أداء الأمانة
بقلم : الأستاذ أحمد أحمد جاد
قال تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) النساء : 58 والأمانات أنواع كثيرة والذى يهمنا هنا أمانة التعامل .
فلا خيانة ولا غش ، والعقود والعهود والودائع كلها أمانات أمر الله تعالى بادائها وخيانة الأمانة من النفاق (( أدّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك )) أبوداود والترمذى .
والأمانة من صفات المؤمن (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم )) الترمذى والنسائى وأحمد .
وفى الحديث (( لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له )) أحمد وفى الحديث (( يطبع المؤمن على كل خلق ليس الخيانة والكذب )) الجامع الصغير .
ومن ترك الوفاء فهو غادر (( إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة ، يقال : هذه غدرة فلان بن فلان )) البخارى ومسلم .
والوفاء بالدين فرع عن الوفاء بالعقود ، ولا يؤخر أداءها إلا ظالم ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ففى الحديث (( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله )) البخارى وغيره .
والوفاء بالعهد من سمات المؤمنين ، قال أبو عبيد : إن الروم صالحت معاوية على أن يؤدى إليهم مالا وارتهن معاوية منهم رهناً ببعلبك ، ثم إن الروم غدرت فأبى معاوية والمسلمون أن يستحلوا قتل من فى أيديهم من رهنهم وخلوا سبيلهم واستفتحوا عليهم بذلك وقالوا : وفاء بغدر خير من غدر بغدر ، فالمسلمون لم يغدروا مثل ما غدر الروم .
فالإسلام لا غدر فيه ولا خيانة ، أما الدول الاستعمارية فالغدر والخيانة ، والمعاهدات بينها ما هى إلا للخديعة فلا عهد لهم ولا أمانة ، وكان عمر يقول لعماله : الوفاء الوفاء .. فإن الخطأ بالغدر هلكة وفيها وهنكم وقوة عدوكم وذهاب ريحكم .. ولا تكونوا سببا لتوهين المسلمين .
وقد سجل التاريخ ((أنه لما فتح قتيبة سمرقند اشتكى أهلها إلى عمر بن عبد العزيز أن قتيبة غدر بهم ظلماً وأخرجهم من أرضهم ، فكتب إلى عامله أن يعرض الأمر على القاضى .
فحكم أن يخرج أهل سمرقند إلى معسكرهم وينابذوهم على سواء ، فقال أهل سمرقند ، بلى نرضى بما كان ولا نجدد حرباً ، وقد عجبوا من عدالة الإسلام والمسلمين وكان ذلك سبباً فى دخلوهم الإسلام مختارين )) راجع فقه السنة صـ3 صـ52.
فهؤلاء أهل سمرقند يعرفون ان مبادئ الإسلام تتنافى مع الغدر والخيانة .
وهذا هو الدين ، والدين المعاملة .