فدائيات الحصار......لانّ الحديد ونحن كلا....لااااانلين!!
فدائيات الحصار......لانّ الحديد ونحن كلا....لااااانلين!!
بقلم هنادي نصرالله
بعتُم ضمائركم بأبخسِ عملةٍ ..وعيونكم نظرت لنا متفرجين!كحجارةٍ صماءَ ليس لصمتها عجبٌ يمزقها السلاح بلا أنين!
- يا أيها المتعبدون قصوركم سفهًا وعربدةً وأسفل سافلين ...باللهِ أسألكم أمات ضميركم؟!!أم تفرحون بأن نعيش مشردين؟!!
- إن كان ذا هدفًا لكم....فلتعلموا(لان الحديد ونحن كلا لا نلين!).
ولتعلموا أنّا أبت خلجاتنا عيشًا لها لتكون بين الخالدين،فالأم تفرح عند فقد حبيبها!وتقول يفديكِ أرض الثائرين"ولدي ـ ونفسي ذاتهاـ وبعولتي"؛حتى تعودي حرةً تتبخترين!.
هذا بالضبط حال نسوة فلسطين وشاباتها اللواتي انتفضن ثائرات،وأسرعن لنجدة إخوانهن المجاهدين الذين حاصرهم المحتل الصهيوني في مسجد النصر بمدينة بيت حانون الصابرة،فاستشهدت منهن ثلاث نساء ورابعة في حالةٍ موتٍ سريري،بينما بُترت ساق إثنيتن منهن وأصيبت العشرات،ورغم ذلك هن شامخات كأشجار التين والنخيل والزيتون.
لن أتخلى عنهم!
"لو طلبوا مني مرةً أخرى مساعدتهم واللهِ الذي لا إله غيره،لن أتردد ولو للحظةٍ واحدة،الجهاد سبيلنا ونيل الشهادة أغلى وأعز أمانينا"
بهذه الكلمات استقبلت الجريحة البطلة"منى رجب محمد جاسر"ابنة السبعة والثلاثين عامًا نبأ زيارة وفد جمعية الشابات المسلمات لها (حيث ضم الوفد مجلس إدارتها ومديرات فروعها إضافةً إلى مسئولات الأقسام واللجان فيها). وتابعت تقول بفخرٍ واعتزاز"واللهِ يا أخواتي كنتُ في المقدمة...في أول الصفوف..خرجت وأنا أرجو ربي الشهادة وأردد يارب...اقبلني شهيدة...
أمي...سامحيني!
وأضافت:أنا أسكن في بلدة جباليا،أبي معاق وأمي سيدةٌ عجوز ما أن سمعت المساجد تكبر..حتى ارتديت جلبابي ولم آخذ معي أي شيء وقلت لأمي على عجل"أمي بالله عليكِ سامحيني وإن كان عليّ دين سديه عني ...يلا سلام
وهنا تعلق أمها العجوز على حديثها قائلة"تلفتُ يمين وشمال أين منى...فأدركتُ أنا خرجت ودعيت ربي أن يحفظها وأن يفك على أيديها وأيدي أخواتها حصار أبنائي المجاهدين".
بالعلم والجهاد نبني الأوطان
الطالبة الجامعية والأم الفلسطينية كان لها نصيبٌ مشرف في مسيرة الخنساوات البطولية وهذا يظهر واضحًا من خلال حديث الجريحة البطلة رضا سميح أبو هربيد التي جمعت بين جهاد العلم والدراسة وتربية الأبناء.
تقول رضا وهي طالبة في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية وأم لثلاثة أطفال"إخواني ثلاثة محاصرين عدا عن أبناء حماتي وزوجها وأسلافي...نحن بحمد الله عائلة مجاهدة ونتمنى أن ننال الشهادة..فالدنيا لا تساوي شيئا عند الله...أتمنى أن نستشهد وهذه أعز أمانينا....مؤكدةً أن طالبات الجامعة الإسلامية بغزة كان لهن دورًا بارزًا وملموسًا في فك الحصارعن إخوانهن المجاهدين!.
رغم البتر...عصيةٌ على الكسر!
مشهدٌ بطوليٌ ثالث حدثتنا عنه الجريحة"تحرير شاهين خمسة وثلاثين عامًا والتي فقدت ساقها؛لتسبقها إلى الجنة بمشيئة الله،كما أصيبت يدها اليمنى.
بعيون الصبر والإيمان والرضا بقضاء الله وقدره تقول الجريحة تحرير وهي أم لثمانية أطفال" اللهم انصر الإسلام و المجاهدين ...وعذّب الخونة المتخاذلين...اللهم إنا نسألك فرجًا من عنك قريب لإخواننا المأسورين المحرومين من رؤية أبنائهم وأهليهم.
وبعد هذا الدعاء توضح لنا سبب خروجها في مسيرة الخنساوات قائلة"أيعقل يا أخواتي أن تخرج نساء بلدتي...وجاراتي ..وأنا لا أخرج؟!لا واللهِ هذا لن يحصل..خرجت وتوكلت على الله ملبية ً طائعةً لنداء إخواني المجاهدين الذين أفخر بهم...الحمد لله الذي مكنني وأخواتي من فك الحصار...ليعلم الرجال قوة وعزيمة صبر النساء ..بل ليعلم أشباه الرجال أننا لن نلين ولن نستكين..لون نهدأ إلا إذا تحررنا وانتصرنا .وأن أن ننال الشهادة عند رب العالمين.!
وأمام كلمات الثبات والصبر والإيمان التي كانت تخرج من أعماق قلوب الجريحات كانت جمعية الشابات المسلمات الزائرة لهن تشد من أزرهن وتقول "لقد رفعتن رؤسنا عاليًا في السماء..ها هي هاماتنا تعانق الثريا...هنيئًا لكن فعلتكن الرائعة..بارك الله صنيعكن الحسن...وإن شاء الله يا ـ تحريرـ ستكون ساقك الآن في الجنة
إرادةٌ تتحدى الفقر والحصار
لم يمنعها الفقر الذي تحياه من الخروج في ثورة الخنساوات،بل أرادت أت تُلقن أعداء الحق والديمقراطية درسًا لن ينسوه أبدًا.
فقالت الجريحة"هبه محمود رجب البالغة من العمر واحدٌ وعشرين عامًا..أنا حُركت من دخول الجامعة بسبب ظروفنا الإقتصادية الصعبة؛فأبي كان يعمل في فلسطين المحتلة،والآن بفعل الحصار فقد مصدر رزقه،وهويعول أسرة مكونة من عشرة أفراد...رغم هذا أبي صابر ويدعم الحكومة والمجاهدين وكل الشرفاء الذين يدافعون عن عزتنا وكرامتنا وشرفنا.
وتتابع الجريحة هبة من على سرير شفائها قائلة"ذهبت إلى إخواني المحاصرين تمكنا من تجاوز بعض الأسلاك الشائكة وسط تكبيراتنا التي أرهبت المحتل؛فبات يطلق الرصاص بصورةٍ عشوائيةٍ وجنونية..كان نصيبي أن أكون جريحة..الحمد لله على كل حال..رغم أن حلمي الشهادة!
في بيوتنا ولم نسلم!
المشهد الأكثر فظاعة وألمًا على قلوبنا هو مشهد عائلة آل فياض التي لم تشارك في مسيرة الخنساوات،بل كانت في بيتها تستعد لأداء صلاة الفجر رغم قذائف الدبابات التي تنهال بقوة على المنازل التي لم تعد آمنة.
تحدثنا الجريحة"هبة فياض"سبعة عشر عامًا وهي طالبة في الثانوية العامة عن ذلك قائلة"نحن مسالمين..كنا نتهيأ للصلاة أنا وأمي ذهبنالنتوضأ وإذا بإخواني الصغار يصرخون لشدة القصف الصهيوني...قمتُ أنا وأمي بأخذهم إلى غرفةٍ آمنة في البيت ولكن هيهات لنا..فالقذائف لم تمهلنا البيت هدم على رؤسنا وها نحن جميًعا في المستفى..أبي رياض فياض..وأخي محمود خمسة عشر عامًا...وأمير تسعة أعوام..وعبد خمسة أعوام...
شهيدٌ ابنها ولم تعلم!
وهنا تقول الأم نبيلة"واللهِ لم يكن في بالنا غير إقامة الصلاة والدعاء لإخواننا ..الحمد لله أصبنا ولا أحد منا استشهد...,هنا تغمزنا إحدى قريباتها لتقول لنا"مسكينة الأم لم تدري حتى هذه اللحظة أن إبنها براءابن الأربعة أعوام استشهد هي تتوهم أن ابنها جريح مع أبيه يتلقى العلاج في مستشفى كمال عدوان في بيت حانون..وتتابع قريبتها الله يصّبرنا ويقوينا ويُنصر إخوانا المجاهدين..! أخذنا نتجول في أنحاء المستشفى لنآزر أخواتنا الصابرات الجريحات بل لنقدم لهن الشكر والتقدير على تخطيطهن وفعلهن الجريء الحسن فقابلنا الجريحة"تغريد عبد الجواد حميد وهي أم لستة أبناء.تأملنا وجه الجريحة التي وافق أقاربها على مشاهدتنا لها بشرط آلا نيقظها من نومها لأنها متعبة جدًا..
وهنا تقول ابنتها وهي طالبة جامعية"خرجنا أنا وأمي في ثورة النساء رغم أننا نسكن في جباليا ـ منطقة الفالوجا،وما أن نزلت أمي من الحافلة حتى أصيبت وكان بجانبها شاب استشهد،وتضيف بعيون الغضب والصبر في آنٍ واحد"كنت أتوقع من العالم أن ينتفض وأن يخرج عن صمته الرهيب ولكن أيقنتُ أني أتوهم!
وتختتم حديثها قائلة وقد جاء أباها "نحن صابرون وسنظل كذلك ولن نستكين أو نلين".
تحيةٌ لكن..وألف سلام
انتفضن...وأسرعنّ لنجدةِ إخوانهن..تاركات أبنائهن الصغار وفي نيتهن أن يستشهدن...بعد أن تيقنّ أن الدنيا الفانية لا تسوي شيئًا أمام الشهادة والدارالآخرة..
وهنا لا نملك في جمعية الشابات المسلمات إلا نقول بعدهذا الموقف المشرف والجريء من نساء فلسطين الباسلات"إني أرى الشمس في الآفاقِ مشرقةً ...وأسمع الطيرَ تشدو اللحن والنغما...وأنظرُ الأمةَ الثكلى وقد نهضت..وثبتت في طريقٍ العزة القدما...هذا الذي نبتغي يا نصفَ أمتنا..لا نبتغي القصّ والموضاتِ والهُدما...نريد منكن عقلاً نيرًاوبه..نرقى أخياتنا العلياءَ والشمما...يا نجمةً تتلالا في تألقها...في جهادها..في مسيرتها...في إصابتها...تأبى الوهادَ وترقى بالشموخِ سما...أهديتُك الشعرَ تقديرًا ومكرُمةً وفيكِ...وفيكِ أنتِ فقط...شرفتُ هذا الحبرَ والقلماَ.
المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي