قالوا في رمضان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٤:٠١، ٢٠ أبريل ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

قالوا في رمضان

أ.د/جابر قميحة


من الحقائق التي حملها إلينا التاريخ، وسرى مسرى الأمثال قولهم "العرب أمة شاعرة". وكذلك قولهم "الشعر ديوان العرب". ولا مبالغة في ذلك: فالشعر هو الذي حفظ تاريخهم وأيامهم، ومسيرتة حياتهم.

و ها قد أهل علينا باليمن والبركات شهر رمضان المعظم، وهو ربيع النفوس والقلوب، وكان لرمضان في وجدان الشعراء تدفق ثرار فاض بأعذب الكلم. فلتكن هذه الحلقة من "ديوان العرب" عن "رمضان والصيام.

ونستهلها بقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).

ثم لنستمع بعد ذلك للشاعر "يس الفيل" وهو يحيي هذا الشهر المعظم قائلاً: شـهر الصيام تحية من iiشاعر هـذى أحاسيسي بليلك iiتزدهي أقـبـل كما أرجو عوالم iiرحمةٍ وأقـم كـريـمًا بين أكرم iiأمةٍ

عن كل ما يؤذي المشاعر صاما ومـشاعري لك طاعة iiتتسامى حتى لمن هو عن سناك iiتعامى خـطرت هدى، وتألقت iiإسلاما

ويتحدثُ الشاعرُ عن فضيلة الصوم، وأثرها الروحي والتربوي في نفوس المسلمين الذين يصومون ويعبدون الله.. ابتغاء وجه الله. يقول الشاعر يس الفيل:

هذى الجموعُ إلى الصيام تسابَقَتْ صـامـوا نهارًا، واستظل بليلهم يـبـغون وجه الله في ملأ iiطغى يـتـألـقـون بـما أفأت iiعليهم وإلـيك يلتجئون إن عصفت iiبهم فـانـصر عبادك، إنهم بك iiقوةٌ


الـكـل فـيك بفيض برك iiهاما أمـل، وجـادوا بـاليسير iiكراما ومـضـى يقطع بينهم.. iiأرحامَا ويـحـطمون بأرضهم.. iiأصناما مـحـنٌ، ومدت للضلوع iiسهاما كبرى، وهم بسوي رضاك iiيتامى

وبعاطفةٍ إيمانية متدفقة: نرى الشاعر "محمد هاشم رشيد" يوجهُ نداء للمسلمين في كل من بالمعمورة لكي يدركوا عبرة الصوم، ويأخذوا أنفسهم بها عمليًا، تُرى ماذا يقصد الشاعر بعبرة الصوم؟ يقول الشاعر:

أيها المسلمون في كل أرض آن يا إخوتي اللقاءُ iiالمرجى لـم نـكن غير أمة iiوحدتها ثـم عـدنـا قبائلاً iiوشعوبًا عـبـرة الصوم أن iiنتلاقى فـلـقـد وحد الصيام خطانا

وعـلـى كل بقعة أو iiبلاد.. بعد طول النوى وطول البعاد شرعة الحق والهدى iiوالرشادِ وافـتـرقنا في كل أفق iiونادِ من جديد على طريق iiالجهادِ ومـنانا برغم أنف iiالأعادي

وفي قصة شعرية، يقدم الشاعر محمد هاشم رشيد عبرًا، وقيمًا إنسانيةً أخرى للصوم، وتبدأ هذه القصيدةُ القصصيةُ بأحدِ المسلمين الموسرين الصائمين يقدمه الشاعر وقد: سـارَ والـشـمسُ فوقهُ iiتتلظى سـاهـمًا، ملء صدره iiزفراتٌ ظامئًا يعصف الصدى بين جنبيه جائعًا ـ تصرخ الضلوعُ iiوتشكو


فـتـحـيـلُ الوجودَ شعلةَ iiنارِ خـلـفـتـه مـبـلبل iiالأفكارِ كـلـفـح الهجير بين البراري مـا تلاقيه من ضني iiوانصهار

وبينما هو في الطريق إلى قصره: رأى ما يشبهُ الكوخ بلا سقف، وقد ضم عجوزًا وفتيةً استبد بهم الفقرُ والضعفُ والشقاء، فيتفتح ضمير الصائم الثري، ويستبد به الحزن لما يرى، ولكن الشعورَ الحيَّ وحده لا يطعم جائعًا، ولا يروي ظامئًا، لذلك ترجَمَ الرجلُ شعورَه إلى عمل:

وأتى الكوخ قائلاً: "أيها القومُ

هلموا.. فأنتم في جواري

اهجروا الكوخ، وانزلوا في رحابي

أنتِ أمي، وهؤلاء صغاري

ويختمُ الشاعر قصتَه بإبرازِ أهمِّ القيم الروحيةِ والاجتماعيةِ، والإنسانية التي يقودُنا إليها الصوم. فيقول

هكذا الصومُ فكرةٌ تملأُ iiالنفس هكذا الصومُ نشوةٌ تاسر الروح هكذا الصوم رحمة تغمر القلب ليس معناهُ أن نجوعَ iiونصدى ونرى البؤس والشقاءَ iiفنغضي


فـتـسـمـو لـعالم iiالأنوارِ فـتـمضي مع النسيم iiالسارِي فـيـحـيـا بـسـنة iiالإيثار ونقضي الحياة مثل الضوارِي ثـم نـرجـو تفضلُ iiالجبارِ

ونلتقي بشاعر طيبة محمد ضياء الدين الصابوني، وهو يفيضُ سعادةً وبشرا بقدوم رمضان العظيم، فيقول:

شهر أطل بفجره البسام دنيا من الإشراق والإلهامِ

شهرٌ أطل فمرحبًا بقدومه وبفيضه المتدفق المترامي

يبرز الشاعر الجو الروحي الذي يسيطرُ على الصائمين في رمضان، من خشوع وتقوى وذكر وتسبيح، فيقول: وفي رمضان كم خشعت قلوبٌ وفي رمضان كم غفرت iiذنوب ومـا أحـلى ليالي الذكر iiفيه وتـسبح في معارج من كمالٍ

بـذكـر الله والـسبع iiالمثاني تـفـتـح فيه أبوابُ iiالجنانِ تـبيت وأنتَ موصولُ iiالجنان وتـتـلو فيه من غرر iiالبيانِ

وليلُ الصائمين ليل عبادة وقيامٍ تقربًا إلى الله، واستنزالاً لرحمته وغفرانه. يقول شاعرُ طيبة: يـا لـيالي القيام عودي iiعلينا جمعتنا في الروض منها سويعا يقطعونَ الليلَ الطويلَ iiبترتيـ

وانـفـحـينا بأطيب iiالنفحات ت مـع الراغبين في iiالقرباتِ ـيـل جـميل منور iiالكلماتِ

ويقول الشاعر "حسن فتح الباب" إن رمضان هو أكثر الشهور إلهامًا لي بأجمل قصائدي، فهو شهرُ الصفاء العقلي والروحي، لذلك تنطلق فيه القريحة بشعرِ التوبةِ والنجاوى.

ومن قصائد الشاعر الرمضانية قصيدةٌ بعنوان (غفران) يقول فيها: كـلـمـا طافت على الكون iiنهايا أشـرقـت روحي يا رب iiورفت واستفاض الطهر يسري في فؤادي واجـتـلى قلبي أسرار iiالنجاوى رب فـارحـم، نـادما مما iiيعاني واهـدِ فـي غمرٍ من الدجن iiسراةً رب واسـكب من سماواتك iiفيضًا


وسـرت فـي موكب الدنيا خطايا فـي ضـيـاء غامر منك iiالحنايا مـن مـعـانيك، ويجتاح الخلايا وجـلا نـورك عـن حسي iiدجايا وتـقـبـل تـوبة من كل iiجاني وأقـل عـثـرة مـكلومٍ iiوعاني يـغـمـر الـنفس بآمال iiحسانِ

وبهذا الدعاء الطيب ـ يا عزيزي القارئ ـ نختم مقالنا عن رمضان والصوم. ونودعك على أمل اللقاء في مقال جديد من . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر:رابطة أدباء الشام