أمير الجماعة الإسلامية يتحدث عن الأوضاع في بلاده
أمير الجماعة الإسلامية في باكستان يتحدث عن:
- تشكيل مجلس العمل الموحد في باكستان.
- عن الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
- عن إصرار الأمريكان على حذف التعاليم الإسلامية من المناهج التربوية.
الجماعة الإسلامية في باكستان حركة اسلامية عريقة، يشكّل أميرها قاضي حسين أحمد ركناً أساسياً وناطقاً رسمياً باسم «مجلس العمل الموحد» وهو الاطار الوحدوي لست من الجماعات الاسلامية في باكستان، يمثلها 62 نائباً في البرلمان الباكستاني.
التقت «الأمان» قاضي حسين أحمد على هامش مؤتمر مؤسسة القدس الذي انعقد في بيروت، وأجرت معه هذا الحوار.
- دخلت الجماعة الاسلامية في باكستان في تحالف مع قوى اسلامية وعلماء ابان الانتخابات النيابية الماضية، كيف كانت هذه التجربة وما هي النتائج التي حققتها؟
من العقبات الاساسية في طريق النجاح والتواصل مع الشعب الباكستاني كانت التفرقة التاريخية بين السنة والشيعة، وبين البريلوية والديوبندية من السنة انفسهم، وبين الأحناف والسلفيين الذين يسمونهم اهل الحديث، وهذه التفرقة جاءت تقريباً قبل مائة وخمسين سنة، في زمن الاستعمار البريطاني، فقد حاول البريطانيون التفريق بين المسلمين، وبعد الاستقلال طالبنا بدستور اسلامي للدولة الباكستانية، ولكن العلمانيين الذين لا يريدون تطبيق الشريعة، طرحوا شبهة أي اسلام؟ اسلام البريلوية؟ أم اسلام الشعية، ام اسلام السنة، ام هل الحديث.. وجميعهم لا يصلون وراء امام واحد وفي مسجد واحد، فكيف يمكنهم الاتفاق على دستور واحد. فكان جواب العلماء ومن بينهم مولانا ابو الاعلى المودودي وغيره من العلماء الذين بلغ عددهم 31 عالماً، وضعوا ميثاقاً من اثنين وعشرين بنداً، ووقع العلماء جميعاً سنة وشيعة على البنود الاثنين والعشرين، وكانت هذه بداية التحالف السياسي.
وبعد هذا القرار الذي سمي بالميثاق الاساسي، وهو جزء من دستور ال باكستان حالياً، فشلنا في الانتخابات بسبب التفرقة المذهبية، وفي السبعينات حققت بعض الاحزاب انتصارات فردية في الانتخابات دون ان يكون هناك تحالفات، فلم يتعد عدد الفائزين اصابع اليد، وكان لسان حال الشعب يقول: انتم لستم على وفاق ولذلك نحن لسنا معكم.
اضف الى ذلك ان الصحف اليومية أدلت بدلوها في الموضوع، كما ان الجماعات الاسلامية اخذت باتهام بعضها بعضاً وكثيراً ما كانوا يكفرون بعضهم.
وقد رأينا ان هذه هي العقبة الاساسية في طريقنا، فقررنا قبل ثلاثين سنة ان لا نتكلم ضد اي شخصية اسلامية او حزب اسلامي، بل قررنا اقامة علاقات طيبة معهم، والتواصل مع الجميع وتوضيح وجهة نظرنا ونقول لهم.. اننا لسنا ضدكم، بل ان تاريخنا واحد وعدونا واحد، ومع انهم كانوا يسيئون الينا فإننا لم نبادلهم بالمثل.
وبهذه الطريقة صار بيننا وبين الاحزاب الدينية علاقة اخوية، فأقمنا علاقات اجتماعية وأقمنا صداقة خاصة بين الشخصيات المهمة في كل هذه الأحزاب، وبتلك الطريقة استطعنا ان نقرب فيما بيننا، وبعدها كان هناك ائتلاف لتحريك المطالبة بتطبيق الشريعة الاسلامية، وقبله كان هناك ائتلاف تحريك ختم النبوة ضد القاديانية، ولكن بعد ذلك، وبسبب حرب الخليج، وفد الى باكستان اشخاص من السعودية و ايران ، وكانوا يؤلبون السنة والشيعة ضد بعضهم، فتكون حينها جيش الصحابة من الديوبنديين من السنة، وجيش محمد من الشيعة، فاستعر قتال بينهم، وانخرطوا في عمليات عنف ضد بعضهم، وقد ضلعت المخابرات الباكستانية والهندية في تأليب الفريقين ضد بعضهما لتحقيق مصالحهما الخاصة وتأزيم العلاقات واحداث البلبلة في صفوف الاسلاميين؛ ولكن الحمد لله الجماعة الاسلامية وغيرها من الجماعات رأوا في الأمر فتنة، ورأوا أن ما يجري ضد الدين وضد الدولة وضد الشعب وله آثار سلبية سيئة جداً، ولذلك أسسوا «مجلس التضامن القومي» في أواخر التسعينات، وكان حجر اساس لمجلس العمل الموحد، وكان الهدف من ورائه التقريب بين الشيعة والسنة، وقد وقفنا بشدة ضد الحرب الاميركية على افغانستان ، وقد اتحد في هذا الرأي الشيعة والسنة.
صحيح ان الشيعة لم يكونوا يؤيدون طالبان، ولكنهم قطعاً لم يكونوا مع الغزو الأميركي، وقد خرج الشعب الباكستاني كله ضد الغزو الأميركي، وتأسس ما يسمى مجلس التضامن القومي للدفاع عن افغانستان .
في ذلك الحين كنت انا ومولانا فضل الرحمن في الاقامة الجبرية، فكتبت الى العلماء (سنة وشيعة) ادعوهم الى التضامن السياسي، وبعد خروجنا من السجن اجتمعنا مع ستة احزاب كانت بيننا وبينهم ثقة متبادلة ودرجة عالية من العلاقة الطيبة، فدعونا الاستاذ شاه احمد نوراني رحمه الله، زعيم جمعية علماء باكستان ، وهم البريلويين، واكثر المساجد في باكستان مع هذه الفئة، كان رمزاً يحترمه الجميع وكان اكبرنا سناً، والشيخ فضل الرحمن من المدرسة الديوبندية، ولهم تاريخ طويل من الجهاد مع الانكليز، بالاضافة الى مولانا سميع الحق، وبروفسور محمد ساجد مير من جمعية اهل الحديث وهم سلفيون، والسيد ساجد نقوي من جمعية تحريك الجعفرية، بالاضافة الى الجماعة الاسلامية.
وهؤلاء الستة اصدروا بياناً اعلنوا فيه توحيد موقفهم في كل الأمور السياسية، كما اتفقوا على تأسيس مجلس يهتم بأسلمة اوجه الحياة في باكستان ، وقد كان لهذا المجلس آثار طيبة حيث تحول الى تحالف انتخابي.
- بعد أحداث 11 ايلول 2001 ، هل نجحت اميركا في الضغط على الرئيس مشرف؟
نعم سياسياً نجحت في الضغط على مشرّف، ولكن الشعب الباكستاني كله ضد اميركا، وقد حققنا نجاحنا في الانتخابات بعد هذه الاحداث بسبب موقفنا المناوئ للأميركان.
- وكيف تقرأون الواقع على الساحة الأفغانية حالياً؟
الساحة الافغانية ضد أميركا كما كانت ضد الروس، ولكن حين كانوا في مواجهة مع الروس كانت اميركا والعالم في صفهم، ولكن الآن هم يفتقدون التأييد.
- وماذا عن المحاولات الحكومية لتغيير المناهج التعليمية في باكستان؟
يحاولون منذ فترة تغيير المناهج، ويقولون ان المدارس الدينية والمساجد سبب اساس في تأجيج العداوة ضد أميركا والغرب، ولهذا السبب يحاولون تغيير المناهج التعليمية في المدارس الدينية.
والغرب يضغط، فهم يقولون ان برويز مشرف وعد ولكنه لم يف بوعده، ولكن حين حاول مشرف ذلك اتحدت جميع روابط المدارس الدينية ضد محاولاته، فتراجعت الحكومة الباكستانية عن التدخل في موضوع المدارس الدينية بسبب خشيتهم من ردة فعل نصف مليون طالب في المدراس الدينية، وقد قامت الحكومة بتغيير برامج التعليم في المدارس الرسمية، حيث كان تعليم الاسلام منتشراً بكل اللغات، فغيروا ذلك دون علم الناس مما احدث بلبلة وردة فعل شديدة ضد الحكومة حين نزلت الكتب المدرسية الى الاسواق، فادّعت الحكومة وجود اخطاء غير مقصودة، وهم يحاولون سحب هذه الكتب من الاسواق حالياً.
أما في أفغانستان فليس هناك تعليم منظم، فالأغلبية في افغانستان يدرسون في المدارس الدينية الباكستانية.
أمير الجماعة الإسلامية في باكستان
14/5/ 2004المصدر
- مقال:أمير الجماعة الإسلامية يتحدث عن الأوضاع في بلادهمركز ادراسات الاسلامية