فضل شهر رمضان (خطبة جمعة)
25-09-2005
بقلم فضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب*
الحمد لله نستعينه ونستهديه، ونتوب إليه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونُثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبدُه ورسوله، وصفيه وخليله، بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- ومَن دعا بدعوته واهتدى بهديه وسار على سنته إلى يوم الدين، أما بعد..
فمن رحمة الله بنا ومن فضله علينا أنه عرَّفنا بمواطن الخير، وأرشدنا إلى مواسم الفضل، ووضع أيدينا على الطريق، ووضع أقدامنا على الطريق الصحيح، ومن هذا الجانب ما عرَّفنا المولى تبارك وتعالى به عن فضل هذا الشهر، عن فضل رمضان، وعن مكانة رمضان، وعن الصدقة في رمضان، وعن ثواب الطاعة في رمضان، كل هذه أفضالٌ ونعم تستحق الشكر من العبدِ لربه سبحانه وتعالى.
وأول بيانٍ لمنزلة رمضان أنَّ المولى تبارك وتعالى اختاره ظرفًا لنزول القرآن فيه، لبدأ نزول القرآن أو لنزول أكثر القرآن في هذا الشهر، فقال تعالى ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: من الآية 185)، فشهر رمضان هو شهر القرآن، والقرآن هو دستور هذه الأمة، هو روحها، هو حياتها، به عرفت مكانتها على وجهِ الأرض، به أدركت رسالتها ومنزلتها، بل بالقرآن عرف الإنسانُ لماذا خُلِق ولأي غايةٍ وُجد، ولأي هدفٍ خَلَقَه المولى تبارك وتعالى، فقد قال المولى تبارك وتعالى لنا: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ (الأنبياء: 10)، وذكرنا الذي جاء في القرآن هو مكانتنا، هو شرفنا، هو عزنا، هو مجدنا، فهذه الأمة قبل القرآن وقبل الوحي وقبل الإسلام لم تكن معروفة، لم يدرِ بها أحدٌ، لم يكن لها دور على ظهر الأرض، لم تكن لها رسالة، لم يكن لها هدف، كانت تعيش في جهالةٍ وضلالةٍ وضياعٍ حتَّى شرَّفها الله وأنقذها بالقرآن، ولذلك يقول عمر- رضي الله عنه-: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا طلبنا العزَّ في غيره أذلنا الله".
ويقول سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- حين دخل على كسرى يبلغه الرسالة ويُعرِّفه أنَّ أمةً أوجدها الله وأخرجها الله للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، دخل سيدنا سعد- رضي الله عنه- على غير العادةِ المعهودة، الناس حين يذهبون إلى كسرى يسجدون له ويقبلون الأرض بين قدميه، لكنَّ سعدًا لم يطأطأ رأسه، ولم يسجد؛ لأنه سجد لله، والساجد لله لا يسجد لمخلوق، فدخل سعد وقد ارتفعت هامته فتعجَّب كسرى، مَن الذي غيَّر هؤلاء مَن الذي بدَّل هؤلاء؟ مَن الذي حولَّهم إلى هذه الصورة الكريمة، فقال له سعد- رضي الله عنه-: "كنا أذلاء فأعزنا الله، وكنا فقراء فأغنانا الله، وكنا ضعفاء فقوانا الله، وكنا متفرقين فجمعنا الله، وأرسل فينا رسولاً من أنفسنا يتلو علينا آيات ربنا، فإن آمنت بنا آمنا بك وإن لم تؤمن بنا فالسيف بيننا وبينك حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين".
هذه الأمة عُرِفت بالقرآن الذي نزل في هذا الشهر الذي ابتدأ نزوله في هذا الشهر، فشهر رمضان إحياء لذكرى نزول القرآن بالقرآن، بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، هذه أول مزية وأول فضل لهذا الشهر.
المزية الثانية والفضل الثاني أنَّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال فيه: "أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار" أرأيت إلى هذه المنحة؟! أرأيت إلى هذا الفضل؟! تبدأ بالرحمة وتنتهي بالعتق والنجاة والفوز، لا بشيء دنيوي ولكن الفوز الحقيقي لمرضاةِ الله عز وجل، والمولى تبارك وتعالى يخبرنا: ﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ (آل عمران: من الآية 185) هذا هو الفوز، وهذه هي النجاة، وهذه هي السعادة، فمَن أخذ رمضان كما أراد الله وأقبل على طاعةِ الله وتجرَّد وخشع وتاب واستغفر وأناب حظي بهذه الميازي، أوله رحمة، أوسطه مغفرة، آخره عتق من النار، اسأل عن المسجد الذي يُطيل في القراءةِ في التراويح، وأجِّل حوادث الدنيا، حوادث اليوم، أجل مشاغل اليوم في هذا الشهر أجِّلها أخِّرها، أخرها وأقبل وإذا أطال بك الإمام في صلاة التراويح فافرح؛ لأنه أتاح لك فرصةً كبيرةً أن تكون بين يدي الله، أن تتشرف بهذه الوقفة، أن تطيل الدعاء في السجود والركوع، فافرح بهذا وتسر، لا تضيق ولا تتألم بل تقول:﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ (الأعراف: من الآية 45 ) أوله رحمة، أوسطه مغفرة، آخره عتق من النار.
المزية الثالثة أنَّ ثواب الصدقة فيه مضاعف أضعافًا كثيرةً، مَن تقرَّب فيه بخصلةٍ من الخير، سنة من سنن الخير، عمل مستحب من عمل الخير كان كمَن أدَّى فريضة فيما سواه، كان هذا العمل القليل في رمضان يُساوي أجر الفريضة وثواب الفريضة في غير رمضان، ومَن أدَّى فريضة فيه كان له أجر يُضاعَف إلى سبعين وزيادة ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ﴾ (البقرة: من 261) فاحرص، لو قيل لك إنَّ تاجرًا يُعطي مكسبًا دنيويًّا يعطي أرباحًا من الحلالِ تزيد على العشرةِ وعلى العشرين كلنا نسارع إليه، كلنا نبغي الزيادة، فمن باب أولى: ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ (النحل: من الآية 96)، فلنسارع إلى عمل الخير، جميع أعمال الخير، الاستغفار مضاعف، توبة مضاعفة، إحسان مضاعف، زيارة المريض، أي خصلةٍ من الخير تصنعها في هذا الشهر تعدل وتساوي ثواب فريضة في غير رمضان، فلنحرص على هذا الأمر.
الأمر الرابع، فضيلة رابعة في رمضان أنَّ الله عزَّ وجل يقول في آياتِ الصوم في وسطها ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ (البقرة: من الآية 186) لِمَ جاءت هذه الآية في هذا المكان وفي وسط آيات الصوم وفرائض الصوم؟ لأنَّ الإنسان، لأن المؤمن، لأن المسلمَ في هذا الشهر قريب، قريب بصيام وتقواه وإمساكه عن المنهيات وإقباله على الطاعات، قريب من الله، والله قريب منه، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾، وهذا ما يجب أن نُحِسَّ به دائمًا أنَّ الله معك ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ (الحديد: من الآية 4) ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ﴾ (ق: 16)، هذا القرب يشعرك بالأنس، يشعرك بالرعاية، يشعرك بالعناية، يشعرك بالرحمة، رفع الصحابة أصواتهم بالذكر وهم في الطريق فقال لهم- صلى الله عليه وسلم-:"أربعوا على أنفسكم- يعني خفضوا أصواتكم- فإنكم لا تدعون أصمًّا ولا غائبًا، إنَّ الذي تدعونه سميعٌ قريبٌ أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"- من عنق الناقة التي يركبها- هذه فضيلة رابعة من فضائل رمضان.
من فضيلته أيضًا أنَّ الله يقول في آياته:﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ (البقرة: من الآية 185)، وهذا ما يعتقده المؤمن أنَّ تكاليف الشرع من أولها إلى آخرها هي اليسر، وأن غيرها هو العسر، أن تكاليف الشرع من صلاةٍ وصيامٍ وحجٍّ وعبادةٍ من أولها إلى آخرها هي اليسر، هي الرحمة، والصوم بالذاتِ من أيسر الأمور، ظاهر الأمر امتناع عن الطعام والشراب، طوال اليوم الظاهر الشدة لكن كم من شدةٍ في باطنها نعمة، كم من ضيقٍ في ظاهره لكن في حقيقته سماحة ويسر وخير إن شاء الله، في البلاد المتقدمة التي استعصت فيها الأمراض لكثرة الزنا والفجور والخمر إلى آخره غير بلاد المسلمين، بعض الناس يعالج بكل وسائل العلاج فيقف الطب، تقف العقاقير عاجزة، فماذا يقول الأطباء في آخر الأمر للمريض: عليك بالصيام، امتنعْ عن الطعام والشراب فلا علاجَ لنا إلا في هذا الأمر، وأُنشِئت عيادات في هذه البلاد تُسمّى عيادات الصيام، العلاج بالصيام، تقف العقاقير والأدوية عاجزة.
ويتدخل هذا الشرع الحكيم من عند خالق الإنسان ليكون شفاءً للإنسان، ولذلك يقول الله لنا ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾، كم من أمراضٍ قد تكون فينا ولا ندري بها، تبرأ في هذا الشهر ويرفعها الله عنَّا وينجينا منها ونحن لا ندري، فإنَّ المعدة بيتُ الداء وفيها الكثير طوال هذه الشهور فتأتي في هذا الشهر وتمتنع عن الطعام "ما ملئ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه"، ففي هذا الشهر رحمة الله عز وجل، وأنه يريد بنا اليسر وأن ينجينا من العسر والضيق، يكون هذا الصيام شفاء للأرواح ودواء للأبدان، وهي نعمة كبرى من خالقِ الأبدان ومعطي الأرواح جل جلاله سبحانه وتعالى.
من عظمة هذا الشهر أنَّ فيه ليلةً واحدة هي ليلة القدر تعدل ثمانين سنة، ولذلك كان أسلافنا- رضوان الله عليهم- يلتمسوها من أول رمضان، هي مقطوع بها أنها إحدى ليالي رمضان، إذن المطلوب من المسلم أنه كل ليلةٍ من هذه الليالي من الآن حتى ليلة العيد يضع في حسبانه أنها ليلةُ القدر، فيحسن العبادة والطاعة والإنابة، فإذا جاءت العشر الأواخر ازداد؛ لأنه وردت بعضُ الأحاديث تشير إلى أنها في العشر الأواخر، إذن نلتمس أكثر في واحد وعشرين وثلاثة وعشرين وخمسة وعشرين وسبعة وعشرين وتسعة وعشرين، هذه الأوتار من الليالي في العشر الأواخر لا مانعَ أن تأتي إلى المسجد تظل طول الليل، هذا في أي مكانٍ آخر الناس عشاق الهوى وعشاق الضياع يسهر طول الليل على كأسٍ أو على مصيبةٍ من المصائب، تعالَ اسهر في أنوار الله، أنت لا تساوي هذا؟! هو لحبه لأي أمرٍ تافه من أمور الدنيا يسهر طوال الليل، وأنت لحبك لله ولتنال هذه المنزلة تأخذ أجرَ عبادة ثلاثة وثمانين سنة، هذا كما ورد في الحديث في ليلةِ القدر من فضائلها أنها تعدل عبادة ثلاثة وثمانين سنة، ألف شهر، خير من ألف شهر، نحرص على هذا الأمر.
عندنا في صعيد مصر عندما يكون السوق غدًا يذهب التاجرُ إلى السوقِ من اليوم، ويحجز مكانًا وينام في هذا المكان مع بضاعته إلى أن يأتي الصباح ليبيع، حرصٌ يريد المكسب، حرصٌ على الدنيا، يسافر من بلدٍ إلى بلد ويمكث ليلةً كاملةً ليحجز مكانًا يجلس فيه حتى يبيع، هؤلاء أهل الدنيا، هؤلاء أهل الأسواق هؤلاء الحريصون على لُعاعة الدنيا، ولذلك الحريصون على الآخرة يقول الله عنهم- ما نكاد لا نتصورهم نحن اليوم- ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ (الذاريات: 17)﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)﴾ (السجدة)، حراث الدنيا يسهرون من أجلها، وأنت من طلابِ الآخرة تسهر من أجلها وتطلب الأجر في الدنيا والآخرة، ومن علامات المؤمنين أنهم يتاجرون ويسافرون ويأخذون ويعطون، وهذا في باب الحلال مطلوبٌ، ولكنهم كما قال المولى تبارك وتعالى ﴿لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ﴾ (النور: من الآية 37).
من فضائل رمضان أيضًا أنَّ جميع الفتوحات الإسلامية أو أكثر الفتوحات الإسلامية كانت في رمضان، غزوة بدر في رمضان، فتح مكة في رمضان، فتح الأندلس في رمضان، جميع الانتصارات للمسلمين الحاسمة نزل النصر على عبادِ الله في شهر الله، في شهر القرآن، في شهر رمضان؛ لأنَّ الإنسان حين ينتصر على نفسه ينصره المولى تبارك وتعالى على أعداء الإسلام.
أيها الإخوة المؤمنون نحرص من اليوم على أن نُحصي ساعات رمضان نقضيها جميعًا في مرضاة الله، الصلاة في المسجد، القيام نعود إلى البيت فنصلي بالأهل ركعتين أو أربع، وتفتح المصاحف ولا تُغلق أبدًا إن شاء الله لا في رمضان ولا في غير رمضان، حتى نلقى الله، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه- ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (الأحزاب: 56) أيها الإخوة سألني بعض الإخوة عن طريق الهاتف ما رأيك في لعبِ الورقِ في رمضان حتى نقتل الوقت ونسلي الصيام؟ وقت الإنسان، عمر الإنسان، الوقتُ في الإسلام أغلى من الذهب؛ لأن الذهب له عوض أما الوقتَ فلا عوضَ له، الوقت هو العُمر واللحظة التي تمضي من العمر لا تعود إلى يوم القيامة وهي شاهدة على صاحبها.
أيها الإخوة المؤمنون مثل هذا السؤال لا يَرِد ولا ينبغي أن يكون في حسِّ مؤمنٍ أبدًا، المؤمن الذي يحسب وقته ويعرف ما يُرِيده المولى تبارك وتعالى منه لا يسأل هذا السؤال، قتل الوقت لماذا تقتل الوقت؟! تُحيي الوقت بطاعةِ الله، تحيي الوقت بزيارة المريض، تُحيي الوقت برعاية الأهل والأقارب والأرحام، كل هذا له ثواب في ميزانك وفي حسناتك يوم القيامة، تُحيي الوقت بتعليم أولادك، تعليم بنتك، تعليم ابنك، تحيي الوقت بالإحسان إلى زوجك وأهلك وبيتك، والشكاوى التي تأتي من كثير من المسلماتِ تدل على أن بعض الأزواج لا يتقون الله ولا يخافون الله ولا يراقبون الله في بيوتهم؛ يعاملون الزوجةَ في البيت كأنها لا شيء وليست بإنسانة ولا قيمةَ لها أبدًا، وهذا والعياذ بالله من الطباع غير الإسلامية؛ لأنَّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، والذي لا يُحسن التعامل مع زوجته لم يحسن التعامل مع غيرها، والمسلم يسعى إلى الكمال يسعى إلى الخير، يسعى إلى أن يزداد في كل يوم ما يقربه من المولى تبارك وتعالى.
أيها الإخوة المؤمنون في هذا الشهر المبارك الكريم نجدد التوبة ونجدد العزم ونخلع جميع الأخلاق التي لا تُرضي الله جميع الصفات التي لا تُرضي الله نخلعها ونتوب عنها، ونبدأ صفحةً جديدةً طيبةً كريمة، ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ (فصلت: 30) هذا ما نرجوه، وهذا ما نُأمِّله من كل مسلم يخشى الله ويشعر بلقاء المولى تبارك وتعالى.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا، اللهم اجعلنا من عتقاء رمضان، اللهم اجعلنا من عتقاء رمضان، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم تقبَّل أعمالنا، اللهم تب علينا.. عباد الله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (النحل: 90).
- عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، ومن علماء الأزهر الشريف.