الحياة في محراب الصلاة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٨:٥٠، ٩ مارس ٢٠١٤ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>الحياة في محراب الصلاة</font></font></center>''' '''05-06-2013''' '''بقلم: عبد الناصر عب...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الحياة في محراب الصلاة

05-06-2013

بقلم: عبد الناصر عبد الحق عبد الباري

مقدمة

عبد الناصر عبد الحق عبد البارى

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآّله وصحبه ومن ولاه وبعد؛ بمناسبة الإسراء والمعراج التي نمر بذكراها الآن وهي الرحلة الفارقة في حياة سيد المرسلين- صلى الله عليه وسلم- وفي مسيرة رسالته العظمى؛ حيث كانت بين المرحلة المكية(مرحلة تأسيس الإيمان في القلوب) والمرحلة المدنية(مرحلة تأسيس الدولة وإقامة الحكم لله على الأرض) فكانت الرحلة هبة من الله لنبيه الكريم إعلامًا له بمكانته العالية في السماء بعد هوانه على أهل الكفر من مكة والطائف، وتطييبًا لخاطره بعد رحلة الهوان والإيذاء في الطائف، .

وأهم ما في الرحلة كانت هدية الله لنبيه الخاتم وأمته الوسط وهي الصلاة، الفرض الوحيد الذي فرض في السماء، فكانت الصلاة صلة بين المرحلتين وبين السماء والأرض وبين العبد وربه،إيذانًا بأن الحياة الحقيقية لا تكون إلا في محراب الصلاة، وأن الهدف الأكبر من إقامة الدولة والتمكين هو الصلاة، فبها يكون ومن أجلها يُؤسس(الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة...) (الحج:41).

فمع وقفات نتنسم فيها عبق الحياة في محراب الصلاةوالصلاة صلة بالحي الذي لا يموت.

الصلاة ذكر للحي القيوم(وأقم الصلاة لذكرى) (طه:14)... الصلاة طمأنينة وحياة طيبة (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (الرعد:28).

(إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا) لتتصل الحياة وتستمر مستقرة منظمة موصولة بالسماء بشكل دوري محدد لتجديد الإيمان والمدد الإلهي فتكون الحياة الهانئة.

(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) (العنكبوت:45) والبعد عن الفحشاء والمنكر يعنى الحياة الطيبة الطاهرة والتي تصنعها الصلاة.

(ياأيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) (الأنفال:24)وأفضل ما يُستجاب له به الصلاة ( فهي أحب الأعمال إلى الله) فالصلاة حياة.. فهل نستجيب لنسعد بالحياة؟.

(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة) (النور:37) لأن الصلاة هي التجارة الرابحة عندهم وهي الحياة الحقيقية فلا يفضُلها ولا يسبقها شيء ولا يمكن الاستغناء عنها ولأنها هي الرزق الحقيقي (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليه لانسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) (طه:132 )(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)(29فاطر).

(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) (2 المؤمنون) فالفلاح الذي هو جوهر الحياة الراقية كائن؛ حيث كانت الصلاة والصلاة موقوفة على وجود الخشوع وحضور القلب مع واهب الحياة، والخشوع لذة لو علمها الملوك لجالدوا عليها بالسيوف، ومن هنا كان النداء المتكرر المتجدد كل وقت (حي على الصلاة ) أي حي على الحياة، لذلك أعقبه وتوقف عليه نداء (حي على الفلاح) فالفلاح والصلاة الخاشعة قرينان متلازمان لا يفترقان تلازمهما في النداء... وكذلك الحياة والصلاة قرينان لا يفترقان.

(إن الإنسان خُلق هلوعًا إذا مسه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير منوعًا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون) (19-23 المعارج) فغير المصلين إن كانت لهم حياة فهي حياة الهلع والجزع والمنع والخوف فهم يموتون في اليوم مرات ومرات... فالمصلي يحيا بالصلاة حياة بعيدة عن الهلع والجزع والخوف والمنع... يحي حياة مليئة بالبذل والكرم والثقة واليقين في الرزق المقترن بالصلاة من الرزاق ذي القوة المتين... فالمصلي يُحلق في فضاء رحب واسع يملأ جوانحه بالسعادة، ويغمره بفيض الحب للحياة في محراب الصلاة.

الصلاة حياة ترتفع بصاحبها فوق آلام الحياة ووخزات مرض الجسد الطيني... فهذا الصحابي الذي يتألم ساقه ويقرر الأطباء بتره فلم يجد مخدرًا يخرجه من الإحساس بالألم إلا السجود فيقرر أن يُبتر ساقه وهو ساجد وهو يرفرف بروحه في جلال وجمال القرب من رب العباد (فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)... وحُق له أن يفعل ذلك فالحياة في قرب الحبيب ومناجاته تُنسى الألم وتُسعد بالأمل وتفرح بفضل الله ورحمته.

وحيثما يكن الاهتمام والمعايشة مع فضل الله ورحمته تكن الفرحة والسعادة الأبدية وتكن الحياة (قل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) (58 يونس) والصلاة من أعظم مظاهر فضل الله ورحمته...

ويظل العبد يرتقي في درجات الحياة مع الصلاة حتى لا يريد أن يفارقها ولو كان في ذلك قتله... فهذا عباد بن بشر يقف يصلي بالليل أثناء الحراسة لجيش رسول الله فيضربه العدو بأكثر من سهم ينفذ في جسده ويسيل دمه ولم يخرج من الصلاة إلا خوفًا على جيش المسلمين وليوقظ صاحبه عمار بن ياسر فيقول له: هلا أيقظتني قبل ذلك؟ فيقول كنت أقرأ في سورة ما أحب أن أقطعها ولو خرجت روحي... ولما لا وهو يعيش الحياة الحقيقية واللذة الروحانية في محراب الصلاة..! حقًا إنها الصلاة الخاشعة إنها قرة العين!! فحي على الصلاة حي على الحياة...

الصلاة رابطة بين التأسيس والبناء

فُرضت في رحلة المعراج في السماء ونزل بها رسول الله يحملها كهدية لأمته، هدية في الأجر؛ حيث فُرضت خمس في العمل، وخمسين في الأجر... وهدية في ذاتها كقرة عين له ولأمته صلى الله عليه وسلم... وكانت الصلاة مع رحلة الإسراء والمعراج حالة وحدثًا فارقًا ورابطًا بين مرحلة التأسيس الإيماني والأخلاقي (المرحلة المكية) ومرحلة بناء الدولة وإقامة الحكم... وتلك دلالة على أهمية الصلاة ومكانتها وتأثيرها وصلتها الوثيقة بمرحلة البناء وإقامة الدولة (فإن تابوا وأقاموا الصلاة فإخوانكم في الدين..) (11التوبة)... مرحلة التنفيذ وتأسيس الحضارة ومشروع النهضة للأمة وبناء مجدها واستكمال عزها وتحقيق سيادتها وريادتها على الأمم كواقع فوق الأرض يحكم ويدبر مسيرة الحياة....! لذلك ولتأكيد هذا المعنى كانت أول خطوة يبدأ بها رسول الله بناء الدولة في المدينة هي الصلاة؛ حيث بنى المسجد النبوي لينطلق منه من الصلاة هو وصحبه إلى بناء الحياة.... فيا طلاب الدولة والنهضة والحياة الكريمة عليكم بالصلاة... فحي على الصلاة حي على الفلاح...

الصلاة قرة العين ونور الحياة

(والصلاة نور) (وجُعلت قرة عيني في الصلاة)... الحديث.. فالقرار والراحة... والطمأنينة والسعادة.. فالحياة النابضة في محراب الصلاة... هكذا نطق بها رسول الله (أرحنا بهاا يا بلال) وكانت الصلاة تسرية وتطييبًا وإكرامًا لرسول الله وأمته في رحلة المعراج بعد أن كان في أحزن لحظات يمر بها في حياته وهي رحلة الطائف وما حدث فيها من إيذاء له من السفهاء والعبيد والنساء والأطفال والسفلة حتى أُدميت قدماه الشريفتان صلى الله عليه وسلم فجاءه المدد الإلهي بهذه الرحلة (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) (18 النجم) ولكل ما سبق من فضل الصلاة كانت (الصلاة نورًا وقرة عين) أمرنا ربنا أن نستعين بها لتكون الحياة (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)...

وأخيرًا الرضا كله في الصلاة

(فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى) (130 طه).. والرضا هو غاية الحياة... فما أحوج ثورتنا العظيمة بتحدياتها الأليمة إلى الصبر والصلاة؟ فحي على الرضا في محراب الصلاة حي على الفلاح... حي على إنجاح الثورة وإقامة الدولة لنسعد بإقامة الصلاة... والحمد لله رب العالمين.

بالتربية والتعليم بسوهاج

المصدر