عقلية الحصار"!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عقلية الحصار"!
علم فلسطين.jpg


بقلم : أنطوان شلحت

من الجائز أن تكون إسرائيل، ممثلة بحكومتها اليمينية الحالية، تتخبّط فعلاً في ما يتعلق بسيناريوات التعامل مع الحالة السياسية المستجدة في العالم، والتي لا تنفك تعمل في مواجهتها، لكن هل يحيل ذلك إلى كونها تتخبّط، بالتوازي، في ما يتصل بثوابت سياستها العامة؟

من الصعب الجزم بجواب محدّد عن هذا السؤال، وإن كان ثمة من يميل إلى توكيد أن الإشارات المتراكمة حتى الآن لا تفيد بقرب المساس بتلك الثوابت.

مع هذا فليس من العسير تحديد بضعة جوانب مهمة من نمط التفكير الذي يبدو أن الحكومة الإسرائيلية مسكونة به.

وهو نمط لا يُعدّ جديداً، ويطلق البعض على خلفيته اسم "عقلية الحصار" والناجمة، برأي أحد الخبراء في بواطن السياسة الإسرائيلية، عن "الشعور بأننا معزولون كلياً في المعارك التي نخوضها".

وأوضح مقصده بالعبارات التالية: مثلاً، قرار السيطرة على قافلة السفن إلى غزة كان، أساساً، ناجماً عن شعور عبّر عنه مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى خلال حديث خاص، قبل تنفيذ العملية، بالقول: "لا يهم ما الذي سنفعله، ومدى الحذر الذي سنلتزم به، ذلك بأن العالم كله سيقف ضدنا في الأحوال جميعاً، وستقوم الأمم المتحدة بإدانتنا. إن ما يجب على إسرائيل فعله في ظل وضع كهذا هو الحفاظ على كرامتها الوطنية وعلى مبادئ الحصار البحري المفروض على غزة".

وتعني أقوال هذا المصدر العسكري، في قراءة ذلك الخبير، شيئاً واحداً هو "أن المعركة لكسب الرأي العام العالمي أصبحت وراءنا وأننا مُنينا بالخسارة فيها".

وقد نوّه بأن الشعور الناجم عن "عقلية الحصار"، والذي فحواه أن جميع "الأغيار" (الغوييم) ضدنا، هو شعور راسخ لدى المجتمع الإسرائيلي منذ إقامة الدولة، إلا إنه بلغ ذروة جديدة خلال الأعوام القليلة الفائتة، ولم يعد منحصراً في الشرائح اليمينية فقط بل أصبح أيضاً عنصراً مركزياً في طريقة التفكير الإسرائيلية عموماً.

كذلك فإن ما حدث في الحلبة الدولية خلال العام الفائت- تقرير لجنة غولدستون وحملة الإدانة والغضب عقب عملية اغتيال ناشط " حماس " محمود المبحوح في دبي ومطالبة إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية- أسفر عن تفاقم هذا الشعور العام الصعب الذي ينتاب أجزاء كبيرة جداً من المجتمع الإسرائيلي.

ويؤكد أن "عقلية الحصار" وما تتسبب به في الظاهر من تعب ولامبالاة، ينطويان على خطر كبير يتهدّد إسرائيل أيضاً، خصوصاً أنها لا تزال تواجه أخطاراً يومية وتهديدات بالقضاء عليها من جانب جهات غيبية ( إيران ) تبذل كل ما في وسعها من أجل امتلاك قدرات نووية. ولعل ما يزيد الوضع خطورة هو أن إسرائيل تملك وسائل عسكرية لمعاقبة أعدائها يمكن أن يؤدي بعضها إلى نتائج لا تُحمد عقباها!

ولئن كان صاحب هذا الحكم متبصراً بواقع أن هذه العقلية تقتات من وقائع التاريخ الحديث للدولة العبرية، فلا يمكن من ناحيتنا إغفال حقيقة أنها تقتات أيضاً من التاريخ المؤسطر لليهود عموماً.

وإزاء هذه العقلية يحلو لبعض آخر أن يستغرق في الحديث عن مترتبات ما يسمى بـ "أزمة القيادة الإسرائيلية الحالية"، والتي احتدت في إثر الحرب على لبنان في 2006 . وفي موازاة هذا فإن القناعة بما يتأتى عن هذه الأزمة من تأثير على وضع إسرائيل الراهن تدفع بعضاً ثالثاً إلى محاولة البحث عن "نمط مختلف للقيادة".

وهي محاولة طاولت برشاشها أوساطاً محدودة في صفوف اليهود الحريديم (المتشددين دينياً)، كما تدل على ذلك تطورات جديدة لدى هذه الفئات.

وفي نطاق تسويق هذا "النمط المختلف" برزت، في الآونة الأخيرة، أسماء عدد من الشخصيات العامة كان في مقدمها اسم الكاتب والصحافي والمذيع التلفزيوني يائير لبيد، نجل الوزير الإسرائيلي الأسبق ورئيس حزب شينوي الغارب يوسف لبيد (توفي قبل بضعة أعوام). ويتداول الوسط السياسي والإعلامي في إسرائيل شائعات تقول إن لبيد الابن يفكر في دخول المعترك السياسي على رأس حزب وسط جديد على غرار الحزب الذي ترأسه والده في حينه وحصد نجاحاً كبيراً.

لكن لم يصدر أي تأكيد أو نفي لهذه الشائعات من جانب لبيد أو المقربين منه.

مع ذلك فإنه لا يني يؤكد أن الأزمة، التي تعصف بإسرائيل، ناجمة عن سياستها لا عن قيادتها فقط، مع مراعاة وجود صلة وثيقة بين الأمرين.

وربما لذلك فإن القاعدة الشعبية التي تعلق آمالاً عليه واسعة، وفقاً لما أظهرته نتائج استطلاعات للرأي العام تطرقت إلى "قوته الانتخابية" في حال دخوله المعترك السياسي.


المصدر