(التعديلات الدستورية) .. ولادة متعثرة من رحم الثورة
الاحد 13 مارس 2011
بقلم :خالد عبد الرسول وريهام سعود
تصاعدت الأصوات الرافضة لإجراء استفتاء شعبى على التعديلات الدستورية، والمقرر له السبت المقبل، والتى تراوحت بين «الإلغاء» لوضع دستور جديد أو «التأجيل».
وبرزت الأصوات المناهضة للتعديلات والاستفتاء عليها خلال «جمعة الوحدة الوطنية»، أمس الأول، والتى برزت خلالها لافتات حملت عبارات «لا لاستفتاء 19 مارس»، «لا للتعديلات الدستورية»، «الشعب هو من يكتب دستوره»، وهى الشعارات التى عبرت عن موقف العديد من الأحزاب والحركات.
شباب حزب الوفد، كان لهم نصيب من اللافتات فى الميدان، وأصدروا بيانا يقول: «على نفس طريق المطالبة (بالدولة المدنية الديمقراطية العادلة) يؤكد شباب الوفد رفضهم التعديلات الدستورية الأخيرة».
البيان الذى حمل عنوان «عاش الهلال مع الصليب.. لا للتعديلات الدستورية»، برر موقفه هذا بأن «الترقيع لا يجدى مع ذلك الدستور الآثم دستور 71 الذى يصنع من الرئيس القادم ديكتاتورا جديدا ويطالب بجمعية تأسيسية لوضع دستور جديد ديمقراطى لكل الشعب».
وتحت عنوان «الشعب يريد ترتيب انتقالى صحيح» جاء بيان آخر لتيار التغيير فى حزب التجمع داعيا لرفض التعديلات الدستورية المقترحة، والإسقاط الفورى لدستور الحكم الديكتاتورى الرئاسى مطلق الصلاحيات وإعلان دستور مؤقت ينظم الفترة الانتقالية، وجمعية تأسيسية تتشكل بانتخاب حر مباشر لإعداد دستور جديد للبلاد.
كما جاءت افتتاحية نشرة «مصر الثورية» التى وزعها ما يعرف بـ«اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة»، بعنوان «لا للتعديلات الدستورية.. لا لترقيع الدستور» لتطالب أيضا بـ«إسقاط دستور 1971 الذى أشبعه الرئيس المخلوع وترزية قوانينه ترقيعا وتعديلا حتى كاد الرئيس يتحول إلى إله وكان له نحو 88% من الصلاحيات الممنوحة لسلطات الدولة المختلفة».
ومن «مصر الثورية» إلى «صوت الثورة» التى يصدرها «تيار التجديد الاشتراكى»، دعت النشرة تحت عنوان «لا للصلاحيات المطلقة للرئيس.. نعم لدستور جديد» إلى «الضغط من أجل طريقة أخرى فى صياغة دستور يعبر بحق عن مصالح ملايين المصريين، دستور يحد من السلطات المطلقة لأى رئيس مهما كان ويحقق ديمقراطية حقيقية».
وفى السياق نفسه أبدى الناشط الوفدى عضو ائتلاف شباب الثورة محمد صلاح الشيخ رفضه للهندسة المعمول بها الآن للمرحلة الانتقالية، قائلا: سنطلب إلغاء الاستفتاء وإصدار إعلان دستور مؤقت لحين وضع دستور جديد وإذا لم تتم الاستجابة لذلك سندعو المواطنين للتصويت بالرفض.
وطالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار الإعلان الدستورى الذى أعدته الجمعية الوطنية للتغيير بمشاركة القوى السياسية المكونة لها، والذى ينص على انتخاب رئيس للجمهورية فى نهاية الأشهر الستة التى حددها المجلس ليقود فترة انتقالية مدتها سنتان يتم بعد السنة الأولى منها انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.
كما دعا أستاذ العلوم السياسية د. مصطفى كامل السيد رافضى التعديلات الدستورية إلى الإعلان عن رفضهم هذا بطريقة ديمقراطية بالذهاب إلى مراكز الاقتراع والاعتراض عليها وتعبئة الناس للتصويت بالرفض، بما يتناسب مع طرق التعبير الجديدة التى يجب أن تسود بعد 25 يناير.
وقال السيد: «نتائج الاستفتاء يمكن أن توضح لنا ما إذا كنا سنسير على طريق تعديل الدستور أم تعطيله تماما ووضع دستور جديد، مشيرا إلى أنه حتى لو لم تكن النسبة الرافضة كبيرة وليست أغلبية ينبغى وضع ذلك فى الاعتبار.
وأيد السيد ما تبديه القوى السياسية من تحفظات على الموافقة على التعديلات الدستورية المقترحة على دستور 71، الذى يعطى صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية لا تشملها التعديلات، خصوصا أن رئيس الجمهورية سينتخب على أساس هذه التعديلات.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن الترتيب الأمثل للفترة الانتقالية يكون بإصدار إعلان دستورى يوضح دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى المرحلة الانتقالية وعلاقتها ببقية القوى، وأن تمتد الفترة الانتقالية بما يسمح بدستور جديد وأن تجرى الانتخابات الرئاسية قبل التشريعية.
واقترح إنشاء مجلس للقوات المسلحة، يمثل فيه كل القوى السياسية والكيانات السياسية والنقابات بالإضافة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بما يسمح بمناقشة هادئة لمتطلبات المرحلة الانتقالية، ويكون معينا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ويجنبنا أى صراعات.
وفى موقف مماثل أعرب نشطاء ائتلاف شباب الثورة عن رفضهم التعديلات الدستورية، المقرر الاستفتاء عليها شعبيا السبت المقبل، ووصفوها بـ«غير المقبولة» لأنها «أجريت على بعض مواد دستور 1971 الذى سقطت شرعيته عقب ثورة 25 يناير»، بحسب الناشط بالائتلاف خالد السيد.
السيد قال إنهم اتفقوا، خلال اجتماعهم أمس الأول، على «المطالبة بإعلان دستورى يتكون من 15 بندا على الأكثر، يحدد آليات إدارة الفترة الانتقالية، وصلاحيات وسلطات المجلس الرئاسى المدنى المزمع تشكيله، وتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وإطلاق الحريات العامة والتنظيمات النقابية».
من جهته، قال ناشط آخر بالائتلاف محمد القصاص إنهم «أرجئوا» إعلان موقفهم من الاستفتاء على التعديلات لاجتماعهم المقرر عقده الاثنين، بعد معرفة موقف قيادات المجلس العسكرى واللجنة المعنية بصياغة التعديلات، التى يرأسها المستشار طارق البشرى، من مطالبهم التى ذكرها السيد.
وأوضح القصاص أنهم سيطالبون بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وتوفير ضمانات أن يكون مجلس الشعب مؤقتا بحيث يستمر 12 شهر فقط مع إلزام أعضائه ورئيس الجمهورية بوضع دستور جديد للبلاد خلال الـ12 شهر، فى حالة عدم الاستجابة لمطالبهم بإعلان دستورى وهيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد.
وتابع القصاص: «ندرس توزيع نصف مليون بيان يدعو المواطنين بالقاهرة والمحافظات المختلفة للتصويت بـ«لا» فى استفتاء 19 مارس فى حالة عدم الاستجابة لمطالبهم.
وكان شباب الائتلاف أبدوا تحفظهم على التعديلات، خلال لقائهم بالبشرى الأسبوع الماضى، وطالبوه بإعادة النظر فى تعديل المادة 75 من الدستور، التى تحدد شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، والتى تحظر على حاملى الجنسية المزدوجة الترشح لمنصب الرئيس حتى لو تنازلوا عن جنسيتهم الأخرى.
وقال عضو الائتلاف مصطفى شوقي إنهم أبدوا تحفظهم على تعديلات المادة 189 مكرر التى تعطى الحق لأول مجلسى شعب وشورى منتخبين اختيار لجنة من داخلهم وخارجهم، تضم 100 عضو، تتولى صياغة دستور جديد»، وأضاف: «خطورة هذا التعديل أن الانتخابات السريعة المقرر إجراؤها لاختيار أعضاء المجلسين سيتمخض عنها مجلس مشوه يضم فلول الحزب الوطني والأعضاء الذين تسيطر عليهم العصبية القبلية».
المصدر
- مقال :(التعديلات الدستورية) .. ولادة متعثرة من رحم الثورة ، الشروق