منصور عبد الظاهر منصور

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
منصور عبد الظاهر منصور.. المربي الرباني


إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

بقلم : محمد نصار

المولد والنشأة

هو الأستاذ منصور عبد الظاهر منصور غنيه مسقط رأسه قرية كفر شبين التابعة لمركز شبين القناطر محافظة القليوبية ولد في الثاني من شهر أبريل لعام 1938م نشأ فيها منذ نعومة أظفاره ثم انتقل في عام 1942م إلى الخانكة مع عائلته ولا يزال مقيم بها حتى الآن والتحق الثانوية العامة في شبين القناطر ثم حصل بعدها على كلية العلوم عام 1962م ثم حصل على دبلومه في معهد الدراسات الإسلامية.

تعرفه على دعوة الإخوان المسلمين

التحق بركب الدعوة في عام 1951م وكان ذلك بعد إتمامه الابتدائية القديمة والتحاقه بمدرسة شبين القناطر فكان يركب معه من بعض القرى المجاورة وتحديدا من قرية عرب العليقات وعرب جهينة بعض الطلاب من الإخوان فذكروا له ولخمسة عشر من زملاءه من طلاب الخانكة أن ضيوفا سيصلُّون معهم صلاة الظهر فقرروا أن يصلوا معهم ويشاركونهم استقبال الضيوف وكان هؤلاء الضيوف هم الشيخ حسن عليان رحمه الله والأستاذ محمد سليمان الهضيبي وتحدث إليهم الشيخ حسن عليان وشرح لهم الإسلام بأسلوب بسيط راق لجميعهم ووجههم بعدها إلى شعبة الإخوان في شبين ليتعلموا الإسلام وتعاليمه ومن بعدها كان قضاء يومهم وهم طلاب في مدرسة شبين القناطر بين المدرسة والشعبة والمذاكرة وكرة القدم ودروس تعليم التجويد في الشعبة حتى إنهم كان يقضون الفسحة التي كانت بين الحصص الدراسية في مقر الشعبة لحبهم الشديد لدعوة الإخوان وتعلقهم بمقر الشعبة فقضى في ذلك كله قرابة الثلاث سنوات بين 1951-1954م

في منظمة الشباب

كان له نشاط ملحوظ في المدينة من أعمال خدمية لأهالي المدينة فشارك وبعض إخوانه في مشروع محو الأمية وكان هذا سببا في أن يتعامل مع مجلس المدينة وأفراده لتيسير ذلك العمل الخدمي وذات يوم طلب منه رئيس مجلس المدينة وكان ساعتها الأستاذ أديب حنا وكان رائد متقاعد في القوات المسلحة – أن يذهب لمقابلة المحافظ وكان ساعتها – الأستاذ منصور- يعمل في مصنع الأدوية في أبي زعبل فطلب من رئيس مجلس المدينة أن يستخرج له إذنا من القائمين على المصنع فهاتفهم فأذنوا له وفي الصباح الباكر من اليوم التالي ذهب على رصيف القطار فوجد اثنين من إخوانه فكانوا هم المختارين من قبل رئيس مجلس المدينة كشباب مرشحين لتمثيل شباب الخانكة في منظمة الشباب وذهبوا سويا إلى المحافظ تمت المقابلة معهم وكانت الصورة الذهنية لدى الأستاذ منصور عن المحافظ أنه يحب الصدق فصادقه القول بصراحة تامة في كل ما سأله إياه وكان نتاج ذلك أنه اختير من قبل المحافظ الشاب الوحيد الممثل لشباب الخانكة واستبعد أخويه في حين كان يمثل الشباب من كل مركز ثلاثة إلا مركز الخانكة فمثلهم وحده منفردا

كانت فكرة المنظمة منبعثة من شرط أشترطه خروشوف رئيس الاتحاد السوفيتي بأن تقوم مصر بعمل منظمة شباب على غرار المنظمات الموجودة عندهم وكان الشرط الثاني الذي اشترطه بأن تفرج مصر عن كل الشيوعيين الموجودين في السجون فلبى ذلك عبد الناصر وأنشأت المنظمة

فقامت المنظمة بشكل مختلف عما قامت عليه هيئة التحرير من حيث أن هيئة التحرير كانت مفتوحة لعموم الشباب أما المنظمة فهي تعمل على التصفية بين الشباب المشارك ليكونوا هم طليعة الشباب والرواد عليهم بعد ذلك بعد أن يكونوا قد أخذوا قسطا وافرا من التدريب ونقل الأفكار الشيوعية لهم ليحملوها على عاتقهم في الحركة بين الشباب المصري وكان العدد المستهدف على مستوى الجمهورية 300 شاب كرواد

وفي إحدى المحاضرات كان يحاضرهم أحد الأساتذة الشيوعيين ويشرح لهم أن الفكر الشيوعي في تغيير المجتمعات ينبني على تغيير وسيلة الإنتاج في المجتمع يتبعها تغيير في ثقافة وعادات المجتمع فرد عليه الأستاذ منصور قائلاً "إن مجتمع الجزيرة العربية كان يرعى الغنم ويعمل بالتجارة قبل الإسلام وبعد الإسلام كان كما هو يرعى الغنم ويعمل بالتجارة ففي هذه الحالة وسيلة الإنتاج لم تتغير ومع ذلك تغير المجتمع تغيرا جذريا فما التحليل إذن؟" رد عليه المحاضر متهربا "لا لا لا السؤال ده يجاوب عليه غيري" وأبدى انزعاجه

فكانت طول فترة معسكرات المنظمة على هذه الشاكلة بسبب اقتناع الأستاذ منصور عن علم ويقين بالمنهج الإسلامي في تغيير المجتمعات وصلاحيته لكل زمان ومكان واختلاف هذا المنهج عن منهج وضعي كالمنهج الشيوعي  

قدر الله نافذ

جاء تقرير لعبد الناصر من المخابرات الأمريكية أن ثمة تنظيم للإخوان وأن رئيسه هو الأستاذ محمد قطب أخو الأستاذ سيد قطب وكان هذا الاستنتاج مبني على سرعة توزيع كتاب (جاهلية القرن العشرين) تبعا لذلك أصدر عبد الناصر قرارًا للمخابرات العسكرية بالبحث عن تنظيم الإخوان ولم يكلف المباحث العامة ، فبحثت المخابرات العسكرية عن الأسلحة التي يصنعها الإخوان - في ظنها- وطافت ورش الحدادة على مستوى الجمهورية للبحث عن ذلك بتفتيشها بشكل دقيق وبدأت حملة اعتقال الإخوان في 1965م وكان القبض على الأستاذ منصور في يوم الواحد والثلاثون من شهر أغسطس من نفس السنة وكان ذلك بسبب إبلاغ أحد إخوانه عنه تحت وطأة التعذيب الشديد بعدما رفض الإبلاغ عنه في بداية الأمر

يقول الأستاذ منصور : "قدر الله نافذ درس تعلمته من هذه المحنة فقبل اعتقالي اقترحت على أحد إخواني الذهاب لزيارة الأستاذ حمدي حسن صالح وعنده وجدنا أخا له من دمياط اسمه الأستاذ علي عشماوي وبعد أن قبض علينا علمنا أن الأخ علي عشماي لم يتحمل التعذيب وأبلغ عن كل إخوانه بل ووصل به الأمر أن تعاون مع ضباط السجن فقال لهم: أنه ذات مرة زار الأخ حمدي حسن صالح وجاء لزيارته وأثناء وجوده أخوين لا يذكرهما، فكان هذا الاعتراف سببا في أن يقبض على الأستاذ حمدي حسن صالح وتعذيبه بطريقة وحشية إلى أن أبلغ عني وعن أخي الذي كان معي" ويردف قائلا :" لولا أني الذي اقترحت على أخ لي لزيارة الأستاذ حمدي لقلت أن في الأمر شيء لكني أنا المقترح لأجل ذلك علمت أن هذا قدر الله ولا دخل لأحد منا فيه وأن المسألة مسألة وقت وابتلاء من عند الله ويجب الصبر عليه"

المحنة في غياهب سجون عبد الناصر

أثناء السجن لاقى كباقي إخوانه من التعذيب والويلات الكثيرة والتنكيل الشديد كما لاقى كل شباب الحركة الإسلامية في ذلك الوقت وكما لاقاه كل معارض لرأي الحاكم الآمر الناهي عبد الناصر

وكانت من الرسائل الربانية له في أول دخوله السجن الحربي أنه دخله قبل آذان المغرب بدقائق ووقف هو إخوانه في السجن وإذا بصوت المؤذن يردد في كل مكان "الله أكبر الله أكبر" فيقول الأستاذ منصور: "فعلمت أن الله أكبر من كل شيء وأنه أكبر من عبد الناصر وزبانيته وأنه قدر الله والمسألة فيه مسألة وقت وصبر واحتساب الأجر عند الله".

قوبل الأستاذ منصور وإخوانه من إدارة السجن الحربي بمعاملة غاية في الإذلال والقساوة والإكراه وطوابير إذلال في كل شيء داخل السجن من دخول الحمامات وغيرها نهايك عن الحشرات التي تقطن الفجوات الموجودة في جدران الزنزانات وبطانية لكل أربع أو خمس أفراد وما يذكر هذه القساوة حتى تأتي في مخيلته عنبر الإيراد في سجن ليمان طرة كان عنبرا مسمطا إلا من فتحة صغيرة في الباب وكان مساحة العنبر متر ونصف في مترين ويسكن في العنبر الواحد بهذه المساحة سبعة أو ثمانية من الإخوان وكانوا يتناوبون على الفتحة لتنفس الهواء.

وفي يوم الثالث من شهر إبريل لعام 1974م قبل يوم مولد النبي قرر الرئيس السادات الإفراج عن الإخوان بهذه المناسبة وانتهت هذه المحنة وقد زادت الإخوان تمسكهم بدعوتهم وجهادهم من أجلها بالغالي والنفيس.

ومضات مضيئة داخل السجن

مما يجب ذكره عند عرضنا لترجمة المربي الفاضل الأستاذ منصور أنه أحب العلم الشرعي غاية الحب وتعمق في وتعلق قلبه وعقله وفكره بالقرآن دستور الأمة وعكف في مشوار حياته على قراءته وتدبره وتعلمه والاستزادة من العلم الشرعي والفقه الإسلامي وأصول الفقه ليكون الزاد على فهم دعوة الإسلام الوسطية ففي سجنه سمحت لهم إدارة السجن في فترة من الفترات أن يقرأوا الكتب فكان له مساجلات فكرية وحوارات هادفة هادئة مع بعض إخوانه من الأزهريين في أمور عدة ومما هو جدير بالذكر أنه عكف في السجن على تلخيص كتاب: (نيل الأوتار من أسرار منتقى الأخبار) للإمام الشوكاني رحمه الله، وكان تلخيصه له تلخيصا ممنهجا بأن التزم فيه بذكر الأحاديث الصحيحة والحسنه فقط وأتم ذلك قبل خروجه من السجن وكان هدفه في هذا العمل الجليل أن يتعلم الفقه المقارن من هذا الكتاب القيم.

ومن الجدير بالذكر أن الأستاذ منصور وإخوانه في السجن قامت إدارة السجن بتنظيم مجموعة من لقاءات (غسيل المخ) من خلال إحضار مشايخ في الأزهر لحوارهم فكريا وفي نهاية الجلسات قال لهم حمزة البسوني كان ذلك في يوم الإثنين 28 من مايو من عام 1967م : "خلو بالكو احنا انتهى الكلام اللي عندنا لكم وموعدنا يوم الاثنين اللي جاي وهنعرف مين اللي عجبوا كلامنا ومين اللي ما عجبوش وأنا النائب العسكري وأنا النائب العام وأنا الحكومة وأنا الكل في الكل ويا احنا يا أنتو انصراف" علموا بعد ذلك أنه ثمة مجزرة ستحدث يوم الاثنين وتذكروا مذبحة طرة وعاش الإخوان أسبوع التعلق بالله والتوكل عليه وعلموا بالنكسة بعد أسبوع من هذا اللقاء وقبض على حمزة البسيوني والمشير عبد الحكيم عامر وكانت النجاة بفضل حسن التوكل على الله.

جهاد لا ينقطع

ما إن خرج من السجن حتى استأنف رحلته مع تعليم الناس الإسلام واستكمالاً لجهاد لا ينقطع فقام بعمل دروس العلم في المساجد وتنظيم الدورات لأئمة المساجد لكيفية تجديد الخطاب الدعوي من خلال عمله كمسئول عن قسم نشر الدعوة في محافظة القليوبية وكان نتاج تلك الدورة أن قام بتأليف كتاب (مع الدعوة والدعاة ) ويعتبر من الكتب القيمة فقد استخلص فيه من كتاب الله عز وجل أصناف الناس في القرآن وكيف تعامل القرآن مع كل صنف ليستفيد الدعاة والخطباء من ذلك.

ولا يزال حتى الآن بيته مفتوحا للجميع من طلبة العلم وشباب الأمة وشباب الإخوان فلا يغلق بابه أمام أحد ابتغاء لمرضاة الله وحملا لدعوة الإسلام وتوريثها بين شباب الأمة.