"طارق الزمر" يكتب: ماذا بعد موجة الأرض ؟
(2 مايو 2016)
ليس هناك شك أن موجة الأرض الثورية التى بدأت يوم 15 أبريل قد أعادت رسم الخريطة السياسية فى مصر لصالح ثورة يناير كما أنها أعادت الأمل من جديد في بعث يناير وأعادت بالفعل للشارع أجواء يناير.. فقد مهدت "لكسر حالة الاستقطاب السياسى" التى ظلت مخيمة على سماء ثورتنا منذ أن بدأت الثورة المضادة خطتها يوم 11 فبراير والتى أكتملت يوم 3 يوليو حيث نزلت المدرعات بالشوارع تحت ستار ذلك الاستقطاب السياسى ولم يكن لها أن تتجرأ على النزول دونه ومن ثم يتم القضاء على الارادة الشعبية بدعم سياسي..
كما نجحت موجة الأرض الثورية فى "توجيه ضربات قوية لذلك الجدار الاجتماعى الصلب" الذى شيدته الدولة العميقة وأذرعها الاعلامية الطولى والذى نال من وحدة شعبنا وتماسكه فى وجه الاستبداد تلك الوحدة التى تحقق بشكل واضح خلف شعارات يناير التى صدعت بالفعل بنيان الاستبداد المصرى العتيق ووضعته لأول مرة فى التاريخ فى مهب الريح.. هذا الجدار لابد وأن يهدم تماما حتى تعود وحدة شعبنا فى مواجهة الاستبداد وتهزمه كما هزمته فى يناير.
لهذا فإن ما حققته موجة الأرض يعد نجاحا له مذاق أستراتيجى وليس مجرد نجاح تكتيكى لأنه فى الحقيقة يصب فى المسار الأجدى لأستكمال ثورة يناير _ وفق شروطها وأهدافها وقيمها وتقاليدها_ وهو مسار الاصطفاف الثورى والسياسى والمصالحة المجتمعية..
ولهذا أيضا وجد فيه كل المخلصين لثورة يناير وللارادة الشعبية والمشتاقين لكرامة مصر وحريتها بغيتهم ويبقى _ حتى نكون صادقين مع أنفسنا _ أن نجهد أنفسنا ولو قليلا ونتواضع كثيرا ونقدم جهدا جماعيا لاستثمار هذه "الفرصة الذهبية" وهو ما يمكن _من وجهة نظرى_ بالعمل على أقرار عدة أهداف وسياسات والتأكيد على مجموعة من القيم:
أولها.. أننا "شعب واحد" وليس شعبان وأن المصالحة المجتمعية هى طريق لاغني عنه لاستعادة لحمة شعبنا ومحاصرة الانقلاب مع ضرورة التوجه بخطاب جديد للقطاعات الشعبية التى خدعت فى هذا النظام أو ركنت إليه لبعض الوقت بأنها صاحبة ثورة يناير التى عاشت مصر فى كنفها لأول مرة محررة من كل قيود الاستبداد وأنه ليس من حق أحد أن يقصيهم من مسارات أستكمالها والعمل على تحقيق أهدافها.
ثانيها.. العمل على "تجسير الفجوة بين الأحزاب والحركات والقوى السياسية والثورية" وتشجيعهم للتوافق على "أجندة وطنية جديدة" و"جبهة وطنية واحدة" أو أي صيغة عملية أخرى يمكن من خلالها أستكمال مسار يناير الذى أرتبط به حرية مصر وكرامتها ونهضتها وفى ذات الوقت التوافق على المرحلة الانتقالية التى يمكن من خلالها أعادة بناء الدولة وفق قواعد التوافق والتشارك.
ثالثها.. التوجه "بخطاب سياسي ناضج لضباط وجنود القوات المسلحة والشرطة" بأن يربطوا مصيرهم بمصير شعبهم وحريته وكرامته وأن ينحازوا لشعبهم وليس لحفنة الأشرار الذين يسخرون كل موارد البلاد وقدراتها _ بما فى ذلك الجيش والشرطة _ لخدمة مصالحهم الشخصية وشبكات المصالح الفاسدة التى أرتبطت بهم.
رابعها.. ضرورة "فتح الباب واسعا أمام كل الأطراف التى ورطها الانقلاب معه" كى يحقق من خلالها خطته فى احكام السيطرة على الحكم.. وخاصة الأقباط الذين يخوفهم النظام من عودة يناير ويكاد يختطفهم لتحقيق مآربه لهذا يجب أن نطمأنهم بأن ثورة يناير تهدف لحريتهم وكرامتهم كما أنها تجعلهم جزءا أصيلا من المجتمع وليس فى مواجهته كما يريد النظام الحالى.
خامسها.. لابد من "أفساح الطريق أمام الشباب" وأعطائهم الفرصة كى يكملوا ثورتهم.. فشبابنا هم أهم أرصدتنا وأقوى مواردنا وهم من أستطاع أن يهدم كل قواعد التغيير التقليدية التى كانت متبعة قبل يناير وأن يبتكر قواعد جديدة هزمت الاستبداد وهزت كل قواعد الديكتاتورية بعنف.
سادسها.. ضرورة استمرار "الحفاظ على الشعارات العامة" التى ثبت جدواها ونجاعتها فى موجة الأرض وذلك حتى نستطيع توحيد الشعب وقواه الحية خلف أهداف يناير.. علما بأن التمسك بالشعارات المجمعة لا يعنى بحال حصر الأهداف بها أو التفريط فى حقوق دستورية أو قانونية أو إنسانية.
سابعها.. أصبح من الضرورى بمكان ايجاد صيغة لوقف التراشقات المتزايدة والخلافات المتصاعدة بين صفوفنا والتى لا يمكن تبريرها بحال وفق ميزان الشرع أو ميزان العقل أو ميزان المصالح العليا لشعبنا ووطننا أو ميزان السياسة.
المصدر
- مقال: "طارق الزمر" يكتب: ماذا بعد موجة الأرض ؟ موقع كلمتي