"عبدالناصر سلامة" يكتب:بلاش نتكلم فى التفاصيل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"عبد الناصر سلامة" يكتب:بلاش نتكلم فى التفاصيل


(21 مايو 2016)

خلال شرح وزير الكهرباء للرئيس والحضور فى أسيوط، أثناء افتتاح إحدى المحطات مؤخراً، أشار الوزير إلى خروج محطة بقدرة ٤٠٠٠ ميجا من الخدمة، ثم أشار إلى ما سماه خروج السد العالى، إلا أن الرئيس رد قائلاً: (بلاش نتكلم فى التفاصيل دى لو سمحت)، ما جعل الرجل يعتذر مستطرداً حديثه فى اتجاه آخر.

قبل ذلك، وخلال لقائه بممثلين لفئات المجتمع، وهو اللقاء الذى أُطلق عليه الحوار المجتمعى، رفض الرئيس الحوار المتبادل قائلاً: (لم أسمح لأحد بالحديث)، وكان قبلها بقليل قد طالب بإغلاق الحديث بدءاً من الآن فى هذا الموضوع (جزيرتا تيران وصنافير)، مبرراً خلال اللقاء ذاته عدم الإعلان رسمياً عن موضوع الجزيرتين بأنه أراد إدارة الحوار سراً (حتى لا يعلم أحد بالموضوع) فيجرى إفساده أو يدور الكلام حوله.

قبل ذلك، قال الرئيس عدة جُمل ومصطلحات: أنا طبيب، فيلسوف، أفهم فى كل شىء، لدىَّ الحلول لكل المشاكل، لا تسمعوا لأحد غيرى، زعماء العالم يستمعون لى، يقولون لبعضهم البعض: اسمعوا له، أنا كنت أعلم مبكراً بكل ما يجرى فى سيناء فيما يتعلق بعمليات الإرهاب هناك، إنتوا مين، إلى غير ذلك مما أصبح مجالاً خصباً للحكايا، إن سلباً أو إيجاباً.

ما استوقفنى هو ذلك اللقاء الأخير الخاص بوزير الكهرباء (بلاش نتكلم فى التفاصيل)، إذا وضعناه بجانب حوار الجزيرتين (حتى لا يعلم أحد بالموضوع)، نحن إذن أمام قضية على قدر كبير من الأهمية، وهى قضية إخفاء المعلومات عن الشعب، المعلومات المتعلقة بمستقبله، المتعلقة بقضاياه الاقتصادية والخدمية فى الأولى، وقضايا الأمن القومى فى الثانية، إذا وضعنا معهما تلك القضية التى أشار إليها الرئيس بنفسه، والمتعلقة بالفساد داخل القصر الرئاسى، دون الإعلان حتى الآن عن التفاصيل، نحن إذن فى أزمة، يجب إعادة النظر فيها من كل الوجوه.

لا يجب أبداً أن يكون الشعب هو آخر من يعلم، سواء فيما يتعلق بالسلبيات أو الإيجابيات، لا يجب أبداً أن يعلم الشعب بتفاصيل قضاياه من الإعلام الخارجى، أو من خلال تسريبات غير رسمية، ربما تحوم الشبهات الآن حول كل قضايانا المصيرية، بدءاً من سد النهضة الإثيوبى، مروراً بالجزيرتين المتنازل عنهما، وحتى ما يتعلق بالكهرباء، والقمح، والأرز، والأسعار، والدولار، وصولاً إلى المواقف السياسية مع سوريا، أو اليمن، أو حتى إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

الجديد على الساحة الآن هو ذلك الحوار الغامض حول إسرائيل، حول القضية الفلسطينية، علاقة ذلك بالمملكة العربية السعودية واتفاق الجزيرتين، مستقبل مضيق العقبة، هناك شىء ما قد يُغَيِّر من شكل المنطقة ككل، ليست هناك إشارة حتى الآن إلى هضبة الجولان السورية، هل هناك سلام جديد منقوص لا يتضمن سوريا، فيما يعيدنا إلى كامب ديفيد السادات، هل الهدف السلام، أم الهدف إيران، هل هناك تحالفات عربية- إسرائيلية تستهدف إيران بالدرجة الأولى، هل يمكن الوصول إلى سلام عربى مع إسرائيل بدون لبنان وسوريا والعراق، هل يمكن الوصول إلى استقرار المنطقة دون إيران والعراق واليمن؟!

من الواضح أننا يمكن أن نُفاجأ كما حدث من قبل باتفاقيات قد لا يقبلها المواطن العربى، قد لا يقبلها المواطن فى دول المغرب العربى، قد لا يقبلها المواطن فى مصر، لا أعتقد أننا سوف نظل نعتقل كل المحتجين على الاتفاقيات التى تُبرَم فى الخفاء، ونُصدر بحقهم أحكاماً قضائية قاسية، كما حدث مع متظاهرى اتفاقية الجزيرتين، لا أعتقد أن سياسة القمع للقبول بقرارات السلطة تُعد حلاً يحقق الاستقرار والأمن والأمان.

الشعب، أيها السادة، يجب أن يكون شريكاً فى الحكم، بل هو الذى يحكم، الرئيس فى حقيقة الأمر بمثابة وكيل عن الشعب، ليس وصياً عليه أبداً، الشعب لم يفقد أهليته بعد، على العكس مما قاله الرئيس، يجب أن يكون الحديث مع الشعب فى تفاصيل التفاصيل، يجب أن يكون ذلك مبكراً، لا يجب أبداً أن يجرى ذلك بعد فوات الأوان، لسنا فى حاجة أبداً إلى مزيد من الصدمات، ومن ثم إلى مزيد من الاحتجاجات، ثم مزيد من الاعتقالات.

الأمر وصل إلى حد القول إن هناك مشروعات يجرى تنفيذها فى الخفاء حتى لا يعلم بها أهل الشر، الأمر وصل إلى حد القول إن ما تم تنفيذه خلال عامين لم يحدث على مدى ثلاثين عاماً، النتيجة على أرض الواقع مختلفة تماماً، تدهور كبير فى قيمة العملة المحلية، ارتفاع كبير فى الأسعار، المزيد من التضخم، المزيد من البطالة، المزيد من الفساد، استمرار وقف حال السياحة، استمرار مخاوف المستثمرين، استمرار الانقسام المجتمعى.

فقط، كما هناك شركاء فى النجاح، يجب أن نكون شركاء فى الإخفاق والفشل، بدلاً من أن تكون مسؤولية شخص واحد فى النهاية، أو حتى عدة أشخاص.

المصدر