حقيقة الصراع بين السلطة الحاكمة والشعب السوري

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


حقيقة الصراع بين السلطة الحاكمة والشعب السوري (رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية)


مقدّمة

لقد كانت سورية إحدى ضحايا التآمر والانقلابات العسكرية خلال أكثر من نصف قرنٍ من الزمن، وحُرِّم عليها الاستقرار، إلا الاستقرار الوهميّ على أيدي صُنّاع الموت وحمّامات الدم، من القافزين إلى السلطة على ظهور الدبابات، الذين أغرقوا البلاد بالفوضى والتخبّط، وأخذوا يحاولون عبثاً، إلصاق نتائج ما اقترفته أيديهم، بغيرهم من أطراف المعارضة، خاصةً المعارضة الإسلامية، وبشكلٍ خاصٍ الحركة الإسلامية أو (جماعة الإخوان المسلمين)!..


إنّ الإخوان المسلمين في سورية ليسوا حزباَ سياسياً عابراً يضمّ أطراً تنظيميةً ضيقة، بل هم يمثلون تياراً واسعاً في الشعب السوري، يضرب جذوره في الأعماق، ويمثلون الصحوة الإسلامية المستنيرة التي شع نورها في أرجاء الأرض، وتاريخهم يشهد لهم أنهم كانوا دائماً دعاة خيرٍ وتسامحٍ وحوارٍ وإصلاح.. وقد شاركوا في إثراء الحياة السياسية في كل العهود الديمقراطية، كما شاركوا في مقارعة الاستعمار، وفي حرب فلسطين، وفي الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وكان لهم نواب ووزراء في العهود الديمقراطية، وصحف، ونوادٍ، ومستشفيات، وجمعيات خيرية..


لذلك لا يمكن تجاهل دورهم في بنية المجتمع السوري الحرّ، أو إلغاؤهم بقانون، أو إلغاء دورهم بِجَرّة قلم، فهم يدعون إلى الله عز وجل على بصيرةٍ بالحكمة والموعظة الحسنة، وبرنامجهم هو الإسلام، ومرجعيّتهم كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، شأنهم في ذلك شأن الحركة الإسلامية في كل أقطار الأرض.. وكذلك هم يرفضون كل أشكال العنف والتطرف، ويؤمنون بالتدرج في الخطوات، ويؤمنون بمبدأ الحوار لحل أي خلاف، وتاريخهم يشهد أنهم رجال دعوةٍ وفكرٍ وسياسة، يحترمون القوانين، ولا يَضيقون ذرعاً بالرأي الآخر، ولا يتطلّعون إلى مكاسب حزبية، بل يقدّرون كل جهدٍ يبذله غيرهم في هذا السبيل ويدعمونه.


من حق أبناء الجيل الحالي والأجيال القادمة، في سورية وخارجها.. أن يعرفوا الحقائق التاريخية والسياسية، ويطّلعوا على حقيقة موقف الإسلاميين والحركة الإسلامية في سورية، من مختلف القضايا الوطنية التي مرّت على الوطن، وما تزال تتفاعل منذ أكثر من نصف قرن من الصراع المرير بين السلطات الحاكمة المتعاقبة.. والإسلام!.. وذلك للاستفادة من دروس الماضي وعِبَرِه، وللتأسيس لمستقبلٍ وطنيٍ جديد، يقوم على الانفتاح واحترام مبادئ حقوق الإنسان، التي كفلتها شرائع السماء، وكل المبادئ الحضارية لإنسان هذه الأرض!..


مَدْخَل

تأسّست جماعة الإخوان المسلمين في سورية عام 1945م، برئاسة فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى السباعي، الذي سُمي مراقباً عاماً للجماعة، وتم الإعلان عن أن الجماعة في سورية جزء من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في مصر.

كان للجماعة دور إيجابي بارز في الحياة الفكرية والاجتماعية السورية، وتعدّدت نشاطاتها في كل جوانب الحياة التنظيمية والاجتماعية والاقتصادية والأدبية والثقافية والعلمية، ولعل أبرز تلك النشاطات كانت النشاطات السياسية، إذ كانت جماعة الإخوان المسلمين تشارك في الحياة السياسية منذ عهد الاستقلال (عام 1946م)، فدخلت البرلمانات والحكومات المتعاقبة، وكان لها نواب في البرلمان، وفي هذا الإطار نستطيع أن ننظر إلى جماعة الإخوان المسلمين كحزب سياسي يحاور ويواجه ويُطلق الأفكار والآراء ويدافع عنها، ويعقد التحالفات الوطنية، ويرى الواقع الوطني بعينٍ مسؤولة، ويؤمن بالحرية والتعدّدية، ليس السياسية وحسب، بل والفكرية والدينية أيضاً.. ويتحالف مع قوىً سياسيةٍ ليبراليّة، كما يتحالف مع مرشّحين مسيحيّين في معارك البرلمان.. والإخوان المسلمون يعتقدون أنّ قوّة كل حزبٍ أو جماعةٍ إنما تنبع من الرصيد الشعبي، ونسبة البطاقات التي يمكن أن تُحصَد في صناديق الاقتراع، خلال فعالياتٍ ديمقراطيةٍ حقيقيةٍ في الوطن السوريّ.


لمحة عن النظام الداخلي للجماعة

في المادة الثالثة تعريف شامل لها ولأهدافها: (غاية الجماعة:عبادة الله تعالى، وابتغاء رضوانه، وهدفها: استئناف الحياة الإسلامية، ببناء الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، والدولة المسلمة، بالدعوة والتنظيم، معتمدة جميع الوسائل المشروعة) ويمكن أن نميز في (النظام الأساسي- الداخلي) الملامح التالية:

1 – منهج التدرج في السير إلى الغاية والأهداف (الفرد – البيت – المجتمع - الدولة). وهذا يوحي بالمنهج السلمي المدني التربوي في الوقت نفسه.

2 – استبعاد العنف والانقلاب (الوسائل المشروعة).

3 – الفصل بين السلطات: السلطة التشريعية ممثلة بمجلس الشورى، ينتخب أعضاؤه على مرحلة أو مرحلتين في كل محافظة، ثم تمثل كل محافظة بعضو أو أكثر في مجلس الشورى بحسب حجم المركز وعدد الأعضاء.

أما السلطة التنفيذية فهي ممثلة بـ (المكتب التنفيذي) الذي أطلق عليه بعد مرحلة الثمانينيات اسم (القيادة) والمكاتب التنفيذية التابعة لها مثل: مكتب التربية – المكتب المالي – مكتب الإعلام – المكتب السياسي – مكتب الطلاب – المكتب الإداري...


أما السلطة القضائية فهي ممثلة (بالمحكمة العليا) التي يعينها مجلس الشورى بالانتخاب، وبالمحاكم المحلية، ولا سلطة على القضاء في الجماعة، ولا يجوز الجمع بين عمل القضاء وبين أعمال الجماعة الأخرى، ولا سيما المحكمة العليا، التي تبت بقانونية القرارات والفصل في خصومات الصف الأول كالمراقب العام وأعضاء القيادة ومجلس الشورى.


4- منهج الشورى الملزمة (الديموقراطي): تتخذ القرارات في كل مؤسسات الجماعة بالتصويت، والصوت الواحد يرجح اتخاذ القرار بعد جمع الأصوات وحسابها.


5 – لا يمكن فصل عضو من الجماعة إلا بتحقيق عادل معه وسماع دفاعه عن نفسه.


6 – في العضوية ملمحان مهمان: الأول ترقي العضو من (منتسب إلى عامل، إلى نقيب) بحسب عاملين اثنين أحدهما: رقيه في التزكية الروحية والثقافية والعطاء التنظيمي، وهذه حوافز للنضج والتنمية، وثانيهما العامل الزمني أو القدم في الجماعة.


الملمح الثاني: رفض الموالاة العمياء للتنظيم أو رجاله فقد جاء في نص القسم التنظيمي ما يلي: (وعلى أن أقول الحق أينما كنت، لا تأخذني في الله لومةُ لائم) والعبارة الأخيرة جزء من حديث شريف.


7 – للتنظيم دورة انتخابية كل أربع سنوات تجدد فيه المؤسسات، فمثلاً تبدل المراقبون العامون خلال خمسة وعشرين عاماً بتوالي سبعة مراقبين عامين ينتخبهم مجلس الشورى انتخاباً، ومع تبدل المراقبين أو التجديد لمن يجدد له تتبدل القيادة أيضاً.


8 – أصغر وحدة تنظيمية هي الأسرة، تتألف من (3- 7) أعضاء، يجتمعون برئاسة عريف أو نقيب أسرة، بحسب العمل كالطلاب، والأطباء، أو العاملين في الإعلام، والأصل اعتماد المستوى التنظيمي، مع تجاوز الإقليمية أو المستوى الاجتماعي، وتقديم ما يحقق المؤاخاة في المشاعر والمفاداة والتنافس على الأرقى والأفضل.


9 – التنظيم علني، ولم يلجأ إلى السرية إلا اضطراراً نتيجة الأنظمة الاستبدادية.