الفرق بين المراجعتين لصفحة: «منتدى دافوس.. والعولمة (الاستعمار الجديد)»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٥ مراجعات متوسطة بواسطة ٥ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
  رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين
'''<center><font color="blue"><font size=5>منتدى دافوس.. والعولمة (الاستعمار الجديد)</font></font></center>'''
   
'''بقلم:الإستاذ [[محمد مهدي عاكف]]'''


منتدى دافوس.. والعولمة (الاستعمار الجديد)
[[ملف:رسائل.gif|left]]


قدمت شعوبُنا ملايينَ الشهداءِ للتحررِ من الاستعمارِ الغربيِّ، عبرَ جهادٍ طويلٍ امتدَّ عشراتِ السنينَ، ويكفي أنَّ الجزائرَ وحدَها قدمت مليونًا ونصفَ مليون شهيدٍ في هذه الحربِ المقدَّسةِ، وتطلعت الأمةُ بعد طردِ الاحتلالِ العسكريِّ إلى التحررِ من كلِّ آثارِه؛ أملاً في استعادةِ الهويةِ والعافيةِ والنهوضِ والتقدمِ، فاشرأبَّت إلى حريةٍ سياسيةٍ في الداخلِ، ونهضةٍ اقتصاديةٍ، وعدالةٍ اجتماعيةٍ، وإصلاحٍ تعليميٍّ، يحترم الخصوصيةِ الثقافيةِ والتشريعيةِ، وتعاونٍ إقليميٍّ.. كلُّ ذلك مِن أجلِ امتلاكِ حريةِ الإرادةِ والقرارِ، وتحقيقِ الاستقلالِ الحقيقيِّ على المستوى الدولي.
''' رسالة من [[محمد مهدي عاكف]] [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]'''


'''منتدى دافوس.. والعولمة (الاستعمار الجديد)'''


إلا أنَّ الحُكَّامَ الوطنيين الجدد- للأسف الشديد- صادروا حرياتِ شعوبِهم، وحرَموها حقوقَها، وحكموها حكمًا فرديًّا استبداديًّا، وراحوا يستورِدون أنظمةً من الشرقِ والغربِ غريبةً على مجتمعاتِهم؛ رغبةً في تحقيقِ النهضةِ، واضطُّروا تبعًا لذلك إلى الانحيازِ، إمَّا إلى الشرق وإما إلى الغربِ إبَّان الحربِ الباردةِ بين المعسكرَين الاشتراكيِّ والرأسماليِّ، وأدَّى ذلك إلى فقدانِ قدرٍ كبيرٍ من استقلالِنا، كما أدَّى إلى تأجيجِ نارِ العداوةِ بين المنحازِين إلى معسكرِ الشرقِ والمنحازِين إلى معسكرِ الغربِ، وخاضَ بعضُ حكامِنا مغامراتٍ عسكريةً هنا وهناك، انتهت بهزيمةِ 1967م المدوِّيةِ، وظهورِ الكيانِ الصهيونيِّ كقوةٍ إقليميةٍ كبرى في المنطقةِ، ثم نشبت حرب 1973م فأعادت لنا اعتبارَنا على المستوى العسكريّ، إلا أن استثمارَ نتائجِها سياسيًّا أوقعَنا في تبعيةٍ كاملةٍ للغربِ، ومزَّقَ الجامعةَ العربيةَ ووحدةَ القرارِ العربيِّ.
قدمت شعوبُنا ملايينَ الشهداءِ للتحررِ من الاستعمارِ الغربيِّ، عبرَ جهادٍ طويلٍ امتدَّ عشراتِ السنينَ، ويكفي أنَّ [[الجزائرَ]] وحدَها قدمت مليونًا ونصفَ مليون شهيدٍ في هذه الحربِ المقدَّسةِ، وتطلعت الأمةُ بعد طردِ الاحتلالِ العسكريِّ إلى التحررِ من كلِّ آثارِه؛


أملاً في استعادةِ الهويةِ والعافيةِ والنهوضِ والتقدمِ، فاشرأبَّت إلى حريةٍ سياسيةٍ في الداخلِ، ونهضةٍ اقتصاديةٍ، وعدالةٍ اجتماعيةٍ، وإصلاحٍ تعليميٍّ، يحترم الخصوصيةِ الثقافيةِ والتشريعيةِ، وتعاونٍ إقليميٍّ.. كلُّ ذلك مِن أجلِ امتلاكِ حريةِ الإرادةِ والقرارِ، وتحقيقِ الاستقلالِ الحقيقيِّ على المستوى الدولي.


ثم انهارَ الاتحادُ السوفيتيُّ داخليًّا، وخرجَ من حلبةِ الصراعِ، وأصبحَ العالَمُ أحاديَّ القطبِ، وأصبحت أمريكا هي سيدةَ العالمِ، وبدأنا نسمع عن "نهاية التاريخ" أي أنَّ النظامَ الرأسماليَّ الغربيَّ المنتصرَ سيسودُ نهايةِ العالمِ، ثم سمعنا دعوةَ "صراع الحضارات" بمعنى أن الحضاراتِ تتصارعَ حتى تنتصرَ إحداها وتمحو ما عداها من حضاراتٍ، وإذا كانت الاشتراكيةُ قد انهارت فلا تزالُ هناك حضاراتٌ أخرى، وأهمُّها الحضارةُ الإسلاميةُ، وذلك في دعوةٍ صريحةٍ للقضاءِ عليها، ومن هنا فقد صرَّح زعماءٌ سياسيون وعسكريون- وعلى رأسهم تاتشر وسكرتير حلف الأطلنطي بل وبوش الابن (ضمنيًّا)- بأن الإسلام غَدَا هو العدوَّ الأولَ بعد انهيارِ الاتحادِ السوفيتيِّ.
إلا أنَّ الحُكَّامَ الوطنيين الجدد- للأسف الشديد- صادروا حرياتِ شعوبِهم، وحرَموها حقوقَها، وحكموها حكمًا فرديًّا استبداديًّا، وراحوا يستورِدون أنظمةً من الشرقِ والغربِ غريبةً على مجتمعاتِهم؛ رغبةً في تحقيقِ النهضةِ، واضطُّروا تبعًا لذلك إلى الانحيازِ، إمَّا إلى الشرق وإما إلى الغربِ إبَّان الحربِ الباردةِ بين المعسكرَين الاشتراكيِّ والرأسماليِّ، وأدَّى ذلك إلى فقدانِ قدرٍ كبيرٍ من استقلالِنا،


كما أدَّى إلى تأجيجِ نارِ العداوةِ بين المنحازِين إلى معسكرِ الشرقِ والمنحازِين إلى معسكرِ الغربِ، وخاضَ بعضُ حكامِنا مغامراتٍ عسكريةً هنا وهناك، انتهت بهزيمةِ [[1967]]م المدوِّيةِ، وظهورِ الكيانِ الصهيونيِّ كقوةٍ إقليميةٍ كبرى في المنطقةِ، ثم نشبت حرب [[1973]]م فأعادت لنا اعتبارَنا على المستوى العسكريّ، إلا أن استثمارَ نتائجِها سياسيًّا أوقعَنا في تبعيةٍ كاملةٍ للغربِ، ومزَّقَ الجامعةَ العربيةَ ووحدةَ القرارِ العربيِّ.


وراحت أمريكا تسعى إلى تكوينِ إمبراطوريةٍ عالميةٍ، تُحققُ بها مصالحَها، وتفرضُ سيطرتَها، وتَحُول دونَ ظهورِ أو صعودِ أقطابٍ أخرى تُنافسها السيادةَ على الدول، ونهجت في البدايةِ نهجًا شديدَ النعومةِ رقيقَ المظهرِ، فبدأنا نسمعُ مصطلحَ (العولمة)، وقيل إن المقصودَ منه هو جعلُ العالمِ كله قريةً كونيةً واحدةً، بإزالةِ الحواجزِ والمسافاتِ بين الشعوبِ وبين الأوطانِ وبين الثقافاتِ، وأولُ استخدامِها كان في أوساطِ المالِ والاقتصاد، إلا أن الباحثين خلصوا إلى أنَّ مقصودَها شاملٌ وعامٌّ، فيقول الدكتور عابد الجابري: "من هنا نستطيعُ أن نحدسَ من البداية أن الأمرَ يتعلقُ بالدعوةِ إلى توسيعِ النموذجِ الأمريكيِّ وفسْحِ المجالِ له ليشمل العالمَ كلَّه".
ثم انهارَ الاتحادُ السوفيتيُّ داخليًّا، وخرجَ من حلبةِ الصراعِ، وأصبحَ العالَمُ أحاديَّ القطبِ، وأصبحت أمريكا هي سيدةَ العالمِ، وبدأنا نسمع عن '''"نهاية التاريخ"''' أي أنَّ النظامَ الرأسماليَّ الغربيَّ المنتصرَ سيسودُ نهايةِ العالمِ، ثم سمعنا دعوةَ''' "صراع الحضارات"''' بمعنى أن الحضاراتِ تتصارعَ حتى تنتصرَ إحداها وتمحو ما عداها من حضاراتٍ، وإذا كانت الاشتراكيةُ قد انهارت فلا تزالُ هناك حضاراتٌ أخرى، وأهمُّها الحضارةُ الإسلاميةُ، وذلك في دعوةٍ صريحةٍ للقضاءِ عليها، ومن هنا فقد صرَّح زعماءٌ سياسيون وعسكريون- وعلى رأسهم تاتشر وسكرتير حلف الأطلنطي بل وبوش الابن (ضمنيًّا)- بأن [[الإسلام]] غَدَا هو العدوَّ الأولَ بعد انهيارِ الاتحادِ السوفيتيِّ.


وراحت أمريكا تسعى إلى تكوينِ إمبراطوريةٍ عالميةٍ، تُحققُ بها مصالحَها، وتفرضُ سيطرتَها، وتَحُول دونَ ظهورِ أو صعودِ أقطابٍ أخرى تُنافسها السيادةَ على الدول، ونهجت في البدايةِ نهجًا شديدَ النعومةِ رقيقَ المظهرِ، فبدأنا نسمعُ مصطلحَ (العولمة)، وقيل إن المقصودَ منه هو جعلُ العالمِ كله قريةً كونيةً واحدةً، بإزالةِ الحواجزِ والمسافاتِ بين الشعوبِ وبين الأوطانِ وبين الثقافاتِ، وأولُ استخدامِها كان في أوساطِ المالِ والاقتصاد، إلا أن الباحثين خلصوا إلى أنَّ مقصودَها شاملٌ وعامٌّ، فيقول الدكتور [[عابد الجابري]]: '''"من هنا نستطيعُ أن نحدسَ من البداية أن الأمرَ يتعلقُ بالدعوةِ إلى توسيعِ النموذجِ الأمريكيِّ وفسْحِ المجالِ له ليشمل العالمَ كلَّه"'''.


ويقول الدكتور القرضاوي: (أما العولمة، فالذي يظهرُ لنا من دعوتِها حتى اليوم أنها فرضُ هيمنةٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وثقافيةٍ واجتماعيةٍ من الولايات المتحدة الأمريكية على العالم.. خصوصًا عالمُ الشرقِ والعالمُ الثالثُ، وبالأخصِّ العالمُ الإسلاميُّ.. الولاياتُ المتحدةُ بتفوقِها العلميِّ والتكنولوجيِّ، وبقدرتِها العسكريةِ الهائلةِ وبإمكاناتِها الاقتصاديةِ الجبَّارةِ، وبنظرتِها الاستعلائيةِ التي ترى فيها نفسَها أنها سيدةُ العالم.
ويقول الدكتور القرضاوي: '''(أما العولمة، فالذي يظهرُ لنا من دعوتِها حتى اليوم أنها فرضُ هيمنةٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وثقافيةٍ واجتماعيةٍ من الولايات المتحدة الأمريكية على العالم.. خصوصًا عالمُ الشرقِ والعالمُ الثالثُ، وبالأخصِّ العالمُ الإسلاميُّ.. الولاياتُ المتحدةُ بتفوقِها العلميِّ والتكنولوجيِّ، وبقدرتِها العسكريةِ الهائلةِ وبإمكاناتِها الاقتصاديةِ الجبَّارةِ، وبنظرتِها الاستعلائيةِ التي ترى فيها نفسَها أنها سيدةُ العالم.'''
 


إنها لا تعني معاملةَ الأخ لأخيه كما يريد الإسلامُ، بل ولا معاملةَ الندِّ للندِّ كما يريد الأحرارُ والشرفاءُ في كل العالم، بل تعني معاملةَ السادةِ للعبيدِ، والعمالقةِ للأقزامِ، والمستكبرين للمستضعفين.. العولمةُ في أجلى صورِها اليوم تعني (تغريب  
إنها لا تعني معاملةَ الأخ لأخيه كما يريد [[الإسلامُ]]، بل ولا معاملةَ الندِّ للندِّ كما يريد الأحرارُ والشرفاءُ في كل العالم، بل تعني معاملةَ السادةِ للعبيدِ، والعمالقةِ للأقزامِ، والمستكبرين للمستضعفين.. العولمةُ في أجلى صورِها اليوم تعني (تغريب  


[[تصنيف:رسائل المرشدين]]
[[تصنيف:رسائل المرشدين]]
[[تصنيف:رسائل الأستاذ محمد مهدي عاكف]]
[[تصنيف:رسائل الأستاذ محمد مهدي عاكف]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:إخوان أون لاين]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٤٠، ٢٨ مايو ٢٠١٢

منتدى دافوس.. والعولمة (الاستعمار الجديد)

بقلم:الإستاذ محمد مهدي عاكف

رسائل.gif

رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين

منتدى دافوس.. والعولمة (الاستعمار الجديد)

قدمت شعوبُنا ملايينَ الشهداءِ للتحررِ من الاستعمارِ الغربيِّ، عبرَ جهادٍ طويلٍ امتدَّ عشراتِ السنينَ، ويكفي أنَّ الجزائرَ وحدَها قدمت مليونًا ونصفَ مليون شهيدٍ في هذه الحربِ المقدَّسةِ، وتطلعت الأمةُ بعد طردِ الاحتلالِ العسكريِّ إلى التحررِ من كلِّ آثارِه؛

أملاً في استعادةِ الهويةِ والعافيةِ والنهوضِ والتقدمِ، فاشرأبَّت إلى حريةٍ سياسيةٍ في الداخلِ، ونهضةٍ اقتصاديةٍ، وعدالةٍ اجتماعيةٍ، وإصلاحٍ تعليميٍّ، يحترم الخصوصيةِ الثقافيةِ والتشريعيةِ، وتعاونٍ إقليميٍّ.. كلُّ ذلك مِن أجلِ امتلاكِ حريةِ الإرادةِ والقرارِ، وتحقيقِ الاستقلالِ الحقيقيِّ على المستوى الدولي.

إلا أنَّ الحُكَّامَ الوطنيين الجدد- للأسف الشديد- صادروا حرياتِ شعوبِهم، وحرَموها حقوقَها، وحكموها حكمًا فرديًّا استبداديًّا، وراحوا يستورِدون أنظمةً من الشرقِ والغربِ غريبةً على مجتمعاتِهم؛ رغبةً في تحقيقِ النهضةِ، واضطُّروا تبعًا لذلك إلى الانحيازِ، إمَّا إلى الشرق وإما إلى الغربِ إبَّان الحربِ الباردةِ بين المعسكرَين الاشتراكيِّ والرأسماليِّ، وأدَّى ذلك إلى فقدانِ قدرٍ كبيرٍ من استقلالِنا،

كما أدَّى إلى تأجيجِ نارِ العداوةِ بين المنحازِين إلى معسكرِ الشرقِ والمنحازِين إلى معسكرِ الغربِ، وخاضَ بعضُ حكامِنا مغامراتٍ عسكريةً هنا وهناك، انتهت بهزيمةِ 1967م المدوِّيةِ، وظهورِ الكيانِ الصهيونيِّ كقوةٍ إقليميةٍ كبرى في المنطقةِ، ثم نشبت حرب 1973م فأعادت لنا اعتبارَنا على المستوى العسكريّ، إلا أن استثمارَ نتائجِها سياسيًّا أوقعَنا في تبعيةٍ كاملةٍ للغربِ، ومزَّقَ الجامعةَ العربيةَ ووحدةَ القرارِ العربيِّ.

ثم انهارَ الاتحادُ السوفيتيُّ داخليًّا، وخرجَ من حلبةِ الصراعِ، وأصبحَ العالَمُ أحاديَّ القطبِ، وأصبحت أمريكا هي سيدةَ العالمِ، وبدأنا نسمع عن "نهاية التاريخ" أي أنَّ النظامَ الرأسماليَّ الغربيَّ المنتصرَ سيسودُ نهايةِ العالمِ، ثم سمعنا دعوةَ "صراع الحضارات" بمعنى أن الحضاراتِ تتصارعَ حتى تنتصرَ إحداها وتمحو ما عداها من حضاراتٍ، وإذا كانت الاشتراكيةُ قد انهارت فلا تزالُ هناك حضاراتٌ أخرى، وأهمُّها الحضارةُ الإسلاميةُ، وذلك في دعوةٍ صريحةٍ للقضاءِ عليها، ومن هنا فقد صرَّح زعماءٌ سياسيون وعسكريون- وعلى رأسهم تاتشر وسكرتير حلف الأطلنطي بل وبوش الابن (ضمنيًّا)- بأن الإسلام غَدَا هو العدوَّ الأولَ بعد انهيارِ الاتحادِ السوفيتيِّ.

وراحت أمريكا تسعى إلى تكوينِ إمبراطوريةٍ عالميةٍ، تُحققُ بها مصالحَها، وتفرضُ سيطرتَها، وتَحُول دونَ ظهورِ أو صعودِ أقطابٍ أخرى تُنافسها السيادةَ على الدول، ونهجت في البدايةِ نهجًا شديدَ النعومةِ رقيقَ المظهرِ، فبدأنا نسمعُ مصطلحَ (العولمة)، وقيل إن المقصودَ منه هو جعلُ العالمِ كله قريةً كونيةً واحدةً، بإزالةِ الحواجزِ والمسافاتِ بين الشعوبِ وبين الأوطانِ وبين الثقافاتِ، وأولُ استخدامِها كان في أوساطِ المالِ والاقتصاد، إلا أن الباحثين خلصوا إلى أنَّ مقصودَها شاملٌ وعامٌّ، فيقول الدكتور عابد الجابري: "من هنا نستطيعُ أن نحدسَ من البداية أن الأمرَ يتعلقُ بالدعوةِ إلى توسيعِ النموذجِ الأمريكيِّ وفسْحِ المجالِ له ليشمل العالمَ كلَّه".

ويقول الدكتور القرضاوي: (أما العولمة، فالذي يظهرُ لنا من دعوتِها حتى اليوم أنها فرضُ هيمنةٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وثقافيةٍ واجتماعيةٍ من الولايات المتحدة الأمريكية على العالم.. خصوصًا عالمُ الشرقِ والعالمُ الثالثُ، وبالأخصِّ العالمُ الإسلاميُّ.. الولاياتُ المتحدةُ بتفوقِها العلميِّ والتكنولوجيِّ، وبقدرتِها العسكريةِ الهائلةِ وبإمكاناتِها الاقتصاديةِ الجبَّارةِ، وبنظرتِها الاستعلائيةِ التي ترى فيها نفسَها أنها سيدةُ العالم.

إنها لا تعني معاملةَ الأخ لأخيه كما يريد الإسلامُ، بل ولا معاملةَ الندِّ للندِّ كما يريد الأحرارُ والشرفاءُ في كل العالم، بل تعني معاملةَ السادةِ للعبيدِ، والعمالقةِ للأقزامِ، والمستكبرين للمستضعفين.. العولمةُ في أجلى صورِها اليوم تعني (تغريب