"الجيش هو الحل".. مكافحة للفساد أم تكريس لعسكرة مصر؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"الجيش هو الحل" .. مكافحة للفساد أم تكريس لعسكرة مصر؟


الجيش هو الحل.. مكافحة للفساد أم تكريس.jpg

(الخميس، 08-09-2016)

القاهرة - الخليج أونلاين

مقدمة

بعد أسابيع قليلة من الحملة التي شنها إعلاميون موالون للنظام المصري ضد حكومة شريف إسماعيل، متهمين بعض وزرائها بالفساد وآخرين بالتقاعس والفشل، أطلق نشطاء وسياسيون موالون للنظام أيضاً مبادرة جديدة بعنوان "نثق في القوات المسلحة"، التي عرفت إعلامياً بحملة "الجيش هو الحل".

مبادرة جديدة أطلقتها شخصيات معروفة بدعمها للرئيس عبد الفتاح السيسي منذ تدخله لعزل الرئيس محمد مرسي من منصبه في يوليو - تموز 2013، وهم أنفسهم الذين أطلقوا حملتي "لا للأحزاب الدينية"، و"امنع النقاب".

وبينما يقول القائمون على المبادرة إنها تهدف إلى مكافحة الفساد والإهمال والتردي المنتشر في جميع مؤسسات الدولة من خلال تولية العسكريين دفة القيادة في الوزارات الخدمية لإصلاح ما أفسدته السنوات، يقول معارضو الحكم العسكري إن الحملة ليست إلا امتداداً طبيعياً لعملية العسكرة التي تجري على قدم وساق منذ وصول السيسي للحكم في يونيو - حزيران 2014.

مبادرة شعبية

محمد عطية، صاحب المبادرة، قال لـ"الخليج أونلاين":

"إن المبادرة شعبية وليست شخصية، وهي تهدف في المقام الأول إلى رفع الروح المعنوية للجيش بعد الحملة الشعواء التي تعرض لها عقب تدخله لحل أزمة لبن الأطفال"

مضيفاً:

المبادرة "تقوم على تولي قيادات عسكرية مسؤولية وزارات التعليم والصحة والتموين للعمل على مكافحة الفساد المنتشر فيها، ووضع أسس جديدة لعمل هذه الوزارات الخدمية".

عطية أكد أن المبادرة لا تهدف إلى عسكرة الحكومة كما يزعم رافضوها، وإنما الهدف "هو تعيين وزراء عسكريين لمدة عامين كمرحلة إصلاحية يتم خلالها وضع أسس جديدة تقوم على الدرجة العلمية والكفاءة لتولي المناصب الوزارية".

وبرر عطية إطلاق هذه المبادرة بقوله:

"إن الوزراء الحاليين متقاعسون أو فاسدون، أما الجيش فمعروف بنزاهته وانضباطه في العمل"، لافتاً إلى أن الحملة سيتم تدشينها رسمياً في مؤتمر صحفي سيحضره نشطاء وساسة، بعد عيد الأضحى.

وعلى غرار حركة "تمرد"، التي كانت تجمع توقيعات لسحب الثقة من محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، بدأ القائمون على الحملة الترويج لاستمارة سيتم جمع توقيعات من المواطنين عليها لإضفاء الشعبية على المطلب.

حملات موجهة

لكن هذه المبادرة وما يقدمه أصحابها من مبررات ليست مقنعة لكثيرين يرون الجيش سبباً رئيسياً في تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر، كما أنها ليست إلا محاولة لإضفاء شعبية زائفة على عسكرة الدولة القائمة بالفعل، فغالبية المؤسسات والمحافظات والوزارات يتولى العسكريون مناصب القيادة أو مناصب قيادية فيها، على أقل تقدير.

عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، محمد مصطفى، قال لـ"الخليج أونلاين":

إن هذه الحملة "صادرة عن أجهزة أمنية تابعة للجيش، ويتم الترويج لها عن طريق أشخاص يعملون لحساب هذه الأجهزة"

وأضاف:

"هذه الحملة تسعى لإثبات بعض التأييد الشعبي لعملية تعيين وزراء منتمين للجيش، والتسويق لعسكرة الدولة خارجياً".

مصطفى أشار أيضاً إلى أن سياسة إطلاق مبادرات شعبية لتحقيق أهداف السلطة، "ليست جديدة، وهي مستخدمة منذ عزل مرسي"، لكنه لفت إلى أن هذه الحملة "تفضح نية النظام في تعيين بعض رجاله من القوات المسلحة بالوزارات".

وعن مسألة محاربة الفساد، يقول مصطفى:

"لو كان الألوية سيحاربون الفساد في الوزارات، فلماذا لم يحاربوه في المحافظات التي يسيطرون على غالبيتها؟".

كما أن أسلوب تعامل الجيش مع موارد الدولة، وافتعال الأزمات للسيطرة على الاقتصاد، يعد أخطر من الفساد الذي يتحدث عنه أصحاب المبادرة، وإن كانت هذه الخطوة ستفضح فساد وفشل العسكريين، برأي مصطفى العضو في 6 أبريل. مواقع التواصل الاجتماعي عكست رفض كثير من النشطاء للمبادرة، وإن كان هناك من أبدوا ترحيبهم بها.

حساب يحمل اسم "سقراط"، طالب - ساخراً - بتعيين اللواء إبراهيم عبد العاطي، "صاحب جهاز الكفتة"، وزيراً للصحة، في حين غرد آخرون تغريدات عكست عدم ثقتهم بمسألة تخويل العسكريين أمر الوزارات. وفيما بدت أنها خطوة على طريق التنفيذ، تم تعيين رئيس هيئة الإمداد والتموين ورئيس هيئة الخدمات السابق بالقوات المسلحة، اللواء محمد علي الشيخ، وزيراً للتموين خلفاً للوزير المستقيل خالد حنفي.

كما جاءت حركة المحافظين الأخيرة بستة محافظين ذوي خلفية عسكرية؛ "4 ألوية سابقين بالجيش، لواءَي شرطة سابقين"، مقابل مدني واحد "طبيب أطفال"، وهو ما علقت عليه صحيفة "البداية"، المصرية بالقول: "العسكريون يكتسحون المدنيين في حركة المحافظين 6-1".

هجوم شرس

وتأتي المبادرة في وقت يتعرض فيه الجيش لهجوم شرس من قبل معارضيه، أو بالأحرى معارضي قياداته التي أقحمت المؤسسة في حرب السياسة والاقتصاد التي ما دخلها جيش إلا وكانت خساراته أكبر من ربحه، كما يقول كثيرون.

المعنى السابق، أشار إليه الكاتب الكبير فهمي هويدي، في مقاله "دور الجيش المصري في الاقتصاد"، الذي تسبب في أزمة بينه وبين الصحفي عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية، بسبب إدخال الأخير تعديلات على المقال قبل نشره الثلاثاء الماضي، حسب ما كتبه هويدي.

في هذا المقال محل الإشكال، استشهد الأستاذ فهمي هويدي بشهادة المشير محمد عبد الحميد الجمصي، رئيس أركان حرب الجيش المصري الأسبق، والتي قال فيها: "إن انخراط القوات المسلحة في الأعمال المدينة واقتحامها مجال الاقتصاد، كان من أهم أسباب الهزيمة في حرب يونيو - حزيران 1967".

هويدي أشار أيضاً إلى غلط كبير يتم الترويج له من قبل بعض مؤيدي النظام؛ حيث يقوم هؤلاء بوضع منتقدي إقحام الجيش في الأعمال المدينة في موضع "أعداء المؤسسة العسكرية"، في حين أنهم أحرص ما يكونون عليها وعلى تماسكها وقدرتها على القيام بمهامها، بحسب الكاتب المصري.

المصدر