الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الفكر الإسلامي»
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
(٧ مراجعات متوسطة بواسطة ٣ مستخدمين غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''الفكر | '''<center>الفكر [[الإسلام]]ي</center>''' | ||
== توطئة : في ضرورة تحديد المفاهيم == | |||
[[ملف:صورة لمسجد.jpg|تصغير]] | |||
تحاول هذه الورقة توضيح مدى أهمية تحديد المصطلحات والمفاهيم والألفاظ في زيادة الفهم والوضوح من جهة، وتحسين سبل التواصل المعرفي بين المتخاطبين من جهة أخرى، إذ من أهم مقدمات هذا التواصل فهم المصطلحات والمفاهيم، لكونها مفاتيح العلوم والمعارف والأفكار، خاصة إذا استحضرنا كون المفهوم هو المعنى الذي يحمل إلى الذهن بواسطة مصطلح معين، مما يجعله، من ثم، خزانا لمجموعة من المقولات الأساسية التي توظفها النظرية في خطابها العام والخاص، مع العلم أن الضرورة تقتضي فهم هذه المسألة من زاوية النظر إلى علاقة المفهوم، أو المصطلح، بالواقع والمحيط. | تحاول هذه الورقة توضيح مدى أهمية تحديد المصطلحات والمفاهيم والألفاظ في زيادة الفهم والوضوح من جهة، وتحسين سبل التواصل المعرفي بين المتخاطبين من جهة أخرى، إذ من أهم مقدمات هذا التواصل فهم المصطلحات والمفاهيم، لكونها مفاتيح العلوم والمعارف والأفكار، خاصة إذا استحضرنا كون المفهوم هو المعنى الذي يحمل إلى الذهن بواسطة مصطلح معين، مما يجعله، من ثم، خزانا لمجموعة من المقولات الأساسية التي توظفها النظرية في خطابها العام والخاص، مع العلم أن الضرورة تقتضي فهم هذه المسألة من زاوية النظر إلى علاقة المفهوم، أو المصطلح، بالواقع والمحيط. | ||
وتزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تحاول قدر الإمكان استئناف النظر في مداخل النهضة والتقدم، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، وكذا النهوض المعاق، بفعل عدة عوامل، لعل من أبرزها : عدم توفر الأمة على موجبات التكوين العلمي والمعرفي المطلوب، خاصة إذا نظرنا إلى القضية المطروحة في علاقاتها بعدة مشكلات، تتقدمها مشكلة المثاقفة المفاهيمية والاصطلاحية التي برزت بشكل واضح وملح مع بروز الكتابات ذات الطبيعة التغريبية، التي لا ترى المخرج من هذه الوضعية المأساوية للأمة إلا من باب استعارة واقتراض ما عند الآخر من مفاهيم ومصطلحات ومناهج ونظريات، في إطار نقل التجربة العامة الدافعة إلى تحقيق ما يظنون أنه سيتحقق وهو "عصر التنوير العربي" قياسا على "عصر التنوير الأوربي"، متناسين قاعدة أساسية في هذا الباب، وهي "أنه لاقياس مع وجود الفارق"، وما أكثر الفوارق بيننا وبين الآخر. | وتزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تحاول قدر الإمكان استئناف النظر في مداخل النهضة والتقدم، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، وكذا النهوض المعاق، بفعل عدة عوامل، لعل من أبرزها : عدم توفر الأمة على موجبات التكوين العلمي والمعرفي المطلوب، خاصة إذا نظرنا إلى القضية المطروحة في علاقاتها بعدة مشكلات، تتقدمها مشكلة المثاقفة المفاهيمية والاصطلاحية التي برزت بشكل واضح وملح مع بروز الكتابات ذات الطبيعة التغريبية، التي لا ترى المخرج من هذه الوضعية المأساوية للأمة إلا من باب استعارة واقتراض ما عند الآخر من مفاهيم ومصطلحات ومناهج ونظريات، في إطار نقل التجربة العامة الدافعة إلى تحقيق ما يظنون أنه سيتحقق وهو "عصر التنوير العربي" قياسا على "عصر التنوير الأوربي"، متناسين قاعدة أساسية في هذا الباب، وهي "أنه لاقياس مع وجود الفارق"، وما أكثر الفوارق بيننا وبين الآخر. | ||
ولعل من أبرز المصطلحات والمفاهيم التي نرى ضرورة إعادة تصحيح الأفهام بخصوصها، مفهوم "الفكر [[الإسلام]]ي"، لما حمل من تأويلات وتفسيرات، خرجت ه من إطاره الصحيح، فضيق مجاله عند البعض، واستغل عند البعض الآخر، فكان حريا بنا أن نعيد تقديمه للقارئ، باحثا كان أو متخصصا أو متتبعا، إسهاما منا في تصحيح المفاهيم والمصطلحات، حتى تصح رؤيتنا ونظرتنا، بل وتكون على قدر مهم من القدرة على تحديد مقومات استشراف المستقبل. | |||
ولعل من أبرز المصطلحات والمفاهيم التي نرى ضرورة إعادة تصحيح الأفهام بخصوصها، مفهوم "الفكر | |||
== تعريف الفكر == | == تعريف الفكر == | ||
قبل الحديث عن مفهوم الفكر [[الإسلام]]ي، نرى ضرورة تحديد مفهوم الفكر في اللغة والمعاجم القديمة والحديثة، ثم ننظر إليه من خلال وضعه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. | |||
قبل الحديث عن مفهوم الفكر | |||
== 1- الفكر في اللغة == | === 1- الفكر في اللغة === | ||
* عرف ابن منظور في لسان العرب الفكر بقوله : الفكر، والفكر : أعمال الخاطر في الشيء (…) والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكري. وقال الجوهري : التفكر: التأمل[1]. | * عرف ابن منظور في لسان العرب الفكر بقوله : الفكر، والفكر : أعمال الخاطر في الشيء (…) والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكري. وقال الجوهري : التفكر: التأمل[1]. | ||
سطر ٣٠: | سطر ٢٥: | ||
=== 2- الفكر في المعاجم الحديثة والمعاصرة === | |||
== 2- الفكر في المعاجم الحديثة والمعاصرة == | |||
* يقول جميل صليبا : "وجملة القول أن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها، فإذا اطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس"[3]. | * يقول جميل صليبا : "وجملة القول أن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها، فإذا اطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس"[3]. | ||
* وعرفه صاحب (المعجم الوسيط) بقوله : "الفكر إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول ]و[ الفكرة : الصورة الذهنية لأمر ما"[4]. | * وعرفه صاحب (المعجم الوسيط) بقوله : "الفكر إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول ]و[ الفكرة : الصورة الذهنية لأمر ما"[4]. | ||
* أما صاحب الموسوعة الفلسفية فقد ذكر عدة تعريفات منها : الفكر ]هو[ النتاج الأعلى للدماغ كمادة ذات تنظيم عضوي خاص، وهو العملية الايجابية التي بواسطتها ينعكس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحكام ونظريات (…) هو الشرط الجوهري لأي نشاط آخر، طالما أن هذا النشاط هو نتيجته المجملة والمتمثلة، والكلام هو صورة الفكر"[5]. | * أما صاحب الموسوعة الفلسفية فقد ذكر عدة تعريفات منها : الفكر ]هو[ النتاج الأعلى للدماغ كمادة ذات تنظيم عضوي خاص، وهو العملية الايجابية التي بواسطتها ينعكس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحكام ونظريات (…) هو الشرط الجوهري لأي نشاط آخر، طالما أن هذا النشاط هو نتيجته المجملة والمتمثلة، والكلام هو صورة الفكر"[5]. | ||
=== 3- الفكر في [[القرآن]] الكريم === | |||
'''لقد وردت مشتقات الفكر في [[القرآن]] الكريم في عدة مواضع[6]، بصيغة الفعل، ولكثرثها نذكر منها قوله تعالى :''' | |||
لقد وردت مشتقات الفكر في القرآن الكريم في عدة مواضع[6]، بصيغة الفعل، ولكثرثها نذكر منها قوله تعالى : | |||
أ- (وسحر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون[7]). | أ- (وسحر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون[7]). | ||
سطر ٥٦: | سطر ٤٦: | ||
== 4- الفكر في الحديث النبوي الشريف == | === 4- الفكر في الحديث النبوي الشريف === | ||
'''وردت الكلمة في عدة مواضع، وفيما يلي بعض الأمثلة :''' | |||
وردت الكلمة في عدة مواضع، وفيما يلي بعض الأمثلة : | |||
أ- وردت الكلمة في صحيح البخاري في أربع مواضع، واحدة بلفظ البخاري، والباقي بلفظ القرآن الكريم، منها الباب الذي افرده البخاري لما تحت كتاب الصلاة : "باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة". | أ- وردت الكلمة في صحيح البخاري في أربع مواضع، واحدة بلفظ البخاري، والباقي بلفظ القرآن الكريم، منها الباب الذي افرده البخاري لما تحت كتاب الصلاة : "باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة". | ||
سطر ٦٦: | سطر ٥٥: | ||
=== 5- الفكر عند بعض العلماء والمفكرين قديما وحديثا === | |||
نظرا لطبيعة المعرفة في البيئة [[الإسلام]]ية الاولى، ودخول العلماء والمفكرين ميدان استنباط العلوم والمناهج والادلة، وبروز اشكالات من قبيل ما هو كلامي أو فلسفي في الثقافة المعرفية [[الإسلام]]ية، كان لهذا المفهوم حضورا في مجموع السجلات والتأليفات، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بصيغة الفكر، وإنما جاء في كثير من المرات بصيغة العقل والتأمل والتدبر والنظر. وفما يلي بعض التعريفات المعطاة لهذا المفهوم : | |||
نظرا لطبيعة المعرفة في البيئة | |||
أ- يقول أبو حامد الغزالي : "اعلم أن معنى الفكر هو احضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة"[10]. وقد جعل الفكر مرادفا للتأمل والتدبر. | أ- يقول أبو حامد الغزالي : "اعلم أن معنى الفكر هو احضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة"[10]. وقد جعل الفكر مرادفا للتأمل والتدبر. | ||
ب- وبالنسبة لإمام الحرمين | ب- وبالنسبة لإمام الحرمين [[الجويني]]، يدل الفكر على النظر، يقول : "والنظر في اصطلاح الموحدين هوالفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظن؛ ثم ينقسم النظر إلى قسمين : إلى الصحيح وإلى الفاسد"[11]. | ||
ج- ويعرفه التهانوي بقوله : "ولا شك أن النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل : الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أن الفكر والنظر مترادفان"[12]. | ج- ويعرفه التهانوي بقوله : "ولا شك أن النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل : الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أن الفكر والنظر مترادفان"[12]. | ||
د- وعرفه عبد الرحمان الزنيدي : "والفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشري"[13 | د- وعرفه [[عبد الرحمان الزنيدي]] : "والفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشري"[13]. | ||
هـ- وعرفه [[طه جابر العلواني]] بقوله : "الفكر اسم لعملية تردد القوى العاقلة المفكرة في الانسان، سواء أكان قلبا أو روحا أو ذهنا بالنظر والتدبر، لطلب المعاني المجهولة من الأمور المعلومة، أو الوصول إلى الأحكام أو النسب بين الأشياء"[14]. | |||
== 6- المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة == | === 6- المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة === | ||
بالنظر في مجموع ما تم تقديمه من أمثلة، وغير ذلك مما تركناه تفاديا للتطويل، يستفاد ما يلي: | '''بالنظر في مجموع ما تم تقديمه من أمثلة، وغير ذلك مما تركناه تفاديا للتطويل، يستفاد ما يلي:''' | ||
أ- الفكر بمعنى إعمال النظر والتأمل في مجموعة من المعرف بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة. | أ- الفكر بمعنى إعمال النظر والتأمل في مجموعة من المعرف بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة. | ||
سطر ٩٩: | سطر ٨٥: | ||
== تعريف الفكر [[الإسلام]]ي == | |||
يعتبر المحدد ([[الإسلام]]ي) هنا الضابط الاساسي الذي، بناء عليه، يتحدد معنى مفهوم الفكر [[الإسلام]]ي ؛ إذ [[الإسلام]]ية هي الإطار الذي به وعليه وحوله تدور مجموع تأملات ونظرات المفكرين المنتمين إلى المذهبية [[الإسلام]]ية ؛ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هوية الفكر، أي فكر، وخصوصيته، لا يتم التوصل إليها إلا من خلال النظر في العلاقة المتينة الموجودة بين هذا الفكر والمرجعية التي ينتمي إليها، والتي تمنحه الرؤية وتحدد له نوع المنهج، بل وحتى الأهداف. | |||
'''واسهاما في تقريب مفهوم الفكر [[الإسلام]]ي وتصحيح الرؤية المغلوطة التي شاعت حوله، نقول مع مجموعة من الباحثين على أن الفكر [[الإسلام]]ي هو :''' | |||
أ- كل ما أنتجه فكر المسلمين منذ مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، في المعرف الكونية العامة المتصلة بالله سبحانه وتعالى والعالم والإنسان. وهو كذلك ما أفرزه فكر المسلمين في ظل [[الإسلام]] من أفكار اجتهادية بشرية من الفلسفة والكلام والفقه وأصوله والتصوف والعلوم الإنسانية الأخرى. وبهذا فإن كل فكر بشري نتج عن فكر مستقل، ولم ينطلق من مفاهيم [[الإسلام]] الثابتة، القاطعة في [[القرآن]] الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لا يمكن وصفه بأنه فكر إسلامي ؛ لأن قولنا "فكر إسلامي" يعني وصفنا إياه بصفة [[الإسلام]]ي، وليس من المنطق السليم أن يحسب فكر ما على [[الإسلام]]، وهو ليس بإسلامي، بل نصفه بأنه فكر عام لم ينطلق من [[الإسلام]]، وإنما انطلق من أديان وعقائد ومناهج أخرى، تقترب من [[الإسلام]] حينا، وتبتعد عنه أحيانا أخرى[15]. | |||
ب- انه نتاج التأمل العقلي عن نظرة [[الإسلام]] العامة للوجود، والمتوافق مع قيم [[الإسلام]] ومعاييره ومقاصده. فقولنا "نتاج" يبين أن المقصود هو حصيلة التفكير ، وقولنا "التأمل العقلي"يشير إلى أنه اجتهاد بشري قابل للخطأ والصواب، وقولنا "المنبثق عن نظرة [[الإسلام]] العامة إلى الوجود"، يفيد أنه لابد أن يكون مرتكنا إلى كليات [[الإسلام]] الأساسية وصادر عنها، وقولنا المتوافق مع قيم [[الإسلام]] ومعاييره ومقاصده احتراز في موضعه لتصحيح ما يمكن أن يقع من خط في التأمل العقلي، فحيثما لا يتوافق نتاج التأمل مع قيم [[الإسلام]]، فهذا آية خطئه، ذلك أن [[الإسلام]] منظومة متكاملة متناغمة منسجمة، فأي نشاز يأتي به التأمل العقلي، يحتاج إلى إعادة نظر وتقويم وكذلك، لابد من التزام المعايير [[الإسلام]]ية في فهم النصوص بمراعاة أصول الاستنباط، طبقا لقواعد العربية ومنطق الشريعة "أصول الفقه، وأصول التأويل" ؛ وذلك لابد من استحضار المقاصد العامة في الشريعة، التي تحول دون الفهم الحرفي للنصوص، والذي ربما يخالف مقاصد الشريعة الأساسية[16]. | |||
وإذا ما حاولنا تقديم تعريف نسهم به في ترسيخ المفهوم الصحيح للفكر [[الإسلام]]ي، فإننا نقول على أن الفكر [[الإسلام]]ي من المفاهيم الحديثة التي راج استعمالها في الأدبيات المشكلة للخطاب العربي و[[الإسلام]]ي المعاصر، وهو بذلك مجموع الموضوعات التي تخاطب العقل البشري، والتي تدفعه إلى إعمال النظر والتأمل والنظر والتفكر والاستنتاج والبحث، فيما يتعلق بعلوم الشريعة وقضايا العقيدة والقيم والاتجاهات الحضارية والاجتماعية، وبقضايا العلوم التجريبية، وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر إسلامية مؤسسة على خليفة عقدية ثابتة : القرآن الكريم والسنة النبوية. وبذلك نتجاوز، قطعا، التعريفات التجزيئية التي تقتصر، في تحديدها لمجالات الفكر [[الإسلام]]ي، على علم الكلام والفلسفة والتصرف، أو التعريفات التي تجعل النص الشرعي جزء من مادة الفكر [[الاسلإم]]ي. | |||
فالفكر [[الاسلإم]]ي يضم كل ما أنتجه العقل [[الإسلام]]ي في كل المجالات وبخصوص كل الإشكاليات والقضايا المرتبطة بالوجود والطبيعة والعلاقات والحياة…، ولكن من وجهة إسلامية، أي خاضعة للمنهجية الإسلامية التي حددتها الشريعة [[الإسلام]]ية ابتداء ؛ وبذلك يتم إخراج كل الفلسفات والأفكار والمفهوم التي تعتمد خلفية عقدية أو فلسفية غير إسلامية[17]. | |||
سطر ١٢٥: | سطر ١٠٧: | ||
[2] - الفيروز آبادي = القاموس المحيط = مادة فكر. | [2] - الفيروز آبادي = القاموس المحيط = مادة فكر. | ||
[3] - جميل صليبا = المعجم الفلسفي-ج 2- ص 156- (دار الكتاب | [3] - جميل صليبا = المعجم الفلسفي-ج 2- ص 156- (دار الكتاب ال[[لبنان]]ي-بيروت-[[1982]]). | ||
[4] - إبراهيم أنيس وآخرون = المعجم الفلسفي –ج 1- مجمع اللغة العربية –ط 2- مصر. | [4] - [[إبراهيم أنيس]] وآخرون = المعجم الفلسفي –ج 1- مجمع اللغة العربية –ط 2- مصر. | ||
[5] - نخبة من الباحثين السوفيات –الموسوعة الفلسفية-ترجمة سمير كرم-ص 333، دار الطليعة بيروت-1987 الطبعة 6. | [5] - نخبة من الباحثين السوفيات –الموسوعة الفلسفية-ترجمة سمير كرم-ص 333، دار الطليعة بيروت-[[1987]] الطبعة 6. | ||
[6] - حسب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي وردت الكلمة في ثمانية عشر موضعا بصيغة الفعل وهذه الصيغ هي : فكر/تتفكروا/تتفكرون/يتفكروا/يتفكرون. | [6] - حسب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي وردت الكلمة في ثمانية عشر موضعا بصيغة الفعل وهذه الصيغ هي : فكر/تتفكروا/تتفكرون/يتفكروا/يتفكرون. | ||
سطر ١٣٩: | سطر ١٢١: | ||
[9] - الحشر/21 | [9] - الحشر/21 | ||
[10] - أبو حامد الغزالي : إحياء علوم الدين-ج 4 –ص 425 –دار الندوة الجديدة-بيروت | [10] - [[أبو حامد الغزالي]] : إحياء علوم الدين-ج 4 –ص 425 –دار الندوة الجديدة-بيروت. | ||
[ | [11] - [[أبو المعلي عبد المالك الجويني]] : كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد –تحقيق أسعد تميم- ص 25- مؤسسة الكتب الثقافية –بيروت- ط 1- 1985. | ||
[ | [12] - [[محمد لعلى بن علي التهانوي]] : كشاف اصطلاحات الفنون –ج 3- ص 1121 –دار صادر-بيروت. | ||
[ | [13] - [[أبو زيد عبد الرحمن]] : حقيقة الفكر [[الإسلام]]ي –ص 10 – دار المسلم-الرياض-ط 1-1415. | ||
[ | [14] - [[طه جابر العلواني]] : الأزمة الفكرية المعاصرة –ص 27- المعهد العالمي للفكر [[الإسلام]]ي–هيرندن-ط 1. | ||
[ | [15] - بنظر [[محسن عبد الحميد]] : تجديد الفكر الإسلام –ص 18 وما بعدها –دار الصحوة، بتصرف. | ||
[ | [16] - انظر : [[أحمد حسن فرحات]] "[[مصطلح الفكر الإسلامي]]". ضمن ندوة "الدراسة المصطلحية والعلوم الإسلامية" ج 2/معهد الدراسات المصطلحية-بكلية الآداب ظهر المهراز-بفاس- ص 693 –ط 1-1996. | ||
[17] - انظر : [[عبد العزيز انميرات]] :1- مفهوم الفكر [[الإسلام]]ي، مقاربة تأصيلية-ملحق الفكر الاسلامي لجريدة العلم 10-01-[[1997]] السنة 6. | |||
مفهوم الفكر | [18] - مفهوم الفكر [[الإسلام]]ي: مساهمة نقدية-نفس المرجع-ع 68/23 [[مارس]] [[1993]]. | ||
[19] - مفهوم الفكر [[الإسلام]]ي الدكتور [[عبد العزيز انميرات]] | |||
[[تصنيف:أراء وأفكار]] | [[تصنيف:أراء وأفكار]] | ||
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]] | |||
[[تصنيف:أراء وأفكار شرعية]] |
المراجعة الحالية بتاريخ ٠٩:٣٢، ٢٢ ديسمبر ٢٠١٠
توطئة : في ضرورة تحديد المفاهيم
تحاول هذه الورقة توضيح مدى أهمية تحديد المصطلحات والمفاهيم والألفاظ في زيادة الفهم والوضوح من جهة، وتحسين سبل التواصل المعرفي بين المتخاطبين من جهة أخرى، إذ من أهم مقدمات هذا التواصل فهم المصطلحات والمفاهيم، لكونها مفاتيح العلوم والمعارف والأفكار، خاصة إذا استحضرنا كون المفهوم هو المعنى الذي يحمل إلى الذهن بواسطة مصطلح معين، مما يجعله، من ثم، خزانا لمجموعة من المقولات الأساسية التي توظفها النظرية في خطابها العام والخاص، مع العلم أن الضرورة تقتضي فهم هذه المسألة من زاوية النظر إلى علاقة المفهوم، أو المصطلح، بالواقع والمحيط.
وتزداد أهمية تحديد المفاهيم والمصطلحات كلما تنبهت الأمة إلى ضرورة تحديد الأرضية الثقافية والفكرية التي ينبغي الوقوف عليها، وهي تحاول قدر الإمكان استئناف النظر في مداخل النهضة والتقدم، بنقد كل ما من شأنه تعطيل هذا النظر، وكذا النهوض المعاق، بفعل عدة عوامل، لعل من أبرزها : عدم توفر الأمة على موجبات التكوين العلمي والمعرفي المطلوب، خاصة إذا نظرنا إلى القضية المطروحة في علاقاتها بعدة مشكلات، تتقدمها مشكلة المثاقفة المفاهيمية والاصطلاحية التي برزت بشكل واضح وملح مع بروز الكتابات ذات الطبيعة التغريبية، التي لا ترى المخرج من هذه الوضعية المأساوية للأمة إلا من باب استعارة واقتراض ما عند الآخر من مفاهيم ومصطلحات ومناهج ونظريات، في إطار نقل التجربة العامة الدافعة إلى تحقيق ما يظنون أنه سيتحقق وهو "عصر التنوير العربي" قياسا على "عصر التنوير الأوربي"، متناسين قاعدة أساسية في هذا الباب، وهي "أنه لاقياس مع وجود الفارق"، وما أكثر الفوارق بيننا وبين الآخر.
ولعل من أبرز المصطلحات والمفاهيم التي نرى ضرورة إعادة تصحيح الأفهام بخصوصها، مفهوم "الفكر الإسلامي"، لما حمل من تأويلات وتفسيرات، خرجت ه من إطاره الصحيح، فضيق مجاله عند البعض، واستغل عند البعض الآخر، فكان حريا بنا أن نعيد تقديمه للقارئ، باحثا كان أو متخصصا أو متتبعا، إسهاما منا في تصحيح المفاهيم والمصطلحات، حتى تصح رؤيتنا ونظرتنا، بل وتكون على قدر مهم من القدرة على تحديد مقومات استشراف المستقبل.
تعريف الفكر
قبل الحديث عن مفهوم الفكر الإسلامي، نرى ضرورة تحديد مفهوم الفكر في اللغة والمعاجم القديمة والحديثة، ثم ننظر إليه من خلال وضعه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
1- الفكر في اللغة
- عرف ابن منظور في لسان العرب الفكر بقوله : الفكر، والفكر : أعمال الخاطر في الشيء (…) والتفكر اسم التفكير، ومنهم من قال فكري. وقال الجوهري : التفكر: التأمل[1].
- وعرفه الفيروز آبادي بقوله : الفكر، بالكسر ويفتح، أعمال انظر في الشيء كالفكرة[2].
2- الفكر في المعاجم الحديثة والمعاصرة
- يقول جميل صليبا : "وجملة القول أن الفكر يطلق على الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أو يطلق على المعقولات نفسها، فإذا اطلق على فعل النفس دل على حركتها الذاتية، وهي النظر والتأمل، وإذا اطلق على المعقولات دل على المفهوم الذي تفكر فيه النفس"[3].
- وعرفه صاحب (المعجم الوسيط) بقوله : "الفكر إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة المجهول ]و[ الفكرة : الصورة الذهنية لأمر ما"[4].
- أما صاحب الموسوعة الفلسفية فقد ذكر عدة تعريفات منها : الفكر ]هو[ النتاج الأعلى للدماغ كمادة ذات تنظيم عضوي خاص، وهو العملية الايجابية التي بواسطتها ينعكس العالم الموضوعي في مفاهيم وأحكام ونظريات (…) هو الشرط الجوهري لأي نشاط آخر، طالما أن هذا النشاط هو نتيجته المجملة والمتمثلة، والكلام هو صورة الفكر"[5].
3- الفكر في القرآن الكريم
لقد وردت مشتقات الفكر في القرآن الكريم في عدة مواضع[6]، بصيغة الفعل، ولكثرثها نذكر منها قوله تعالى :
أ- (وسحر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون[7]).
ب- (إنه فكر و[8]).
ج- (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون[9]).
4- الفكر في الحديث النبوي الشريف
وردت الكلمة في عدة مواضع، وفيما يلي بعض الأمثلة :
أ- وردت الكلمة في صحيح البخاري في أربع مواضع، واحدة بلفظ البخاري، والباقي بلفظ القرآن الكريم، منها الباب الذي افرده البخاري لما تحت كتاب الصلاة : "باب يفكر الرجل الشيء في الصلاة".
ب- وردت الكلمة في صحيح مسلم في موضعين، واحد منهما بلفظ مسلم في باب فضل دوام الذكر والفكر في امور الآخرة والمراقبة، والثاني في كتاب الزهد والرقائق.
5- الفكر عند بعض العلماء والمفكرين قديما وحديثا
نظرا لطبيعة المعرفة في البيئة الإسلامية الاولى، ودخول العلماء والمفكرين ميدان استنباط العلوم والمناهج والادلة، وبروز اشكالات من قبيل ما هو كلامي أو فلسفي في الثقافة المعرفية الإسلامية، كان لهذا المفهوم حضورا في مجموع السجلات والتأليفات، وإن لم يكن في كثير من الأحيان بصيغة الفكر، وإنما جاء في كثير من المرات بصيغة العقل والتأمل والتدبر والنظر. وفما يلي بعض التعريفات المعطاة لهذا المفهوم :
أ- يقول أبو حامد الغزالي : "اعلم أن معنى الفكر هو احضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة"[10]. وقد جعل الفكر مرادفا للتأمل والتدبر.
ب- وبالنسبة لإمام الحرمين الجويني، يدل الفكر على النظر، يقول : "والنظر في اصطلاح الموحدين هوالفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظن؛ ثم ينقسم النظر إلى قسمين : إلى الصحيح وإلى الفاسد"[11].
ج- ويعرفه التهانوي بقوله : "ولا شك أن النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل : الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أن الفكر والنظر مترادفان"[12].
د- وعرفه عبد الرحمان الزنيدي : "والفكر في المصطلح الفكري –والفلسفي خاصة- هو الفعل الذي تقوم به النفس عند حركتها في المعقولات، أي النظر والتأمل والتدبر والاستنباط والحكم، ونحو ذلك. وهو كذلك المعقولات نفسها، أي الموضوعات التي انتجها العقل البشري"[13].
هـ- وعرفه طه جابر العلواني بقوله : "الفكر اسم لعملية تردد القوى العاقلة المفكرة في الانسان، سواء أكان قلبا أو روحا أو ذهنا بالنظر والتدبر، لطلب المعاني المجهولة من الأمور المعلومة، أو الوصول إلى الأحكام أو النسب بين الأشياء"[14].
6- المستفاد من التعريفات والتحديدات السابقة
بالنظر في مجموع ما تم تقديمه من أمثلة، وغير ذلك مما تركناه تفاديا للتطويل، يستفاد ما يلي:
أ- الفكر بمعنى إعمال النظر والتأمل في مجموعة من المعرف بهدف الوصول إلى تحقيق معرفة جديدة.
ب- الفكر بمعنى الثمرة التي تنتج عن عملية التفكير.
ج- إن التفكر عملية عقلية تستخدم فيها كل الوسائل المساعدة للوصول إلى حقيقة الدنيا والآخرة...
د- الفكر مرادف للنظر، وهو أعمال العقل في الأمور المختلفة للوصول إلى أمر جديد.
هـ- التفكير تمرثه التذكير.
تعريف الفكر الإسلامي
يعتبر المحدد (الإسلامي) هنا الضابط الاساسي الذي، بناء عليه، يتحدد معنى مفهوم الفكر الإسلامي ؛ إذ الإسلامية هي الإطار الذي به وعليه وحوله تدور مجموع تأملات ونظرات المفكرين المنتمين إلى المذهبية الإسلامية ؛ خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هوية الفكر، أي فكر، وخصوصيته، لا يتم التوصل إليها إلا من خلال النظر في العلاقة المتينة الموجودة بين هذا الفكر والمرجعية التي ينتمي إليها، والتي تمنحه الرؤية وتحدد له نوع المنهج، بل وحتى الأهداف.
واسهاما في تقريب مفهوم الفكر الإسلامي وتصحيح الرؤية المغلوطة التي شاعت حوله، نقول مع مجموعة من الباحثين على أن الفكر الإسلامي هو :
أ- كل ما أنتجه فكر المسلمين منذ مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، في المعرف الكونية العامة المتصلة بالله سبحانه وتعالى والعالم والإنسان. وهو كذلك ما أفرزه فكر المسلمين في ظل الإسلام من أفكار اجتهادية بشرية من الفلسفة والكلام والفقه وأصوله والتصوف والعلوم الإنسانية الأخرى. وبهذا فإن كل فكر بشري نتج عن فكر مستقل، ولم ينطلق من مفاهيم الإسلام الثابتة، القاطعة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لا يمكن وصفه بأنه فكر إسلامي ؛ لأن قولنا "فكر إسلامي" يعني وصفنا إياه بصفة الإسلامي، وليس من المنطق السليم أن يحسب فكر ما على الإسلام، وهو ليس بإسلامي، بل نصفه بأنه فكر عام لم ينطلق من الإسلام، وإنما انطلق من أديان وعقائد ومناهج أخرى، تقترب من الإسلام حينا، وتبتعد عنه أحيانا أخرى[15].
ب- انه نتاج التأمل العقلي عن نظرة الإسلام العامة للوجود، والمتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده. فقولنا "نتاج" يبين أن المقصود هو حصيلة التفكير ، وقولنا "التأمل العقلي"يشير إلى أنه اجتهاد بشري قابل للخطأ والصواب، وقولنا "المنبثق عن نظرة الإسلام العامة إلى الوجود"، يفيد أنه لابد أن يكون مرتكنا إلى كليات الإسلام الأساسية وصادر عنها، وقولنا المتوافق مع قيم الإسلام ومعاييره ومقاصده احتراز في موضعه لتصحيح ما يمكن أن يقع من خط في التأمل العقلي، فحيثما لا يتوافق نتاج التأمل مع قيم الإسلام، فهذا آية خطئه، ذلك أن الإسلام منظومة متكاملة متناغمة منسجمة، فأي نشاز يأتي به التأمل العقلي، يحتاج إلى إعادة نظر وتقويم وكذلك، لابد من التزام المعايير الإسلامية في فهم النصوص بمراعاة أصول الاستنباط، طبقا لقواعد العربية ومنطق الشريعة "أصول الفقه، وأصول التأويل" ؛ وذلك لابد من استحضار المقاصد العامة في الشريعة، التي تحول دون الفهم الحرفي للنصوص، والذي ربما يخالف مقاصد الشريعة الأساسية[16].
وإذا ما حاولنا تقديم تعريف نسهم به في ترسيخ المفهوم الصحيح للفكر الإسلامي، فإننا نقول على أن الفكر الإسلامي من المفاهيم الحديثة التي راج استعمالها في الأدبيات المشكلة للخطاب العربي والإسلامي المعاصر، وهو بذلك مجموع الموضوعات التي تخاطب العقل البشري، والتي تدفعه إلى إعمال النظر والتأمل والنظر والتفكر والاستنتاج والبحث، فيما يتعلق بعلوم الشريعة وقضايا العقيدة والقيم والاتجاهات الحضارية والاجتماعية، وبقضايا العلوم التجريبية، وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر إسلامية مؤسسة على خليفة عقدية ثابتة : القرآن الكريم والسنة النبوية. وبذلك نتجاوز، قطعا، التعريفات التجزيئية التي تقتصر، في تحديدها لمجالات الفكر الإسلامي، على علم الكلام والفلسفة والتصرف، أو التعريفات التي تجعل النص الشرعي جزء من مادة الفكر الاسلإمي.
فالفكر الاسلإمي يضم كل ما أنتجه العقل الإسلامي في كل المجالات وبخصوص كل الإشكاليات والقضايا المرتبطة بالوجود والطبيعة والعلاقات والحياة…، ولكن من وجهة إسلامية، أي خاضعة للمنهجية الإسلامية التي حددتها الشريعة الإسلامية ابتداء ؛ وبذلك يتم إخراج كل الفلسفات والأفكار والمفهوم التي تعتمد خلفية عقدية أو فلسفية غير إسلامية[17].
الهوامش
[1] - ابن منظور = لسان العرب = مادة فكر.
[2] - الفيروز آبادي = القاموس المحيط = مادة فكر.
[3] - جميل صليبا = المعجم الفلسفي-ج 2- ص 156- (دار الكتاب اللبناني-بيروت-1982).
[4] - إبراهيم أنيس وآخرون = المعجم الفلسفي –ج 1- مجمع اللغة العربية –ط 2- مصر.
[5] - نخبة من الباحثين السوفيات –الموسوعة الفلسفية-ترجمة سمير كرم-ص 333، دار الطليعة بيروت-1987 الطبعة 6.
[6] - حسب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي وردت الكلمة في ثمانية عشر موضعا بصيغة الفعل وهذه الصيغ هي : فكر/تتفكروا/تتفكرون/يتفكروا/يتفكرون.
[7] - سورة الجاثية-آية 13
[8] - المدثر/18
[9] - الحشر/21
[10] - أبو حامد الغزالي : إحياء علوم الدين-ج 4 –ص 425 –دار الندوة الجديدة-بيروت.
[11] - أبو المعلي عبد المالك الجويني : كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد –تحقيق أسعد تميم- ص 25- مؤسسة الكتب الثقافية –بيروت- ط 1- 1985.
[12] - محمد لعلى بن علي التهانوي : كشاف اصطلاحات الفنون –ج 3- ص 1121 –دار صادر-بيروت.
[13] - أبو زيد عبد الرحمن : حقيقة الفكر الإسلامي –ص 10 – دار المسلم-الرياض-ط 1-1415.
[14] - طه جابر العلواني : الأزمة الفكرية المعاصرة –ص 27- المعهد العالمي للفكر الإسلامي–هيرندن-ط 1.
[15] - بنظر محسن عبد الحميد : تجديد الفكر الإسلام –ص 18 وما بعدها –دار الصحوة، بتصرف.
[16] - انظر : أحمد حسن فرحات "مصطلح الفكر الإسلامي". ضمن ندوة "الدراسة المصطلحية والعلوم الإسلامية" ج 2/معهد الدراسات المصطلحية-بكلية الآداب ظهر المهراز-بفاس- ص 693 –ط 1-1996.
[17] - انظر : عبد العزيز انميرات :1- مفهوم الفكر الإسلامي، مقاربة تأصيلية-ملحق الفكر الاسلامي لجريدة العلم 10-01-1997 السنة 6.
[18] - مفهوم الفكر الإسلامي: مساهمة نقدية-نفس المرجع-ع 68/23 مارس 1993.
[19] - مفهوم الفكر الإسلامي الدكتور عبد العزيز انميرات