مغزي «إخوان ويكي»!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

طارق الشامي يكتب بجريدة الدستور المصرية : مغزي «إخوان ويكي»!

Untitled.jpg

موقع الإخوان المسلمين معان عديدة ودروس مستفادة يمكن استخلاصها من وراء إطلاق جماعة الإخوان المسلمين موقعها الرسمي الرابع علي شبكة الإنترنت، فالموقع الجديد الذي يحمل اسم «إخوان ويكي» مقتبس من فكرة موسوعة ويكيبيديا الحرة التي تتيح الفرصة لأي شخص أن يحررها أو يعدلها أو يضيف إليها، وإن كان «إخوان ويكي» ليس بموسوعة شاملة بل موسوعة إخوانية صرفة تتعلق بنشاط جماعة الإخوان المسلمين وتوثيق تاريخها وعرض للدراسات المحيطة بها.

الخطوة الإخوانية تؤكد من جديد أن الجماعة قادرة علي أن تتقدم الحزب الوطني والأحزاب المعارضة الأخري في معركة الإنترنت، إذ إنها تثبت أهليتها للمنافسة علي المستقبل والاستحواذ علي العقول والقلوب بمحاكاة نموذج غربي بحت يتمثل في ثورة الويكي التي انطلقت بموسوعة «ويكيبيديا» في الغرب قبل تسع سنوات حتي تمكنت عبر محتواها المفتوح القابل للتعديل والإضافة من جذب 65 مليون زائر شهريا يطالعون 14 مليون مقال بـ 260 لغة مختلفة يساهم في تحريرها 85 ألف شخص حول العالم.

صحيح أن تعديل الصفحات في «ويكيبيديا» وكذلك في «إخوان ويكي» مشروط بسياسات وإرشادات تُلزم أي شخص بأن ينسخ معلومته من مصدر يخضع للملكية العامة وبطريقة تضمن الحقوق المحفوظة، إلا أن هذا الإجراء التفاعلي الجديد يُحسب للإخوان المسلمين الذين لم يستنكفوا استخدام لفظة الويكي ويتبعونها بكلمة «إخوان» في وقت كان الحزب الوطني الحاكم متردداً قبل عام من الآن في استضافة مؤتمر حول ثورة الويكي وموسوعة ويكيبيديا في مكتبة الإسكندرية بدعوي أن ما تحتويه الموسوعة العالمية قد يعرض المسئولين للانتقاد في وسائل الإعلام.

وحينما كتبت في هذه الزاوية أشكر القائمين علي المؤتمر، اتصل بي الدكتور حسام بدراوي - القيادي المستنير بالحزب الوطني - ليشرح لي حجم المعاناة التي تعرض لها مع عدد من القادة المتفتحين داخل الحزب لكي يقنعوا الجبهة المعارضة بوجاهة رأيهم وبأن المستقبل لا ينتظر الخاملين المنغلقين علي أنفسهم وإنما يتجاوزهم إلي غيرهم.

انتصرت إذاً الآراء الجريئة داخل الحزب الوطني فاستضاف المؤتمر، وخلال شهور، انتبهت مجموعات عديدة من عشاق الإنترنت لثورة الويكي وأهمية المسارعة بمساهماتهم فيها حتي وصلت المساهمات باللغة العربية إلي أكثر من مائة ألف صفحة وهو إنجاز بكل المقاييس.

لكن الحزب الوطني وسائر الأحزاب الأخري ظلت علي حالها، لم تنتبه لما يجري حولها، فيما كان شباب الإخوان المسلمين يسابقون الزمن لمجاراة ثورة الويكي وإطلاق أول موقع مصري معتبر علي النسق ذاته مما يرسخ لوجودهم علي الساحة وقدرتهم علي مخاطبة النشء والشباب المولع بالثورة المعلوماتية الإنترنتية، في حين يبقي الحزب الوطني منشغلاً بالصراع الأمني فقط ضد الجماعة وضد غيرها من التيارات السياسية الأخري ناسيا أو متناسيا أن وجوده الحقيقي الضامن لمستقبله ينبغي أن يتأصل في العقول..

في الأفكار والمبادئ التي يمكن أن يقتنع بها الشباب الصاعد إذا ما وصلت إليه عبر وسائله التي يعشقها ويهيم بها وهي الوسائل التي تشكل مستقبل وسائل الإعلام في سائر أنحاء الأرض.

لم يكن «إخوان ويكي» فقط موقعاً متميزاً وإنما بناء آخر يكمل به الإخوان مواقع «إخوان تيوب» و«إخوان سكوب» و«إخوان أون لاين».. لكن مشكلة مواقع الإخوان أنها منغلقة علي الجماعة وتاريخها وصراعها السياسي شأنها في ذلك شأن المواقع الحزبية المصرية الأخري، كما أنها تتماثل جميعا في تقديس رأس الجماعة أو الحزب وعدم التعرض للانتقادات التي توجه إلي هذا الكيان السياسي ما يجعل هذه المواقع كنشرة الاتحاد الاشتراكي التي لا هم لها سوي تبييض صفحات الاتحاد ورسم صورة وردية لما يدور بداخلها.

علي الإخوان أن يناقشوا الإشكاليات العويصة التي تواجههم في قضايا المرأة والأقباط والديمقراطية والعلاقة مع الغرب، عليهم مجابهة الاتهامات العديدة باستغلالهم الدين للوصول إلي السلطة، عليهم الرد علي اتهامهم بالإرهاب وبتنفيذ العديد من الاغتيالات السياسية التي أودت بحياة زعماء ومسئولين مصريين في الماضي مثل رئيس الوزراء أحمد ماهر ورئيس الحكومة النقراشي باشا والقاضي أحمد الخازندار علي يد عناصر «التنظيم الخاص» فضلا عن محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

نعم من حق الجماعة أن تتواجد علي الساحة وأن تحصل علي الشرعية، لكن من حق المجتمع أن يحظي بحياة عصرية وبدولة مدنية تُحترم فيها المواطنة ويعيش فيها المسلم إلي جوار القبطي والمرأة إلي جوار الرجل دون انتقاص لحق من الحقوق وبضمانة الديمقراطية الكاملة.

ثورة الويكي تطرق الأبواب من جانب أكبر تنظيم سياسي معارض، فهل ستنتبه الأحزاب الأخري للمعركة المقبلة، وهل ننتظر منها سبقاً جديداً في تطبيق تكنولوجيا المعلومات أم أن السبق ستحظي به دائما جماعة الإخوان؟

لمتابعة المقال علي الدستور


المصدر : جريدة الدستور