إسلاميو سوريا.. بين القمع والاستقطاب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إسلاميو سوريا.. بين القمع والاستقطاب
مصطفي السباعي.jpg

اتسمت العلاقة بين الحركة الإسلامية والنظام في سورية بالمعارك السياسية والعنيفة المتصلة بين الجانبين، التي لجأ النظام في سبيل استيعابها، إلى اتباع سياسة القمع واسعة النطاق، وارتكاب المجازر البشعة؛ حفاظًا على مكتسبات طائفته النصيرية العلوية العنصرية، دون استجابة لرغبات الشعب السوري التي عبرت عنها الحركة بصدق.

بدايةً، ترجع أصول الحركة الإسلامية السورية إلى جمعيات خيرية إسلامية تأسست في أواخر القرن التاسع عشر، ثم تشكلت جماعةالإخوان المسلمين عام 1935 م في حلب، عندما عاد كثير من الطلبة السوريين الذين كانوا يدرسون في مصر.

وفي عام 1944 م انتقلت حركة الإخوان المسلمين إلى دمشق؛ حيث تمكن الدكتور " مصطفى السباعي " من دمج الجمعيات الإسلامية السورية، وقد انتخبه الإخوان السوريون مراقبًا عامًا لهم في الفترة من 1945 م إلى عام 1961 م.


أولاً: معركة تغيير الدستور عام 1973 م:

يمكن القول إن معركة الدستور في سورية شكلت أهم المعارك السياسية بين الحركة الإسلامية والنظام السوري، ففي عام 1973 م اندلعت سلسلة من التظاهرات في دمشق وحمص وحماة بمناسبة تغيير الدستور، وعدم تنصيص المشروع الجديد على أنَّ الإسلام دين رئيس الدولة، إذ ورد في الدستور الجديد الذي أقرته الجمعية العمومية في يناير 1973م نص يقول: "إن جمهورية سوريا العربية هي جمهورية ديمقراطية شعبية اشتراكية!".

فهاجم عدد كبير من العلماء الموالين للإخوان المسلمين الدستور، ووصفوه بأنه: "دستور علماني وإلحادي"، وأعقب ذلك تمردات وثورات في جميع أرجاء سوريا فأذعن " حافظ الأسد "، وأصدر تعليماته بأن ينص الدستور على أن رئيس الدولة يجب أن يكون مسلمًا، وتم ذلك بالفعل، وعلى الرغم من تعديل الدستور نزولاً على الرغبة الشعبية الجارفة التي كادت معارضتها تودي بالنظام السوري فإن موجة الغضب والاحتجاجات تواصلت؛ لأن المطالبة كانت تتجاوز التنصيص على أن الإسلام دين رئيس الدولة إلى مطلب قديم للحركة الإسلامية هو إعلان الإسلام دينًا رسميًا للبلاد، لذلك لم يقتنع العلماء بهذا التعديل الطفيف، ودعوا إلى تنظيم مظاهرات في جميع أنحاء سوريا، وتمت بالفعل مظاهرات بالغة العنف ثم أصدر العلماء تعليماتهم لأتباعهم بمقاطعة الاستفتاء الذي سيجرى على الدستور، واستمر الهياج الشعبي على فترات متقطعة، ثم حدثت مصادمات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وقامت الحكومة في الوقت نفسه بإلقاء القبض على العلماء وتعذيبهم واعتبرتهم المسئولين عن التمرد والاضطرابات.

وكان مما اتسمت به سياسة حافظ الأسد  جمعه بين القمع والاستقطاب، إذ قام بتقديم شهادات تقدير للعلماء، علاوةً على زيادة مرتباتهم بالإضافة إلى عقد صداقات حميمة مع بعضهم، كما استخدم فرصة نصر أكتوبر، وأطلق اسم "بدر" على الهجوم الذي شنته القوات العربية على الكيان الصهيوني في 6 أكتوبر 1973 م.

وفي فبراير 1974 م قام " حافظ الأسد " بزيارة الملك "فيصل" في السعودية في الرياض ثم قام بزيارة إلى مكة لأداء فريضة الحج، في خطة لرفع معدلات شرعية النظام السياسي ذاته، وإبعاد شبح الطائفية الذي يتسم به نظام الحكم السوري إذ تسيطر الطائفة "النصيرية" التي تطلق على نفسها "العلوية" على مقدرات البلاد، وتهمش بشدة الأغلبية السنية.

وفي منتصف السبعينيات تولى " عدنان سعدالدين " قيادة الإخوان كمراقب عام ليقوم بالإعداد لمرحلة جديدة من الكفاح ضد نظام حكم البعث.

ثانيًا: اللجوء إلى الجهاد من 1976 م إلى 1983 م:

مرت الحركة الإسلامية في سوريا بمراحل عدة منذ أواخر الستينيات؛ إذ تميزت بتزايد مستوى النضال الذي انتهى إلى الجهاد بقوة عام 1976 م، وقد أدَّى تحول الإخوان إلى التركيز على الجانب القتالي الجهادي إلى شق الجماعة، ومن ثم الحركة الإسلامية نفسها، ولم يحل الانقسام بين الشماليين النضاليين وجماعة " عصام العطار " في دمشق إلا في عام 1980 م، حين تشكلت الجبهة الإسلامية السورية التي انضوت تحت لوائها كثير من الحركات السياسية والدينية في سوريا .

كان الإخوان الشماليون بقيادة "أمين يكن" و"عدنان سعيد" و"الشيخ عبدالفتاح أبوغدة" و" سعيد حوى " و" عدنان سعدالدين " على اقتناع بأنه لا يمكن إزالة نظام "الأسد" إلا بكفاح عسكري منظم تنظيمًا حسنًا، لكن جهودهم الأولى فشلت في اجتذاب تأييد شعبي على ضوء تقارب "الأسد" مع مصر و الأردن و السعودية ، وسياساته في الإصلاح والتحرر الاقتصادي، وهي السياسات التي دعمتها ثروة دول الخليج النفطية، والتي أسهمت أيضًا في تحسين الأحوال المعيشية للعناصر الاجتماعية التي كانت تميل إلى تأييد الإخوان المسلمين .

ثالثًا: مراحل الجهاد ضد النظام السوري:

بدأت المرحلة الأولى من الجهاد عام 1967 م حين استخدمت "الطليعة المقاتلة" للإخوان خطة الضربات الخاطفة؛ لتثير النظام حتى يصعد قمعه، واستهدفت هذه الطليعة الزعماء العلويين "النصيريين"، وعملاء الاستخبارات، ومحترفي الحزب (حزب البعث)، ليكشفوا الجانب الطائفي الذي يقوم عليه نظام "الأسد"، فاستخدمت الحكومة جهاز الأمن الداخلي التابع لها وفرق الدفاع من أجل القبض على كثير من أفراد الحركة، خاصةً الذين نفذوا هذه العمليات.

وفي يونيو عام 1979 م بدأت مرحلة جديدة من الجهاد المركز إذ قامت الوحدات العسكرية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا بمهاجمة أقسام الشرطة، ومقارات حزب البعث ثم القيام بالهجوم الكبير على المدرسة الحربية لسلاح المدفعية، في حلب يوم 16 يونيو 1979 م، حيث قُتل 83 من الطلاب النصيريين، فأدى هذا الحادث إلى إثارة جو من الرعب في جميع أرجاء البلاد فقامت السلطات الحكومية بحملة واسعة النطاق على الأعضاء النشطاء من الإخوان المسلمين ، كما شنت حملة مناهضة للإخوان في جميع أرجاء البلاد من خلال أجهزة الإعلام الكبرى التابعة لها.

وفي مارس 1980 م حدثت مظاهرات واسعة النطاق في حماة وحمص وحلب وسط هجمات على الشيوعيين السوريين والمستشارين العسكريين الروس، وقد ردت الحكومة بحركة قمع واسع النطاق خاصةً في حلب.

كما دفعت محاولة لاغتيال "الأسد" النظام إلى زيادة إرهابه الذي شمل مذابح سجن "تدمر"، ثم أصدرت الحكومة القانون 49 في 8 يوليو 1980 م الذي يجعل القتل عقوبة مَن ينضم إلى الإخوان أو يشترك معهم.

تأسيس الجبهة الإسلامية عام 1980 م:

كان من نتائج هزيمة الإخوان عسكريًا قيام الجبهة الإسلامية في سوريا في أكتوبر 1980 م، واختيار الشيخ " محمد أبوالنصر البيانوني الحلبي " أمينًا عامًا لها.. ضمت هذه الجبهة الإخوان وجماعة "عصام العطار" المنشقة وبعض العلماء والجماعات الإسلامية الصغيرة، وكان محركها "عدنان سعدالدين" من حماة، والتالي له الشيخ "سعيد حوى" المنظِّر العام للحركة الإسلامية في سوريا ، وقد أصدرت الجبهة في 9 نوفمبر 1980 م بيانًا يحتوي على برنامجها الذي وضعت خطوطه العريضة في ميثاقها الذي نشر في يناير 1981 م.

المصدر : إخوان أون لاين

وصلات ذات صلة