"مرسي": الإصلاح السياسي الشامل مفتاح الخروج من الأزمة الراهنة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"مرسي": الإصلاح السياسي الشامل مفتاح الخروج من الأزمة الراهنة

04-03-2004

خاص القاهرة- أحمد سبيع

الاصلاح الاقتصادي والسياسي

  • الحكومة لم تقدم بيانًا واضحَ المعالم وتراجُع مصر بحاجة إلى وقفة.
  • مستعدون لتقديم المشورة والخبراء لمساعدة الحكومة في الإصلاح الاقتصادي.

قدَّم نواب (الإخوان المسلمون) بالبرلمان المصري رؤية كاملة للإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي مطالبين الحكومة بالاستفادة منها، وعرض (الإخوان) رؤيتهم أثناء ردِّ الدكتور "محمد مرسي"- رئيس الكتلة البرلمانية لنواب (الإخوان المسلمون)- على بيان الحكومة، الذي ألقاه الدكتور "عاطف عبيد"- رئيس مجلس الوزراء المصري- في ديسمبر الماضي، وقد فشل رئيس الحكومة الدكتور "عاطف عبيد" في الردِّ على ما أثاره الدكتور "محمد مرسي" الثلاثاء الماضي 2 من مارس 2004م.

وقد أشار "مرسي" إلى أن البيان جاء عامًّا في مجمله، وفيه الكثير من الوعود والعهود والآمال في المستقبل.. تمامًّا كما كانت البيانات الثلاثة السابقة، كما أنه أهمل الإصلاح السياسي المطلوب، والذي أُعلن عنه في مناسبات عديدة، وكان لابد للحكومة أن توضح في بيانها كيف ومتى سيتم ذلك، وقد كَثُر الحديث عن تعديل قانون ممارسة الحقوق السياسية في إطار الدعوة التي تتردد هنا وهناك عن زيادة مساحة الديمقراطية وضمان الحريات كركائز أساسية للتنمية؛ فأين ذلك في البيان؟

وقال: إن البيان لم يقدم رؤية الحكومة للإصلاح الاقتصادي بعد حالة التردي الشديد، وتفشي المشكلات الحياتية، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع قيمة الجنيه، أمام جميع العملات الأخرى، وتساءل "مرسي" عن سياسة الحكومة الواضحة في التصدي لذلك، وقال: كيف ندعي أننا نطبق سياسة آليات السوق المفتوح (ليبرالية الاقتصاد) والخصخصة والقطاع الخاص؛ وفي الوقت نفسه نتحدث عن المجمعات الاستهلاكية الحكومية وعن مراكز البيع، ومنافذ السلع المدعومة كحلٍّ لمشكلة الأسعار، وندرة السلع، وتظهر الطوابير مرة أخرى، ويسجل الواقع عودة "الدلالات" إلى الشوارع!

وفي حديثه عن مشكلة البطالة أوضح الدكتور "مرسي" إلى وجود تضارب في الأرقام التي تصدر من الحكومة عن عدد الخريجين وعدد العاملين وعدد العاطلين، وكم يضاف كل عام إلى طابور البطالة! وأشار إلى أن مشاكل التعليم باتت تهدد مستقبل الأمة، وفي كل عام يقدم رئيس الوزراء كلامًا كثيرًا، ولا يتحقق منه إلا القليل! وتحدث "مرسي" عن الاستثمار والمشروعات الصغيرة، وعمَّا أعلنه رئيس الحكومة في بيانه السابق للعام الماضي (5 مليارات جنيه كل عامٍ) بما يعادل مليون جنيه لكل قرية أو حي، وتساءل عن مصير هذا الموضوع، وما الذي حدث له؟

كما تحدث رئيس الكتلة الإخوانية عن الاكتفاء الذاتي في الغذاء، خاصة القمح، وتساءل عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة في ذلك، مشيرًا إلى أن كل هذه الأمور تمَّ إهمالها وتهميشها في البيان.. رغم أهميتها وخطورتها تدعو- لا لرفض بيان الحكومة فقط- بل للوقوف لتصحيح هذا العبث الذي يتكرر كل عام.

وأضاف أن البيان أغفل الكثير من تفاصيل خطة وإستراتيجية الحكومة للسنة القادمة، خاصة في مجال القضاء على الفساد المالي والإداري الذي يستنزف جهود التنمية بشكل مستمر، كما أنه لم يحدد موقف الحكومة من الأحداث التي تجرى الآن على الساحة العالمية- وتؤثر بالضرورة علينا- وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والقضية العراقية.


رؤية (الإخوان المسلمون)

وأوضح الدكتور "مرسي" رؤية (الإخوان المسلمون) للإصلاح السياسي والاقتصادي، مقدمًا العديد من المقترحات للخروج من المأزق، ولحلِّ بعض المشكلات، مشيرًا إلى أنه مقترحات عامة، وموضحًا استعداد الكتلة للتعاون بالخبراء في كل هذه المجالات في حالة الرغبة في وضع البرامج المفصلة والخطوات والخطط..

وقال:

"إن البيان لم يذكر أي معايير لتقييم أداء الحكومة في العام الماضي والقفز على وعود بيان العام الماضي وقبل الماضي، وعدم التعليق على ما لم يتحقق منه، وفقدان الصلة بين البيان الحالي وبيان العام الماضي وبيان العام قبل الماضي، كما يلاحظ فيه قلة الأرقام، وقلة البيانات، وعدم دقة ما ذكر منها، وعدم وضوح سياسات محددة للحكومة في المجالات المختلفة، وغياب محور عمل الحكومة ودورها في السياسة الخارجية، وعدم ذكر دور الأجهزة الرقابية (الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات) في محاربة الفساد والقضايا التي تم ضبطها خلال العام الماضي".

وأضاف د. "مرسي":

"تكلم رئيس الوزراء عن جذب استثمارات بمبالغ 2.7 مليار دولار، وليس 800 مليون- كما يقولون- (ما هي؟ وأين أنفقت؟)، وأنه قد تمَّ تسديد كافة التزاماتنا للخارج قبل موعدها (لماذا قبل موعدها؟)، والمقصود طبعًا بهذه الالتزامات هو خدمة الدين، وأنه اعتبر أن بقاء الدَّين الخارجي ثابتًا إنجاز، وذكر أيضًا في هذا الصدد أنه حافظ على الاحتياطي النقدي (كم يبلغ بالتحديد؟ وكم كان قبل ذلك؟)، وأنه قد أتم تقييم المراكز المالية للهيئات (مثل ماذا؟) لتتحمل سداد ديونها (كيف؟ وهل هذا إنجاز؟)".

وجاء في البيان أيضًا:

"أكملنا جميع المشروعات القومية الكبرى: مليون فدان (على مدى كم عام؟ وكم تكلفت؟)، وخدمة السياحة (كم يبلغ نصيبنا من السياحة العالمية؟ ونحن لدينا ثلث آثار العالم)، و3 مدارس يوميًا (رغم أن وعد البيان الماضي 9 يوميًّا)، ومحطات مياه، وكهرباء كل 6 شهور (كم عددها؟) والنظافة في الإسكندرية وقنا والغردقة وشرم الشيخ (أين باقي المحافظات؟)"، وقال: "إن عناصر قوة الاقتصاد المصري برهانًا للمشككين".


مقارنات هامة

وعقد د. "مرسي" مقارنة بين بيان العام الحالي وبيانات الأعوام السابقة مقدمًا فيها تحليلاً بسيطًا للوضع الحالي في مصر وعلاقته بالأداء الحكومي خلال الأعوام الماضية، وجاءت مقارناته كالآتي:


معدل النمو الاقتصادي:

في بداية تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة كان معدل النمو الاقتصادي يصل إلى 5.1%، وقد تراجع حسب تقديرات البنك الدولي إلى 3.3% (2000/2001م)، ثم إلى 1.8% (2001/2002م).


انخفاض قيمة الجنيه:

في بداية تولي حكومة الدكتور "عبيد" كانت قيمة الدولار 3.40 جنيهات، والآن أصبح 5.50 جنيهات؛ وهو ما أدى إلى أن يفقد الجنيه حوالي 60% من قيمته، وهذا يؤدي إلى آثار سلبية جسيمة على الحياة الاقتصادية داخليًّا بانخفاض القدرة الشرائية وارتفاع أسعار كل السلع المستوردة والمحلية (زيادة أسعار الخامات المستوردة)، وخارجيًّا؛ لأن زيادة الدولار قرشًا واحدًا يضيف إلى الدَّين الخارجي زيادة قدرها 170 مليون جنيه؛ أي 34 مليار جنيه تقريبًا.


البورصة:

منذ تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة والبورصة تواصل انحدارها، ويترتب على ذلك استنزاف مدَّخرات صغار المدخرين، ويكفي للتدليل على ذلك أن أسهم 55 شركة قد انخفضت عن السعر الذي تمَّ طَرحِ أسهمها به، وأن نسبة الانخفاض تتراوح بين 20% إلى 94%، وضَرَب عدة أمثلة على ذلك، منها:

  1. يوجد 18 شركة انخفضت أسهمها بنسبة تتراوح بين 80% و94%.
  2. يوجد 16 شركة انخفضت أسهمها بنسبة تتراوح بين 60% و80%.
  3. يوجد 14 شركة انخفضت أسهمها بنسبة تتراوح بين 40% و60%.
  4. يوجد 8 شركات انخفضت أسهمها بنسبة تتراوح بين 20% و40%.
  5. وعلى مستوى شركات الأسمنت فقد تراوح الانخفاض بين 22% و70%.
  6. وعلى مستوى المطاحن فقد تراوح الانخفاض بين 42% و79%.


الادخار:

في بداية تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة كانت معدلات الادَّخار القومي تساوي 17.5%، ورغم قلتها انخفضت إلى 16.4% في عام 2000م، ثم إلى 14% في عام 2001م، ثم إلى 13% في عام 2002م.


الموازنة العامة:

في بداية تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة كان عجز الموازنة العامة للدولة 5.5 مليار جنيه، ثم تضاعف عجز الموازنة في شكل متوالية هندسية حتى وصل في العام الأخير إلى 30.4 مليار جنيه، وهذا العجز يتجاوز حدود الأمان؛ حيث وصلت نسبة العجز إلى نحو 5.9% من إجمالي الناتج القومي، وسوف تصل هذه النسبة في ارتفاعها إلى 8.3% من الموازنة الجديدة.


الدَّين المحلي:

منذ تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة والدَّين المحلي يواصل ارتفاعه بشكلٍ غير مسبوق؛ فقد اقترضت من بنك الاستثمار القومي في عام 2001م، 12 مليار جنيه، حتى وصلت ديونها لبنك الاستثمار القومي وحده حتى 31/6/2002م إلى 113.786 مليار جنيه، وارتفعت ديونها للبنوك المحلية بمقدار 6.1 مليارات جنيه، حتى وصلت إلى 95.91 مليار جنيه، يضاف إلى ذلك تجاوز قروض الهيئات الاقتصادية من بنك الاستثمار القومي الـ47 مليار جنيه، وتجاوز ديون قطاع الأعمال للبنوك المحلية الـ31 مليار جنيه.


البطالة:

في بداية تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة كان حجم البطالة- طبقًا للتقديرات الرسمية- في حدود 1.4 مليون عاطلٍ، فأوصلتها حكومة د."عبيد" إلى 4 ملايين عاطلٍ حسب تقديراتها، بينما تصل تقديرات البنك الدولي لأكثر من ذلك؛ حيث حددها رئيس البنك الدولي بنسبة 15% من قوة العمل.

وقال:

"إن البيان أورد أن القطاع الخاص قد وفَّر في العامين الماضيين 150 ألف فرصة عملٍ، والحقيقة أن القطاع الخاص قد وفَّر في العامين الماضيين 80 ألف فرصة عمل فقط؛ ولكنه أضاف إلى صفوف البطالة 55 ألف شخص طردهم، ومعنى ذلك أن كل ما وفَّره عمل لا تزيد على 25 ألف فرصة عمل، أما الصندوق الاجتماعي فإن إجمالي ما قدمه من قروض قد وظَّف 20 ألف شابٍّ".


أهداف الحكومة

وأضاف الدكتور "مرسي" أن حكومة د."عبيد" تسعى إلى تحقيق عدة أمور وصفها النائب بالخطيرة، منها: تعميق مظاهر الاحتكار في الاقتصاد، فالاحتكارات طالت كل شيء من الحديد إلى الأسمنت إلى الدوار، وصولاً إلى الفحم وقصب السكر، وتعميق استحواذ الأجانب على الأصول المحلية، وقد ركَّزوا نشاطهم على بعض الشركات ذات الطبيعة الإستراتيجية؛ كالأسمنت، والأسمدة، والصناعات المعدنية، وقد توجه جانب كبير منهم للاستحواذ على مشروعات الأمن الغذائي، فهناك 36 شركة تمَّ بيع أسهمها لشركات أجنبية حتى شهر 9/2002م، وقد مكَّن رأس المال الأجنبي من شراء ما تزيد نسبته على 64% من حجم شركات القطاعين العام والخاص التي تمَّ بيعها بين عامي 1998م، 2002م؛ حيث أصبح ثلثاه تحت حكم يدٍ أجنبية؛ وهمو ما أدى أيضًا إلى زيادة حدة تركيز الثروة، وزيادة حدة التمييز الاجتماعي، وتوسيع درجة اللامساواة، إضافة لتقليل دور الدولة وإفقادها لأصولها وتجريدها من أسباب قوتها.

وعن وضع البنوك قال د. "مرسي" أنه منذ تولي حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة تفاقمت مشكلات المديونية؛ سواء على صعيد الديون المعدومة، أو المشكوك في تحصيلها أو على صعيد توقف الدائنين عن السداد، ومازال رئيس الحكومة يصرُّ على أن نسبة الديون المعدومة في حدود الأمان حسب التقديرات الدولية، التي قدرها بنسبة 5%، ثم غيَّر النسبة بعد عدة شهور فجعلها 7%، علمًا بأن البيانات تؤكد أن الهاربين بأموال البنوك إلى الخارج أخذ من مدَّخرات المصريين ما يساوي 45 مليار جنيه، بينما الديون التي توقف أصحابها عن السداد، ولم يغادروا بعد، فتتراوح تقديراتها بين 30 و 40 مليار جنيه، بين أيدي 1200 متعثرٍ، وهذا يعني أن نسبة الديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها تصل إلى حدود 25% من إجمالي الائتمان؛ أي إنها تساوي خمسمائة أضعاف نسبة الأمان حسب التقديرات الدولية، يضاف إلى ذلك أن 53% من القروض التي قدمت للقطاع الخاص بدون ضمانات عينية.

وعن الودائع البنكية قال د. "مرسي":

"إن رئيس الوزراء قال: إن حجم الموازنة ازداد سنويًّا في الأعوام الثلاثة الماضية بمتوسط 34.5 مليار جنيه، وفي العام الحالي بمقدار 49.8 مليار جنيه (منيونيو 2002 إلى يونيو 2003)، مؤكدًا أن هذه علامة صحة اقتصادية إلا أن هذا الرأي غير منطقي لعدة أسباب، منها: أن هذه الزيادة في الودائع هي الأكثر تعبيرًا عن عملية الطرد المنظمة التي تكلفت بها أوضاع السوق المضطربة، وأن أسباب زيادة الودائع توزعت بين تسييل الأصول التي يملكها الأفراد؛ طلبًا لأمان البنوك بسبب الكساد، أو نقل الاستثمار من السوق المضطرب إلى البنوك، وتحويل جانب كبير من المدَّخرات من البورصة التي ما تزال تتداعى وتشارف على الانهيار إلى البنوك؛ طلبًا لقدر من الأمان، وإن زيادة الودائع، مع انخفاض نسبة المدخرات، تشكل مقياسًا لانكماش الأسواق، وعلى ذلك فإن زيادة الودائع لا تعكس صحة اقتصادية؛ وإنما فقدان عافية.

وتكلم د. "مرسي" عن وضع مصر الدولي مؤكدًا أنه يمكن معرفة وضع مصر الدولي من خلال مجموعة من المؤشرات، ومنها- على سبيل المثال لا الحصر- تراجع مرتبة مصر في تقرير التنمية البشرية خلال الأعوام الماضية.

وفي مجال الإنفاق الاجتماعي قال "مرسي":

"إنه منذ تولت حكومة الدكتور "عبيد" الوزارة انخفضت نسبة الإنفاق الحكومي في معظم المجالات الاجتماعية من 30% إلى 28.1%؛ حيث انخفض الإنفاق على التعليم من 12.5% إلى 12.1%، والصحة من 3.7% إلى 3.6%، والإسكان من 0.9% إلى 0.8%، ودعم تكاليف المعيشة من 5.1% إلى 4.8%"، وقال: "إنه إذا تمَّ تقويم التخفيض مضافًا إلى تخفيض قيمة العملة المحلية، لبَدَا واضحًا أن حجم التردي في الإنفاق الاجتماعي قد وصل إلى حدود غير مسبوقة، ورغم ذلك فإن الحكومة لا تبدي أي انزعاج.

وعن سوء التغذية قال: إن آخر تقرير عن التنمية للبنك الدولي قدر تفشي سوء التغذية بين الأطفال المصريين دون الخامسة بنسبة 12%، بينما هي في لبنان 3% وتونس 1%، فقد أصبحنا قياسًا إلى أفقر دول الإقليم نحتل مرتبة أكثر تدنيًّا، كما أن نصيب الفرد في مصر من اللحوم قد أصبح من أقل الأنصبة في العالم، فهو لا يزيد على 12.5 جرامًا يوميًّا، بينما هو في ألمانيا 64.2 جرامًا يوميًّا، وفي أمريكا 73 جرامًا يوميًّا، وفي فرنسا 77.8% جرامًا يوميًّا، وفي كوبا وكولومبيا لا تقل عن 40 جرامًا يوميًّا، كما أكدت دراسة علمية أن خمس أطفال مصر أصبحوا يعانون من زيادة التقزم؛ وهو ما يُعرف بأنه سوء تغذية طويل الأجل.


الإصلاح السياسي

وتحدث النائب عن الإصلاح السياسي والديمقراطي مؤكدًا أن البيان أهمل قسمًا مهمًّا من أهم الأقسام في ظل هذه الحقبة، ألا وهو الإصلاح السياسي والديمقراطي، وتكرار هذا الغياب والتجاهل لقضية الإصلاح السياسي في بيانات الحكومة المقدمة إلى مجلس الشعب ظاهرة بالغة الدلالة والخطورة تكشف عن إصرار الحكومة على استمرار هذه الأوضاع غير الديمقراطية، التي تغلق الباب أمام التداول السلمي للسلطة، وتمنع فصائل وطنية كثيرة من المشاركة في الحياة السياسية، ورفض الحكومة كل الاقتراحات الخاصة بالإصلاح السياسي بدعوى أن الإصلاح الاقتصادي لابد أن يسبق الإصلاح السياسي.

وقال: إنه إذا كانت المرحلة السابقة قد سجلت أن الأوضاع الديمقراطية والسياسية في مصر تزداد تراجعًا وتدهورًا، ومظاهر هذا التراجع والتدهور تتمثل في استمرار حالة الطوارئ المعلنة منذ أكتوبر 1981م لمدة خمسة وعشرين عامًا، وإحالة المدنيين للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية، وصدور قوانين وممارسات جديدة للحكومة لتقييد الحريات، مثل: تعديل قانون العقوبات- الإجراءات الجنائية- قانون الأحزاب- قانون الصحافة الجديد- قانون النقابات المهنية- قانون رقم 100، 5 لسنة 93، 95، وتدخل الحكومة في الأحزاب السياسية وتجميد نشاطها (مصر الفتاة- الأحرار- العمل)، وتقييد حركة مؤسسات المجتمع المدني والأهلي؛

وهو ما أدى إلى عدم تمكنها من أداء رسالتها (النقابات المهنية- الجمعيات الأهلية- نوادي أعضاء هيئات التدريس)، وعدم احترام الحكومة أحكام القضاء النهائية وتعطيلها والامتناع عن تنفيذها، وإقرار مبدأ التعيين والتوسع فيه بعد أن كان بالانتخاب (تعيين عمداء الكليات- رؤساء الأقسام- العمد والمشايخ)، وملاحقة الحكومة لخصومها السياسيين (الاعتقال - الحبس الاحتياطي)، وتقييد حرية إصدار الصحف، وتملك وسائل الإعلام، وإغلاق أكثر من جريدة معارضة (الدستور- الشعب- الأسرة العربية- لواء الإسلام)، وإزاء هذا الجمود، وتمسك السلطة بالوضع القائم، كان لابد من تحديد معالم الإصلاح السياسي حتى نتمكن من استكشاف ما تحتاج إليه مصر في المرحلة القادمة.

وقال: إن ذلك يتطلب الآتي:

أولاً: إلغاء القانون رقم 40 لسنة 1977م، وتعديلاته بشأن تنظيم الأحزاب السياسية، وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب دون قيد أو شرط، مع الحفاظ على ثوابت ومقدسات الأمة.

ثانيًا: إلغاء جميع القيود على العمل السياسي لطلاب الجامعات.

ثالثًا: وقفُ العمل بقانون الطوارئ والقوانين سيئة السمعة.

رابعًا: تحويل الإدارة المحلية إلى حكم محليٍّ شعبي حقيقي يقوم أساسًا على انتخاب كافة هيئات الحكم المحلي بالانتخاب العام المباشر والانتخاب المباشر للمحافظين ورؤساء المراكز والمدن والقرى والعُمَد والمشايخ.

خامسًا: إطلاق الحرية الكاملة للتنظيمات النقابية المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية لمباشرة نشاطها طبقًا للوائح تضعها بنفسها، وانتخاب قياداتها دون تدخل من الأجهزة الإدارية.

سادسًا: إلغاء القانون رقم 148 لسنة 1980م، وتعديلاته بشأن سلطة الصحافة وإطلاق حرية إصدار الصحف.

سابعًا: إلغاء المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية، والتي تخوِّل لرئيس الجمهورية الحق في إحالة مدنيين للقضاء العسكري، ومحاكمة المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي.

ثامنًا: توفير الضمانات الكاملة لنزاهة الانتخابات (الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية بدءًا من الترشيح وحتى إعلان النتيجة- توقيع الناخبين بالبصمة أو الإمضاء أمام أسمائهم في كشوف الناخبين عند الإدلاء بأصواتهم- تنقية الجداول تنقية حقيقية– إعادة تقسيم الدوائر على أسس موضوعية- فرض عقوبات رادعة على الجرائم الانتخابية- عدم سقوط الدعوى العمومية في الجرائم الانتخابية بالتقادم).

تاسعًا: عدم تدخل الحكومة في أنشطة الأحزاب السياسية.

عاشرًا: الاستقلال التَّام للقضاء عن السلطة التنفيذية، وعدم تبعية جميع الأجهزة القضائية لوزير العدل.

حادي عشر: التأكيد على منح المرأة كافة الحقوق العامة المعطاة للرجل في كافة مناحي الحياة في ظل ضوابط الشرع الذي ندين له جميعًا.


السياسة الخارجية

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمن القومي، قال المتحدث باسم نواب (الإخوان):

إن البيان جاء خاليًا من أيِّ إشارة إلى السياسة الخارجية؛ سواء عن العلاقات مع الكيان الصهيوني، و(إعادة النظر في اتفاقيات كامب ديفيد) أو العلاقات مع الدول الإسلامية والعربية والدول الإفريقية، وكذلك العلاقات مع الولايات المتحدة وغرب أوروبا وموقف الحكومة من قضية الاحتلال الأمريكي للعراق، وموقفها من مجلس الحكم الانتقالي العراقي،

وقال:

إنه إذا كان الدافع الأساسي أننا نسعى إلى الارتباط بأمتنا العربية والإسلامية؛ حيث الدائرة الحضارية الأولى التي يجب أن تستوعب طاقاتنا؛ حتى نتمكن من التكافؤ في التعامل مع الكتل السياسية الكبرى؛ لذا نرى أن تكون سياستنا الخارجية متوافقة مع متطلبات الأمن القومي المصري، وهو ما حدَّده النائب في عدة مطالب، منها:

المصالحة العربية، والتضامن العربي حتمية تاريخية، وإنه من واجب الحكومة المصرية العمل على تأكيد التضامن العربي وتجاوز الخلافات العربية للوصول إلى المصالحة العربية الشاملة، والعمل على تفعيل المعاهدات والاتفاقات العربية، وخاصة اتفاقيات الدفاع المشترك، وتوسيع إطارها لتغطي الساحة الإسلامية، وإعادة النظر في اتفاقات (كامب ديفيد)؛

وذلك للتعنت الصهيوني، وعدم الالتزام ببنود الاتفاقية، وتهديد الأمن القومي المصري، ودعم كفاح الشعب الفلسطيني (الانتفاضة الفلسطينية) للحصول على كامل حقوقه وإقامة دولته على أرضه، وتحرير المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومساندة الشعب العراقي في طرد المحتل الأمريكي من أرضه، والتأكيد على عدم الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي، ورفض عقود الإعمار التي تغازل بها الولايات المتحدة العالم لتضمن تأييدها.

ومراجعة العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد إقرارها وجهرها بدعم الكيان الصهيوني بالتسليح، وعقد معاهدات دفاعية معه، والإقرار بأن المجال الحيوي للأمن القومي المصري يمتد من منطقة البحيرات الكبرى في وسط إفريقيا جنوبًا إلى سواحل تركيا على البحر الأسود شمالاً، ومن المغرب غربًا حتى إندونيسيا شرقًا، ومن ثمَّ فإن رصد أي تغيرات حيوية في هذه المنطقة يستدعى التحرك السياسي الملائم.


الإعلام

وفي مجال الإعلام قال د. "مرسي" :

"على الرغم من خطورة رسالة الإعلام في بناء الأمم والأفراد وترسيخ القيم الفاضلة في نفوس المواطنين والقضاء على الظواهر السلبية وإبراز دور القدوة الصالحة للنشء،على الرغم من هذا كله فقد جاء بيان الحكومة خاليًا من الإشارة إلى السياسات الإعلامية التي تنوي الحكومة اتباعها في الفترة القادمة"،

ونوه عن عدد من المظاهر السلبية بالإعلام، منها: عدم وجود هوية أو فلسفة أو مرجعية إعلامية واضحة يستند إليها في تخطيط الرسائل الإعلامية المختلفة المرئية والمسموعة، وتقديم نماذج سلبية في مجال القدوة للشباب والنشء، والترويج للقيم الغربية المخالفة لثقافتنا وتقاليدنا وقيمنا الوطنية والاجتماعية، وحجب الرأى الآخر عن الظهور والمشاركة في وسائل الإعلام المختلفة؛

وهو ما أفقد الإعلام المصري دوره الرِّيادي، واستقطبت الفضائيات العربية المتميزة الجمهور المصري العريض، والسطحية في معالجة القضايا الهامة والقومية، وتشجيع أنماط استهلاكية وسلوكية غريبة عن مجتمعنا، وهيمنة الحكومة على وسائل الإعلام المختلفة، وحظر تملك المواطنين للقنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية، والإسراف في الإنفاق في مجال الإعلام (قنوات محلية- أقمار صناعية)؛ وهو ما يستدعي دعمًا من ميزانية الدولة، تحرم منه قطاعات حيوية أخرى أولى بالاهتمام.

وقدم النائب عدة مقترحات لعلاج الخلل في هذا القطاع الهام والحيوي، منها: ضرورة التزام أجهزة الإعلام بمرجعية واضحة تتفق مع عقيدتنا وهويتنا الإسلامية والعربية، ومعالجة مشاكل المواطنين بموضوعية، وعرض مختلف الآراء في القضايا القومية، وتقديم نماذج إيجابية وإبراز العلماء والمفكرين كقدوة للأجيال الصاعدة، وإتاحة فرصة تملك وسائل الإعلام المختلفة كشكل من أشكال حرية التعبير عن الرأى والفكر، وترشيد الإنفاق في مجال الإعلام وضبطه بما يتناسب مع إمكانيات وقدرات الدولة بحيث لا يشكل عبئًا على ميزانية الدولة، وضرورة عرض ميزانية وزارة الإعلام على (مجلس الشعب) لاعتمادها ومراقبة أوجه الإنفاق فيها، وتخصيص قنوات دينية لسد احتياجات المجتمع في الثقافة الاسلامية.

وطالب النائب بضرورة استيعاب جميع فصائل العمل الوطني في عملية الإصلاح، وعدم التفرقة بين فصيل، وآخر على أساس من الدين أو الجنس أو الفكر، والتكافل بين أفراد المجتمع هو صمام الأمان لتحقيق الاستقرار والنهضة في كل المجالات، ويتحقق ذلك بتفعيل الزكاة كركيزة في عملية التكافل، والحفاظ على ثوابت ومقدسات المجتمع كدرع واقٍ من محاولات التغريب، وهدم القيم والآثار الضارة للعولمة، وحرية الفكر والتعبير والإبداع حق مكفول لجميع أفراد الوطن دون تمييز في ضوء الحفاظ على ثوابت ومقدسات المجتمع، ودعم مؤسسات المجتمع المدني وحماية العمل التطوعي في المجالات المختلفة، وحماية البيئة من عناصر التلوث المختلفة (المادي والمعنوي) كأحد ركائز وأولويات المجتمع العصري، والأخذ بتجارب الأمم الناهضة بدون حساسيات مع الحفاظ على هويتنا وتراثنا دون تفريط أو إفراط.

وأشار إلى أن التعليم والإعلام ودُور العبادة تمثل الدرع الواقي لمشروعات التنمية بما تقدمه من ثروة بشرية واعية بحقيقة الصراع بين الحضارات والتفاعل بين الأمم.

المصدر