إسلام أون لاين.. مازالت الخيارات متاحة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إسلام أون لاين.. مازالت الخيارات متاحة


بقم / د. رفيق حبيب

موقع إسلام أون لاين

بعد عشر سنوات من التجربة، استطاع موقع إسلام أون لاين أن يصبح ذراعا إعلاميا ومعرفيا مهما في تيار الصحوة الإسلامية، الذي أكمل أربعة عقود. فقد بدأت التجربة بموقع يقدم رؤية إعلامية إسلامية، تحاول تعميق المعرفة الإسلامية الفكرية والحركية، وتعضد الوسطية الإسلامية باعتبارها الخيار الفكري والحركي المعبر عن جوهر الفكرة الإسلامية. فجاء موقع إسلام أون لاين بوصفه ذراعا إعلامية تهدف إلى دعم تيار الصحوة الإسلامية، وتقديم الرؤى الإسلامية لجماهير الأمة، وللمتابعين للشأن الإسلامي، ولغير المسلمين أيضا، وكذلك للمتابعين لمسارات الحركة الإسلامية في الغرب. فكان المشروع منذ بدايته يمثل دعما لتيار الصحوة الإسلامية، وتدعيما لوسطية الفكرةالإسلامية. وداخل تلك المحاولة تكون الكادر الإعلامي الإسلامي، القادر على التعامل مع معطيات الإعلام الحديث، والقادر على المنافسة والتطوير. ولم يكن إسلام أون لاين مجرد موقع، بل تحول إلى مؤسسة لها كوادرها القادرة على اكتساب المهنية والحرفية، والقادرة أيضا على تطوير أدائها.

وبعد عشر سنوات، وصل موقع إسلام أون لاين إلى المرحلة التي يحتاج فيها إلى تقييم التجربة، والتوصل إلى إستراتيجية عمل جديدة، تنقله من مرحلة إلى أخرى. فقد بدأ مساره كتجربة تحاول الوصول إلى أهدافها الأساسية، عبر التطوير المتتالي. وخلال التجربة أنجز الموقع العديد من الأهداف، وغابت عنه أهداف أخرى. فقد استطاع الموقع تقديم صورة واسعة عن تيارات الصحوة الإسلامية، وأفكارها الأساسية، واستطاع تقديم خريطة معرفية عن الحركات الإسلامية، فعمق المعرفة بمختلف التجارب الإسلامية في الدول العربية والإسلامية، وبقية أنحاء العالم، كما عمق المعرفة بتيارات الفكرة الإسلامية، واختلافاتها الأساسية. وبهذا استطاع الموقع تصوير الحالة الإسلامية وتنوعاتها، بما ساعد المتابع له على معرفة أبعاد المشروع الإسلامي بكل مكوناته، حتى أصبح الموقع نافذة تقدم صورة واسعة للحالة الإسلامية.

ولقد قدم الموقع العديد من الملفات الفكرية والدراسية المهمة، والتي ساعدت على توسيع دائرة البحث في القضايا المحورية، كما استطاع أيضا تقديم مادة تعريفية بالفكرة والمشروع الإسلامي لغير المسلمين، من أبناء الأمة الإسلامية، ومن المنتمين لحضارات وبلدان أخرى. وفتح الموقع أبوابه للعديد من الكتاب، فكان نافذة تسمح بتتبع مساحة عريضة من الكتاب والصحفيين والدارسين.

ويحتاج الموقع للتركيز على أهمية تطوير قواعد علمية لرصد الحركات الإسلامية، وتحديد الفوارق بينها بصورة علمية. فالعمل الإعلامي النابع من تيار الوسطية الإسلامية، والذي يحمل مشروعا ورسالة، يحتاج إلى تدعيم حرفيته ببلورة قواعد تتيح المقارنة بين أطياف تيار الصحوة الإسلامية، بصورة لا تبنى على المقارنة بينها استنادا لرؤية فصيل منها، فتأتي المقارنة وكأنها قياسا للحركات الإسلامية على اتجاها بعينه.

فتعميق الرؤية المعرفية بالحركة الإسلامية، يحتاج للنظر لكل حركة من داخل بنيتها الفكرية، واكتشاف طبيعة تلك البنية وطبيعة دور الحركة والعوامل المشكلة لها.

وهو ما يتيح معرفة دور كل حركة في مسار تيار الصحوة الإسلامية. كما يتيح معرفة تطور الحركات الإسلامية، ودلالة هذا التطور ومراحله المختلفة. فتأتي الصورة العامة للحركات الإسلامية كاشفة عن طبيعتها، أكثر من كونها حكما دينيا أو أخلاقيا أو سياسيا لها. وتلك حاجة ملحة، لأن القدرة على بناء الإطار المعرفي التفسيري للحركات الإسلامية، يساعد تلك الحركات على بناء رؤية نقدية للحالة الإسلامية، كما يساعد على رسم تصور لمستقبل الحركة الإسلامية.

الأمر نفسه يمكن أن يقال عن الوسطية الإسلامية، بوصفها محاولة للتوصل لجوهر الفكرة الإسلامية. فالوسطية الإسلامية تمثل معيارا قياسيا للمواقف والأفكار، يحدد مدى قدرتها على استلهام جوهر الفكرة الإسلامية، وتحقيقها في أفضل صورة. وقد قدم الموقع ملفات مهمة عن الوسطية الإسلامية، قدمت الرؤى المختلفة، ولكنها لم تتطور بعد لرسم نموذج يحدد معايير الوسطية في الفكرة الإسلامية، ودلالة الأفكار المختلفة طبقا لتلك المعايير. فالكثير من الرؤى يعتبرها أصاحبها تعبيرا عن الوسطية، لأن الوسط هو سمة الأمة، وسمة الحضارة الإسلامية كلها. وهو ما يؤكد احتياج المشروع الإسلامي لبلورة معاييره التي تحقق الوسطية على أرض الواقع، وتحدد العلاقة بين الفكرة والواقع المحيط بها، وتأثير الفكرة على المجتمع وعلى الأمة، فهذا التأثير هو الذي يحدد قدرة أي فكرة على تحقيق الوسطية الإسلامية، أي تحقيق القيم العليا للمشروع الحضاري الإسلامي.

ومن أهم الجوانب التي يحتاج الموقع للتركيز عليها، هي العلاقة بين المهنية الإعلامية، وحمل رسالة محددة. ففي أحيان يميل الصحفي للعمل طبقا للقواعد الصحفية، ولكن ما يقوم به قد لا يخدم الرسالة التي يحملها الموقع. لذا تمثل تجربة موقع إسلام أون لاين، تجربة حية لتعميق المهنية التي تخدم مشروعا محددا، دون أن تبتعد عن القواعد الحرفية، وهو ما يحتاج للتطوير والمزيد من التجربة.

ومن خلال تجربة موقع إسلام أون لاين، يتضح أهمية التركيز على التراكم المعرفي، الذي يؤدي إلى تبلور أطر معرفية وفكرية، تدفع الحالة الإسلامية للتطور الفكري والحركي. ليصبح الموقع ذراعا إعلامية تقوي تيار الصحوة الإسلامية، وتمده بالزاد المعرفي والعلمي، الذي قد لا تتمكن الكيانات الحركية من توفيره. وهو ما يساعد في النهاية على بلورة رؤى إستراتيجية، تعمق أدوار الحركات الإسلامية، وتمدها بالدعم المعرفي اللازم.

لقد أسس الموقع بهدف الإسهام في النهضة الإسلامية، بوصفه أداة معرفية وإعلامية، تعضد جهود تيار الصحوة الإسلامية، وتدعم خياراته الوسطية، وتنشر الرؤية الإسلامية الشاملة. ومع تراكم الخبرة، تكونت للموقع خصوصيته، التي انعكست في تبلور مواقفه وأفكاره، فتشكل منه اتجاها جديدا له تميزه.

مما يستلزم النظر مرة أخرى في الهدف النهائي للموقع، فيمكن أن يكون الموقع ممثلا لمدرسة فكرية جديدة داخل التيار الإسلامي، ويمكن أن يكون سندا معرفيا وإعلاميا لتيار الصحوة الإسلامية. وهنا تبرز أهمية التوقف والتقييم، من أجل تطوير العمل في المستقبل، بناءا على الغاية الأساسية للموقع.

فيما سبق بعض الملاحظات والخواطر، التي تأتي على هامش المشكلة التي يمر بها الموقع، لتؤكد على دور الموقع وأهميته، وما أنجزه وحققه، كما تؤكد على أهمية المراجعة والتطوير، وأهمية التواصل والاستمرار. فالتجربة الناجحة هي التي تحتاج إلى تقييم وتطوير، والتطوير لا يحتاج إلى هدم البناء وبناء آخر، ولكن إلى التواصل والتطوير. وموقع إسلام أون لاين، مثل إنجازا مهما لتيار الصحوة الإسلامية، يحتاج للحفاظ عليه، بقدر ما يحتاج لمواصلة تطويره، حتى يبقى معلما من المعالم الإعلامية لتيار الصحوة الإسلامية.