رسالة إلى أخي الحبيب (1)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة إلى أخي الحبيب (1)


بقلم : جمال سيد الأهل

أخي الحبيب ..

أخي المسلم في كل مكان أتوجه إليك بهذه الكلمات ، فأنت أخي ، وأنا وأنت نشترك في كثير من الأمور ، فنحن نعبد ربا واحدا ونتبع رسولا واحدا و نصلي لقبلة واحدة وفي الغالب نتكلم لغة واحدة فالمشترك بيني وبينك كثير .

أخي الحبيب ..

اسمح لي أن أتحدث إليك بعاطفة جياشة وروح تملأها المحبة ، اسمح لي أن أحدثك في موضوع هام يؤرقني ويشغلني ولعله يؤرقك ويشغلك أنت أيضا ، فكما تعلم ياأخي الحبيب أننا ننتمي إلى أمة واحدة ، هذه الأمة التي ذكرها الله في كتابه العزيز قائلا ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) هذه الأمة ياأخي تمر بمرحلة عصيبة ، هذه الأمة ياأخي كثرت مشاكلها واستباح الأعداء حماها .

أخي الحبيب ..

دعني أحدثك قليلا عن هذه الأمة فربما نحتاج سويا أن نتذكر بعض الشيء عن أمتنا :

- عدد دول العالم الإسلامي 56 دولة وعدد المسلمون في العالم يقترب من الربع ودولهم تغطي ربع مساحة الكرة الأرضية.

- نمتلك 80 % من احتياطي البترول وننتج 60 % من إنتاج العالم .

- ننتج 43 % من القطن و 80 % من زيت النخيل و 35 % من جوز الهند و 75 % من الجوت و 80 % من المطاط و 99 % من انتاج التمر .

- ننتج 56 % من القصدير و 40 % من الكروم والمنجنيز والفوسفات و 23 % من بوكسيت الألومنيوم من إجمالي إنتاج العالم .

- يمتلك العالم الإسلامي ما يزيد على 375 مليون رأس من الماشية .

- الأرقام تثبت أن العالم الإسلامي يحتل المرتبة الأولى في إنتاج البترول والتمر والقطن والمطاط والثانية من انتاج الزيتون والقمح والثالث في قصب السكر وكثير من المنتجات الأخرى .

- العالم الإسلامي له موقع فريد حيث يكاد لا يوجد خط بحري ولا جوي إلا ويمر عبر العالم الإسلامي .

وفي المقابل :

- نسبة كبيرة جدا من هذا الإنتاج يصدر كمواد خام .

- إجمالي الناتج المحلي 735 مليار دولار في العام مقابل 4.6 تريليون لليابان و 6.6 ترليون دولار لأمريكا.

- إجمالي الصادرات 281 مليار دولار في العام مقابل 513 مليار لأمريكا و 3.9 تريليون دولار لليابان.

- أكثر من 800 مليار دولار أموال معطلة في بنوك الغرب.

- 40 % فقط من الأراضي الصالحة للزراعة تم استغلالها.

- مردود الكيلومتر المربع من الأرض الزراعية في بعض الدول العربية (70 ) طناً.. بينما مثيله في الدانمرك يصل مردوده إلى (300) طن وفي فرنسا (200) طن.

- حصة الفرد في أمريكا من ميزانية البحث العلمي 700 دولار وفي دولة الكيان الصهيوني 250 دولار وفي العالم العربي 6 دولار.

- نسب الفقر والأمية وانتشار الأمراض عالية جدا .

- جل العالم الإسلامي يصنف في العالم الثالث أو قل العالم المتخلف .

- الحرية والتعبير عن الرأي ليست من خصائص العالم الإسلامي .

- تزوير الإرادة والتبعية والفساد من أهم خصائص عالمنا الإسلامي .

- بعض دولنا ما زالت تحت الاحتلال الأجنبي المباشر .

- وكثير من الأمور الأخرى ...

القائمة تطول ولا أريد أن أزيد في هذا الأمر فحال الأمة لا يخفى على ذي عينين .

- أما حال غيرنا معنا فحدث ولا حرج فجل دول العالم الآن لا تتورع عن إيذاء أمتنا أو توجيه الضربات لها فهذا ساركوزي يدور يملي علينا أفكاره النووية والمتوسطية وبعده بوش يجيء إلينا كأعتى امبراطور روماني محتفل منتشي رافعا رأسه علينا وياليته ينظر إلى خيبته هنا وهناك . ومن أوربا يأتي لنا سافل وضيع يسب نبينا ويتهم ديننا .

- وفي غزة وما أدراك ما غزة ؟ حصار قاتل مميت ، قتل وتدمير لكل شيء ، ونحن متفرجون ؟ أتصدق هذا ياأخي بل نحن مشاركون في لحصار ، هذا هو واقعنا .

- ولأمتنا قصة طويلة تبدأ من يوم ما بدأت الفتوح ونحن نرى تلك الصفوة المؤمنة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المندفعة بعد موته لإتمام مهمته في نشر الدين بأروع الاندفاع ، المنتشرة مثل شعاع الشمس ، تفتح البلاد ، وتحطم الطواغيت ، وتقود الناس إلى الجنة . فما إن أتت السنوات الأخيرة من القرن الأول حتى كان نوع بطر قد سرى إلى جيل جديد ممن خلف أولئك الأفذاذ ، فلانت له نفوس ، وضعفت عزائم كانت أولى أن تواصل تحطيم بقية الطواغيت . ويهيء الله للأمة عمر بن عبد العزيز رحمه الله بما حباه من روح عالية ، فيرى من مجرد ذاك البطر القليل والقعود دلالة انحراف عن الحق ويستعظم أن تكون أمة الجهاد قد خف اندفاعها فيقول حزينا ( إني أعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله ، فقد فني عليه الكبير ، وكبر عليه الصغير ، وفصح عليه الأعجمي ، وهاجر عليه الأعرابي ، حتى حسبوه دينا لا يرون الحق غيره) . كلمة قالها عمر في حزن عميق مع أنه يستلم قيادة أمة تسود الأمم ، وتفيض بمعاني الخير ، وتحكم نفسها عموما بشرع الله . إنه استكبار واستعظام المؤمن لصغار المعاصي وقليل البدع وهين الظلم وأوليات الترف . وإنها نفس المؤمن في حساسيتها البالغة إزاء معاني العدل والظلم والاتباع والابتداع والبذل والدعة .

- ومضت من بعد عمر قرون و أجيال ، نصر الإسلام في حقب منها أبطال من القادة و المصلحين ، وسادت الغفلة في حقب أخرى ، حتى رأينا الأمة في يومها هذا وقد أنهكتها خطط اليهود ودول الكفر ، وسلبتها خيرها ، بما أضعفته من إيمانها ، وبدلته من موازينها ، وبما أقصته من حكم قرآنها ، وما فرضته وربت عليه ذراري المسلمين من تصورات مغايرة للإسلام تكسبها مختلف الأسماء وتلبسها متعددة الثياب . فإن كان في قلب المرء بقية من إيمان ، وأثارة من غيرة ، يأبى معها التنصل من دينه : صرعوه بالتزوير وخدعوه بالتمويه ، فيجعلونه أسير ساسة ومستشرقين وأدباء لا فقه لهم ، يتشبثون بنصوص عامة وربما من الحديث الموضوع لتخريج نظم السياسة والاقتصاد تخريجا اسلاميا دون أي ضابط من أصول الفقه أو الاجتهاد .

- فمحنة المسلمين اليوم لا تقتصر على نظم حكم ظالمة فحسب ، بل تعدت إلى تربية سخرت المناهج الدراسية وكراسي الجامعات والصحف والإذاعات لمسخ الأفكار والقيم . إن عصاة المسلمين اليوم ضحية تربية أخلدتهم إلى الأرض ، أرادت لهم الفسوق ابتداءا، لتستخف بهم الحكومات انتهاءا ، وإنها لخطة قديمة يأخذها طاغوت لاحق عن طاغوت سابق حتى تصل أصولها إلى فرعون وذلك كما يقول الله تعالى ( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ) وما كان فرعون بقادر على أن يستخف قومه فيطيعوه لو لم يكونوا قوما فاسقين عن دين الله ، فالمؤمن بالله لا يستخفه طاغوت ولا يمكن أن يطيع له أمرا . وهكذا أدركوا المقتل الذي عرفه فرعون ، فتواصوا بالإفساد وأخذوا يحولون المجتمعات إلى فتات غارق في وحل الجنس والفاحشة والفجور ، مشغول بلقمة العيش التي لا يجدها إلا بالكد والعسر والجهد ، كي لا يفيق ، بعد اللقمة والجنس ، ليستمع إلى هدى أو يفيء إلى دين .

- وصارت تلك سياستهم : سياسة محاربة المساجد بالمراقص ، ومحاربة الزوجات بالمومسات ، ومحاربة العقائد بأساتذة حرية الفكر ، ومحاربة فنون القوة بفنون اللذة . وهكذا تحول بهذه التربية ذلك الصقر الإسلامي إلى مثل طائر الحجل في وداعته .

- وكان من تمام ما يلزمه هذا الترويض أن يستبد بالتوجيه التربوي والإذاعي والصحافي أدعياء العلم والشعر والثقافة والحكمة الذين طفقوا يزينون للجيل الجديد ، سليل المجاهدين وشبل الأسود ، أن يكون رقيقا للشهوات والجنس ، وبدأوا يمحون تراث الأمة التي نهضت به ويطمسون قصص العلماء حذرا من أن تكون نبراسا للجيل يستدل بها على طريق العمل .

- وقد كان .. محيت قصص أسود الإسلام من العلماء والزهاد والمجاهدين من تاريخ القرون الفاضلة الأولى لهذه الأمة المجاهدة ، وأنتجت خطط التربية ذاك الظبي الجفول الذي لم يعد يقتحم واستبدل العزم بالتفلت والمسارعة إلى الهرب . إنهم هذا الجيل من أبناء المسلمين ، شبل أسد تحول إلى ظبي وديع وحر استرقوه ففرح.

- ومرت الخطة وبدأوا في المرحلة الثانية وهي مرحلة التحول السريع ..

هذا أخي هو وضع الأمة وهذه هي قصتها كما ذُكرت في المنطلق .

أخي الحبيب معذرة فقد أطلت عليك ولكن أستأذنك وأستميحك عذرا أن أكمل حديثي معك في رسالة قادمة أكمل فيها حديثي معك و أبث لك ما أحمله من هم هذه الأمة الذي أرقني ولك مني أرق تحية .

المصدر