ماذا بعد عراق صدام حسين؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ماذا بعد عراق صدام حسين؟!


بقلم : فادي شامية

استهداف له ما بعده

منذ البداية لم يكن استهداف العراق مقصودا لذاته فقط بل أراده صناع القرار في البيت الأبيض البداية لتغيير الخريطة في الشرق الأوسط كما أعلنوا بحيث تتداعى الانظمة غير المرغوب فيها كتداعي أحجار الدومينو المصفوفة عند سقوط الحجر الأول،وهذا التخطيط الاستكباري لا يمكن فصله عن الظهور المذهل لأسرع وأقوى إمبراطورية في التاريخ، لكن هذه الإمبراطورية التي حولت الفكر إلى صناعة لم تنج من التأثيرات الصهيونية على قراراتها، وقد سهّل تحالف اليمين المتطرف مع الصهيونية العالمية عملية السيطرة على القرار في البيت الأبيض، لدرجة تعذر معها معرفة من يسيطر على سياسة الآخر، إسرائيل أم أميركا، ذلك أن المفاصل الأكثر أهمية للقرار في البيت الأبيض يمسكها اليهود أو من يدور بفلكهم، وكل ما يجري لا يصب إلا في خانة خدمة المصالح الصهيونية، بل وصل الأمر إلى حد خوض الحروب نيابة عن الكيان الصهيوني.

وقد بدا لدى الإدارة الاميركية أن العراق هو الهدف الأول للشروع في هذه السيطرة الاستعمارية نتيجة عدة عوامل، ليس أهمها وجود نظام دكتاتوري في هذا البلد،وهي كانت تتوقع ترحيبا أكبر من العراقيين ومقاومة أقل، لذلك اعتمدت على اندفاع بري سريع في جبهة الجنوب انطلاقا من الكويت ولاسيما مع تعثر فتح جبهة شمالية موازية، لكن المواطنين في الجنوب الذين اختزنت ذاكرتهم تجربة مرة من الأجنبي أثناء انتفاضة 1991 لم ينتفضوا بوجه النظام وإن بدا أكثرهم غير مكترث لمصيره، وفي الشمال لم يكن الوضع هادئا تماما فبالإضافة إلى بعض المناوشات مع الجيش العراقي شهدت كردستان العراق قتالا كرديا – كرديا بهدف استئصال الوجود الإسلامي المسلح في كردستان العراق، وفيما فضلت الجماعة الإسلامية الانحياز نحو الحدود الإيرانية انسجاما مع قرارها الأصلي الرافض للقتال، لم تجد جماعة أنصار الإسلام بدا من خوض حربها الدفاعية ضد قوات الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني المدعومة من الولايات المتحدة الاميركية،ما أدى إلى تدمير شبه كلي لهذه الجماعة، وربما نشهد في الأيام القادمة انفتاح جبهة جديدة كردية - تركية إذا ما دخل الأكراد إلى كركوك والموصل.

تداعيات احتلال العراق على دول الجوار

لا شك أن سقوط النظام في العراق سيترك آثارا مفصلية وتاريخية على شعب العراق ودول الجوار، فإيران تطمح أن تلعب دورا ما في عراق ما بعد صدام حسين استنادا إلى وجود أكثرية شيعية كان العديد من زعاماتها المعارضة تقيم في إيران، ولكنها في المقابل تخشى من وجود الجيش الأميركي على حدودها الغربية والشرقية في أفغانستان والعراق، كما تخشى من انتقال المرجعية الشيعية من قم إلى النجف، يضاف إلى ذلك الخوف من تداعيات المشكلة الكردية، وهو أكثر ما يخيف جارتها تركيا.

لكن سوريا بالتأكيد هي أكثر المستهدفين الثانويين من الاستهداف الأساس للعراق ولا سيما مع توالي التحذيرات الموجهة إليها من قبل وزيري الدفاع والخارجية رامسفيلد وباول والتوعد بمحاسبتها، وما نقل لاحقا عن مصادر أميركية من أن هذه المواقف تعكس وجهة نظر بوش الشخصية وصناع القرار في البيت الأبيض، وأن بعض من في الإدارة الاميركية لا يخفي رغبته في استهداف سوريا بعد العراق، وقد عُـلم أن السفير الأميركي في دمشق ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وليام بيرنز قد واجه السوريين بأدلة على الاتهامات حول تسهيل نقل أسلحة من روسيا إلى العراق عبر الأراضي السورية، إضافة لفتح حدودها لتسهيل دخول المجاهدين العرب إلى العراق.

وإذا أضفنا إلى ذلك إيواء سوريا للمكاتب الإعلامية لمنظمات الرفض الفلسطيني وموقفها الرافض للحرب ولمشروع التسوية في المنطقة ودعمها الواضح لحزب الله، فإن ذلك كله يجعلها المرشحة الأولى لتكون الهدف التالي بعد العراق، وهو ما قد يجد ترجمة عملية له في الأجل القريب تحريكا للخطر الصهيوني إنطلاقا من البوابة اللبنانية عبر الحدود أو عبر المعارضة الباريسية التي تعول كثيرا هذه الأيام على تحريك قانون محاسبة سوريا.

سوريا في مواجهة الاستهداف

رغم المخاطر الجدية التي تتعرض لها سوريا في الوقت الراهن فإنه ليس ثمة مؤشر على أن الرئيس السوري بشار الأسد في صدد التسليم للإرادة الاميركية وتمرير غزوها للعراق بلا ثمن لئلا يكون ذلك دافعا لاستهداف المزيد من دول المنطقة، ويبدو أن السياسة السورية سوف تتلخص في عدم الاعتراف بأي من نتائج وإفرازات العدوان على العراق بما في ذلك أية حكومة ينصبها الأميركيون والتنسيق النشط مع إيران وعدد من دول المنطقة لصياغة تفاهم استراتيجي يحول دون توسع دائرة الاستهداف الأميركي السياسي والعسكري إضافة إلى العمل مع زعماء الشيعة والأكراد في العراق لحثها على عدم تحولها إلى أداة بيد الغزاة، ومساعدة ما سينشأ من مقاومة عراقية لقوات الاحتلال الأميركي البريطاني.

وفي ظل إفلاس النظام العربي الرسمي بات الموقف السوري هو الأكثر تقدما في مواجهة المشروع الأميركي، لكن بالمقابل فإن هذا الوضع سيجعلها ومعها لبنان في مواجهة مباشرة مع أميركا وإسرائيل التي لا يخفي قادتها خطورة عدم فهم التحذيرات العلنية وغير العلنية وربما هذا ما يجعل مرحلة ما بعد العراق أشد خطورة من الأيام القاسية التي نشهد فيها سيطرة للأجنبي على عاصمة عربية عريقة كبغداد.

المصدر