الأنبياء في الطريق إلي الله (1) !!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأنبياء في الطريق إلي الله (1) !!


بقلم : خميس النقيب

من أراد أن يحيي في رحاب الله علي أي لون كانت الحياة ، قويا أو ضعيفا ،غنيا أو فقيرا ، رئيسا أو مرؤوسا ، مريضا أو معافى ،ميسورا أو مكروبا ، عليه إن يظل مرتفع الهامة عالي القامة لا تطويه شده ولا تاخذة نازله، لا يبث شكواه لإنسان ولا يبدى صفحته لمخلوق وإنما يتوجه إلى ربه ويكشف نفسه لخالقه ورازقه فهو وحده الذي بيده كشف الضر "َإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "(يونس:107) وهو وحده الذي يذهب الضر ، ويرصد الكل ، علي كل شيء قدير ، وبكل شيء بصير .."وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ "(الأنعام:1) وهذا ما كان عليه الأنبياء عليهم جميعا أفضل الصلوات وأتم التسليمات ..!

محنة ادم عليه السلام وتوبة الله عليه ..!! عندما اخطأ ادم في جنب الله بالغواية ، عوقب بالنزول إلي الأرض ..!! " فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ "(البقرة:36) لكنه عليه السلام كان يمتلك إرادة العودة والتوبة والأوبة فاستغفر من ذنبه فقبله ربه " فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "(البقرة:37) فتحول من ظلمة السيئة إلي نور الحسنة ، ومن ذل المعصية إلي عز الطاعة

موسي عليه السلام ومواجهته للباطل : وموسي عليه السلام مع أصحابه محاصرون بين البحر من جهة والفراعنة من جهة أخري حتى استشعر أصحابه بالخطر ا" فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ "(الشعراء:61) إلا أن موسي المدعوم باليقين والثقة وإرادة التحدي للباطل "قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ "(الشعراء:62) فكان القدر الناصر "فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ "(الشعراء:63) وكانت النتيجة "وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ* وأنحينا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ"( الشعراء:64-66) وهذه آية ..!! "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ" الشعراء :67) ليتعظ المؤمنون ويعلموا ..!! " وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"(الشعراء 68)

يونس عليه السلام والظلمات الثلاث : عندما كان يونس عليه السلام في ظلمات ثلاث .. ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت ..لأنه ضاق ذرعا بقومه وظن أن لا يقدر عليه ربه ( يضيق عليه ) اعترف بذنبه وعاد إلي ربه يوحده ويسبحه ويستغفره ..امتلك أرادة الاستغفار والاعتراف ..!! " وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فنادي فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ "(الأنبياء:87)استجاب القدر وانكشفت الظلمات ليونس وأتباعه في ذات الطريق"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"(الأنبياء:88)

نوح عليه السلام و الدعوة إلي الله : نوح عليه السلام يتعرض للسخرية ، وللاستهزاء ،يقابل بالصد والإعراض..!! لكنه يلجأ إلي ربه بعد نفاذ الأسباب التي بين يديه ويمتلك إرادة الثقة في نصر الله له كيف ؟!! "فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ"( القمر:10) فاستجاب القدر وتعاون الكون في هلاك الظالمين " فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ* وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ* تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ"(القمر:11-14) وكانت آية أيضا لمن يعتبر " وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ"( القمر:15) استجاب القدر وانكشف الكرب " وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ "(الأنبياء:76) كان الكون معهم بشجره وطيره بشمسه وقمره ببحره وبره بسمائه وأرضه ،كيف؟عندما ظلم نوح عليه السلام وسخر به وصد عن السبيل ،لجأ إلى ربه بعد أن اخذ بكل الأسباب وطرق كل الأبواب!"أنى مغلوب فانتصر.." (القمر:10) ثلاث كلمات توجه بها لرب السموات انى ،مغلوب،فانتصر، هل كان الكون معه؟ ،هل رفعت دعوته إلى عليين؟ هل استجاب الله له؟ نعم!!"ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ،وحملناه على ذات ألواح ودسر"القمر:11-12ثلاث إجابات لثلاث كلمات ،المصلحون الذين كانوا مع نوح عليه السلام حماهم الله من الغرق لان الذي صنع هذه المعجزات قادر على أن يحفظهم أما المتجبرين الظالمين ،المستهزئين بالدين فكان الماء من فوقهم ومن تحتهم حتى لا يستطيعوا الهرب وهو مصير كل الذين على شاكلتهم إلى يوم الدين ،حتى الذي كان من صلب نوح عليه السلام تلاشى مع الغرقى لأنه مشرك وظالم وعمل غير صالح ،أما أنت أيها المؤمن يجب أن تتجه إلى ربك وتلجأ إليه في شدتك ورخائك ،في يسرك وعسرك ،في صحتك و مرضك ،في ضعفك و قوتك ،في غناك وفقرك ،في حركاتك و سكناتك ،في حلك وفى ترحالك ،حتى ولو أصابك شيء من اللمم..!!

أيوب عليه السلام في مرضه : عندما مرض أيوب عليه السلام ، لم يسخط ، ولم يتأوه ، ولم يعترض ، ولم يغضب ، ولكنه تأدب مع ربه في ألفاظه وأنفاسه ، في حركاته وسكناته ، في شعوره وإحساسه ، وهذا كله تستطيع أن تستشفه من قوله .. " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "(الأنبياء:83) هنا استجاب القدر وبرأ المرض " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ " (الأنبياء:84) بل إن الشفاء جاء من اقرب مكان ..!! من تحت أصبعه كيف ؟ ! "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ"( ص :42) ..!! ثم منح أخري ..!! " وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ " (ص: 43) لأنه كان يمتلك إرادة التأدب مع ربه ، كان صابرا علي بلاءه ، راضيا بعطائه ، أوابا إلي رحابه ، وهذه مؤهلات الشفاء والعطاء "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ "(ص : 44)

زكريا عليه السلام لجوءه إلي ربه : عندما بلغ زكريا عليه السلام من الكبر عتيا ..!! شاب شعره ورق عظمه وكبرت سنه ..لكنه اشتاق للولد .. !! وزوجه عاقر ..!! أين يطلبه ..!! اعند الدجالين حاش لله ..!! اعند الكهنة حاش لله ..!! بل يطلبه عند الله "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء " (آل عمران:38) كان يمتلك ارادة اليقين والأمل وهنا استجاب القدر " فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ . (آل عمران :39). أين ؟ "وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ"(آل عمران :39) في محراب الصلاة .. العبادة .. القرب من الله يرتجي الولد وترتجي الصحة وترتجي العافية وترتجي الحاجة مهما كانت فان الله لا يعظم عليه شيء بل يفعل ما يشاء " قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ " ( آل عمران :40) ربنا القادر استجاب الطلب فأصلح الزوجة وأهل الزوج للإنجاب" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ "(الأنبياء:90) لماذا ؟!! "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " (الأنبياء:90) المسارعة في الخيرات والدعاء والخشوع مؤهلات لإدراك ما عند الله تعالي من نعم ..!!

فمن أراد حياة العزة والكرامة والإباء والشموخ وقدم لذلك فان القدر يستجيب والليل ينجلي ، والقيد ينكسر والكرب ينمحي ...

اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك ، وحب العمل الذي يقربنا حبك ،اللهم أظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك ،اللهم اجعلنا مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقا ، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ،ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ،وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أهله وصحبه وسلم ،والحمد لله رب العالمين

المصدر