حل القضية الفلسطينية ممكن ممكن!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حل القضية الفلسطينية ممكن ممكن!
علم فلسطين.jpg

بقلم : تحسين يقين

للأربعيني فيّ اليوم، أن يفكّر جديا بالمستقبل، مستقبل الأبناء في بلاد ضاقت بالنزاعات والصراعات، له أن يفكر بمستقبل الجماعة والشعب بما يتجاوز الهموم والاهتمامات الشخصية من تأمين حاجات الفرد والأسرة، ولعلنا ندعو بدعوة السيد المسيح القديمة: "خبزنا كفافنا أعطنا اليوم"، ولعلنا نتذكر حكمة الشعوب عن "هداة البال" التي ترددها الأمثال الشعبية...ولعلنا نغني مع صباح "ع البساطة البساطة غديني خبزة وزيتونة وعشيني بطاطا...".

حين يصحو الفلسطينيون من النوم، وأنا منهم، صحيح أننا نكون مهمومين ومشغولين بأعمالنا، لكن يحمل كل واحد منا همّا جمعيا، هو همّ الاحتلال الذي يؤثر على أدق تفاصيل حياتنا اليومية، ليسطو عليها، وعلينا معا..فلا ندري إلا بألسنتنا تقول متسائلة في حرقة وأمل: متى سنتخلص منه، هذا الاحتلال الأكثر سوءا؟

احتلال طويل، 43 عاما؟ 62 عاما؟ قرن أو يزيد؟

لكن شعب دولة الاحتلال رغم تفوقه العسكري ليس سعيدا ولا مستقرا ولا هادئ البال!

وهو مهموم بمستقبله وخائف أكثر من الشعب الذي يعيش تحت الاحتلال!

هو الاحتلال مهموم بحساب أعداد المواليد وأعداد قصص الحب المنوي تحولها إلى زواج وأسر جديدة تتكون..

وهو بما يصنع على الأرض يهدف إلى إقرار الأمر الواقع على الأرض متناسيا أننا أيضا أمر واقع قبله!

ليس هناك قدر حاكم مطلق ينفع لكل زمان في عالم البشر!

حلول إبداعية هي ما تحتاج القضية الفلسطينية، وهي بالضرورة حلول إنسانية مستقبلية، علما أن الحرب هي واحدة من أساليب الحل، والتي يمكن أن تحسم بعض الأمور!

لكن الحرب ليست حلا إنسانيا حكيما، وأظن أن الشاعر قديما كفانا القول حين أنشد منفّرا منها:

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم

متى تبعثوها تبعثوها ذميمة وتضرى إذا ضريتموها فتضرم

فتعرككم عرك الرحى بثفالها وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم

إذن؟

ببساطة واختصار، سيكتشف الإسرائيليون وهم الحدود والجدران والاستيطان، ولعلهم اكتشفوا دون أن يعترفوا.. قال رابين يوما: نحن هنا وهم هناك!

فدخل تفاوضا من أجل حل الدولتين..كان الرجل صهيونيا صادقا يعرف معنى شكل دولة إسرائيل التي يريدها.. وكان ما كان من مياه مرت ومياه أسنت ومياه جفت!

جاء شارون وقال: لا يا جماعة، نحن هنا ونحن هناك!

وكان ما كان ويكون من تأكيد على الاستيطان في الضفة الغربية، المكان الطبيعي والمفروض للدولة الفلسطينية..فكان الجدار العنصري المبني داخل حدود الضفة الغربية، مدخلا الكثير من المستوطنات داخله، والباحث عن حلول جهنمية تدخل ما تبقى من مستوطنات خارج الجدار لتصير كتلك التي في الداخل، وإخراج ما يستطيع من فلسطينيين 48 و67 من داخل الجدار إلى خارجه!

ورغم ذلك، ما زال الفلسطينيون هنا وهناك، داخل الجدار وخارجه، وداخل الضفة الغربية وداخل فلسطين المحتلة عام 1948 ، أي داخل دولة "إسرائيل"، فماذا هي صانعة؟

وماذا يفكّر عباقرة الصهيانة من حلول!؟

المشكلة الكبرى أن الحلول الإسرائيلية للمشاكل التي تخلقها إسرائيل على الأرض تنطلق من منظور عنصري، غير قادرة على الفكاك منه، ولأجل ذلك هناك صعوبة في حل كل قضايا الحل النهائي!

لكن بنظري المسألة أبسط، وكما قال المثل: "صغّرها بتصغر، كبّرها بتكبر"!

نحن هنا وهناك وهم أي الإسرائيليون هنا وهناك: أرض ال67 وأرض ال48 ! صحيح أن وجودنا هنا وهناك أمر طبيعي مشروع، ووجودهم غير شرعي بل بالقوة صار، لكنه على أية حال وجود، وجود شعب من لحم ودم رغم عسكرته المريبة!

ونحن كلاجئين في الخارج، وكذلك هناك يهود في الخارج..

نحن نقول بحق العودة، وهم كذلك!

صحيح أننا على حق ومطالبنا شرعية ومنطقية قابلة للتحقق، لرجوع شعب تم تهجيره منذ 62 عاما..وصحيح أننا لا نقبل بالهجرات اليهودية إلى فلسطين التي أصّلت لطردنا ونفينا، كونها هجرات سياسية لا هجرات عادية كباقي الهجرات في العالم...لكن رغم ذلك، وفي ظل هذه الإشكالية، نقول أن الأرض واسعة تتسع، "المطرح الضيق بيسع مية صديق"، وليعد من يريد من اللاجئين لبلادهم، فهذا حقهم الذي لا يجوز بأي حال من الأحوال حرمانهم منه، وليأتي من يريد لهذه البلاد إذا اختار بنفسه للعيش هنا..

نحن هنا وهناك وهم أي اليهود الإسرائيليون كذلك، رضينا أو أبينا، أحببنا أو كرهنا!

لذلك أحسب الحديث عن تجميد الاستيطان حديثا سطحيا آنيا ملهيا عن الجذور، عما هو أعمق..لماذا؟

لأن إسرائيل لا تضع في بالها الانسحاب من المستوطنات إلا ما هو هامشي منها..

وعشوائي!

ولأنه أيضا، لا يريد فلسطينيو عام 1948 ترك بلادهم!

فالسؤال فعلا هو ليس عن إضافة وحدات استيطانية جديدة، بل بالأحرى ماذا هم صانعون بعشرات الآلاف منها القائمة والمأهولة!؟

إسرائيل تريد الاستمرار بالاستيطان..

والفلسطينيون هنا وهناك شعب باق يستأنف كل يوم حياته، ويحب رجاله النساء، فيكونون أسرا جديدة تحتاج بيوتا..

وحدائق وملاعب وماء وكهرباء وتكنولوجيا المعلومات!

واستيطان إسرائيل ليس فقط في الضفة، بل هو بالأحرى أيضا وقبلا داخل فلسطين 1948 ، أي داخل دولة إسرائيل..

وهو استيطان من وجهة نظرها مشروع وعليه إجماع صهيوني، يقترن بمعاملة فلسطينيي عام 1948، داخل دولة إسرائيل، معاملة عنصرية بشعة..

نحن هنا وهناك، وهم كذلك، إذن ما جدوى الأسوار؟

وما جدوى دولة مستعمرة ودويلة مقطعة الأوصال داخل الضفة الغربية، ينتمي شعبها إلى القومية نفسها التي ينتمي لها شعب فلسطين داخل إسرائيل والذي يتزايد باستمرار!

ليس هناك إذن إلا الدولة الواحدة للجميع، هذا حل طبيعي ووحيد، أحببناه أو كرهنا، أحبه الإسرائيليون أو كرهوه..

وكل تأخير باتجاه تحقيق إيجاد هذه الدولة الواحدة لا يعني في نهاية المطاف إلا قيام هذه الدولة الواحدة، و"اللي بخاف من القرد بيطلع له"!

فلا "ينم العنصريون حين يفكرون بالحلول العنصرية بين القبور ولا يشوفوا أحلام مزعجة"!

المشكلة الكبرى أن الحلول الإسرائيلية للمشاكل التي تخلقها إسرائيل على الأرض تنطلق من منظور عنصري، غير قادرة على الفكاك منه، ولا بدّ من أن يقوم المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة بتخليص إسرائيل من عنصريتها التي تقتلها وتؤذيها وتؤذينا وتخرب مشهد المنطقة!

إذن الفرصة..

بل الضرورة تقتضي الإصغاء لصوت العقل والحكمة..

والواقع أيضا!

وعلى حكماء إسرائيل أن يلتقطوا اللحظة التاريخية للاندماج في المنطقة، بما هو أعلى من سقف المبادرة العربية للسلام..

نحتاج مبدعين/ات ينطلقون من منطلقات إنسانية غير عنصرية ولا ضيقة النظر، تستهدف المستقبل..مبدعين من هنا وهناك ومن خراج المكان..

لكن على أن يكونوا من داخل الزمان، حتى لا تظل فرص الحلول الإنسانية عرضة للضياع! المكان يتسع حين تكون الإنسانية في أبهى صورها والعقل قائد وهاد.. كلام رومانسي..

ربما..

لكنه منطقي وقابل للحياة في المستقبل!

ولربما يحل المشكلة من جزء كبير من جذورها..

وليكن شعار الغد دع الجميع يعيشون..

رومانسي وخيالي..وهل تكون الحياة بدونهما!؟


المصدر