معركة المصحف .. بيننا وبين الناس كتاب الله

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
معركة المصحف .. بيننا وبين الناس كتاب الله

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

بقلم: الإمام حسن البنا

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا﴾ [النساء: 174].

﴿قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 15-16].

﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [إبراهيم: 1-2].

﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44].

﴿تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1].

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67].

  • قيل: وما معركة المصحف؟
الإمام حسن البنا
والجواب: إنها معركة وضع القواعد والحدود, وبيان المميزات والفروق, بين الذين آمنوا بالمصحف إيمانًا حقيقيًّا, فجرت به ألسنتهم غضًّا طريًّا, وانشرحت له صدورهم نورًا ربانيًّا, وآمنت به قلوبهم إيمانًا عميقًا, وفقهت أحكامه عقولهم فقهًا دقيقًا, فطبقوه فى حياتهم الخاصة تطبيقًا كاملاً, وطالبوا به فى حياتهم العامة مثلاً عليا، ونظامًا شاملاً، وبين الذين لم يسعدوا بعد بالانتساب إلى هذا الكتاب، أو انتسبوا إليه، ثم رضوا بمجرد الانتساب إما غفلة أو تبرمًا به، أو رضًا عن غيره, أو خديعة بأعدائه, أو ألفة لسواه, أو خوفًا وخشية للذين لا يؤمنون بالله ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِىَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِى أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة: 52].
والجواب: إنها بين الإخوان المسلمين الذين رأوا منذ عشرين سنة انحراف العالم كله عن جادة الصواب, وضلاله فى مسالك النظم الاجتماعية الفاسدة, وإهماله لهذا النظام الربانى الكريم والصراط المستقيم, كما رأوا كذلك نسيان أهل القرآن أنفسهم والمنتسبين إليه من أبناء الأمة الإسلامية لما فيه من روائع الحكم والأحكام, وكمال القواعد والأصول, ودقة الفروع, وحسن النظام ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ * تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ [إبراهيم: 24-25], وانصرافهم عنه إلى مبادئ ودعوات لم يعرفوها, ونظم وأحكام لم يألفوها, جرت عليهم الخيبة والفساد فى الدنيا, وسيكون جزاؤهم الندم والعذاب فى الآخرة, فقاموا من هذا التاريخ يهتفون: "القرآن دستورنا"، ويطالبون فى إلحاح بأن يكون للقرآن أمته الواعية, ودولته العاملة, تنفذه الأولى, وتحققه وتحميه الثانية وتنشره, ﴿حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ﴾ [البقرة: 193].
المعركة بين هؤلاء وبين أولئك الصنفين: الذين لا يؤمنون به على اختلاف أممهم ودولهم وعقائدهم ليؤمنوا, والذين آمنوا به على اختلاف طوائفهم وهيئاتهم وأحزابهم ومذاهبهم ليتذكروا ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيد﴾ [ق: 45].
  • وقيل: وعلى أى أساس تدور؟
والجواب: إنها تدور بالحكمة والموعظة الحسنة, والبيان الصريح الكافي, والدعوة الواضحة المشرقة على أساس النصوص القرآنية المحكمة القاطعة التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ﴿تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾]فصلت: 42[.
ولن تدع الخصوم يفلتون من ثنايا وجوه التأويل والتفسير, أو يفرون من أبواب النقاش والجدل العقيم, بل سنوقفهم أمام النص المحكم وجهًا لوجه, فلا يستطيعون منه فرارًا أو إفلاتًا, فإما عناد أو تسليم ﴿ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال: 42].
  • قيل: وما النتيجة المرجوة من ذلك؟
والجواب: هو التميز أولاً, فلابد أن يمتاز أهل الحق من أهل الباطل, وحينئذ يزداد الذين آمنوا إيمانًا بعد وضوح حجتهم, وبيان محجتهم, ويتعثر أهل الرجس فى رجسهم, ويشعرون بمرض القلب, وظلمة النفس, وفداحة الجرم, وحرارة الإثم, لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرًا, وما طال عمر الباطل إلا حين يمتزج به ستار من الحق, أو يمتزج هو بعناصر من الحق, وما فقد بالحق شىء كاختلاطه بطرف من الباطل ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الفتح: 25].
ورحم الله القائل: ميزنا يا خالد, وحين يتم هذا التميز فى الموازين والقواعد, ثم فى النفوس والمشاعر, ثم فى الأعمال والتصرفات, تحددت بفعاله الحقوق والواجبات, وانتصر أهل الحق بحقهم، وتفرق أهل الباطل عن باطلهم, وكانت العاقبة للمتقين, والنصر للمؤمنين, ويومئذ يفرح المؤمنون بنصره, ينصر من يشاء, وهو العزيز الرحيم.