شاه إيران .. لم يرحب الإخوان بلجوئه لمصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٥٢، ٣ نوفمبر ٢٠٢١ بواسطة Lenso90 (نقاش | مساهمات) (حمى "شاه إيران .. لم يرحب الإخوان بلجوئه لمصر" ([تعديل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد) [النقل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شاه إيران .. لم يرحب الإخوان بلجوئه لمصر


مقدمة

حفلت حياة شاه إيران محمد رضا بهلوي بكثر من الأحداث والمواقف والصراعات منذ تولى العرش خلفا لوالده رضا بهلوي، حيث اتسمت سياسته بالانعزالية عن شعبه وواقع الأمة التي يحكمها.

فقد خلف محمد رضا أباه شاها لإيران بعد أن أطاحت قوى التحالف برضا بهلوي خوفاً من جنوحه ناحية أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية وتزويده بالنفط. فقامت قوات التحالف باحتلال إيران والإطاحة برضا بهلوي وتنصيب ولده محمد رضا بهلوي بدلاُ منه ونفيه إلى جنوب أفريقيا.

وحينما انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء على ألمانيا ودول المحور عانت إيران كثيرا من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما دفع برئيس وزرائها محمد مصدق والذي كان على خلاف مع الشاه في طريقة الحكم إلى إرغام الشاه محمد رضا بهلوي على مغادرة إيران، حيث إلتجأ إلى العراق وانتظر الفرصة حتى رتب مع الأمريكان والإنجليز للإطاحة بمصدق عام 1953م والعودة مرة أخرى لعرش إيران.

شهد تاريخ شاه إيران الكثير من الانتهاكات ضد شعبه حتى أنه شكل جهاز الشرطة السرية "سافاك" والذي كان بمثابة العصا الغليظة بيدي الشاه ضد شعبه مما أوجدت له الكثير من الأعداء من أبناء الشعب.

الثورة والهروب والتيه

في 16 يناير 1979، أٌرغم الشاه على مغادرة إيران للمرة الثانية ولكن هذه المرة بغير رجعة، إثر اضطرابات شعبية هائلة ومظاهرات عارمة في العاصمة طهران ضد الاضطهاد والظلم وإثر سياسة منع الحجاب وتغيير التعليم. حاول الشاه الذهاب إلى أوروبا ولكنها رفضت إستقبال طائرته كما رفضته باقي السفارات واحدة تلو الأخرى.

إلى ان نزل الشاه بطائرته في أسوان في 16 يناير 1979 واستضافه الرئيس أنور السادات الذي كان على علاقة جيده مع الشاه منذ نهاية الستينات، وفي مصر، حرص السادات على ان يقدم لضيفه مراسم استقبال تليق برؤساء الدول، مع السجادة الحمراء عند باب الطائرة واستعراض حرس الشرف.

نزل الشاه وزوجته في فندق أوبروي المبنى على جزيرة وسط النيل بالقاهرة. وبعد ذلك لجأ إلى مراكش في المغرب بدعوة من الملك الحسن الثاني ولكن اضطر الشاه أن يغادر المغرب، وغادرها على طائرة الملك الحسن الثاني الخاصة إلى جزر البهاما ثم إلى المكسيك التي أقام فيها عدة أيام

ونظراً لحالته الصحية الحرجة طلب من الولايات المتحدة السماح له بالعلاج لديها ووافقت واشنطن بعد أن تبيّن أن حالته الصحية حرجه للغاية، قضى الشاه بعض الوقت في قاعدة حربية أمريكية في تكساس، ولكن الشاه اضطر مجبراً على مغادرة الولايات المتحدة بعد احتلال الطلاب الثوار السفارة الأمريكية في طهران في 4 نوفمبر 1979م مطالبين بتسليمه مقابل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين. ما جعل الولايات المتحدة تلاحق الشاه وتطلب منه سرعة مغادرة أراضيها خوفا على رعاياها.

وكان الشاه في مقابلة معه يقول عن تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عنه: "رموني كالفأر" ! وعندما أراد أن يعود إلى المكسيك من حيث أتي، وجد أن كل الأبواب مغلقة أمامه، وبعدها توجه إلى بنما التي لم يستطع الإقامة فيها مدة طويلة إلى أن أرسل السادات طائرة خاصة للعودة به إلى مصر وتم تخصيص قصر القبة مقراً لإقامته.

توفي في القاهرة في 27 يوليو 1980 بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي بعد صراع مع مرض سرطان الغدد الليمفاوية عن عمر ناهز 61 عاما. وقد أقام له الرئيس المصري الراحل السادات جنازة عسكرية مهيبة من قصر عابدين وعزفوا السلام الإمبراطوري الإيراني

وحمل النعش ملفوف بعلم إيران فوق عربة مدفع يجرها ثمانية من الخيول العربية وشارك فيها ولي عهده رضا بهلوي الثاني والرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون وملك اليونان السابق قسطنطين الثاني وسفراء عدة دول ودفن في المقابر الملكية بمسجد الرفاعي بنفس الغرفة التي كان مدفوناً بها والده رضا بهلوي عام 1944 قبل نقله إلى طهران بعد طلاق الشاه من فوزية بنت فؤاد الأول.

حيث قال السادات عنه:

"ليحكم التاريخ على حقبة محمد رضا بهلوي لكننا في مصر سنظهر له الامتنان والاحترام الذي يستحق كرجل وكمسلم".

وكتب عن استجابته لكل سياسة أمريكا موقع سويس إنفو السويسري فقال

"اضطر علي رضا بهلوي الذي احيط في البداية بوقار واستخدمه الأميركيون لمصالحهم قبل التخلي عنه، إلى الفرار من طهران قبل 17 شهرا بعد أن بقي في السلطة 37 عاما".

وفى عدد الأهرام الذى صدر يوم 1 يوليو من عام 1979 استنكر الكاتب الكبير أنيس منصور فى عموده اليومى "مواقف"، موقف العالم من شاه إيران، فكتب "ما أغنى عنه ماله وما كسب - صدق الله العظيم، فشاه ايران (16 مليار دولار) لا يجد مكاناً يأوى إليه، أمريكا بجلالة قدرها ضاقت عنه، وأوروبا أيضاً

حتى البلاد الصغيرة مثل جزر بهاماس والمكسيك، وحتى المغرب طالبت به أول الأمر، ثم أرسل الملك الحسن الثانى سفيره عبد اللطيف عراقى ليقابل الرئيس السادات يستعجل سفره إلى المغرب، فلما سافر إلى المغرب نشرت صحف المعارضة أن المغرب لا يقوى على أكثر من شاه أى الملك الحسن وشاه إيران!

فكان لابد للرجل أن يخرج من المغرب، وقيل إن د.هنرى كسينجر ودافيد روكفلر قد تدخلا من أجل أن يبقى الشاه بضعة شهور فى جزر بهاماس أو فى المكسيك، وقيل إن الإرهابى كارلوس يتعقبه، وأعلن آية الله خمينى مكافأة لمن يقتل الشاه أن يسافر حاجاً إلى بيت الله الحرام؟!، وذهب بعض الساخرين إلى التفكير فى إرسال الشاه إلى الفضاء، وعندما نشرت الصحف أن الشاه سوف ينتقل إلى بيت أخته فى المكسيك، أعلن أحد أصحاب الملايين الذى يسكن بجوار أخت الشاه أن هذا الخبر كاذب وأنه يهدد حياته.

وعن أسباب استقبال السادات للشاة قال في لقاء مع ممثلى النقابات المهنية فى الإسكندرية 28 فبراير 1979م:

لقد وجهنا الدعوة للشاه للحضور إلى مصر بدافع الأخوة والوفاء والأصالة والقيم المصرية واعترافاً بدوره حينما وقف إلى جانبنا فى محنتنا قبل وأثناء وبعد المعركة، وأعلن الرئيس أنه كان هناك اتصال بين سفير مصر بطهران ووزير خارجية إيران
وقال لقد اتصل بى السفير وأبلغنى بأنهم يوجهون إلى الرجاء بعدم دعوة الشاه إلى مصر لما لنا من ثقل ووزن فى العالم العربي، فأجبته بأن الثورة فى إيران تدعو إلى التمسك بالقيم والمثل الإسلامية، ودعوتى للشاه فيها كل هذه المعاني، فنحن نحترم إرادة شعب إيران، ولكن رد الجميل والوفاء هو من قيم الإسلام وهذه هى أخلاق مصر".

لماذا رفض الإخوان الترحيب بشاه إيران في مصر

بعد وفاة شاه إيران ذكر السادات بأن الشاه الراحل "وقف إلى جانب مصر في الأوقات الصعبة". وهو ما كذبه الواقع الذي يقول بأن شاه إيران أمد الصهاينة بالبترول أثناء حرب أكتوبر بين مصر وإسرائيل في حين منعت الدول العربية بترولها عن إسرائيل وأمريكا.

وهو ما ذكرته وكالة فرانس برس بقولها:

"حتى اللحظة الأخيرة بقي الرئيس المصري مخلصا لمن كان يسميه دائما (شاه إيران) ضاربا عرض الحائط بالانتقادات التي كان يثيرها في العالم الإسلامي وحتى في بلاده".

كانت الأوضاع في أواخر السبعينيات تزداد ضبابية خاصة بعد معاهدة السلام مع إسرائيل، وارتماء حكام العالم الإسلامي في حصن أمريكا وسياستها على حساب الشعوب الإسلامية، فما إن وقعت ثورة إيران ضد طاغيتها حتى أيدها الإسلاميين بما فيهم الإخوان لاعتقادهم بأنها شرارة إسلامية دفعت الظلم عن شعبها.

إلا أن الحماسة التي كانت تتملك التيار الإسلامي للثورة الإيرانية بدأ في الخفوت حينما تجلت حقيقة الطائفية التي انبعثت من أنصار الثورة الإسلامية في إيران ضد أهل السنة خاصة، ولم يرع النظام الخميني التوافق بين أطياف المجتمع الشيعي والسني، بل أمعن إضطهاد أهل السنة، وأقدم على الحرب مع دولة سنية وهي العراق.

لكن كل ذلك لم يمنع الإخوان من رفضهم لجوء شاه إيران إلى مصر بسبب مظالمه التي ارتكبها ضد شعبه، وسلوكه ضد الشعوب الإسلامية الأخرى، وموقفه من حرب أكتوبر.

حيث كتب الصحفي محمد عبدالقدوس في مجلة الدعوة في سبتمبر 1979م تحت عنوان (لهذه الأسباب نعارض دعوة شاه إيران للإقامة في مصر) حيث ذكر 5 أسباب رأها لعدم استقباله

ومنها:

  1. أن وقود الدبابات الإسرائيلية أثناء حرب 1973م كانت من بترول شاه إيران الذي أمدهم به.
  2. أنه يختلف عمن سبقه من اللاجئين لمصر بسبب ما استولى عليه من أموال الشعب وترك خزانتها خاوية، ومنحه حق اللجوء يعني التستر على ما نهبه من أموال الشعب.
  3. خلال حكم شاه إيران أزهق أرواح لا عدد لها من أبناء الشعب الإيراني عن طريق جهازه السافاك الذي قتل ما يزيد عن 80 ألف في أخر عام له فقط قبل طرده.
  4. أن استضافة الشاه معناها القطيعة بين مصر وشعب إيران وهو ما لا يقبله أحد.
  5. أن استضافة شاه إيران يخالف المادة 53م والتي تحدد نوعية اللاجيئن السياسيين لمصر والذي يلجئون إليها بسبب اضطهاد حكامهم، لكن شاه إيران هو من اضطهد وعذب وقتل شعبه.

وإن كانت هذه الأسباب لم تكن رؤية الإخوان الرسمية، وأنها بقلم صحفي محسوب عليهم، إلا أنها نشرت في صحيفة الإخوان الرسمية.

كما أجرى الصحفي محمد عبدالقدوس حوار لمجلة الدعوة في عدد يونيو 1980م مع بعض العلماء المسلمين (بعضهم إخوان) فأكدوا على عدم ترحيبهم بقبول مصر استضافة شاه إيران في مصر، ومنهم الدكتور علي جريشة الذي قال: من حق الثورة محاكمة الشاة بسبب جرائمه التي ارتكبها في حق شعبه، غير جرائم القتل والتعذيب وإهدار أموال الشعب ونهبها.

كما تكلم الدكتور نجيب المطيعي أيضا رافضا استقبال مصر للشاه، معترضا على كلام السادات أن الشاه ناصر مصر في حربها، ويؤكد أن الشاه كان الصديق الصدوق لإسرائيل. ويؤكد الدكتور عبدالبديع صقر على رفضه استقباله الشاه ويجب محاكمته وأن السادات هول من مرض الشاه ليكسب عطف الشعب المصري التي تغلب عليه العاطفة وينسى جرائم الحكام.

كما تشدد الشيخ حسنين مخلوف (مفتي مصر الأسبق) في تسليم الشاه لدولته لمحاكمته محاكمة عادلة على ما ارتكبه، وأن المرض لا يعفي أحد من المحاكمة لكن يؤجل عقابه حتى يشفى. وأنه يجب أن يسمع شهادته أولا قبل تسليمه إلى دولته، فأن لم يستطع إثبات براءته مما نسب إليه من مذابح ومجازر وانتهاكات يسلم لبلده لمحاكمته.

كما كتب الأستاذ عمر التلمساني (المرشد العام للإخوان) في عدد مايو 1980م مطالبا بتسليم شاه إيران إلى دولته لمحاكمته محاكمة عادلة على كل ما نسب له خلال 38 عاما من الحكم.

أخيرا

كان شاه إران محمد رضا بهلوي خادما للسياسة الأمريكية بامتياز حتى ضد شعبه الذي حكمه 38عاما أمعن فيها قتلا وتعذيبا. غير أن هذه الدول وقت سقوطه المدوي تنكرت له ورفضت استقباله أو علاجه لمجرد أن بعض رعاياها وقعوا في أسر الشباب الإيراني بعد الثورة، ولذا فقد ضحت بالشاه من أجل إعادة رعاياها.

أما السادات فحاول وإعلامه التدليس على الشعب المصري والإسلامي وتصوير الشاه بأنه صديق الشعب المصري، وأنه وقف بجوار مصر وقت محنتها في الحرب وهو ما كذبه الواقع. كما كذب دائما السادات في صلحه مع الصهاينة ضاربا اعتراض الشعب على تلك المعاهدة حتى أن وزراء خارجيته استقالوا لرفضهم هذا الصلح.

الإخوان رفضوا الشاه لجرائمه في حق شعبه التي ارتكبها خلال 38 عاما من الحكم، ودمر اقتصاد البلاد لصالح المصالح الأمريكية والبريطانية وخير دليل تأمره على محمد مصدق الذي أراد أن يؤمم البترول الإيراني ويجعله للشعب الإيراني، حتى تم الاطاحة به في 19 أغسطس 1953م.

حيث كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي أي أيه عن وثائق جديدة تقر رسميا لأول مرة بالدور الذي لعبته الوكالة في انقلاب عام ‏1953‏ بإيران ضد رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق‏.‏

وعن الأسباب ذكرت الوثائق أنه أقدم على تأميم صناعة البترول التي كانت آنذاك تحت سيطرة البريطانيين، بالإضافة إلي قرار التأميم، كانت الحرب الباردة أيضا من الأسباب التي دفعت واشنطن إلي إسقاط رئيس الوزراء الإيراني الجديد، حيث كان السياسيون الأمريكيون يخشون من التحالف المحتمل بين إيران والاتحاد السوفيتي.

وساهم التدخل الأمريكي في تقوية موقع الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان قد فر من إيران بعد الصراع مع مصدق.