عبدالفتاح نافع يكتب: الواحات 101

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبدالفتاح نافع يكتب: الواحات 101


عبدالفتاح نافع.jpg

( 22 أكتوبر 2017)

اتفقنا أو اختلفنا مع أداء الأجهزة الأمنية مع الشعب وخاصة المعتقلين السياسيين ، وما يقومون به من القبض علي الأبرياء وإخفائهم عنوة والقتل خارج إطار القانون — التصفية الجسدية — وكذلك المعاملة المبتذلة للمعتقلين داخل السجون ، وكذلك اقتحام بيوت الأبرياء الشرفاء في أوقات متأخرة من الليل وحتى مطلع الفجر وترويع الآمنين من النساء والأطفال الذين لم يظهروا علي عورات النساء وانتهاك حرمات تلك البيوت والتعامل مع ذويهم بطريقة تجعلك تستحضر كل مشاهد العنف التي بثتها كل التلفازات منذ أن نشأت وحتى الآن لاقتحام الصهاينة الجبابرة لبيوت المستضعفين من الفلسطينيين ، إن اختلفنا حول تلك الأمور أو رسا بنا الحال علي شاطئ الاتفاق ..

إلا أننا لا يمكن أن نختلف حول حرمة الدم وحرارته التي ألهبت كل القلوب حزنًا علي كل الدماء التي سالت من قبل ومن بعد .

ففيضان الدم الذي انطلق مع بيان الانقلاب الأول لم يتوقف علي الرغم من التفويض الذي منحه الأراذل من الناس لقائد الانقلاب للقضاء علي الإرهاب ، ولكنه استغل هذا التفويض الأخرق لتصفية كل خصومه السياسيين حتى من كان منهم معه ومن مؤيديه وقد يكون منحه تفويضًا ولكن طالما رأى منه تغريدًا خارج السرب فيصبح خصمه وتوجب القضاء عليه وما عكاشة وعيسي منكم ببعيد.

هذه الدماء النازفة من قلب الوطن منذ أخذت في الجريان علي الأرض مع أول رصاصة أطلقها جنود الانقلاب في صدور السلميين الذي رفضوا هذا الانقلاب ورفضوا معه كل ألوان القمع ووقفوا بصدور عارية في وجوه الطغاة ، وأمام مجنزراتهم ولم يرحم هؤلاء الطغاة ضعفهم وسلميتهم وإنسانيتهم ولكن فرموهم تحت جنازير مصفحاتهم وأردوهم قتلي بكل أنواع الرصاص وأنواع السلاح ، وفي كل الشوارع والميادين ، حتى أن أصوات آلياتهم ودوي طلقاتهم قد أصاب الناس بالصمم وبالخرس ، فأصبح الناس لا يسمعوا إلا ما يقوله الانقلابيون وإعلامهم ، ولا ينطق الناس أبدًا خشية أن ينزلق لسانه بكلمة تحتمل معنيين فتؤل علي المعني الذي يجلب له الضرر فيُلقي في السجن مذمومًا مخذولًا ، فآثر السلامة وبلع لسانه ولا يخرجه إلا إذا أراد أن ينافق لهم ويبدي دياثته فيسب ويشتم فيمن وجه الإعلام عليه أضواؤه وينطلق عليه يفترسه معهم ، لا لشيء إلا ليثبت لهم أنه خاضع خضوع الجواري لأسيادها.. المهم أن كل الأصوات خشعت وصمتت .

وألفت الناس أصوات القنابل ، وألفوا سماع التبريرات الواهية ، وأَلِفَ الناس لون الدماء وألفوا الحزن الانفعالي الذي سرعان ما يتبدد ليشمر عن ساعديه ويستعد ، فقد يستدعيه الناس لمحزنة جديدة فالأحزان تتوالي علينا تترى ، وقد لا يلاحق الحزن علينا فأراه قد يأس منا وترك خلوته وأقام مع الجميع مجاورا لقلوبهم بل ساكنًا فيها ومستغرقها استغراقًا.

نزفت الدماء ، وحزنت القلوب كل القلوب ، وبدأ الناس في قذف الناس بالتهم ، وتفننوا في صياغتهم ، وبادروا قبل خروج البيانات المتضاربة من وزارة الداخلية ببث التهم يمنةً وميسرةً كعادتهم في ذلك ، وأصاب المسئولون الخرس وخرج علينا الفتائون ليتقعروا في فتاواهم ويلوون ألسنتهم بالقول لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ..

وأصبح الناس لا يقبلون تهمًا لأحد غير من يرون أنهم هم المتهمون حتى ولو لم يكونوا إلا أبرياء ، بل وأصبحوا متحفزين حتى للكلمة التي لا تُعجبهم فيقذفوا صاحبها بكل الشوائن والبلايا ويسحبوا منهم صك الوطنية الذي يخالونه عطية في أيديهم يمنحوه ويمنعوه حسبما شاءوا ولست أعرف من الذي منحهم هذا الحق ! ! !

والنظام المنقلب تعجبه هذه الحالة من التنابذ والتحفز فلا يدلي بدلاءٍ تنهي هذا الجدل وهذا الحريق بل يريده مستعرًا تزكيه فضائياته.

ولا نسمع منهم إلا ما يرضي أسيادهم وهم يعلمون أنه كذبًا وزورًا.. ولا يستطيع أحد منهم أن يطلب الحقيقة ، فالحقيقة هي ما نقوله حتى ولو لم تسمعه.

وأنا هنا أطلب من النظام الانقلابي أن يفك طلاسم هذا السحر الأرضي الذي فرق بين الأحبة وفرق بين المرء وزوجه ، ويخرج علينا بتحقيق مهني محايد لنعرف الحقيقة الكاملة ونعرف من فعلها حتى نجلوا ذلك الغمام الذي علي العيون ، نريد تحقيقًا من رجال لنعرف الحقائق فتخرس الألسنة وتستقر القلوب ، فإذا لم يخرج علينا النظام بأدلة قوية وتحقيق شفاف ووضع أصابع الاتهام علي المتهمين الجناة الحقيقيين ، وإذا مر هذا الحادث مرور الأحداث التي قبله ، وسكتت الحكومة وسكت الشعب بسكوتها ، ولم يطلب أحد الحقيقة ، فأنا بعدها أشير بأصابع وبيد وبقدم وبفخذ الاتهام إلي الحكومة طالما لم تفسر لنا هذا الحدث ، ومر ككل الحوادث التي مرت قبله.. فليصمت الجميع حتى يقول القضاء كلمته.. إن كان هناك قضاء متبقي لم يأكله العسكر..

المصدر