عبدالفتاح نافع يكتب: نيوب الليث

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبدالفتاح نافع يكتب: نيوب الليث


عبدالفتاح نافع.jpg

( 30 أكتوبر 2017)


لست أدري لماذا كل هذه التحليلات حول إقالة السيسي لرئيس أركان انقلابه محمود حجازي ، ومن أين يأتي من يُحلل بأن هذا نذير عصيان بدا بين السيسي وحجازي ، أو نذير انتهاء الربيع بينهما وبداية فصل من العواصف والأعاصير المغرقة له ولانقلابه ، ما الذي يدعونا حتى إلى مجرد التفكير في ذلك ، وهو درب من دروب الخيال والتمني لحاجة في نفس من يحلل بذلك ، فيفسر ما حدث وفق ما يتمناه لا وفق الواقع الذي يحدث.

إن ما حدث في فترة الانقلاب التي كادت أن تنصرم ، يعجز الفكر في تصوره ، وتصور أن إنسانًا شريفًا في موقع المسئولية يمكن أن يقبله ، أو يسكت طوال هذه الفترة عليه ، ثم يشعر بوخز الضمير فجأة ويُنهي بيديه الملوثة بكل الدماء وبكل الخطايا الربيع الذي بدأه مع سيده ، وخطط له حتى وصل إلي غايته ، أو ينسف هذا النعيم الذي يحيا فيه ، و يُضيع هذا المنصب الرفيع والوجاهة الاجتماعية .

لو كان لدي المُقال هذا ذرة من كرامة أو من شرف تجعله ينتفض خوفًا علي مصلحة الوطن؛ فإن الحوادث التي حدثت كانت كفيلة بأن تستدعي هذا الشرف وهذه الكرامة ويرفض كل هذه الخطايا التي أحدثها سيده، ويعاتبه علي كل الوعود التي حنث فيها، وكل الأمنيات التي مني شعب الانقلاب بها ولم يعطيهم إلا الخسران المبين ، فمن قوله اصبروا عليَّ سنتين وبكره تشوفوا مصر إلي قوله مؤخرًا ـ مفيش حقوق إنسان مفيش تعليم مفيش صحة مفيش توظيف ـ ما بين هذا وذاك مجموعة كبيرة من الوعود التي لم تتحقق ، ومجموعات أكبر من الإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والعسكري ، أقلها فقط كان كفيلًا أن يجعل حجازي الذي يظن الناس أنه أُقيل لرفضه سياسات سيده ، أن يرفع راية الرفض والعصيان ؛ لكن هذا لم يحدث ، بل كان شريكًا في كل الخطايا وكل الإخفاقات ، شراكة أصيلة لا يمكن لأحد إنكارها.

فبداية كان حجازي هو مبعوث الانقلاب لدي البيت الأبيض وسفيره ، وكان هو همزة الوصل بين الانقلاب وقادته المجرمين وبين داعميه الأكثر إجرامًا بداية بالكيان الصهيوني مرورًا بالسعودية والكويت واستقرارًا في الإمارات الداعم الأكبر والأبرز للانقلاب والداعم الأول للقضاء علي ثورات الربيع العربي.

فلم يكن حجازي بعيدًا عن المشهد ولم يكن مغيبًا إنما كان من المخططين ومن المنفذين للانقلاب ومن الموثقين لدي السيسي لعدة أسباب ولذلك حل محل صدقي صبحي في قيادة أركان الانقلاب كمكافأة له وكنصيبه في كعكة الانقلاب.

فرط السيسى في مياه النيل ، وانفق أموال شعب الانقلاب علي مشروع تفريعة قناة السويس التي اعترف هو بعدها بعدم جدواها ، ثم أنفق أموال المصريين علي شراء شرعية له من خلال شراء أسلحة راكدة ، ثم تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للعدو الصهيوني وكان دور سلمان فيها التيس المُحلل ، ثم العدوان علي كل ممتلكات الدولة ، كل هذا حدث وحجازي شاهد عليه وشريك فيه ، فما الذي يمكن أن يحدث أكثر من هذا ليستثير ضمير الحجازي ليشق عصا الطاعة ويظهر عداءًا لسيده فتخبره به أمريكا فيبادر السيسي ويبطل ما يفعله حجازي فيُقيله ، أي حديث هذا.

بل إن كل الدماء البريئة الطاهرة التي أُريقت في كل الشوارع والميادين للتمكين لهذا الانقلاب لهي وحدها فقط كانت كفيلة أن تستثير ضمير الحجازي وكرامته فينحاز للشعب ويخرج علي سيده ، لكن هذا لم يحدث وإنما حدث أنه كان شريگًا فيها.

فما الذي يمكن أن يحدث أكثر من ذلك حتى يغضب الحجازي غضبةً قويةً يخشاها السيسي ، وترتعد فرائصه منه فيبادر بإقالته ، علي حين غرة .

والإجابة لا شيء.

وهذا يذكرني بقول الشاعر :

إذا رأيت نيوب الليث بارزة

فلا تحسبن أن الليث يبتسم

وأقول للجميع إذا رأيت تغييرًا في مواقع الانقلابيين أو ظهر ما يبدو أنه نوع من الإقصاء أو الصراع ووصل إلي حد إقالة السيسي لصهره أو ما شابه ذلك فلا تحسبن أن الليث يبتسم .

فهم أحقر من أن نظن في أحدهم خيرًا ، أو نتلمس فيهم شرفًا ، أو نظن أن أحدهم قد يصاب بنوبة يقظان ضمير.

وانتظر فسوف تبدي لك الأيام ما كنت جاهله ولا تستبق الأحداث بتحليلاتك فالأيام حُبلي بالمزيد وانتظر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا..

المصدر