت الجمعية برؤية مفادها أن الإسلام أيدلوجية يجب أن تكون واقعا في الحياة، وليس دينا ينحصر في حدود الفرد والعبادات فقط. وبهذا الفهم نظرت الجمعية للإسلام.
وقد سعت الجمعية إلى انفتاح متوازن على الإسلام وحركاته التي ظهرت في تلك الفترة بالعالم الإسلامي، وتأثرت بتجربة إندونيسيا وباكستان. كما كان هناك انفتاح على الثقافة الغربية في منابعها الأصلية؛ حيث خططت الجمعية لتعلم اللغات الأوربية ليتسنى لها قراءة الأفكار بلغتها. واستطاع بيجوفيتش أن يتقن ثلاث لغات هي الألمانية والإنجليزية والفرنسية.
جذبت جمعية الشبان المسلمين الشباب المسلم المثقف في جامعة سراييفو، وكانوا يرون أنها تقدم لهم الإسلام بطريقة تختلف عن النموذج الذي يطرحه علماء الدين الرسميين، وفي هذه الأثناء وقعت يوغوسلافيا تحت الحكم الألماني في ربيع الآخر 1360 هـ = إبريل 1941 الذي أزال الحكم الملكي، وأخذت أفكاره النازية الفاشية تجد مكانها بين الشباب من خلال حركة "الأستاشا" النازية الموالية لهم؛ فوقفت جمعية الشبان المسلمين موقفا حازما من هذه الأفكار، ونادت بتحريم التحاق الشباب المسلم بهذه الحركة، ونتيجة لذلك رُفض الترخيص للشبان المسلمين عقابا لهم.
كانت فترة وصول "جوزيف تيتو" إلى السلطة سنة 1373هـ = 1953م وحزبه الشيوعي فترة عصيبة على الأديان، خاصة الإسلام ومعتنقيه نظرا لرؤية الشيوعية لمطلق الدين، وكانت معاناة بيجوفيتش مضاعفة لكراهيته للإلحاد ومعاناته من الاضطهاد، وقد كنّ تيتو عداء مستحكما لعلي عزت ودينه، ومما يُذكر في هذا أن الرئيس عبد الناصر استفسر من رفيقه تيتو عن بيجوفيتش، فأجابه تيتو بأنه رجل أخطر من تنظيم الإخوان المسلمين في مصر؛ لأنه يطالب بأن تتولى الحركة الإسلامية السلطة في أي بلد تكون لها الأكثريه فيه.
أدرك بيجوفيتش شدة ضيق هامش الحرية الذي يتحرك فيه، ولكن عشقه للحرية والإسلام فرض عليه ألا يبقى ساكنا مسندا ذقنه إلى راحة يديه؛ ولذلك بدأ يتحرك؛ فوثق علاقته بالشيخ "حسين دوزو" رئيس جمعية العلماء الذي عينته الحكومة للإشراف على شئون المسلمين، وأخذ في تذويب الجليد بين المثقفين المسلمين وعلماء الدين الرسميين لإيجاد هوامش مشتركة للتعايش والعمل للإسلام بعيدا عن ضغوط الإلحاد الشيوعي، وهو ما فتح له الباب لينشر مقالات تحت اسم مستعار في مجلة "تاكفين" التي كانت تصدرها الجمعية ويقرؤها 50 ألف مسلم، وكانت مقالاته ذات عمق وتأثير في إيقاظ الوعي والهوية لمسلمي البوسنة.
هذه تقريباً بدايات العمل الإسلامي في البوسنة والهرسك وتأثر الجمعية التي أنشأها علي عزت بأفكار الإخوان المسلمين وأرجو من إخواني القراء أن يتموا الموضوع .
المصدر : إسلام أون لاين